الجهود التي تقوم بها الدولة لحل الأزمة الاقتصادية جهود مقدرة ومكثفة خلال الفترة الأخيرة، وبالخصوص بعدما أصبحت الأزمة شأنًا عامًا يتحدث فيه الجميع، بدءًا من القيادة السياسية ممثلة في الرئيس السيسي، والذي دعا خلال الاحتفال بعيد الشرطة، لحوار وطني اقتصادي يشارك فيه الخبراء والمتخصصون، "نسمع لبعض"،  مع الوضع في الاعتبار أن:"هناك فرق كبير من أن تقول رأيا، وأن تنفذ هذا الرأي مع رأي عام.

. وناس ومع دولة وهناك ظروفا كثيرة يجب وضعها في الاعتبار"، بحسب دعوة الرئيس. ومرورًا بالحكومة والتي أخذت خطوات جادة وواضحة، ومنها قرار مجلس الوزراء بتخفيض قدره 15 % في الخطة الاستثمارية بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/2024. وتأكيد مجلس الوزراء بحسب ما نقلته رويترز عن بيانه:"إنه لن يتم البدء في مشاريع جديدة في هذه السنة المالية، ولكن سيتم إعطاء الأولوية للمشاريع التي اكتملت بنسبة 70% أو أكثر"، ثم تبع ذلك اجتماع قبل ساعات لرئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، لمناقشة عدد من الآليات المقترحة لدفع الصادرات المصرية، حيث أكد رئيس الوزراء، حرص الدولة بمختلف أجهزتها على إتاحة الدعم اللازم للصادرات المصرية، من خلال الخطط الطموحة التي من شأنها تذليل كافة العقبات أمام دفع وزيادة الصادرات المصرية، والحرص على مواصلة خطط زيادة الصادرات، للوصول بها إلى 100 مليار دولار، بالرغم من التحديات الاقتصادية الراهنة. وتواصلت القرارات الاقتصادية، بعدما قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة 2% وقال في بيانه، الذي نشره مجلس الوزراء على صفحته:"أن هذا القرار بهدف الحد من توقعات التضخم، وتقييد الأوضاع النقدية للحفاظ على مسار نزولي لمعدلات التضخم، وبالرغم من ذلك، يوجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة بما يتعلق بأسعار السلع العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً وكذا اضطراب سلاسل التوريد في البحر الأحمر".
والحق أن هذه القرارات والرؤى، من جانب قيادة الدولة وأجهزتها تدفعنا وقبل انطلاق الحوار الوطني الاقتصادي خلال الأيام القادمة، بعد تلقي الأطروحات والأفكار بالخصوص بحسب ما أعلنه مجلس الأمناء أن نقف على عدة منطلقات للأزمة الاقتصادية الحالية وطريقة الحل:-
-أولها الاستفادة التامة، من هذه القرارات الحكومية الاخيرة، والبناء عليها أملا في تغيير سريع وحتمي خلال الفترة المقبلة. وإذا كان رئيس الوزراء توقع في تصريحات سابقة أن تستمر الأزمة طوال عام 2024 وجزء من 2025، حتى معاودة النمو من جديد والعودة للمعدلات السابقة، فمن الضروري تكثيف التحركات حتى  لاتتفاقم وتزيد حدتها طوال هذا العام والنصف، كما توقع رئيس الوزراء.
-الأخذ في الاعتبار من جانب المتخصصين وخبراء الاقتصاد، الذين سيحضرون الحوار الوطني الاقتصادي المرتقب – وياليت يكون بينهم وزراء نافذون بالحكومة المصرية، وأقصد وزراء التخطيط والمالية وباقي أعضاء المجموعة الاقتصادية، حتى تكون المناقشات وبكل صراحة مبنية على تقديرات حقيقية وليست متوقعة أو متداولة.
-وأعني أن حضور وزراء المالية والتخطيط والبترول  والتموين ومحافظ البنك المركزي جلسات الحوار الوطني القادمة، سيجعلها أكثر فاعلية ودقة، لأنه سيتم النقاش والمصارحة وفق أرقام رسمية، وليس كما يتردد أو وفق بعض التقارير الإعلامية، أو ما يقول البعض "فالنقاش والحوار سيكون في قلب الأزمة".
