ما حكم الاحتكار واستغلال التجار الأزمات؟ يلجأ بعض التجار إلى شراء ضروريات الأفراد وتخزينها إلى أن يرتفع سعرها، ويبيعها بأعلى الأثمان فتزداد أمواله، وهذا هو الاحتكار، وأباح الإسلام التجارة ونهى عن الاحتكار، ومن إحدى خصائص المعاملات المالية في الإسلام مراعاتها لمصالح أطراف المعاملة جميعًا بحيث لا يلحق ضررا مؤثِّرا بأحد الأطراف، وتلك الخصيصة طبيعة لما يمليه العدل الكامل الذي رسَّخته الشريعة الإسلامية، وكل ذلك لأن المعاملات مبناها على التشاحح لا المسامحة، ولأجل تحقيق هذا المقصد نهى الشارع عن بعض الممارسات التي قد تضر بمصالح بعض أطرافها، وسدَّ بطريقة محكمة منافذ هذه الممارسات بما يجفف منابعها.

 

وورد النهي عن  الاحتكار في عدة أحاديث، منها: حديث معمر رضي الله عنه: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» رواه مسلم، وفي رواية: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ»، وحديث أبي أمامة رضي الله عنه: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ أَنْ يُحْتَكَرَ الطَّعَامُ" رواه الحاكم في "المستدرك" وغيره.

 

وقال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامي والخطيب بالأوقاف، إنه في الأزمات يظهر معادن الرجال ويظهر صحيح الدين، منبهًا على أن المسلم يجب أن يغير أولوياته التجارية تبعا لما نسميه (فقه الحال) فلا حرج أن يربح التاجر ماشاء له أن يربح، لأنه كلما زاد ماله الحلال زادت تجارته وزادت زكاته، وقل الفقراء ممن في رقبته.

 

وأضاف الجمل في تصريح له: أما في وقت الأزمات غير العادية، فهنا قد تتغير أولوياته، فله أن يربح ويكسب بالطبع فلا شيء في ذلك حتى يستطيع أن يستمر في تجارته، ولكن أن يستغل هذه الأزمة فيرفع السعر بشكل ينعكس سلبًا على كامل السوق، فهذا هو الحرام المنهي عنه.

 

ولفت النظر إلى قول الله تعالى في سورة البلد: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ ...) ثم قال الله [أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ] أي في يوم ذي مجاعة أو ضيق شديد ..!! أي أن فك الرقبة قد يكون بالتيسير على الناس فيما يعينهم على أعباء الحياة، كإطعام الناس في تلك الأيام الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي عامة والتي قد ينعكس معه التأثير إقليميا ومحليا أيضا، لذلك وجب على كل تاجر أن  يراعي ذلك جيدًا.

 

واستدل بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث : (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء)، موضحا: انظر لتلك المكانة العظيمة التي قد يصل إليها التاجر الذي يصدق القول والنية في بيعه للناس، فلا يخدعهم بسعر وهمي هو ليس كذلك متعللاً بارتفاع سعر العملة التي يستورد بها بضاعته، الذي يكون هو مبالغا فيه بحجة ما يقوله أغلب التجار (أصل انا هشتري بسعر أغلي!!) .. وهنا أقول له: بفرض صدق كلامك.. أليست هذه هي التجارة؟ لماذا تحاسب من يشتري الآن بسعر ما قد تشتريه بعد شهر!، هل تضمن الأجل لشهر قادم حفظنا الله وإياكم من كل سوء؟.

 

وذكر الداعية الإسلامي، ما روي عن سيدنا على بن أبي طالب رضي الله عنه انه سأل أحد أصحابه عن مدة قرض مال قد اقترضه من صاحبه فقال له: "على كم اقترض هذا المال؟ فقال له على هلالين - يعني أسدده بعد شهرين.. فقال له: والله إنك لرجل طويل الأمل" - يعني تعحبه رضي الله عنه لصاحبه كيف يضمن أنه قد يعيش حتي سداد دينه هذا..!.

 

ووجه رسالة للتجار قائلا: أخي التاجر فلتربح كما تشاء، أسأل الله لك النماء والربح العظيم والزيادة في رزق الدنيا والآخرة، ولكن أن تستغل الأزمة لترفع السعر كل يوم بحجة عدم توافر العملة فيما سوف تشتريه لاحقا فهذا عين الحرام، كأن يقوم أحدهم بتسعير بضاعته بناء على تسعيره للعملة بأكثر من سعرها حتى  في السوق الموازي ليحافظ على ثبات هامش ربحك قبل الأزمة!، فهذا هو الاستغلال المحرم بعينه، لأنه يؤدي حتميا إلى ما فيه السوق الآن!.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم الاحتكار خالد الجمل الشيخ خالد الجمل رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

إضراب شامل وإجراءات تعسفية.. الحوثيون يشددون الخناق على تجار صنعاء

دخلت محلات الملابس والأقمشة والأحذية في صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إضرابًا شاملًا احتجاجًا على قرارات مالية وجمركية وصفها التجار بأنها "تعسفية" من وزارة المالية ومصلحة الضرائب والجمارك التابعة للجماعة. الإضراب يكشف عن تصاعد التوتر بين القطاع التجاري والسلطة الحوثية، وسط مخاوف من تدهور كبير على مستوى الأعمال والأسواق في العاصمة.

