يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، زيارة رسمية إلى مصر لأول مرة منذ 12 عام من القطيعة بين البلدين عقب الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي على الرئيس الراحل محمد مرسي، وانتهى به في سدة الحكم لثلاث ولايات على التوالي.

وتأتي زيارة أردوغان إلى القاهرة عقب جهود حثيثة بذلها الجانبان على مدى الأعوام الثلاث الماضية من أجل تجاوز الخلافات، التي تصاعدت في العديد من ملفات، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين، وشرق المتوسط، وجنوب قبرص، وليبيا.



وكان الحاجز الفارق بين البلدين بدأ في الانصهار بشكل ملحوظ عقب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا مطلع العام الماضي، حيث أسفر الحدث عن زيارة متبادلة على مستوى وزراء الخارجية، بالتوازي مع استمرار عمل اللجان الاستكشافية، التي سعت إلى تحديد نقاط الخلاف في أبرز الملفات العالقة لتجاوزها.

وقبل ذلك، كانت المصافحة الشهيرة بين أردوغان والسيسي في قطر على هامش افتتاح نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022، والتي عدت بمثابة إعلان انتهاء عقد كامل من القطيعة والخلاف الذي وصل إلى حد "العداء".

وفي تموز /يوليو 2023، اتخذ البلدان قرار رفع مستوى العلاقات بينهما مجددا إلى مستوى السفراء، فيما كان يتم التخطيط إلى زيارة الرئيس التركي قبل أن تندلع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر من العام ذاته.



وأعقب ذلك، لقاء ثان جمع أردوغان والسيسي في شهر أيلول /سبتمبر الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين التي احتضنها العاصمة الهندية نيودلهي، كما التقيا مجددا في تشرين الثاني /نوفمبر خلال مشاركتهما في القمة المشتركة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في العاصمة السعودية الرياض، التي بحث العدوان الإسرائيلي على غزة.

وقبل أيام، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موافقة بلاده على  تسليم مسيرات قتالية لمصر، موضحا أن "عملية التطبيع اكتملت بشكل كبير، وأن العلاقات (بين البلدين) مهمة للأمن والتجارة في المنطقة".

وشدد فيدان خلال حديثه إلى قناة محلية، على أهمية العلاقات بين بلاده ومصر، قائلا: "يجب أن تربطنا علاقات جدية بمصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط".

فرص التعاون وحل الملفات العالقة
يشير الباحث التركي ميته سعاد أوغلو، إلى أن "زيارة أردوغان إلى مصر تتيح فرصا جديدة للتعاون والشراكات الاستراتيجية في منطقة البحر الأبيض المتوسط"، موضحا أنه "من المتوقع أن يتطور هذا التقارب بالتناغم مع الآلية الثلاثية القائمة مع جنوب قبرص واليونان وأن يقدم مساهمات كبيرة لسياسات تركيا في البحر الأبيض المتوسط".

ويقول في مقال نشر في موقع "فوكيس بلس" التركي، إن الزيارة ستؤدي أيضا إلى عودة التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر وتركيا، والتي تم تعليقها منذ عام 2011، ويضيف أن ملف التعاون في مجال الصناعة الدفاعية سيبرز خلال الزيارة، وذلك بعدما أبدت مصر اهتماما كبيرا عدد من المنتجات الدفاعية المتقدمة، بما في ذلك الذخائر الذكية الصغيرة مثل صاروخ TRLG-230، وMAM-C، وMAM-L، ونظام الصواريخ المضادة للدبابات بعيد المدى الموجه بالليزر MAM-T، حسب الباحث التركي.

ويوضح أن "تنامي الاهتمام المصري بالصناعة الدفاعية التركية، يأتي بالتزامن مع الصراع المتواصل بين حركة حماس وإسرائيل، الأمر الذي شجع القاهرة على التعجيل في زيادة تسليحها، لاسيما فيما يتعلق بالقوات الجوية"، على حد قوله.


يأتي ذلك بعدما كشف فيدان عن خطوة متقدمة في ملف التعاون العسكري، عبر إعلانه عن موافقة أنقرة عن تزويد القاهرة بطائرات مسيرة، في وقت لم يصدر فيه الجانب المصري أي تعليق رسمي بشأن توريد الطائرات التركية.

