الرئيس الروسي يصدر قانونا لمصادرة أصول منتقدي الجيش
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أصدر فلاديمير بوتين الأربعاء قانونا يهدف إلى مصادرة أموال وممتلكات أشخاص مدانين بنشر “معلومات كاذبة” عن الجيش الروسي، في مثال جديد على القمع الذي يستهدف منتقدي الغزو الروسي لأوكرانيا بعد عامين من بدايته.
صنفت موسكو الانتقادات الموجهة إلى الجيش على أنها مخالفة للقانون بعد وقت قصير من شن هجومها على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022.
وجرى التصويت على النص الجديد الذي اعتمد نهاية كانون الثاني/يناير في مجلس الدوما، ثم مطلع شباط في مجلس الاتحاد.
ونشرت السلطات الروسية الأربعاء المرسوم الرئاسي الذي وقعه فلاديمير بوتين.
وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن هذا القانون الجديد لا يمكن مقارنته “بتاتا” بالقوانين التي كانت سارية خلال الحقبة السوفياتية.
وأضاف لوسائل إعلام “ستتاح لنا الفرصة لتقييم تطبيق القانون. لكننا نعتبر أن المخاوف التي أعرب عنها بشكل مسبق لا أساس لها”.
وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين لدى تقديم هذا النص للنواب إن هذا القانون “يتعلق بالفاسدين” مشيرا إلى أن “هذا القرار سيسمح بمعاقبة من يعمل ضد وطنه (…) ومصادرة ممتلكاته وأمواله”.
في الواقع، لا ينص القانون بوضوح على مصادرة كل ممتلكات الشخص المدان بل تلك “المستخدمة أو المخصصة” لتمويل النشاطات “الإجرامية”، وهي مصطلحات مبهمة.
وبموجب النص، يُسمح للقضاء بسحب كل الأوسمة الفخرية من المدانين بالترويج لـ “معلومات كاذبة”.
واقرت موسكو قانونا عند بدء النزاع في أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، يعاقب على انتقاد الجيش. ويقضي بند في هذا القانون بفرض عقوبة السجن لمدة أقصاها 15 عاما على المدانين بتهمة نشر “معلومات كاذبة” عن الجيش الروسي.
المصدر أ ف ب الوسومأوكرانيا روسياالمصدر: كويت نيوز
إقرأ أيضاً:
الأدب الرقمي.. تجربة تفاعلية تتجاوز النص
علي عبد الرحمن
أخبار ذات صلةفي مشهد تتلألأ فيه الأضواء الرقمية، وتنساب فيه المعلومات كأنهار متدفقة، يخوض الأدب غمار تحول جذري، مغادراً عالم الورق والحبر إلى أفق رقمي يتراقص فيه النص على أنغام التكنولوجيا الرقمية، هذه المرحلة الجديدة، التي تجمع بين الخيال والتقنية، تعيد تشكيل تجربتنا الثقافية وتفتح أمامنا أبواباً جديدة للتفكر والتأمل في تأثير التكنولوجيا على السرد الأدبي.
الأدب الرقمي يتجاوز استخدام الأدوات الرقمية كوسائل لكتابة النصوص، ليعيد تشكيل كيفية تقديمها وتجربتها، تلك الظاهرة ليست مجرد دمج للحروف بالآلات، بل تعكس تحولات فلسفية عميقة حول الذات والوجود في عصر المعلومات المتسارع تحت مظلة «الوجود الرقمي»، كما يثير تساؤلات عميقة حول الهوية والواقع في عالم يزداد تطوراً، والتكنولوجيا هنا لا تقوم فقط بصياغة النصوص، بل تعيد تشكيل تجربتنا كقراء، حيث توفر تجربة قراءة فريدة، يتفاعل خلالها القارئ بشكل مباشر مع المحتوى، ما يعزز من دوره كفاعل في السرد، ليعيد هذا التفاعل تعريف العلاقة بين القارئ والنص في إطار رقمي متغير، يجعله شريكاً في عملية الإبداع.
ويتجاوز القارئ دوره التقليدي كمستقبل للنص، ليصبح عنصراً أساسياً في التفاعل، وتعكس فلسفة التفاعل الديناميكي في الأدب الرقمي، كيفية أن القارئ لا يكتفي بمراقبة الأحداث، بل يشارك بفعالية في تشكيل مسار القصة وتوجيهها، على سبيل المثال، تقدم رواية «الخطوات التسع والثلاثون» لجون بوكان، التي طورتها مجموعة من المطورين، نموذجاً بارزاً لتجربة القارئ التفاعلي، كما يكتشف أجزاء متعددة من مدينة افتراضية، ويؤثر في مجريات القصة من خلال اختياراته، مما يخلق تجربة غامرة ومؤثرة.
