منذ اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية، التى دخلت عامها الثالث، شهد العالم دوامة من الانهيارات الاقتصادية الكبرى، فى وقت كانت الدول تستفيق فيه من أزمة وباء فيروس كورونا، التى ألقت بظلالها على اقتصادات الدول كافة، فكانت الحرب ضربة جديدة دفعت النظم الاقتصادية إلى حافة الانهيار.

انخفاض الناتج المحلى الأوكرانى بـ 29.

1% بسبب دمار البنية التحتية وتعطل سلاسل الإمداد

فى تقرير صادر عن البنك الدولى بنهاية العام الماضى، أكد أن الاقتصاد العالمى يسير بخطى بطيئة للغاية نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية والأزمات العالمية، إذ تباطأ نمو الاقتصاد العالمى من 3.5% فى عام 2022 إلى 3% عام 2023.

ثم انخفض إلى 2.9% العام الجارى، بانخفاض قدره 0.1%، وهو أقل بكثير من المتوسط التاريخى للنمو العالمى، كما تباطأ معدل التضخم الرئيسى من 9.2% فى عام 2022، إلى 5.9% عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 4.8% فى العام الجارى، كما يتوقع أن ينخفض التضخم الأساسى، الذى لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة، بشكل تدريجى، إلى 4.5% العام المقبل.

وأكد التقرير أن الحرب الروسية - الأوكرانية قضت على 15 عاماً من التقدم الاقتصادى، ما أدى إلى خفض الناتج المحلى الإجمالى لأوكرانيا بنسبة 29 بالمائة ودفع 1.7 مليون أوكرانى إلى الفقر، وحدد البنك 135 مليار دولار كضرر مباشر للمبانى والبنية التحتية حتى الآن، دون احتساب الأضرار الاقتصادية الأوسع، وقدر تكلفة تعافى أوكرانيا وإعادة بنائها من الحرب بمبلغ 411 مليار دولار على مدى العقد المقبل، مشيراً إلى أن تكلفة إزالة أنقاض الحرب وحدها تصل إلى 5 مليارات دولار.

«إبراهيم»: «موسكو» نجحت فى تخطى الخسائر بتوطين صناعات

وفيما يتعلق بالحديث عن الاقتصاد الروسى، يقول محمود إبراهيم، الخبير فى الشأن الاقتصادى، إن تداعيات الاقتصاد الروسى تنقسم إلى شقين؛ الأول تضرر من الحرب نتيجة العقوبات التى فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبى على «موسكو»، وانخفاض قيمة الروبل الروسى مقارنة بالدولار، الذى بدوره أدى إلى زيادة التضخم بنسبة 6%، وبناءً على قرارات سياسية وليست اقتصادية بسبب اقتراب موعد الانتخابات الروسية، قرر البنك المركزى الروسى تثبيت سعر الفائدة عند 16%، ما أدى إلى تراجع قيمة الروبل.

وهناك جانب آخر يتعلق بانتعاش الاقتصاد الروسى رغم الحرب الأوكرانية، ففى النصف الأخير من العام الماضى حدث نمو بأسرع وتيرة تشهدها روسيا منذ أكثر من 10 سنوات، إذ نما إجمالى الناتج المحلى الروسى إلى 5.5% فى الربع الثالث من 2023، و4.9% فى الربع الأخير من 2023، بالرغم من التوقعات التى أشارت إلى أن نمو إجمالى الناتج المحلى الروسى كان 4.8% فقط.

وبحسب الخبير الاقتصادى، فروسيا عملت على توطين عدد كبير من الصناعات بعد العقوبات التى فُرضت عليها، وأصبح لديها إنتاج أكبر، وفاجأت العالم بمرونة اقتصادها مع العقوبات والحرب الأوكرانية، واستطاعت الصمود حتى الآن بعكس التوقعات، وحققت نمواً بوتيرة لم تشهدها أى دولة فى السنوات الأخيرة لأن الجميع توقع تأثيراً سلبياً كبيراً على اقتصاد روسيا نتيجة الحرب.

وأوضح الخبير الاقتصادى أن أوكرانيا تضررت بشكل كبير من الحرب الروسية، لدرجة أن الناتج المحلى انخفض بنسبة 29.1%، وهو رقم كبير بالنسبة لأى اقتصاد، وكان الانخفاض الهائل سببه البنية التحتية للدولة التى تعرضت لدمار كبير وتسببت فى تعطل سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية وهروب عدد كبير من العمال ورجال الأعمال والموظفين، وهو أكبر انخفاض شهدته الدولة منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، لكن بدأ يحدث تعافٍ فى الربع الأخير من العام الماضى.

ويعانى الاقتصاد العالمى أزمة كبيرة بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، وتداخلها مع صراعات جيوسياسية مثل الحرب على قطاع غزة، وقبل ذلك تفشى وباء كورونا والحرب الاقتصادية بين «واشنطن» و«بكين».

وبحسب «إبراهيم»، فإن الاقتصاد العالمى ورؤية الجهات البحثية له سيئة للغاية خلال 2024، فقبل جائحة كورونا كان متوسط معدل النمو 3%، وفى عام 2023، كان معدل النمو العالمى 2.7% فقط، وتوقعت الأمم المتحدة فى تقريرها الاقتصادى أن يكون هناك تباطؤ فى نمو الاقتصاد العالمى خلال العام الجارى بنسبة 2.4%، ما يعنى أن الاقتصاد لن يتعافى.