ويرى الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، أن أنقرة استبقت زيارة أردوغان بالإعلان عن اتفاق مع القاهرة لتزويدها بطائرات مسيرة تركية والتعاون المشترك في المجالات الدفاعية، وهو ما يشير إلى أن البلدين لا يسعيان فحسب إلى تجاوز آثار الأزمة بشكل سريع، بل يطمحان إلى وضع خارطة طريق لتطوير العلاقات الجديدة إلى ما هو أبعد من استعادتها بشكل طبيعي.

ويوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن زيارة أردوغان التي تعد الأولى من نوعها في عهد السيسي "ستتوج الحقبة الجديدة في العلاقات التركية المصرية بعد المصالحة"، مضيفا أنه: "على مستوى دبلوماسية القادة، فإن الزيارة ستُدشن فعليا هذه الدبلوماسية بين أردوغان والسيسي".

ويتابع أن "هذا العامل سيُساعد البلدين في تعظيم قدرتهما على التعافي السريع من آثار الأزمة وجعل دبلوماسية القادة محورية في إدارة ديناميكيات العلاقات الجديدة".

وحول إمكانية أن تنهي الزيارة التركية إلى مصر كافة الخلافات بين البلدين، يشير علوش إلى أن "إزالة عقبة ملف جماعة الإخوان المسلمين من أجندة العلاقات التركية المصرية لا تعني أن القضايا الخلافية بين تركيا ومصر انتهت جميعها".

ويشدد على أن الصراع في ليبيا لا يزال يُشكل إحدى العقبات الأساسية على الرغم من أن البلدين ظهرا في السنوات الأخيرة أكثر ميلا للتعاون ومحاولة مواءمة مصالحهما في ليبيا، مؤكدا أن التنافس الجيوسياسي في شرق البحر المتوسط لا يزال قائماً أيضا.

ويستدرك علوش بالقول إن "المصالحة تساعد البلدين رغم ذلك على إدارة خلافاتهما في هذه القضايا والتوصل إلى حلول مشترك لها".

من جهة أخرى، يرى الباحث التركي سعاد أوغلو أنه فبينما تحاول تركيا ربط الملفات في المنطقة، تريد مصر الانتهاء من الملفات العالقة واحدا تلو الآخر، ليكون ذلك اختبارا للجدية والاستمرارية والتغيير. ولذلك فإن انتقال العلاقات إلى مرحلة أخرى سيشهد تصفية أزمة العلاقات في الملفات التفاوضية المتعددة.

ويشير إلى أن الجانب التركي يتحرك حاليا تجاه مصر برؤية أكثر واقعية من أجل التوصل إلى حل لبعض الملفات وترك بعض الملفات خلفه، لافتا إلى أن "هذا هو النموذج الذي تتبعه أنقرة في علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة".

ووفقا للباحث ذاته، فإن هذا النموذج يتيح للجانبين المصري والتركي إيجاد حلول لبعض الأزمات وترك بعضها الآخر في ملفات خاصة.

غزة تفرض نفسها على ملفات الزيارة
تأتي زيارة الرئيس التركي إلى مصر في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدا متسارعا في التوترات على خلفية تواصل العدوان الوحشي على قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي، وتحول ثقل آلة الحرب الإسرائيلية إلى مدينة رفح الحدودية، وهو ما يشكل ضغطا على مصر وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة في حال وسعت "إسرائيل" عدوانها البري ليشمل المدينة التي تستضيف أكثر من نصف سكان القطاع المحاصر.

ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.9 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء.


وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 28 ألف شهيد، وعدد الجرحى إلى حوال الـ 68 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة بغزة.

إلى ذلك، يرى علوش أن زيارة الرئيس التركي إلى مصر، كان يجري التحضير لها منذ العام الماضي، لكن الحرب على غزة تفرض نفسها اليوم على هذه الزيارة، موضحا أن لدى القاهرة وأنقرة موقف موحد فيما يتعلق بالحرب وأي تعاون بينهما يعطي زخما إضافيا لجهود إنهائها.

