تعد «ازدواجية المعايير» نهجاً اتبعه عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة فى عدد من القضايا، التى لاقت صدى واسعاً على الساحة الدولية، وقد ظهر ذلك جلياً خلال الصراعين فى أوكرانيا وغزة منذ أكتوبر الماضى، وسلط عدد من الصحف الأجنبية الضوء عليه فى تقارير منفصلة، بجانب رأى العديد من المسئولين والخبراء حول الأمر.

«ستريت جورنال»: وصف استهداف محطات الطاقة الأوكرانية بـ«جريمة حرب» وأيد حرمان «غزة» من الكهرباء والمياه

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، فى تقرير نشرته فى وقت سابق، أنه مع تصاعد الأحداث داخل غزة وارتفاع أعداد الشهداء، شكّلت الحرب تحدياً استراتيجياً للغرب الذين وضعوا دعمهم لأوكرانيا ضمن إطار أخلاقى، وهو ما أصبح مشكلة معترفاً بها داخل الولايات المتحدة؛ إذ أوضح السيناتور الديمقراطى كريس كونز: «هناك قلق من أن الولايات المتحدة تستنكر ما اتخذته روسيا وتقول إنه غير مقبول وغير مسموح به ومع ذلك لم تكن فعالة فى غزة».

وأوضحت الصحيفة أن الهجوم الذى نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية فى أحداث 7 أكتوبر يمثل أكبر خسارة فى أرواح اليهود منذ المحرقة، وهو ما دفع قادة الولايات المتحدة وأوروبا إلى تقديم دعم فورى وغير مشروط للحملة العسكرية التى تشنها إسرائيل مع التذكير باتباع القانون الإنسانى الدولى من دون أى تحذير علنى من العواقب إذا تجاهلتها إسرائيل، وفقاً لوصف صحيفة «وول ستريت جورنال»، مضيفة أن القادة الغربيين الذين وصفوا الاستهداف الروسى لمحطات الطاقة وشبكات المياه الأوكرانية أنها «جريمة حرب» هم من أيدوا التحركات الإسرائيلية لحرمان سكان غزة من الكهرباء ومياه الشرب والوقود.

«نيويورك تايمز»: الجنوب يرى الكيل بمكيالين فى التعامل مع فلسطين وأوكرانيا

الأمر ذاته بالنسبة لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، التى خرجت فى تقرير قالت فيه إن الجنوب العالمى يرى ازدواجية المعايير فى تعامل الغرب مع الوضع فى قطاع غزة وأوكرانيا، مما يضر بمحاولات الغرب بقيادة الولايات المتحدة لتأليبه ضد روسيا، مضيفة أن إدارة جو بايدن كانت تنتقد روسيا خلال الأشهر الـ20 الماضية بسبب عمليتها الخاصة فى أوكرانيا، لكن الآن عندما تقصف إسرائيل غزة، يمكن أن يخلق «دعم واشنطن الثابت» لتل أبيب «عقبات جديدة» فى جهودها «لكسب» الرأى العام العالمى.

«كوبتشان»: الحرب فى الشرق الأوسط قد تؤدى إلى دق إسفين متزايد بين الغرب ودول أخرى مثل البرازيل أو إندونيسيا

ونقلت الصحيفة عن رئيس مؤسسة «Eurasia Group» التحليلية كليفورد كوبتشان، إن الحرب فى الشرق الأوسط قد تؤدى إلى دق إسفين متزايد بين الغرب ودول أخرى مثل البرازيل أو إندونيسيا، أى الدول المتأرجحة الرئيسية فى الجنوب العالمى، كما سيزيد ذلك من تعقيد التعاون الدولى بشأن أوكرانيا، فضلاً عن تنفيذ العقوبات المفروضة على روسيا. وأشارت الصحيفة أيضاً إلى حديث جوكو فيدودو، رئيس إندونيسيا، الذى أدان الظلم المستمر بحق الشعب الفلسطينى، فى حين عبر مندوب البرازيل لدى الأمم المتحدة عن خيبة أمله من الفيتو الأمريكى على مشروع قرارها فى مجلس الأمن الدولى.

ولم يؤدِّ تصاعد الصراع الفلسطينى الإسرائيلى إلا لتأجيج الاستياء فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من أن الغرب ينظر إلى أوكرانيا باعتبارها حالة خاصة لأنها تقع فى أوروبا؛ لتنقل المحللة فى مركز الأبحاث الاستراتيجية والدولية هانا نوتيه قولها إنه يوجد هناك فى بلدان الجنوب العالمى موقف قائل إن الغرب يهتم باللاجئين الأوكرانيين أكثر من السكان فى اليمن وغزة والسودان وسوريا.

