بوابة الوفد:
2025-12-08@21:49:30 GMT

منافقون.. ولكن ظرفاء!

تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT

بعضهم يلهب قلبك ويغذي عواطفك الجياشة بأسمى آيات النفاق، او يتداول رسائل الصالحين ومواعظ الحكماء عبر وسائل التواصل، وبعضهم تشعرك صفحته بأنه المهاتما غاندي او جيفارا في ثوب الناسك الزاهد، او أحد تابعين الصحابة والأولياء والصالحين، وفي واقع أمرهم تستغيثا الأرض والشجر والدواب من اذاهم وأكاذيبهم، ولكن تلك النوعية منافقين غير ظرفاء.

في الواقع ان هناك منافقين ظرفاء تضحك كلماتهم حينما تكتب، وتكاد تبتسم شفاتهم ساخرة من أكاذيبهم التي فاقت حدود المنطق واخترقت حدود الضمير.

وما يؤكد شدة خطورة المنافقين على المجتمع، أن الله سبحانه وتعالى خصص لهم الدرك الأسفل من النار، فتخيل عزيري القارئ، كيف حال المجتمع حينما يقلب الحق إلى باطل ويزين الباطل للفاسدين والمفسدين ... تخيل كيف حال المجتمع حينما يتعامل الناس مع بعضهم بالأقنعة، حينما يتصافحون الناس بالأوجه ويتبارزون بالكلام السام في الظهور؟، كيف حال المجتمع حينما تصبح المبادئ وسيلة وليس غاية ويصبح الضمير برواز وليس جوهر؟!.

 

إن استماعكم الى حديث أحدهم كفيل بنشر هذا الفيروس واتساع دائرته ، ومن ثم يجعل النفاق المجتمع ضعيف ومفكك، بحيث يخلو من الوئام والثقة فيما بين أفراده بعدما يغيب الصدق عن دائرة الواقع ونفتقد الإخلاص في العلاقات والمعاملات، نحن نحتاج إلى تربية حكيمة للأجيال، فالأجيال التي تتعلم الصدق والمروءة والإخلاص ستصبح أجيال قوية ومحبة للوطن، تسعى لرفعته وتحسينه، وينمو بداخلها الانتماء الحقيقي للمجتمع والوطن، بخلاف المنافقون وهم الخامة الأساسية للخيانة الذين مع كل ريح يميلون.

اتفق جيداً مع مقولة الكاتب أحمد بهجت: " لقد خلق الله تعالى الناس احرارا وسجنتهم الاكاذيب والاباطيل والاوهام والقهر "، وقياساً على ذلك أؤكد أن النفاق أشد خطورة على المجتمع من الأوبئة التي نستطيع أن نراها ونرصدها ونعالجها، اما توابع النفاق ستنتشر اثارها ويتسع مداها وتؤثر على السلم المجتمع فكيف سيكون الحال لو أصبح معلم ابنائك مدرس منحرف او يوعظك شيخ منافق او يحكم بين الناس رجلاً كاذب، اويمثلك في البرلمان فاسد!

 

ثمرات الفكر :
بعض البشر يستمتعون بأداء دور الممثل، يشبعهم تثقيف الجماهير لهم ، ويبهرهم صوت المصقفين والمهللين، هم يدركون جيداً أنهم يمثلون ببراعة على مسرح الحياة، ولكنهم يستحقون الشفقة، لأنه لايدركون أن جماهيرهم ممثلين حقيقين أكثر منهم براعة! 
وللافكار ثمرات مادام في العقل كلمات وفي القلب نبضات ، مادام في العمر لحظات 
 

مستشار إعلامي ومحاضر وباحث أكاديمي 
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مستشار إعلامي

إقرأ أيضاً:

بعضٌ من حكاية الكَدِيسَة

الكديسة اسم للهرة في عامية أهل السودان، والمذكر كَدِيس. ولعل الأصل نوبي أو تركي. وعند الجاحظ في كتاب الحيوان لفظ السِنّور وذكر من صفات السنانير أنها طيبة الفم، وأن عليها من المحبة والإلف والأنس والدنو، ما ليس مع الكلب ولا مع الحمام، ولا مع الدجاج، ولا مع شيء مما يعايش الناس.
ومن صفاتها أن الحيات تخافها، وأن الفيل يفزع من السنور فزعًا شديدًا. وجيفة السنّور منتنة ـ كما يذكر كتاب الحيوان ـ قالوا: لما مات القصبي رُجم بالسنانير الميتة…
قرأت قبل يومين عن “تكتيك القطة الميتة” في الإعلام السياسي والعسكري حيث يُطلق خبر صادم أو فاضح أو مثير للجدل عمدًا لصرف انتباه الإعلام وتشتيت أذهان الجمهور عن قضية أو فشل أكثر ضررًا. صاغ هذا التكتيك لينتون كروسبي، وكأنه إلقاء “قطة ميتة” على مائدة طعام والناس يأكلون مما يُجبر الجميع على الانصراف عن الأكل، والتركيز على ذلك المشهد بدلًا من الانشغال بالمشكلة الأساسية.
ألا ترون هذه الأيام ونحن نتابع انتصارات جيشنا وانكسارات التمرد، كيف تعمد غرف صناعة الشائعات إلى إطلاق خبر صادم يصرف الأنظار عن أحداث الساعة؟!
ويسمّي (الخوَّاجة) ذلك الفعل الدعائي باسم القطط الميتة، وليس الكلاب الميتة، فالقوم يحبون الكلاب حبًا جمًا مثل حبنا للكدايس أو أشد.
أما تفضيل القطط (الكدايس) عند المسلمين فهو نابع من الدين، فقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالطوافين عليكم والطوافات. وفي صحيح البخاري: “دخلت امرأة ممن كان قبلكم النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تصيب من خشاش الأرض”. والهرة وصفها الجاحظ أيضا بأنها من الخلق الذي يؤثر على نفسه، يُلقَى إليها بالشيء الطيب وهي جائعة، فلا تزال ممسكة على جوعها حتى يقبل ولدها فيأكل… وهذا من علامات الرحمة في هذا الحيوان.
واقتراب القطة من شخص بعينه فيه رسالة روحية عميقة. إنها ليست مجرد (عابر سبيل)، بل هي رسول رحمة.
من العجب الذي رأيت؛ كنا نصلي في مسجد بمشعر منى أيام الحج برفقة استاذي حسن الزين. كانت قطة تدخل المسجد ونحن في انتظار الصلاة فتتخطى الناس جميعا وترقد أمام حسن. تكرر هذا مرات، فسألت البروفيسور حسن: ما لهذه القطة تأتي إليك من دون الناس؛ تتخطى الصفوف وتقترب منك أينما جلست فتمد يدك تمررها بلطف على ظهرها… ابتسم الزين واكتفى بالقول: “أبوي كان عنده تلتاشر كديسة” أي أن أبي كان عنده ثلاث عشرة قطة!
تأملت ذلك، وحسبته من مظاهر الصلاح في ذلك الرجل الذي عرفنا فيه الزهد والتوكل، وقد حضرت معه موقفا أرويه بغير حرج فهو الآن في رحمة الله تعالى.
ظللت أسائل نفسي عن منظر القطة مع حسن الزين حتى سمعت أحد المتحدثين في فيديو بالأمس عن معنى اقتراب القط من إنسان، فمما ذكر أن ذلك إشارة لتوسعة في الرزق، ودليل على صفاء القلب وأنه قلب محفوف بالرحمة. وأيضا علامة التوكل فالقطة تعيش متوكلة بالفطرة على خالقها، واقترابها من شخص ما تذكير بالتوكل على الله.
لما اتصلت بأستاذي في السودان وأخبرته بأن الاختيار قد وقع عليه لأداء الحج بتكلفة كاملة وتقديم ورقة علمية في منشط علمي، فاجأني بالاعتذار لأن جواز سفره يحتاج للتجديد، والوقت ضيق ولم تبق سوى أيام قليلة من الحج!
تيسّر الأمر بحمد الله، وفوجئت به يصل إلى مكة دون إحرام وعرفت السبب أنه لم يحمل معه ما يشتري به ملابس الإحرام. خرج من السودان وهو لا يحمل ريالا واحدا، وهذا من التوكل الذي عرفناه عنده ورجاء ما عند الله تعالى: “قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين”. في اليوم التالي لهذا الموقف حصل لأستاذنا الزين بسط في الرزق حتى إنه بادر إلى شراء هاتف كان يتمنى شراءه.
إن لنا في قصص التوكل والرحمة عبرة وأي عبرة في هذا الزمان الذي يتجرد فيه بعض بني البشر من كل القيم!
في هذا اليوم الذي أكتب فيه خبرٌ عن مُسيّرات ضربت روضة أطفال في مدينة كالوقي بجنوب كردفان وقتلت العشرات من الصغار وذويهم دون رحمة أو إنسانية.
ما لبعض الناس ينحطون إلى هذه الدرجة؟ أهؤلاء الناس من طينة البشر؟
معروف عن السودانيين حساسيتهم من قتل الحيوان الأليف؟ فكيف بقتل الأبرياء من النساء والأطفال.
تسلمت يوم أمس من أستاذنا البروفيسور الطيب علي أبو سن كتابه “الشعر الشعبي عند الرباطاب”. وتوقفت عند رثاء قطة من أحد الشعراء الرباطاب الحاج عثمان الكليباوي. القطة المسالمة اسمها (سانتوت)، أوسعها أحدهم واسمه عثمان ضربًا بالنبّوت حتى ماتت. يقول الشاعر:
في شان الله يا سانتوت
وكل الحي وراه الموت
مرقت فسحة كايسة القوت
يا الضربوكي بالنبّوت
عثمان اصلو ما خصاه
يضرّب فيها بالعصا
حتى هاشم اخيو معه
يكشحو بيها بي الواطه
عثمان ضربُه مالو قياس
بالفرار وفوق الراس
خلينا الورر لا باس
تكتلوا في كدايس الناس؟
والورر هو الورل، والمعنى: لا بأس من قتل الورل فهو حيوان غير مستأنس، ولا حرج من قتله. أما قتل الحيوان المسالم مثل القطط فهذا عيب كبير في أعراف القبيلة.