«بدرة»: استمرار الوضع يُضعف النمو

وقال د. مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، إن تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية وجائحة كورونا تسببتا فى أزمة سلاسل الإمداد، التى خلّفت أكبر أزمة اقتصادية فى العالم، مشيراً إلى أن الحرب عقَّدت الوضع الاقتصادى أكثر مما نتخيل، ونوه الخبير الاقتصادى بأن روسيا وأوكرانيا لهما النصيب الأكبر فى تصدير الحبوب والمحاصيل الزراعية، وهذا الأمر للأسف لم يلتفت إليه المجتمع الدولى والأمم المتحدة، مضيفاً: «إذا ظل الوضع على هذا الحال، فإن معدلات النمو ستزداد ضعفاً فى الاقتصاد العالمى».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: روسية أوكرانية أمريكا إعادة الإعمار الاقتصاد العالمى الناتج المحلى الحرب الروسیة

إقرأ أيضاً:

يديعوت أحرونوت: خسائر الاقتصاد الإسرائيلي تتجاوز 22 مليار شيكل بسبب حرب إيران

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في تقرير لها اليوم الأربعاء، أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أزمة حادة جراء استمرار الحرب على إيران، والتي دخلت يومها الثاني عشر منذ انطلاقها في 13 يونيو الجاري، وتسببت في خسائر متصاعدة بلغت حتى الآن نحو 22 مليار شيكل.

 

إنفاق عسكري ضخم وتعويضات باهظة

وأشارت الصحيفة إلى أن 10 مليارات شيكل من إجمالي التكلفة تم تخصيصها للإنفاق العسكري، شملت الذخائر وصواريخ الدفاع الجوي، وتكاليف تشغيل الطائرات العسكرية، بالإضافة إلى تجنيد قوات الاحتياط.

عاجل ـ إيران تؤكد مواصلة برنامجها النووي بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بأغنية "اقصف إيران".. ترامب ينشر فيديو لضربة أمريكية على منشآت نووية بطهران

كما أنفقت إسرائيل 5 مليارات شيكل لتعويض أصحاب الأعمال والعاملين الذين أُجبروا على التوقف عن العمل، فضلًا عن تغطية تكاليف إخلاء نحو 15 ألف شخص من منازلهم المتضررة، بينما تم تخصيص مبلغ مماثل لإصلاح البنية التحتية والمباني التي تضررت بفعل الصواريخ الإيرانية.

تفاقم العجز المالي وإجراءات استثنائية

ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أن نسبة العجز في الميزانية ارتفعت مسبقًا بسبب الحرب على غزة، ومن المتوقع أن تصل إلى 6% بفعل الحرب الجديدة مع إيران. 

وتوقعت الصحيفة أن تتزايد تكاليف الحرب، خاصةً في ظل استمرار بقاء الآلاف من المستوطنين في الفنادق، وتعطل المنشآت التجارية في المناطق المتضررة.

وأكدت الصحيفة أنه لم يتم بعد تقييم حجم الأضرار بدقة في ثلث العقارات المتضررة، لكن التقديرات تشير إلى أن تكلفة إعادة ترميمها أو بنائها تتراوح بين مليار إلى 1.5 مليار شيكل.

 

وزارة المالية الإسرائيلية تواجه خطر الاستنزاف المالي

وكشفت الصحيفة، نقلًا عن تقارير اقتصادية إسرائيلية، أن وزارة المالية شارفت على استنزاف كامل للاحتياطي المالي المخصص للطوارئ، حيث يُقدر الإنفاق اليومي للحرب بنحو مليار شيكل يوميًا (ما يعادل نحو 300 مليون دولار).

وطلبت الوزارة نقل 3 مليارات شيكل من بند "النفقات الطارئة للدفاع" لتغطية رواتب قوات الاحتياط. 

كما تسعى حاليًا إلى إعادة فتح الموازنة العامة ورفع سقف الإنفاق، في خطوة تشريعية معقدة شبيهة بإقرار موازنة جديدة.

ميزانية الدفاع مرشحة للزيادة على حساب وزارات أخرى

وفي خطوة إضافية، طالبت وزارة المالية بزيادة ميزانية الدفاع بمقدار 700 مليون شيكل (ما يقارب 200 مليون دولار)، على أن يتم تمويلها من خلال اقتطاعات من موازنات وزارات أخرى، وضم هذا المبلغ إلى بند "النفقات الأمنية السرية".

تداعيات اقتصادية طويلة الأمد

يتوقع خبراء اقتصاديون أن تداعيات الحرب على إيران ستستمر لفترة طويلة، في ظل هشاشة الوضع المالي للحكومة الإسرائيلية، والتأثير المباشر على حركة الاقتصاد، والبنية التحتية، والاستثمارات المحلية والدولية.

مقالات مشابهة

  • فخري الفقي: الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح رغم التحديات العالمية
  • حركة فتح: إسرائيل ترى نفسها منتصرة وخطة فلسطينية مصرية لإعادة إعمار غزة
  • أستاذ العلوم السياسية: 30 يونيو أعادت مصر من حافة الهاوية
  • الاستخبارات الخارجية الروسية: الغرب يسعى لتحريف محتوى المفاوضات الروسية الأوكرانية
  • الاستخبارات الروسية تتهم الغرب بتحريف محتوى المفاوضات الروسية الأوكرانية
  • صادرات الملابس الجاهزة تتجاوز 1.3 مليار دولار خلال النصف الأول من 2025
  • ترامب يلمح إلى تخفيف العقوبات النفطية عن إيران: «سيحتاجون المال لإعادة إعمار البلاد»
  • صادرات الملابس الجاهزة تسجل 1.3 مليار دولار بارتفاع 24%
  • تخصيص 2.7 مليار دولار لإعادة الهيكلة واستعدادات لبدء ترميم الأضرار الحربية في البنية التحتية
  • يديعوت أحرونوت: خسائر الاقتصاد الإسرائيلي تتجاوز 22 مليار شيكل بسبب حرب إيران