وتعليقاً على ازدواجية المعايير لدى العديد من الدول الغربية، فقد خرج تشانج جون، مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، معلناً أن موقف الولايات المتحدة من الصراع فى قطاع غزة أوضح للعالم بأسره ازدواجية المعايير والنفاق.

كما سبق وخرج جون كيرى، منسق الاتصالات الاستراتيجية فى البيت الأبيض، يقول إن الولايات المتحدة تفرق بين الضحايا المدنيين فى قطاع غزة وفى أوكرانيا، متابعاً فى لقاء: «لم نر أى دليل على أن إسرائيل تقتل عمداً الأبرياء، قد يكون هناك أشخاص يموتون ويصابون، ونحن نعترف بذلك». فيما اعتبر أن روسيا قد تحدد مثل هذه الأهداف فى أوكرانيا، مضيفاً أنه «فى هذا يمكننا مقارنة تكتيكاتها بتكتيكات حماس»، مضيفاً: «إسرائيل، فى رأيى، لا تضع على عاتقها مهمة تعذيب وقتل المدنيين».

من جانبه، علق زيد الأيوبى، الخبير السياسى بالشأن الفلسطينى، خلال حديثه مع «الوطن»، على ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولى وبعض الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، قائلاً إن تلك الدول تتعامل بازدواجية معايير تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الحرب على قطاع غزة، فهم يدعمون بشكل واضح الاحتلال الإسرائيلى وحكومة الحرب الإسرائيلية، كما يتخذون مواقف غير أخلاقية تجاه المدنيين فى قطاع غزة خلف شعارات مرتبطة وطلبات بتجميد ما يفعلونه بحق المدنيين وفى الوقت ذاته يتم الدعم بالسلاح وكل أنواع الدعم السياسى.

وتابع المحلل السياسى الفلسطينى حديثه قائلاً إنه يضاف لكل الدعم معرفة دول الغرب أن إسرائيل هى قوة محتلة وبالتالى دعمها فكرة الاحتلال غير الأخلاقى والعدوانى يعد موقفاً معاكساً عما يتم اتخاذه فى الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث يقفون مع أوكرانيا ويدعمونهم بالسلاح والأغذية والأدوية والوقود.

وهذا ما لم يتم فعله مع المدنيين الفلسطينيين أثناء الحرب فى غزة، بل يحاولون مقاضاة روسيا وفى نفس الوقت يقدمون كل الدعم للدولة الإسرائيلية المحتلة. وأكد «الأيوبى» أن ما يحدث من الدول الغربية تجاه أوكرانيا وغزة يمثل ازدواجية معايير، فهى طريقة يتوخاها الغرب وفقاً لمصالحه وقيمه وما فضح ذلك هى القضية الفلسطينية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: روسية أوكرانية أمريكا إعادة الإعمار ازدواجیة المعاییر الولایات المتحدة الدول الغربیة فى أوکرانیا فى قطاع غزة من الدول

إقرأ أيضاً:

بعد هجوم العنكبوت أو "بيرل هاربر روسيا".. ترقب حذر ومفاوضات في اسطنبول بين موسكو وكييف

غداة تصعيد أوكراني وصف بأنه "الأخطر" في الميدان، تستعدّ موسكو للجلوس على طاولة واحدة مع كييف في أنقرة، لاستكمال الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة التي أطلقت منتصف الشهر الماضي، وسط تساؤلات عن الموقف الروسي الذي لا يزال ضبابيًا، وتحديدًا عما كان الكرملين سيخرج عن صمته ويردّ الصاع صاعين. اعلان

يجتمع المسؤولون الروس والأوكرانيون، الإثنين، في العاصمة التركية، بهدف تحقيق اختراق في محادثات السلام بينهما، غير أن رائحة النار والبارود لا تزال طاغية على المشهد.

يأتي ذلك بعدما استهدفت أوكرانيا، في أكثر الضربات نوعية منذ بداية الحرب في 2022، قاذفات روسية بعيدة المدى قادرة على حمل أسلحة نووية في سيبيريا وقواعد عسكرية أخرى، ودمرت مسيرات روسية قيل إن قيمتها وصلت إلى 7 مليارات دولار.

