مراقبون: الوجود العسكري الاماراتي في الصومال ساما
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
وعمدت الإمارات إلى توقيع اتفاقيات دبلوماسية وتجارية في عام 2013م، سمحت تدريجياً بالنفوذ السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والوجود العسكري لأبوظبي في مشهد الصومال السياسي خلال العقد اللاحق بحسب موقع (الامارات 71) المعارض.
ويرى المراقبون أن أبوظبي تريد أن تصبح قواتها المسلحة مثل شركة أمنية تقوم بحراسة مشاريع الاستثمار التابعة لعائلات في شرق أفريقيا.
فالقواعد العسكرية في الصومال -كما موانئها- تريد أن تكون محوراً وقاعدة رئيسية لتوسع هذه الكارتلات التجارية؛ إذ تشمل الاستثمارات أثيوبيا ذات 100 مليون نسمة، وانغولا، وأوغندا، وكينيا وارتيريا وتنزانيا. إلى جانب استخدام القوة العسكرية للنفوذ ومساندة الاستثمارات في السنغال والكونغو وحتى موزمبيق وانغولا.
لذلك فعلى عكس الإعلانات الرسمية، فإن أبوظبي تستثمر عسكرياً في الصومال في عدة أنواع، لا يبدو أن أياً منها يركز على الاستقرار أو بناء الدولة بل تخدم المصالح التجارية للعائلات والأفراد، من ذلك:
قوات أمن بونتلاند: تم إنشاء هذه القوات لحماية المناطق التي يتم فيها استخراج المعادن والنفط وتستثمر فيها الإمارات. وفي نوفمبر 2022 دفعت أبوظبي بعشرات الجنود والمعدات إلى القاعدة العسكرية (PMPF) في هذا الإقليم. ويقدر عددهم بنحو 180 جندياً وضابطاً إماراتياً، بما في ذلك الموجودون في القاعدة العسكرية في “علولا”.
وأشار المراقبون الى ان قاعدة الجنرال جوردون العسكرية الاماراتية في مقديشو، وهي موطن للجيش الإماراتي، الذي يقوم بتدريب مجندين جدد للقوات المسلحة الصومالية بناءً على ضمانات من مسؤولين وزعماء عشائر. وهدفها الأساسي حماية المصالح التجارية في الصومال ودول شرق أفريقيا.
وواجهت القواعد العسكرية الإماراتية في الصومال اتهامات بانتهاك قرارات الأمم المتحدة لحظر الأسلحة على الصومال، وأنَّ إنشاء القواعد العسكرية في أرض الصومال وبنتلاند “وما ينطوي عليه من نقل الأعتدة العسكرية إلى الإقليم، انتهاك لحظر توريد الأسلحة المفروض على الصومال”، حسب تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة 2017 و2018.
وينظر كثير من الأفارقة والمراقبين الغربيين إلى أن الوجود الإماراتي في الصومال يعتبر وجوداً ساماً، ففي حين تتمتع الإمارات بحضور قوي بشكل عام في القرن الأفريقي، إلا أنها لم تتمتع بعلاقات إيجابية مع مقديشو.
وتقوم أبو ظبي بترسيخ الانقسام الصومالي بدعم الانفصاليين وبقاء حالة الانفلات الأمني، فمعظم مناطق الشمال تحت سيطرة حركة الشباب (تنظيم القاعدة) أو ميليشيات عشائرية، في وقت تكافح مقديشو في حلّ المشكلات مع الأقاليم الأخرى لحماية سيادة ووحدة البلاد.
ويبدو في حقيقة الأمر أن إرسال عسكريين اماراتيين إلى الصومال لحماية استثمارات العائلات التجارية أو من أجل استعراض القوة سام أيضاً لجنود الإمارات.
إذ يمكن لهذه المؤسسات التجارية أن تستأجر شركات أمنية لحماية نفسها ونفوذها وتكتفي الدولة بالضغط الدبلوماسي والسياسي كما تفعل دول الخليج الأخرى، وتحقيق نتائج إيجابية بدلاً من إثارة غضب الجميع ما يعرض الجنود الدولة للخطر وسمعتها السياسية والتجارية للس
ولجأ ت أبوظبي للتأثير وسط هذا الترابط المعقد واستغلاله من أجل مصالح وخطط استراتيجية في الصومال الذي يملك خطاً ساحلياً بأكثر من 3000 كم، يواجه خليج عدن، قرب مضيق باب المندب ذو الأهمية الاستراتيجية العالمية، ما يجعل الصومال أحد أهم الشرايين التجارية للتجارة البحرية العالمية في العالم.
وصعد التوتر إلى السطح في عام 2018 عندما احتجزت السلطات الصومالية طائرة مدنية إماراتية واستولت على 9.6 مليون دولار كانت على متنها، مع 47 فرداً من القوات الإماراتية.
وقال الصوماليون وقتها إن الأموال هدفها “تحريض الأقاليم الصومالية على الضغط على حكومة مقديشيو ودعم ميليشيات مسلحة”، فيما قالت الإمارات إنها كانت رواتب المجندين الصوماليين.
ويثير الفصل الجديد من التعاون العسكري الإماراتي إلى جانب مقتل وإصابة جنودنا في الصومال تساؤلات حول: ما الذي تستثمره الإمارات عسكرياً في بلد ما يزال في حالة عدم استقرار، ومعارك تندلع بين العشائر إلى جانب هجمات ومعارك حركة الشباب الصومالية ضد الحكومة.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: فی الصومال
إقرأ أيضاً:
دروس الفشل العسكري الأمريكي
شهدت السياسة الأمريكية تحولاً لافتاً في تعاملها مع ملف الأزمة اليمنية. فبعد سنوات من الاعتماد بشكل كبير على التواصل والتعاون مع دول إقليمية في إدارة هذا الملف المعقد، تتجه واشنطن اليوم نحو التفاوض المباشر مع “أنصار الله”. هذا التحول، الذي يعكس اعترافاً ضمنياً بقوة الأمر الواقع التي فرضها “أنصار الله” على الأرض، يسلط الضوء على دروس قاسية من الفشل العسكري الأمريكي، ويحمل في طياته خسائر فادحة لما يسمى بـ “الشرعية”.