-الأزمة الاقتصادية الموجودة حاليا، ووفق تقارير عالمية متزنة لا تزال تحت السيطرة تمامًا، وما خرج منها هو انفلات حاد في الأسعار، فالغلاء وصل لدرجة كبيرة، والجميع يلمسون زيادات يومية في الأسعار وهذه مشكلة كبيرة، وفي الوقت الذي أحترم فيه ما قالته الحكومة قبل ساعات، إنها تشعر بالأعباء المعيشية على المواطن، لكن بالتوازي مع هذا الشعور فلابد من ضبط الأسعار، والتصرف بحكمة كبيرة في ذلك. فليس هناك متسع لزيادات أكبر لأن أسعار كافة السلع الأساسية واليومية والرئيسية، تضاعفت خلال الشهور الأخيرة ووصلت لمعدلات عالية للغاية، ولابد من النظر للطبقة البسيطة والطبقة المتوسطة، ومراعاة كذلك أن الغلاء بهذا الشكل يؤثر على الجميع سواء كانت طبقات غنية أو بسيطة، وكل في احتياجاته ومطالبه.
-الأزمة الاقتصادية وأكرر، لا تزال تحت السيطرة تمامًا، وخصوصا مع انفراجة وشيكة في مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، حيث كشفت مديرة الصندوق جورجييفا بحسب ما نقلته رويترز، قرب انتهاء محادثات الصندوق مع مصر بخصوص زيادة قرض الـ3 مليارات دولار، "وأنهم في المرحلة النهائية، حيث العمل يجري على التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ".
-الحوار الوطني الاقتصادي المرتقب، خصوصا وأن توصياته سترفع للرئيس، لابد وأن يكون "شديد المصارحة"، فالاقتصاد يُبنى على أرقام حقيقية وصادقة، يمعنى أن يكون هناك وقوفا على حجم الدين الموجود بالفعل، وهو وفقا للأرقام الرسمية 164.7 مليار دولار، وحجم المطلوب سداده هذا العام والقصة مع هذا الدين. أي طريقة التصرف معه، ولا يجب ان ننسى أن اليونان وهى دولة أوروبية، تعرضت منذ سنوات لأزمة اقتصادية حادة واستطاعت عبورها، صحيح إنه كانت هناك خطة "مارشال أوروبية"، لإنهاء واقعها المؤلم، وحدث وتجاوزته وعادت لطبيعتها، وفي مصر نحن في حاجة لخطة "مارشال عربية"، لدعم الاقتصاد الوطني المصري بالتوازي مع قرض صندوق النقد الدولي. وخيرا اتخذت الحكومة قرارًا مهما بعدم البدء في مشاريع جديدة، واستكمال القائمة بنسبة تجاوزت الـ70%.
-أطلب من الحوار الوطني الاقتصادي وقبل ذلك من الحكومة، أن يكون الاحترام للسوق والعرض والطلب، واذا تم الاتفاق على رؤي بخصوص سعر الصرف، فأن يكون ذلك متماشيا مع الواقع، خصوصا وان الجميع يرى سعرا رسميا للدولار في البنوك وسعرا آخر في السوق الموازي يصل لـ65-67 جنيه للدولار، وهذه الازدواجية هى التي دفعت للانفلات في الأسعار، فباب السيطرة على الأسعار مبدئيا وأساسيًا، هو إنهاء هذه الازداوجية في سعر الصرف.
--الخطوة التي اتخذتها العديد من برامج التوك شو المسائية بالتوقف يوميا أمام أسعار اللحوم والدواجن والمنتجات الغذائية، وسعر الذهب والحديد والاسمنت وباقي المنتجات ومناقشتها ومتابعة تحركاتها، مع المختصين والغرف التجارية والمسؤولين عنها، خطوة جيدة حتى تكون الرؤية واضحة أمام صانع القرار، ودون التهويل والمبالغة من الخارج، ودون النظرة التشاؤمية والتشفي، من قبل منصات خارجية مأجورة، وكما يقول المثل :بيدي لا بيد عمرو"، فنحن أمام أزمة والجميع يتحرك لحلها بشفافية تامة.
-واختم بالتأكيد، أن مصر قادرة ونحن بحاجة لسياسة نقدية صارمة، لا تراعي سوى المصلحة العامة، وأن تنعكس قرارتها بشكل سريع لصالح المواطن، وتوفير احتياجاته وكسر حالة الغلاء ووضع نهاية لها، وهذه ليست من المستحيلات، ولكن بقرارات مدروسة وتحرك من جانب البنك المركزي بقرارات أكبر خلال الفترة المقبلة، ولا يجب التردد أو التأخر أكثر من ذلك في اتخاذ قرارات حاسمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحوار الوطنی الاقتصادی أن یکون