من جهته، يشدد الباحث في العلاقات الدولية، مهند حافظ أوغلو، على أن الزيارة التركية في غاية الأهمية والخطورة في الوقت ذاته، بسبب تصاعد حدة الصراع في غزة، مشيرا إلى الحدود المشتركة بين الجانب المصري والقطاع المحاصر والقصف الإسرائيلي العنيف الذي شهدته مدينة رفح الحدودية، الاثنين الماضي.

وقال الرئيس التركي قبل مغادرته تركيا إلى الإمارات التي سيتوجه منها إلى مصر، إن "الهجمات الإسرائيلية المتزايدة على غزة ستكون على رأس جدول أعماله خلال زيارته لكلا البلدين"، وشدد على أن اللقاءات المقرر إجراؤها في مصر "ستنظر فيما يمكننا القيام به أكثر من أجل أشقائنا في غزة".

ويشير حافظ أوغلو في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الزيارة تحمل دلالة واضحة بأن تركيا تهدف لقطف الثمار وليس تسجيل النقاط، وهو ما تدركه القاهرة تماما، ويدفع المسؤولين المصريين للحرص على عدم وجود أي تصعيد إعلامي لأن هناك وعي تام لخطورة المرحلة".

ملفات أمنية بثوب سياسي
يرى حافظ أوغلو، أن السياق الذي تأتي فيه الزيارة يؤكد أن الملف الأهم فيها هو البعد الأمني وليس البعد السياسي، معتبرا أن ذهاب أردوغان لمصر "لا يعني أننا نتحدث عن ملفات سياسية بالمطلق بل هي ملفات أمنية تأتي بثوب سياسي على خلفية الأوضاع المشتعلة بالمنطقة".

ويضيف الباحث في حديثه لـ"عربي21"، أن "الملف الثاني على أجندة الزيارة هو ملف الطائرات المسيرة التركية المقرر بيعها لمصر، وهو ما يحتم، من حيث التسويق، على الرئيس التركي أن يذهب إلى مصر ليدلل على أهمية هذه المسيرات"، مرجحا "وجود وفد فني مرافق في ظل وجود جوانب تقنية عسكرية لا يطلع عليها إلا العسكريون المختصون، لذلك تأتي زيارة أردوغان في هذين الإطارين الأمني ثم العسكري".

وكانت وكالة الأناضول، أشارت إلى أن الوفد المرافق للرئيس التركي، يضم وزراء الخارجية هاكان فيدان، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، والخزانة والمالية محمد شيمشك، والدفاع يشار غولر، والصحة فخر الدين قوجة، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، والتجارة عمر بولات.

وحول الملفات الاقتصادية، يوضح حافظ أوغلو أن الملف التجاري يفرض نفسه في الزيارة وإن لم يكن بدرجة الملفين الأمني والعسكري، لافتا إلى وجود طموح في أن يكون هناك قفزة نوعية في التبادل التجاري بين البلدين.


وفي الإطار العام، يشدد الباحث على أن المنطقة اليوم على حافة الهاوية، وهو ما يستوجب على دول المنطقة التعاون فيما بينها لتشكيل نواة أساسية بين الدول الخليجية ومصر وتركيا لإيجاد رؤية متكاملة للسيناريوهات المتوقع أن تواجه المنطقة في قابل الأيام، منوها إلى أن "نار الخلافات لأن الزيت أُبدل بماء التفاهمات الإقليمية العامة أكثر من التفاهمات الثنائية".

من جهة أخرى، يقول علوش في حديثه لـ"عربي21"، إن الوضع الجديد في العلاقات التركية المصرية سيحتاج بعض الوقت كي يثمر بقوة، لأن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الثقة واختبار النوايا.

ويضيف أنه "لن يكون من السهل تحقيق نتائج فورية. يمكن أن نتوقع زخما سريعا للعلاقات الاقتصادية والتجارية"، موضحا أن "مجال الطاقة يبرز هنا كأحد أهم الجوانب التي يُمكن أن تنتعش في ظل الوضع الجديد".