هذه الديناميكية تعيد صياغة مفهوم الوجود الأدبي، حيث يصبح القارئ شريكاً نشطاً في بناء النصوص وتطويرها، فيما تأخذ رواية «تاريخ موجز البشرية»، للكاتب يووال نوح هراري، هذا المفهوم إلى آفاق جديدة، حيث تدمج بين السرد والوسائط المتعددة لتقديم تجربة قراءة تفاعلية غنية، من خلال التفاعل مع العناصر التفاعلية والنصوص الرقمية، يساهم القارئ في تشكيل السرد وتطويره، مما يعيد تشكيل مفهوم الذات ككيان مؤثر في عالم النصوص.
من جانب آخر، تسهم التعددية في الأدب الرقمي في إغناء تجربة القراءة بطرق لم تكن ممكنة في النصوص التقليدية، ومن خلال دمج النصوص مع الصور والفيديو والصوت، تخلق هذه التعددية تجربة قراءة متعددة الأبعاد تتجاوز حدود النص التقليدي، وعلى سبيل المثال، يدمج الكتاب الصوتي «الفتاة التي لعبت بالنار»، لستيغ لارسون، بين الأداء الصوتي والمؤثرات السمعية لتعزيز الشعور بالتوتر والتشويق، مما يجعل القارئ يتفاعل مع الرواية على مستويات متعددة.
الابتكار والتجديد
تقدم البيئة الرقمية تجربة جديدة كلياً من خلال منح القارئ القدرة على التأثير المباشر في مسار القصة وتشكيل نهاياتها وفقاً لخياراته، على سبيل المثال، تتيح منصة «Twine»، للمستخدمين خلق قصص تفاعلية خاصة بهم، ليتحول الأدب إلى تجربة ديناميكية تتفاعل مع القارئ، حيث يتمكن من اتخاذ قرارات تؤدي إلى تطورات مختلفة، مما يعزز فلسفة التفاعل الإبداعي.
هذا التفاعل يعيد صياغة مفهوم «الوجود الأدبي»، حيث يصبح القارئ شريكاً في بناء النصوص وصياغتها، ومن الأمثلة الأكثر شهرة في هذا الصدد، لعبة «Fallen London»، التي تعتمد على النصوص الأدبية وتتيح للاعب استكشاف عوالم خيالية مليئة بالخيارات المتعددة، بجانب أن القرارات التي يتخذها اللاعب تؤثر في الأحداث والشخصيات، مما يجعل التجربة الأدبية أكثر تشابكاً مع التفاعل البشري المباشر.
في النسخة التقليدية لرواية «الأمير الصغير» لأنطوان دو سانت-إيكسوبيري، تظل القصة خطية وثابتة، مما يسمح للقارئ بالتأمل في الرسائل الرمزية للشخصيات، أما في النسخة الرقمية التفاعلية، فيمكن للقارئ أن يختار كيفية تفاعله مع الشخصيات ويؤثر على مسار القصة، مستفيداً من الرسوم المتحركة والصوتيات التي تضيف بعداً حيوياً للتجربة في النهاية، وهكذا يقدم الأدب الرقمي تفاعلاً أكبر وتأثيراً مباشراً للقارئ، بينما يحتفظ الأدب التقليدي بجوهره المتأمل الثابت.
تحديات قانونية
مع توسع الأدب الرقمي وتزايد الاهتمام به، تبرز قضايا حقوق الملكية الفكرية كأحد التحديات الرئيسة التي تواجه هذا المجال، ويجمع الأدب الرقمي بين النصوص والأدوات التفاعلية والتقنيات المتقدمة، مما يصنع بيئة معقدة تتطلب تعاملاً دقيقاً مع قضايا الملكية الفكرية، وتشمل حقوق الملكية الفكرية حقوق المؤلف، براءات الاختراع، والعلامات التجارية، التي تلعب دوراً حاسماً في حماية الإبداعات الرقمية وضمان حقوق المبدعين.