وأعلنت النقابة العامة للملابس والأقمشة والأحذية بصنعاء الإضراب بعد أن فشلت في الحصول على استجابة من وزارة المالية لصيحاتهم المتكرّرة. جميع المحلات في سوق "باب السلام" وغيره من الأسواق الكبرى أُغلِقت، كما ظهر ذلك في فيديو نشره التاجر جلال مفتاح من داخل السوق، يُوضح مدى الاحتجاج الشعبي على القرارات الجمركية والضريبية التي يصفها التجار بأنها "قتلت تجارتهم" وحرمتهم من أرباحهم المتواضعة في ظل الحرب.

وكتب مفتاح على حسابه في فيسبوك أن الإضراب لن يتوقف إلا إذا تراجعت السلطة عن القرارات. وأضاف أن وزارة المالية تمارس "ممارسات تعسفية" تستهدف التجار المغلوبين على أمرهم، مودعًا رسالة للمسؤولين بالحكم "بأننا خسرنا كل شيء، وحتى الربح أصبح سرابًا".

ولا يقتصر الأمر على التجار؛ فقد تزايدت في الأشهر الأخيرة عمليات إغلاق المؤسسات والشركات والمطاعم والمحال التجارية في صنعاء بسبب الضغوط المالية الناتجة عن تزايد الضرائب والإتاوات، وانخفاض القدرة الشرائية للسكان نتيجة انقطاع المرتبات. 

التجار أكدوا عمليات ابتزاز ومضايقات مستمرة تعرضوا لها من جهات مرتبطة بالحوثيين، وهذه الإجراءات التعسفية أدت إلى تسريح المئات من العاملين في هذه المحلات، مما يعكس تفاقم الأزمة في القطاع الخاص الذي يعتمد كثيرًا على النشاط المحلي.

ولم تتوقف الضغوط عند الضرائب، بل تشمل أيضًا تنظيم ساعات العمل والإغلاقات المفاجئة، وهي سياسات تضرّ بحرية التجارة وتزيد من هشاشة أصحاب الأعمال الصغار.

ومع تزايد التحديات، بدأ عدد من التجار يفكرون في مغادرة صنعاء نهائيًا. يقول تاجر مواد غذائية، مستعارًا اسم فاضل، إنه يدرس نقل نشاطه إلى عدن أو دولة أخرى، لأنه يواجه رقابة يومية ولجنة تلو الأخرى تطالب بجبايات مالية أو عينية. ويعتبر فاضل أن البقاء في السوق المحلي أصبح "خسارة مؤكّدة".

خبراء اقتصاديون في صنعاء يرون أن ما يحدث لا يمكن تفسيره فقط على أنه ممارسة مالية بل استراتيجية طائفية واقتصادية من قبل السلطة الحوثية: استخدام موارد الدولة الخاصة والتجارية كأداة ضغط، وتحويل القطاع الخاص إلى مصدر تمويل غير شفاف لدعم السلطة أو أهدافها.

استمر النزيف الحالي، سيؤدي إلى "شلل شبه كامل" في التجارة المحلية، وارتفاع البطالة، وتفشي الفقر في أوساط الطبقات المتوسطة والدنيا التي تعتمد على التجارة البسيطة كمصدر دخل. وهو ما قد يقضي على أي فرص للتعافي الاقتصادي ما لم يتم إعادة بناء الثقة بين التجار والسلطة.


مقالات مشابهة

  • عمرو أديب: بيع الأصوات حرام.. مصر تستاهل انتخابات بما يرضي الله
  • عمرو أديب لـ الناخب: "متبعش صوتك.. دي فلوس حرام"
  • أزهري: الأبراج من أكبر المصائب التي ابتليت بها الأمة
  • محافظ القاهرة يبحث خطة تطوير سوق العبور ورفع كفاءته لخدمة التجار والمستهلكين
  • حازم المنوفي: شتاء قاسٍ متوقَّع... واستعداد مبكر يضمن استقرار الأسواق
  • داعية يحذر من القنوط واليأس من كبائر الذنوب ويكشف طريقة علاجها
  • حين ينتصر الوعي: من بيض الأرجنتين إلى باقات سرياتيل في سوريا
  • ميتا تفوز بدعوى تاريخية لدى لجنة التجارة الفدرالية لمكافحة الاحتكار تخص واتساب وإنستغرام
  • إضراب شامل وإجراءات تعسفية.. الحوثيون يشددون الخناق على تجار صنعاء
  • انتصار عربي-إسلامي جديد على فلسطين!