إقرأ أيضاً:

«التضامن»: رعاية ضحايا الحروب تحتاج إلى توفير ملياري جنيه خلال عام

ناقشت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، آليات وسبل دعم عمليات تقديم المساعدات الإغاثية للسودانيين والفلسطينيين الموجودين داخل مصر، خلال لقاءها باليساندرو فراكاسيتي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر والوفد المرافق له، مشيرة إلى بحث أطر التعاون بين الجانبين في إطار تنفيذ اتفاقية مشروع تعزيز القدرات المؤسسية والبشرية بالوزارة والممول من الاتحاد الأوروبي. 

التركيز على الأسر أو الفئات الأولى بالرعاية ضحايا الحروب

وأكدت أهمية التركيز على الأسر أو الفئات الأولى بالرعاية ضحايا الحروب الذين يحتاجون إلى تدخلات لوجستية فورية، مثل توفير أماكن آمنة لهم وطعام وحزمة الخدمات الصحية الأساسية، ما يحتاج إلى توفير وتعبئة موارد مالية كبيرة تتجاوز ملياري جنيه خلال عام.

وناقشت القباج، في إطار مكون التطوير المؤسسي، إعادة هيكلة الأجهزة الإدارية بالوزارة، خاصة بعد دمج إدارات مستحدثة للهيكل مثل الرقابة الداخلية والحوكمة، والإدارة الاستراتيجية والمشروعات، بالإضافة إلى برامج تنمية قدرات العاملين في المستوى المركزي والمحلي بصفة خاصة في مجالات الحماية الاجتماعية، والتحول القمي، وخدمة المواطنين وغيرها من الموضوعات.

مناقشة مشروعات التمكين الاقتصادي

كما جرى مناقشة مشروعات التمكين الاقتصادي التي تدار من خلال 10 جمعيات أهلية تم اختيارها بعد مسابقة موضوعية استهدفت أفضل المشروعات وأكثر الجمعيات خبرة وكفاءة، والتي تستهدف النساء بصفة خاصة والأسر الأولى بالرعاية بصفة عامة ، كما تستهدف بعض التعاونيات الإنتاجية التي تركز على منتجات حرفية وتراثية.

وقام الجانبان بمناقشة تطور برنامج وعي الذي يسعى لتنمية الوعي الأسر والمجتمعي بمجموعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي ترى الوزارة وجوب العمل عليها، منها موضوعات الزواج المبكر وختان الإناث والهجرة غير الشرعية والأمية وتعاطي المخدرات وتلوث البيئة وغيرها من الموضوعات.

مقالات مشابهة

  • العراق والسعودية يؤكدان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج
  • مصدر اقتصادي: هذه الخريطة لتعافي لبنان وعودته سويسرا الشرق
  • المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والمليشيات... إلى أين؟.. تقرير
  • «التضامن»: رعاية ضحايا الحروب تحتاج إلى توفير ملياري جنيه خلال عام
  • حسن الخاتمة.. وفاة الحاجّ الـ 12من الفيوم خلال أداء مناسك الحج
  • إبراهيم ناجي يكتب: البابا فرنسيس الذي لا يخجل من أن يقول "نعم أنا إنسان خاطئ"
  • أمجد سمير يكتب: الأضحية والفكر البشري
  • تفعيل المقاصد الشرعية في المجال الاقتصادي.. التحديات والآفاق (2من2)
  • تفعيل المقاصد الشرعية في المجال الاقتصادي.. التحديات والآفاق (2 من 2)