لجريدة عمان:
2025-05-20@05:07:00 GMT

هل يتكرر في 2024 ما حدث في 1933؟

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

في الثلاثين من يناير من عام 1933، جرى تعيين أدولف هتلر مستشارا لألمانيا. من منظور مؤيديه، كان ذلك يوم «الثورة الوطنية» والميلاد الجديد. كانوا يعتقدون أن ألمانيا تحتاج إلى القوة التجديدية التي يتمتع بها رجل قوي متسلط بعد أربعة عشر عاما من «نظام» فايمار الديمقراطي الليبرالي. في تلك الليلة، سارت كتيبة قمصان هتلر البنية وحمل أفرادها الشعلات عبر شوارع مدينة برلين للاحتفال بفجر عصر جديد.

كانت أيضا لحظة انتصار في تاريخ التضليل الشعبي. فمنذ أيام جمهورية فايمار الأولى، كانت تحيط بسياساتها حملات التضليل، بما في ذلك الكذبة التي ادّعَت أن ديمقراطية فايمار كانت من عمل عصابة من اليهود والاشتراكيين الذين «طعنوا ألمانيا في الظهر» لضمان هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

اليوم، لا يُـماري سوى قِلة من الناس في أن وصول هتلر كان نقطة تحول في تاريخ العالم، أو بداية العملية السياسية التي انتهت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية وواقعة المحرقة. لكن هتلر لم «يستول على السلطة»، بل إنه، كما أوضح كاتب سيرته الذاتية إيان كيرشو، «رُفِعَ إلى السلطة» بيد مجموعة صغيرة من الرجال النافذين. كان أحد هؤلاء الرجال فرانز فون بابن، الذي شغل منصب المستشار في عام 1932. كان بابن يتصور (على نحو مشين) أن هتلر والحزب النازي- وهو الحزب الأكبر على الإطلاق بعد انتخابات الرايخستاج في عام 1932- من الممكن استخدامهما لتعزيز أجندة مُـحافِـظة.

على نحو مماثل، أراد الرئيس الألماني، المشير السابق بول فون هيندنبورج، استخدام هتلر لاستعادة النظام الـمَـلَـكي. لكن خطط المحافظين سرعان ما اكتسحتها قيادة هتلر القاسية، والعنف النازي، واندفاع الشعب الألماني للانضمام إلى النظام والتحول إلى جزء من الصحوة الوطنية الموعودة. وأُخـضِـع الليبراليون والديمقراطيون الاجتماعيون الذين عارضوا هتلر بالعنف أو انزلقوا إلى فخ هروبهم المتفائل. لقد طمأنوا أنفسهم إلى أنه بقدر ما ساءت الأمور، فإن حكم هتلر سينهار في نهاية المطاف. ومن المؤكد أن الاقتتال النازي الداخلي سيضع نهاية للحكومة الجديدة. بعيدا عن الليبراليين والاشتراكيين، افترض قسم أعرض من المجتمع الألماني أن هيندنبورج، الذي وعد بأن يكون رئيسا لكل الألمان، سوف يبقي هتلر مقيدا، في حين توقع آخرون أن يفعل الجيش ذلك. لقد انخدع الجميع بقدرة هتلر على الظهور بمظهر محترم في السنوات الأخيرة من جمهورية فايمار.

في غضون 100 يوم من تولي هتلر منصب المستشار، كما أوضح المؤرخ بيتر فريتش، أصبح اندفاع النازيين الجامح إلى السلطة شديد الوضوح. وبحلول نهاية صيف عام 1933، كان المجتمع الألماني أُخـضِـع تماما. ولم يعد من الوارد وجود أي أحزاب سياسية مستقلة، أو نقابات عمالية، أو منظمات ثقافية. احتفظت الكنائس المسيحية فقط بدرجة ما من الاستقلال.

بعد مرور عام، في صيف 1934، أمر هتلر بقتل منافسيه داخل الحزب، وبعد وفاة هيندنبورج في الثاني من أغسطس، أعلن نفسه الفوهرر الألماني. واكتمل حُـكمه الدكتاتوري. بحلول ذلك الوقت، كانت أولى معسكرات الاعتقال أقيمت وبدأت العمل بالفعل، وبدأ وضع الاقتصاد على مسار الحرب. لا تزال هذه الفترة من التاريخ وثيقة الصلة بيومنا هذا. فسوف يُـدلي مئات الملايين من الناس بأصواتهم في انتخابات محورية هذا العام، وعلى الرغم من علامات التحذير، فإن قِلة من المعلقين على استعداد للتصريح بالتالي علنا: «قد يكون عام 2024 هو عام 1933 الجديد». ولكم أن تتخيلوا العالم بعد عام من الآن، حيث تتسبب المعلومات المضللة في إسقاط أغلبيات ديمقراطية في مختلف أنحاء العالم. ويُـنهي الرئيس دونالد ترامب دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا. ولا يظل الناتو يشكل قيدا يحول دون تمكين فلاديمير بوتين من تحقيق أحلامه ببناء إمبراطورية روسية جديدة عبر مختلف أرجاء أوروبا الشرقية. وحيث تعمل كتلة حرجة من أحزاب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي على منع أي استجابة أوروبية موحدة. وتُـترَك بولندا، وإستونيا، وليتوانيا، ولاتفيا تتدبر أمورها بمفردها.