في المقابل، هاجمت موسكو الأراضي الأوكرانية بـ 472 طائرة مسيرة، وهو أكبر عدد يُطلق خلال الليل منذ اشتعال الصراع.

من سيتواجد في أنقرة؟

ويسود الغموض المشهد عقب الهجوم، وسط تشكيك باستكمال المفاوضات المقررة نهار الإثنين، ومع ذلك، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أعرب عن ارتياحه للهجوم الأخير، أن وزير الدفاع رستم أوميروف سيترأس الوفد الأوكراني في المحادثات. ويضم الوفد أيضًا نائب وزير الخارجية وعددًا من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين.

على الجانب الروسي، يترأس الوفد مستشار الكرملين فلاديمير ميدينسكي، الذي صرّح بأن بلاده تلقت مسودة مذكرة من الجانب الأوكراني، وأعلن عبر وكالة الأنباء الروسية "RIA" أن الكرملين سيرد عليها اليوم.

في هذه الصورة التي قدمها المكتب الصحفي الرئاسي الأوكراني، يستمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى النشيد الوطني خلال زيارته إلى خيرسون، أوكرانيا 2022Ukrainian Presidential Press Office via AP, File

ووفقًا للمبعوث الأمريكي كيث كيلوغ، فإن الجانبين سيعملان في تركيا على صياغة رؤيتهما لشروط السلام. ومع ذلك، تبقى الفجوة بين موسكو وكييف كبيرة، رغم مرور ثلاث سنوات على الحرب.

Relatedزيلينكسي: الهجوم على روسيا الأحد هو "الأبعد مدى" من جانب أوكرانيا مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة يقول إن موسكو مستعدة لوقف لإطلاق الناربوتين يطرح معادلة السلام: أوكرانيا خارج الناتو وروسيا بلا عقوبات

وأوضح أن الولايات المتحدة ستشارك في المحادثات إلى جانب ممثلين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، مع بقاء مستوى التمثيل الأمريكي غير واضح.

اتصال بين روبيو ولافروف

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو لمناقشة التحضيرات لمحادثات أنقرة. لكن البيان الرسمي لم يشر إلى الهجوم الأوكراني الأخير، الذي نفى البيت الأبيض ضلوعه فيه، في موقف رآه البعض محاولة للنأي بنفسه عن هجوم وصفه البعض بأنه "بيرل هاربر" روسيا في إشارة للهجمات اليابانية على الأسطول البحري الأمريكي في هاواي عام 1941 والتي كانت لحظة فارقة انخرطت بعدها الولايات المتحدة بكل ثقلها في الحرب العالمية الثانية فغيرت مجرى النزاع برمّته.

وأشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أن الاتصال تضمن مناقشة تطورات الحرب وتبادل وجهات النظر حول المبادرات الممكنة لإنهائها.

شروط أوكرانية لإنهاء الحرب

بحسب وكالة "رويترز"، فإن أوكرانيا ستضع شروطًا في المحادثات، منها عدم فرض أي قيود على قوتها العسكرية بعد التوصل إلى اتفاق سلام، ورفض أي اعتراف دولي بسيادة روسيا على الأراضي التي استولت عليها خلال الصراع، مع المطالبة بتعويضات.

كما نصت الوثيقة على أن الموقع الحالي لخط الجبهة سيكون نقطة البداية للمفاوضات حول الأراضي.

يُذكر أن الجولة الأولى من المفاوضات لم تحقق تقدمًا يُذكر في مسار السلام أو وقف إطلاق النار، باستثناء الاتفاق على تنفيذ أكبر عملية تبادل للأسرى منذ بداية الحرب.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربور ومخاوف حرب عالمية ثالثة
  • بعد هجوم العنكبوت أو "بيرل هاربر روسيا".. ترقب حذر ومفاوضات في اسطنبول بين موسكو وكييف
  • موسكو وكييف تعقدان محادثات حول السلام وسط استمرار التصعيد
  • صحف عالمية: دعوات أوروبية لمواصلة التظاهر رفضا لحرب إسرائيل على غزة
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • إسرائيل وحربها الممنهجة
  • ضربة روسية تنهي حياة 12 جنديا أوكرانيا خلال تدريب.. وكييف تعترف
  • الأمم المتحدة تكشف عن أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف الحرب
  • الدويش ينتقد ازدواجية المعايير تجاه النصر
  • التحول الغربي