دكتور عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/07 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة هل الفيل كفيل؟2025/12/07 تسريبات وافتراضات مقتل دقلو2025/12/07 قوم لا للحرب قوم مجرمون مثلهم مثل كل من قتل أو آذى نفساً بغير وجه حق2025/12/07 أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين؟2025/12/06 ثالوث الإنكار لتبرئة الغزاة2025/12/06 العاقل من اتعظ بغيره!2025/12/06شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات مقترحات لبناء سودان جديد 2025/12/06

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • استجابة من محافظة الجيزة.. ولكن!
  • زمن عجيب!
  • أوين: صلاح قدّم الكثير مع ليفربول ولكن تصريحاته الأخيرة غير مقبولة
  • «خلي الوزير يزعل ولكن قول الحق وساعتها الكل سيحترمك.. مصطفى بكري يوجّه رسالة للنواب
  • أحمد موسى: نرحب بالنقد البناء ولكن لا ننشر أخبارًا كاذبة
  • مش هقدر أقول حاجة ولكن.. الشيخ حسن عبد النبي لم يرصد أخطاء لهذا المتسابق | فيديو
  • بعضٌ من حكاية الكَدِيسَة
  • أحترم ترامب ولكن.. هرتسوج ردا على العفو عن نتنياهو: إسرائيل دولة ذات سيادة
  • قوافل الأزهر في الواحات البحرية.. برامج توعوية تدعم استقرار الأسرة