ومع توسع الحرب في غزة لتتحول إلى صراع إقليمي، يغتنم بوتن الفرصة لشن هجوم خاطف آخر، مصحوبا بصواريخ بعيدة المدى.

الواقع أن آفاق عام 2024 قاتمة للغاية، حتى أن كثيرين يرفضون مجرد التأمل فيها. وكما توقع الليبراليون في عام 1933 أن ينتهي هتلر بسرعة إلى الفشل، فإن التفكير والتخطيط استنادا إلى التمنيات اليوم يشوش قدرتنا على الحكم. إننا نسير نياما ــ إذا اقتبسنا الاستعارة التي استخدمها كريستوفر كلارك لوصف الحال عند بداية الحرب العالمية الأولى- نحو نظام دولي جديد.

في كتابها الـمُـتقَـن المؤلف من مجلدين حول تاريخ ما بين الحربين العالميتين، تشير زارا شتاينر إلى الفترة من 1929 إلى 1933 باعتبارها «سنوات مفصلية»، عندما استُـبـدِلَت المثالية في العلاقات الدولية بما يسمى «انتصار الظلام». ولكن في أواخر عام 1926، بدا الأمر وكأن الليبراليين يقتربون من النصر: فقد تقاسم وزير الخارجية الفرنسي أريستيد برياند ونظيره الألماني جوستاف ستريسمان جائزة نوبل للسلام لجهودهما في تحقيق المصالحة الفرنسية الألمانية، وانضمت ألمانيا إلى عصبة الأمم. وبدا الأمر وكأن القومية المتطرفة باتت معزولة في إيطاليا تحت حكم موسوليني.

في مواجهة الأزمات العالمية اليوم، لا يوجد مجال للتفاؤل. فمن المحتمل أن نكون في عام مفصلي آخر. وإذا تحرك الليبراليون الآن، فلا يزال بوسعهم أن يفوزوا. في إشارة واعدة، خرج مئات الآلاف من الألمان مؤخرا إلى الشوارع لدعم الديمقراطية والتنوع، وإدانة اليمين المتطرف. لكن المظاهرات في بلد واحد لا تكفي. بل يجب أن ينضم إلى الليبراليين الألمان غيرهم من الليبراليين في مختلف أنحاء القارة.

الواقع أن مظاهرة على مستوى القارة من شأنها أن تبعث برسالة قوية. يجب أن يمتد الشعور بإلحاح هذه القضية إلى مستويات عليا، وخاصة بين قادة الأعمال مثل جيمي ديمون، رئيس بنك جيه بي مورجان تشيس التنفيذي، والذي في محاولة لحماية رهاناته، بدأ بالفعل يتقرب من ترامب. قبل وقت ليس ببعيد، اجتمع زعماء أوروبا وبذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذ اليورو، لأنهم أدركوا أن فشل العملة الموحدة من شأنه أن يؤدي إلى هدم الاتحاد الأوروبي ذاته. يتعين على الأوروبيين الآن أن يطالبوا بذات القدر من الإصرار في مواجهة التهديدات التي يحملها لنا عامنا هذا.

يحتاج الاتحاد الأوروبي الآن إلى خطة لعالم خال من حلف شمال الأطلسي. يحتاج إلى أدوات جديدة للتعامل مع قادة البلدان الأعضاء مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، وكل منهما يفضل تقبيل خاتم بوتن على الدفاع عن الديمقراطية. من غير المقبول ببساطة أن يظل أوربان يمارس حق النقض على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. في الولايات المتحدة، تمثل التعبئة السياسية المتغير الأكبر. ويتعين على معارضي ترامب أن ينحوا خلافاتهم جانبا. فنحن نعلم تمام الـعِـلم إلى أين قد يقودنا الانقسام والتفاؤل الساذج.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

محافظ قنا يناقش دعم مشروعات المياه بـ42.2 مليون يورو مع البنك الألماني

استقبل الدكتور خالد عبدالحليم، محافظ قنا، وفدًا رفيع المستوى من بنك التنمية الألماني (KfW)، ضمّ المهندس بابلو ماريني، المستشار الهندسي للبنك، والمهندس ماجد رضا، نائب المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة CES، وذلك في إطار متابعة تنفيذ مشروعات برنامج تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي (IWSP2) الممول من عدد من شركاء التنمية الأوروبيين.