وقد تتداخل الأعمال الأدبية مع تقنيات متعددة، مثل البرمجيات والوسائط المتعددة، مما يجعل تحديد حقوق الملكية الفكرية أمراً معقداً، إذا قام مؤلف بتطوير رواية تفاعلية باستخدام عناصر صوتية ورسوم متحركة، فإن حقوق ملكية هذه العناصر يجب أن تكون واضحة ومحمية. وفي ظل هذا التداخل قد تتعرض الحقوق الأدبية للتحديات، حيث قد يتم استخدام أو تعديل محتوى دون إذن من المؤلف أو المبدع الأصلي، وتتطلب حماية حقوق الملكية الفكرية في الأدب الرقمي تحديث الأطر القانونية بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية، ويتعين على المبدعين والمطورين أن يكونوا على دراية بكيفية تأمين حقوقهم من خلال تراخيص مناسبة واتفاقيات قانونية تضمن الحفاظ على حقوقهم وحمايتها من الانتهاك.
العمق والنص
فيما تتفاوت وجهات النظر حول الأدب الرقمي بناء على التخصصات المختلفة، يوجه النقاد الأدبيون، انتقادات حول مدى تأثير الأدب الرقمي على الجودة الأدبية والتجربة القرائية التقليدية، ويرون أن التركيز على التفاعل الرقمي قد يأتي على حساب العمق الأدبي والنقدي للنصوص، حيث قد يميل بعض الأعمال إلى الاعتماد على تقنيات ترفيهية، بدلاً من تقديم محتوى أدبي رفيع المستوى.
في المقابل، يعزز علماء الاجتماع أهمية الأدب الرقمي من خلال التأكيد على كيفية تأثيره في التفاعل الاجتماعي والثقافي، ويرون أنه يفتح أبواباً جديدة للتواصل والتفاعل، مما يعزز من تبادل الثقافات والأفكار بطرق لم تكن ممكنة في الأدب التقليدي، كما يمكن أن يعكس تحولات ثقافية، ويسهم في تعزيز الوعي الاجتماعي من خلال تقنيات تفاعلية تشرك القارئ في القضايا المطروحة.
ومن خلال دمج هذه وجهات النظر المتباينة، يتضح أن الأدب الرقمي ليس مجرد تطور تكنولوجي، بل تحول ثقافي يثري التجربة الأدبية بطرق متعددة، ويعكس التقدم في هذا المجال التفاعل بين التكنولوجيا والإبداع الأدبي، ويستدعي من جميع الأطراف المعنية العمل معاً لضمان أن يكون الأدب الرقمي محمياً بشكل كاف، ويعزز من التجربة الثقافية والأدبية بشكل شامل.
كما تتباين وجهات نظر الأدباء حول الأدب الرقمي بشكل عكس تفاعلاتهم مع هذا المجال المبتكر والمتجدد، ويرى الروائي المصري محمد حسن مليحة، أن الأدب الرقمي يتجاوز مجرد دمج النصوص بالتكنولوجيا، وأنه تجسيد لتحولات ثقافية وفلسفية عميقة، ويمثل الأدب الرقمي جسراً متيناً بين الإبداع الأدبي والتكنولوجي، ويعكس تطوراً نوعياً في تجربة القراءة وفهم النصوص.
وأعرب مليحة عن اعتقاده بأن دعم وتعزيز هذا المجال يمكن أن يفضي إلى خلق محتوى أدبي رقمي يعكس الثراء الثقافي للعالم العربي ويجذب جمهوراً أوسع، بالإضافة إلى الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها المنطقة للعب دور بارز في هذا التحول العالمي، وشدد على أن التوسع في الأدب الرقمي فرصة لتعزيز الهوية الثقافية العربية وتوسيع دائرة تأثيرها في المشهد الأدبي الدولي.
في المقابل، يسلط الكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد الضوء على النمو التدريجي للأدب الرقمي في العالم العربي، ويشير إلى أن الأدب الرقمي يستمر في التطور ببطء، ولكنه يشهد اهتماماً متزايداً من الكتاب والناشرين الذين يسعون لتقديم محتوى تفاعلي يلبي احتياجات القارئ الحديث.
وأوضح، أنه رغم هذا التقدم تواجه المبادرات الرقمية تحديات عدة، منها ضعف الدعم المؤسسي وقلة التمويل المخصص للمشاريع الرقمية، ويواجه المبدعون صعوبة في العثور على منصات توفر التكنولوجيا اللازمة لإنتاج محتوى تفاعلي يتماشى مع المعايير العالمية.