مع ذلك، يرى علوش أن "هذا المجال سيبقى يواجه عقبات جيوسياسية بالنظر إلى طبيعة العلاقات التي تنسجها كل من القاهرة وأنقرة مع الفاعلين الآخرين في شرق البحر المتوسط مثل إسرائيل واليونان وقبرص الجنوبية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أردوغان مصر السيسي تركيا الإمارات مصر السيسي تركيا أردوغان الإمارات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الملفات العالقة الرئیس الترکی زیارة أردوغان بین البلدین فی حدیثه لـ موضحا أن قطاع غزة أکثر من إلى مصر على أن إلى أن من أجل وهو ما

إقرأ أيضاً:

زيارة لودريان إلى بيروت بلا نتائج عمليّة.. عودة إلى المراوحة ؟!

خلافًا لما قيل قبل بدئها، لجهة كونها مختلفة عن سابقاتها، وأنّها ستفضي إلى تغييرات عمليّة على الأرض، استكمالاً لما بدأه سفراء "الخماسية" الذين أنهوا جولتهم على الكتل السياسية الكبرى قبل أيام، ورسموا ما عُدّت "خريطة طريق" لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، مرّت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت مرور الكرام، بل إنّ "وهجها" بدا برأي كثيرين أقلّ بأشواط ربما من الزيارات الخمس السابقة.
 
فبعيدًا عن تحذير موفد الرئيس إيمانويل ماكرون من التبعات السلبيّة لاستمرار الأزمة الرئاسية، والتنبيه من مخاطر إطالة أمدها على الواقع العام، بل على مصير لبنان بصيغته الحالية بالمطلق، كما نقل عنه بعض من التقاهم، لم تحقّق الزيارة أي "خرق يُذكَر"، ولا سيما أنّ الرجل لم يحمل معه أيّ طروحات جديدة، ولا حتى "آليات تنفيذية" لبيان سفراء "الخماسية" الأخير، علمًا أنّ هناك من يلمّح إلى أنّ لودريان لا يمثّل بالضرورة كلّ أعضاء "الخماسية".
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يرى أنّ وصف "استطلاعية" قد لا ينطبق على زيارة لودريان السادسة، ولا سيما أنّ الرجل بات "خبيرًا" بمواقف الأفرقاء التي لم تتغيّر، وبالتالي فمن الصعب القول إنّه جاء "مستطلعًا"، أو حتى "يجسّ النبص"، وهو ما دفع كثيرين لطرح السؤال الذي لم تُجِب الزيارة عنه: لماذا جاء لودريان إلى بيروت في هذا التوقيت؟ وفي أيّ سياق يمكن وضع زيارته، طالما أنّ "الخرق" لم يكن على "أجندة" الدبلوماسي الفرنسي؟
 
مراوحة كاملة
 
باستثناء رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي "قاطع" زيارة لودريان، بداعي السفر، الذي بدا لكثيرين مجرّد "ذريعة" لتوجيه رسالة "سلبية" إلى المبعوث الفرنسي، بعد "صدام" الزيارة الأخيرة، التقى الرجل خلال زيارته "القصيرة" إلى بيروت، معظم الكتل السياسية، حيث استمع منها إلى الأفكار نفسها التي كان قد سمعها في السابق، وكرّر أمامها الهواجس نفسها التي عبّر عنها سابقًا في ما يتعلق بمخاطر الأزمة على البلد.
 
في النتيجة، يقول العارفون إنّ ما كرّسته الزيارة بشكل أو بآخر، بمختلف لقاءاتها، هو تثبيت المراوحة الكاملة في مقاربة الملف الرئاسي، وهو ما تجلّى في المواقف التي أطلقها الأفرقاء بعد لقاء الموفد الفرنسي، والتي لم تحمل عمليًا أيّ جديد عن السابق، على الرغم من مرور أشهر على آخر زيارات لودريان، لدرجة أنّ استبدال رئيس مجلس النواب نبيه بري كلمة "الحوار" بـ"التشاور" بدا "التقدّم الأقصى" الذي أمكن تحقيقه، واستحقّ الإشادة.
 
