إبراهيم شعبان يكتب: تفكيك الأزمة.. منطلقات للحوار الوطني الاقتصادي
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
الجهود التي تقوم بها الدولة لحل الأزمة الاقتصادية جهود مقدرة ومكثفة خلال الفترة الأخيرة، وبالخصوص بعدما أصبحت الأزمة شأنًا عامًا يتحدث فيه الجميع، بدءًا من القيادة السياسية ممثلة في الرئيس السيسي، والذي دعا خلال الاحتفال بعيد الشرطة، لحوار وطني اقتصادي يشارك فيه الخبراء والمتخصصون، "نسمع لبعض"، مع الوضع في الاعتبار أن:"هناك فرق كبير من أن تقول رأيا، وأن تنفذ هذا الرأي مع رأي عام.
والحق أن هذه القرارات والرؤى، من جانب قيادة الدولة وأجهزتها تدفعنا وقبل انطلاق الحوار الوطني الاقتصادي خلال الأيام القادمة، بعد تلقي الأطروحات والأفكار بالخصوص بحسب ما أعلنه مجلس الأمناء أن نقف على عدة منطلقات للأزمة الاقتصادية الحالية وطريقة الحل:-
-أولها الاستفادة التامة، من هذه القرارات الحكومية الاخيرة، والبناء عليها أملا في تغيير سريع وحتمي خلال الفترة المقبلة. وإذا كان رئيس الوزراء توقع في تصريحات سابقة أن تستمر الأزمة طوال عام 2024 وجزء من 2025، حتى معاودة النمو من جديد والعودة للمعدلات السابقة، فمن الضروري تكثيف التحركات حتى لاتتفاقم وتزيد حدتها طوال هذا العام والنصف، كما توقع رئيس الوزراء.
-الأخذ في الاعتبار من جانب المتخصصين وخبراء الاقتصاد، الذين سيحضرون الحوار الوطني الاقتصادي المرتقب – وياليت يكون بينهم وزراء نافذون بالحكومة المصرية، وأقصد وزراء التخطيط والمالية وباقي أعضاء المجموعة الاقتصادية، حتى تكون المناقشات وبكل صراحة مبنية على تقديرات حقيقية وليست متوقعة أو متداولة.
-وأعني أن حضور وزراء المالية والتخطيط والبترول والتموين ومحافظ البنك المركزي جلسات الحوار الوطني القادمة، سيجعلها أكثر فاعلية ودقة، لأنه سيتم النقاش والمصارحة وفق أرقام رسمية، وليس كما يتردد أو وفق بعض التقارير الإعلامية، أو ما يقول البعض "فالنقاش والحوار سيكون في قلب الأزمة".
-الأزمة الاقتصادية الموجودة حاليا، ووفق تقارير عالمية متزنة لا تزال تحت السيطرة تمامًا، وما خرج منها هو انفلات حاد في الأسعار، فالغلاء وصل لدرجة كبيرة، والجميع يلمسون زيادات يومية في الأسعار وهذه مشكلة كبيرة، وفي الوقت الذي أحترم فيه ما قالته الحكومة قبل ساعات، إنها تشعر بالأعباء المعيشية على المواطن، لكن بالتوازي مع هذا الشعور فلابد من ضبط الأسعار، والتصرف بحكمة كبيرة في ذلك. فليس هناك متسع لزيادات أكبر لأن أسعار كافة السلع الأساسية واليومية والرئيسية، تضاعفت خلال الشهور الأخيرة ووصلت لمعدلات عالية للغاية، ولابد من النظر للطبقة البسيطة والطبقة المتوسطة، ومراعاة كذلك أن الغلاء بهذا الشكل يؤثر على الجميع سواء كانت طبقات غنية أو بسيطة، وكل في احتياجاته ومطالبه.
-الأزمة الاقتصادية وأكرر، لا تزال تحت السيطرة تمامًا، وخصوصا مع انفراجة وشيكة في مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، حيث كشفت مديرة الصندوق جورجييفا بحسب ما نقلته رويترز، قرب انتهاء محادثات الصندوق مع مصر بخصوص زيادة قرض الـ3 مليارات دولار، "وأنهم في المرحلة النهائية، حيث العمل يجري على التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ".