إن قرار الولايات المتحدة بالجلوس مباشرة مع “أنصار الله” لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكم لتحديات وعوامل عديدة أفشلت المساعي السابقة، وعقدت الحملة العسكرية التي استهدفت الحركة. ومن اللافت للنظر أن هذا التفاوض المباشر يجري مع جماعة تصنفها الولايات المتحدة نفسها حالياً كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO). هذه الحقيقة تجعل من التحول في النهج الأمريكي أكثر دلالة، وتشير إلى مدى الإدراك الأمريكي بضرورة التعامل مع القوة المهيمنة على الأرض بغض النظر عن التصنيفات الرسمية.
فمنذ البداية، اصطدمت واشنطن بحقيقة دامغة تتمثل في سيطرة “أنصار الله” الفعلية على مناطق واسعة ومكتظة بالسكان في اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء وميناء الحديدة الاستراتيجي. هذه السيطرة جعلت من أي محاولة لتجاوز الحركة في البحث عن حلول أو تهدئة للأوضاع أمراً غير واقعي، بل وعقيماً.
علاوة على ذلك، أثبتت “أنصار الله” أنها قوة متجذرة بعمق في النسيج اليمني، تمتلك معرفة تفصيلية بالتضاريس المحلية، وولاءات قبلية واجتماعية يصعب اختراقها. طبيعة اليمن الوعرة نفسها شكلت تحدياً إضافياً، حيث يصعب تحديد وتدمير مواقع الحركة في الجبال والوديان المترامية الأطراف. وقد تفاقم هذا التحدي بسبب محدودية قدرة الولايات المتحدة على جمع معلومات استخباراتية دقيقة حول هذه المواقع، مما أعاق أي عمليات برية محتملة.
ولم تقتصر التحديات على الجغرافيا والانتشار، بل امتدت لتشمل القدرات العسكرية المتطورة التي يمتلكها “أنصار الله”. فقد كشفت الحركة عن ترسانة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى، وامتلاكها لصواريخ فرط صوتية، وطائرات مسيرة حديثة أظهرت قدرة على اختراق المنظومات الدفاعية الأمريكية والإسرائيلية. هذه القدرات مكنت “أنصار الله” من شن هجمات مؤثرة على أهداف بعيدة، ابتداءً من منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ثم المواجهة المباشرة مع حاملات الطائرات الأمريكية وتحقيق إصابات مباشرة، وكذلك تحقيق ضربات مباشرة لكيان الاحتلال في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآخرها استهداف مطار اللد المسمى إسرائيلياً “بن غوريون” وصولاً إلى اتخاذ قرار بفرض حصار جوي شامل على الكيان بالتزامن مع قرار العقوبات الذي اتخذته صنعاء ضد عدد من الشركات الأمريكية، مما أجبر الولايات المتحدة على إعادة تقييم استراتيجيتها.
إن قدرة “أنصار الله” على التكيف مع الضربات الأمريكية واستمرار عملياتها النوعية، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تكبدتها الولايات المتحدة، بما في ذلك إسقاط عدد كبير من الطائرات المسيرة باهظة الثمن وخسارة 3 طائرات مقاتلة من طراز F18، كلها مؤشرات على فشل الرهان على الحل العسكري.
لكن هذا التحول في السياسة الأمريكية يحمل في طياته ثمناً باهظاً لما يسمى بـ “الحكومة اليمنية الشرعية”، التي كانت تُعد الشريك الأساسي لواشنطن في إدارة الملف اليمني. فالتفاوض المباشر مع “أنصار الله”، وهي حركة مصنفة إرهابياً من قبل الولايات المتحدة ولم تحظَ بالاعتراف الدولي الذي تتمتع به الحكومة المدعومة من الرياض، يمثل تآكلاً لمكانة “الشرعية” وتقويضاً لادعاءاتها بتمثيل الشعب اليمني.
هذا التحول يرسل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة باتت تتعامل مع القوة الفعلية على الأرض، بغض النظر عن الشرعية الدولية أو حتى تصنيفاتها الخاصة. إنه اعتراف ضمني بأن “الحكومة الشرعية” لم تعد قادرة على تحقيق أهداف واشنطن في اليمن، سواء كانت تلك الأهداف تتعلق بمكافحة الإرهاب أو استقرار المنطقة.
في الختام، يمكن القول إن قرار الولايات المتحدة بالتفاوض المباشر مع “أنصار الله” هو بمثابة شهادة على فشل الاستراتيجيات السابقة، وعلى قوة وصلابة “أنصار الله” كطرف لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مستقبلية لليمن. وبينما قد يفتح هذا التحول آفاقاً جديدة نحو تهدئة الصراع، فإنه في الوقت نفسه يمثل خسارة كبيرة لما يسمى “الحكومة الشرعية” التي وجدت نفسها مهمشة في معادلة إقليمية ودولية جديدة تفرضها حقائق القوة على الأرض. إن دروس الفشل العسكري الأمريكي في اليمن ستظل ماثلة للأذهان، مؤكدة على أن الحلول السياسية الشاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في هذا البلد المنكوب.