وإذا كان هناك من نسب للودريان الدعوة إلى تبنّي "الخيار الثالث"، وبالتالي مطالبة المرشحَين اللذين تنافسا في آخر جلسات الانتخاب، أي سليمان فرنجية وجهاد أزعور، بالانسحاب من المعركة، فإنّ الإجابة أتته من فرنجية نفسه، الذي أكّد تمسّكه بحقّه المشروع في خوض السباق، ولا سيما أنّ حظوظه لا تزال الأعلى نسبيًا، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ فرنجية تعمّد إجراء مقابلته التلفزيونية عشيّة الزيارة، لإيصال رسائل واضحة إلى المعنيّين.
 
لماذا جاء لودريان؟
 
هكذا، انتهت زيارة لودريان كما بدأت، من دون أن تحقّق أيّ نتيجة تُذكَر، أو حتى تفتح بابًا للحلّ، أو ربما نافذة، بل إنّ هناك من يعتبر أنّ الزيارة جاءت لتعقّد الأمور أكثر، بعدما كانت الانطباعات قبلها أكثر إيجابية، خصوصًا بعد بيان سفراء "الخماسية" الأخير، الذي أوحى بأنّ شيئًا ما يُطبَخ ويمكن أن يفضي إلى تقدّم ما، اعتقد كثيرون أنّ لودريان سيتكفّل بـ"ترجمته" بصورة واضحة، وهو ما لم يحصل بعد زيارته السريعة.
 
وإذا كان سؤال "لماذا جاء لودريان إلى بيروت؟" بقي بلا إجابة وافية وشافية بعد عودته إلى بلاده، فإنّ بين الإجابات التي كثُر تداولها، يبقى ما قيل عن أنّ الزيارة تأتي تحضيرًا للقمّة المرتقبة خلال أيام في باريس بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يزور باريس بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، وهي قمّة يُرجَّح أن يحضر الملف اللبناني على أجندته، بشقّيه الأمني الجنوبي والسياسي الرئاسي.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ زيارة لودريان لم تهدف أصلاً إلى تحقيق خرق، ولو أنّه أرجأها لخمسة أشهر كاملة، حتى يضمن نجاحها، بقدر ما أراد منها إنجاز التقرير الذي سيقدّمه لماكرون، قبل لقائه مع بايدن، في ظلّ "رهانات" على إمكانية أن يفضي التنسيق الأميركي الفرنسي الرئاسي، معطوفًا على تنسيق باريس مع سائر دول "الخماسية" بما فيها المملكة العربية السعودية، إلى ما يمكن البناء عليه لإحداث الخرق الذي طال انتظاره.
 
قد يكون من المثير للدهشة كيف انتقلت "الرهانات" قبل أيام، من حراك "سفراء الخماسية" إلى زيارة جان إيف لودريان، لتنتقل من جديد مع انتهائها على "فراغ" إلى قمّة ماكرون وبايدن المنتظرة في غضون أيام، قمّة يعرف اللبنانيون سلفًا أنّها لن تحلّ لهم أزمتهم، ولن تنتخب لهم رئيسًا، إذا لم يبادروا بأنفسهم لتحمّل مسؤولياتهم، حتى بعد تنبيه لورديان بأنّ وجود لبنان السياسي نفسه "أصبح بخطر"! المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أردوغان: "نتنياهو" همجي متعطش للدماء يجر العالم لكارثة
  • تعيين سفيراً تركيا جديداً في العراق
  • 18 دائرة ومؤسسة بالشارقة تبدأ زيارة للصين اليوم
  • 18 جهة حكومية بالشارقة تبدأ زيارة للصين غداً
  • أردوغان: تركيا مستعدة لدعم حوار لضمان الوحدة من خلال الحفاظ على شرعية “حكومة الوحدة الوطنية”
  • زيارة لودريان إلى بيروت بلا نتائج عمليّة.. عودة إلى المراوحة ؟!
  • أردوغان والنفط العراقي: لعبة الشطرنج على رقعة ميناء جيهان
  • أردوغان يلتقي الدبيبة في أنقرة
  • ماذا وراء دعوة حليف أردوغان النظام السوري لعملية ضد العمال الكردستاني؟
  • ما وراء دعوة بهتشلي حليف أردوغان النظام السوري إلى عملية ضد العمال الكردستاني؟