-الحوار الوطني الاقتصادي المرتقب، خصوصا وأن توصياته سترفع للرئيس، لابد وأن يكون "شديد المصارحة"، فالاقتصاد يُبنى على أرقام حقيقية وصادقة، يمعنى أن يكون هناك وقوفا على حجم الدين الموجود بالفعل، وهو وفقا للأرقام الرسمية 164.7 مليار دولار، وحجم المطلوب سداده هذا العام والقصة مع هذا الدين. أي طريقة التصرف معه، ولا يجب ان ننسى أن اليونان وهى دولة أوروبية، تعرضت منذ سنوات لأزمة اقتصادية حادة واستطاعت عبورها، صحيح إنه كانت هناك خطة "مارشال أوروبية"، لإنهاء واقعها المؤلم، وحدث وتجاوزته وعادت لطبيعتها، وفي مصر نحن في حاجة لخطة "مارشال عربية"، لدعم الاقتصاد الوطني المصري بالتوازي مع قرض صندوق النقد الدولي. وخيرا اتخذت الحكومة قرارًا مهما بعدم البدء في مشاريع جديدة، واستكمال القائمة بنسبة تجاوزت الـ70%.
-أطلب من الحوار الوطني الاقتصادي وقبل ذلك من الحكومة، أن يكون الاحترام للسوق والعرض والطلب، واذا تم الاتفاق على رؤي بخصوص سعر الصرف، فأن يكون ذلك متماشيا مع الواقع، خصوصا وان الجميع يرى سعرا رسميا للدولار في البنوك وسعرا آخر في السوق الموازي يصل لـ65-67 جنيه للدولار، وهذه الازدواجية هى التي دفعت للانفلات في الأسعار، فباب السيطرة على الأسعار مبدئيا وأساسيًا، هو إنهاء هذه الازداوجية في سعر الصرف.
--الخطوة التي اتخذتها العديد من برامج التوك شو المسائية بالتوقف يوميا أمام أسعار اللحوم والدواجن والمنتجات الغذائية، وسعر الذهب والحديد والاسمنت وباقي المنتجات ومناقشتها ومتابعة تحركاتها، مع المختصين والغرف التجارية والمسؤولين عنها، خطوة جيدة حتى تكون الرؤية واضحة أمام صانع القرار، ودون التهويل والمبالغة من الخارج، ودون النظرة التشاؤمية والتشفي، من قبل منصات خارجية مأجورة، وكما يقول المثل :بيدي لا بيد عمرو"، فنحن أمام أزمة والجميع يتحرك لحلها بشفافية تامة.
-واختم بالتأكيد، أن مصر قادرة ونحن بحاجة لسياسة نقدية صارمة، لا تراعي سوى المصلحة العامة، وأن تنعكس قرارتها بشكل سريع لصالح المواطن، وتوفير احتياجاته وكسر حالة الغلاء ووضع نهاية لها، وهذه ليست من المستحيلات، ولكن بقرارات مدروسة وتحرك من جانب البنك المركزي بقرارات أكبر خلال الفترة المقبلة، ولا يجب التردد أو التأخر أكثر من ذلك في اتخاذ قرارات حاسمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحوار الوطنی الاقتصادی أن یکون
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: مجرد إقتراح بمشروع قانون "للغائب"!!
فى رأى أن أهم النقاط التى تعرض لها البرنامج الانتخابي للرئيس "عبد الفتاح السيسى" وكذلك تكليفات سيادته للحكومة ومجلس النواب بتطوير نظام المحليات وتعزيز صلاحياتها التنفيذية والرقابية ودعم اللامركزية فى أدائها.
هذه النقطة فى النظام الأساسي للدولة تحتاج بالقطع لتصور إبداعى من المشرع المصري يضع فى حساباته أن تكون الإدارة المحلية – إدارة واعية تعتمد على اللامركزية فى اتخاذها لقراراتها حسبما وضعت السياسة العامة للدولة.
وتعتمد فى الأساس على أن المحليات هى أساس وركيزة للتنمية الشاملة للاقتصاد الوطني ككل وأن تأخذ المحليات فى حساباتها ما تمتلكه من أدوات سواء كانت إدارية أو فنيه على ما يخص الوحدة المحلية من ثروات سواء كانت بشرية أو زراعية أو اجتماعية أو جيولوجية.
والإدارة هنا يجب ان تكون إدارة معتمدة على العلم والشورى ( وليس المستشارين ) فيما بين أبنائها أو حتى باستجلاب خبراء محليين أو عالميين لكى تستنهض الهمم وكذلك تدار أصول هذا القطاع ( الإقليم ) إدارة اقتصادية تعمل بمنهج اقتصادي واجتماعي ضمن مخطط إستراتيجى عام للدولة!!
وتصبح فى هذه الحالة موارد الاقليم ونموها هى المقياس الحقيقي لتقدم الإدارة فيما كلفت به من السلطة التنفيذية المركزية ( مجلس الوزراء) !
وهنا يجب الإشارة إلى أن أسلوب اختيار المحافظين منذ ثورة يوليو 1952 اعتمد أساسا على أهل الثقة وفى بعض الاحيان اعتمد على أن المغضوب عليهم من الإدارات العليا يحولوا إلى ما كان يسمى ( جراج الحكومة ) وهو الحكم المحلى !!