جاء اللقاء بحضور الدكتور حازم عمر، نائب المحافظ، والمهندس رجب عرفة، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا، وعدد من القيادات التنفيذية والفنية المعنية بالمشروعات.

وخلال اللقاء، أكد محافظ قنا أن البرنامج يُعد من أهم المشروعات التنموية التي تنفذها الدولة بالتعاون مع شركاء التنمية، ويستهدف تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي في محافظات قنا، سوهاج، أسيوط، والمنيا، بما يسهم في تحسين جودة الحياة وحماية البيئة من خلال تقليل تأثير تلوث مياه الصرف الصحي على الموارد المائية.

وأوضح "عبدالحليم" أن نصيب محافظة قنا من استثمارات البرنامج يبلغ 42.2 مليون يورو، يتم من خلالها تنفيذ عدد من المشروعات الحيوية، تشمل مشروعات صرف صحي بنسبة 68%، ومشروعات مياه شرب بنسبة 32%، بتمويل مشترك من بنك التنمية الألماني (KfW)، الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، بنك الاستثمار الأوروبي (EIB)، الاتحاد الأوروبي (EU)، ووزارة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية (SECO)، إلى جانب مساهمة الحكومة المصرية.

واستعرض المحافظ والوفد موقف المشروعات الجارية، حيث يجري تنفيذ محطة معالجة صرف صحي بكرم عمران، وتم استلام الموقع في 29 أكتوبر الماضي، كما تم الانتهاء من كراسة الشروط الخاصة بمحطة رفع كرم عمران وشبكات الصرف الخاصة بها، كما شملت قائمة المشروعات الجاري العمل عليها محطة رفع أبنود (مرحلة التصميم)، ومحطات رفع الأشراف الشرقية، الأشراف الغربية، الأشراف القبلية، الأشراف العسلية، بير عنبر، وكلاحين أبنود.
وفي قطاع مياه الشرب، سوف يتم تنفيذ توسعات بمحطة مياه نجع حمادي، والتي تم الانتهاء من إعداد كراسة الشروط الخاصة بها.
من جانبه، أكد المهندس رجب عرفة، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا، أن الشركة تضع على رأس أولوياتها تحسين البنية التحتية للمياه والصرف، وتوسيع نطاق الخدمة لتغطية أكبر عدد من القرى والمناطق المحرومة، مشيدًا بالدعم الفني والمالي الذي يقدمه بنك KfW وشركاؤه، والذي يسهم في تنفيذ مشروعات نوعية تحدث فرقا ملموسا في حياة المواطنين.

بدوره، أعرب المهندس بابلو ماريني عن تقدير بنك KfW للتعاون المثمر مع محافظة قنا، مؤكدًا أن البنك ملتزم بدعم المشروعات التنموية ذات الأثر المباشر على حياة المواطنين، وخصوصًا في مجالات البنية التحتية الأساسية، مشيرًا إلى أهمية التنسيق المستمر لضمان تحقيق أهداف البرنامج في الوقت المحدد.

وفي ختام اللقاء، تم الاتفاق على إعداد خطة عمل مشتركة لتحديد أولويات التنفيذ، واستكمال الدراسات الفنية والتمويلية للمشروعات، كما شدد المحافظ على ضرورة الإسراع في تنفيذ الأعمال، ومواصلة التنسيق مع الشركاء الدوليين، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بمحافظات صعيد مصر.

مقالات مشابهة

  • محافظ قنا يناقش دعم مشروعات المياه بـ42.2 مليون يورو مع البنك الألماني
  • ناد يبيع عشب ملعبه قِطعًا احتفالا بالعودة للدوري الألماني
  • هاري كين: احتفالات الفوز بالدوري الألماني ساحرة
  • كانييه ويست يثير موجة من الغضب بأغنية تمجد هتلر
  • ‏رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير: لا يوجد تقدم يُذكر في محادثات غزة التي تتضمن إنهاء الحرب
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • إعلام عبري: انتحار 35 جنديا إسرائيليا منذ بدء الحرب بغزة حتى نهاية 2024
  • الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي
  • توماس مولر يودع الدوري الألماني
  • بوروسيا دورتموند يهزم هولشتاين كيل في الدوري الألماني