وكان يتردد فى هذا العهد بان الحكم المحلى هو ملجأ أيتام الحكومة ومنفى المديرين وكذلك الوزراء !! فوزير الحكم المحلى كان عمدة على مجموعة من العمد الصغار (المحافظين ) الذين يمكثون فى وظائفهم محافظين " على كراسيهم " متلقين كل الأوامر المركزية من الوزراء دون أى فعالية على مندوبيهم بالمحافظة ( مديرين عموم المصالح ) والذين هم بدورهم تابعين للوزراء فى عاصمة المحروسة ! وظلت الأحوال على ما هى عليه إلي ان جاء الرئيس السادات ( رحمه الله) وأخذ بأسلوب أن يكون المحافظ من أهل المحافظة وظهرت مشاكل العصبية والقبلية فى بعض المحافظات إلى أن عاد نظام آخر فى وهو نظام "مكافأة نهاية الخدمة" لكبار المسئولين وأصبحت بعض المحافظات إختصها مستشارين وزارة العدل
( المعاش ) والبعض من الداخلية والبعض من الدفاع والبعض من أساتذة الجامعة ( المتفرغين ) ورؤساء الجامعات السابقين !!
وأفرز هذا النظام. بعض الإدارات ( المحافظون ) الناجحون فى أداء مهامهم ولكن
( بالصدفة)!
وعلى سبيل المثال وليس الحصر اللواء عبد السلام المحجوب واللواء عادل لبيب وغيرهم من القلائل ! كان من حظ المحافظات التى تولوها أن تنال قسط من الذكاء الإدارى.
إلا ان هذا النظام لا يمكن أن يتماشى مع حلم المصريون نحو تطوير الأداء وإنجاز العمل فى جميع مناحى الحياة فى أرجاء المحروسة.
ولعل تأجيل انتخابات المحليات فى بداية عام 2006 لمدة عامين كان من وجهة النظر السياسية للدولة حينذاك هو أن تأتى تلك الانتخابات أو أى نظام أخر بعد التعديل الدستوري وخروج قانون جديد للمحليات يضمن بدستورية عدم الوقوع فى نفس النظم القديمة التى مارستها الحكومة فى إدارة شئون أقاليم البلاد
وأجد أن من حقى أن أحلم ويحلم غيرى من المصريين أن نرى !
أن مصر قد قسمت إلى مجوعة من الأقاليم تعتمد على التقسيم العرضى للبلاد والتى فى دراسات سابقة تقدمنا بها من خلال كتابات وحوار مجتمعى فى مجالات عديدة.
يعتمد كل أقليم على ما يحتوى من ثروة بشرية وثروة طبيعية وكذلك مايمكن أن يضاف إلى هذه الثروة من قيمة مضافة ( كالمصانع والخدمات ) !
نحلم بأن نرى مديرى أقاليم يتولوا مواقعهم الوظيفية عن طريق الأعلان المباشر مع توصيف للتكليفات المكلفين بها وجدول زمنى للتنفيذ ويمكن أن يكون ذلك عن طريق لجنة قومية برئاسة رئيس مجلس الوزراء أو من ينيبه.
نحلم بأن يكون مديرى الأقاليم من ذوى الخبرة الإدارية المحترمة ومن مالكى أدوات الإدارة المعاصرة ويساعدهم فى ذلك مديرى أمن وأمناء للأحزاب السياسية قادرين على دفع الحياة بالأجنحة
( الأقتصادية، السياسية والإجتماعية ) بنجاح وتوافق كامل مع خطة الدولة.
نحلم بأن يعتمد كل أقليم على مواردة الذاتية وأن يصب فائضة على الناتج القومى الإجمالي للدولة.
نحلم بجامعات أقليمية متميزة تتبع الإدارة المحلية الجديدة وتغير من مناهجها
وعلومها بما يتوافق مع سوق العمل فى الأقليم وبالتالى تصبح وزارة التعليم العالى ( فى غير محلها ) أى إلغائها حيث لا فائدة من وجودها اليوم أو الغد -فى ظل اللامركزية للأدارة المحلية..!!
نحلم بنظام ديمقراطى فى الأقاليم لتصعيد كوادر سياسية محترمة تقوم على إدارة شئون الأقليم ويكون ذلك هو المطبخ الرئيسى لتغذية الإدارة المركزية بالكوادر البشرية المطلوبة.
نحلم بتوسع النشاط الحزبى والنزول إلى الشارع المصرى وأنجاز مطالب الشعب فى الأقاليم والربط بين اللجان والأمانات المركزية والفرعية فى أقاليم المحروسة كل هذا يتأتى من خلال حس قومى ناجح يعمل فيه الجميع كفريق واحد، تتكامل فيه الأقاليم الإقتصادية وتعمل على النمو المستدام فى الدولة المصرية وللحديث بقية...