افتتح وكيل الأزهر أ. د/محمد الضويني المؤتمر الدولي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر حول التراث الإسلامي. 

وقال الضويني إن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بماليزيا قد أحسنت في عقد مؤتمرها الدولي الذي يحمل عنوان "حول التراث الإسلامي وتحدياته في عالم الملايو: الأزهر منهجا ومرجعا"، ويدور حول محاور ثلاثة: التراث الإسلامي، والأزهر الشريف، وربط هذين بالحراك الحياتي المعاصر، والحقيقة إن هذه الثلاثة لا ينبغي أن يفصل بينها فاصل، فالأزهر الشريف مؤسسة تراثية تعنى بالتراث، تحفظه، وتنقله للأجيال، وتعيد قراءة العقول التي أنتجته في محاولة لضبط الواقع المعاصر، وتعده ركنا ركينا ننطلق منه إلى المستقبل.

وبين الدكتور الضويني أن الأزهر مؤسسة صاحبة أدوار متعددة، فرضتها أمانة الدين التي تحملها، وبلاغه بما يراعي أمور الناس وقضاياهم، ومن ثم فإن الأزهر الشريف في أخص خصائصه مؤسسة علمية، تصنع المعرفة وتنتجها، والمعرفة أعز غاية تطلب، وأول واجب يكلف به العقلاء، وهي ميراث الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، فلسنا مبالغين حين نقول: إن وراثة النبوة قد حطت رحالها في جنبات الأزهر المعمور، وظهرت هذه الوراثة في مناهجه وفي عقول رجاله.

وتابع وكيل الأزهر أن من تأمل الواقع المعاصر أدرك أن المعرفة قوة، فهي ميدان تنافس ومسابقة؛ ولذا لم يكن عجيبا ولا غريبا أن يبدأ نزول الوحي بقوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق»، وكأنما هي إشارة إلى أن تحقيق الخيرية التي وصفت بها الأمة لا يكون عن طريق التميز العقدي والإيماني فحسب، وإنما تكون الخيرية بامتلاك أسباب الدنيا بقراءة واعية تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، وتجمع ولا تفرق، وهذه المعرفة التي يقوم عليها الأمناء تضمن للأمة ألا تنحرف إلى يمين مفرط، ولا إلى يسار مفرط، وقد أخبرنا نبينا ﷺ أن ذهاب أنوار العلم إنما تكون بذهاب أهل العلم ورجال العلم ومؤسسات العلم، وهنالك يتصدى للكلام في الأمور المهمة رويبضات لا يحسنون ما يتكلمون فيه، فيهلكون ويهلكون.

وأردف الضويني أنه منذ أكثر من ألف عام قامت منارة الأزهر في مصر، فكانت منارة سامقة، تبعث بأضوائها الهادية إلى أطراف العالم كله، وليس الأزهر مجرد معهد عريق، أو جامعة عالمية هي الأقدم في تاريخ الإنسانية، من حيث تواصل عطائها دون توقف، طوال هذه القرون العديدة إلى اليوم، وإنما هو في حقيقته رسالة، ومنهج وخطاب فكري متميز، يجري من الناس مجرى الدم من العروق والشرايين.

وأوضح أن تراث الأزهر يقوم على أركان ثلاثة: معلم، ومتعلم، ومنهج، فركن التراث الأول المعلم أو الشيخ، وربما كان هذا الركن من أهم ما يميز المدرسة الأزهرية، وربما كان الاعتماد على المعلم مربيا ومرشدا وميسرا وموجها هو الذي يفرق بين المدرسة الأزهرية الأصيلة وكيانات أخرى يعتمد طلابها على عقولهم فحسب، أو على الكتب فقط، أو يتتلمذون على صفحات الإنترنت، وقد قالوا: «إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال»، وهذا الكلام يفضي إلى أن العلم لا بد لتحصيله من الرجال؛ فالكتب وحدها لا تفيد الطالب دون فتح العلماء، فالعلم المسند المأخوذ من أهله طبقة عن طبقة هو ما يميز التراث الأزهري.

وبين وكيل الأزهر أن التراث يتم تدريسه بالفعل لطلابنا في نظام تعليمي تربوي فريد ميزه عن غيره، يتيح للتلميذ الصغير المبتدئ أن يختار منذ الطفولة الباكرة مذهبا من بين المذاهب الفقهية المتعددة، يتدرج في دراسة مسائله وأحكامه، ويتهيا شيئا فشيئا لاستيعاب أكثر من رأي واستنباط في المسألة الواحدة؛ ليكون مستعدا لتقبل المذاهب المختلفة؛ ليخرج بعدها بقناعة راسخة أن اختلاف العقول وتباينها مقبول ما دام في إطار من القواعد الحاكمة، وأنه ليس من حق أحد أن يمنع غيره من فهم أو استنباط توفرت له كل أدوات المعرفة والنظر والتفضيل.

وتابع أن التراث الأزهري يرسخ في ذهن الطالب الأزهري، منذ نعومة أظفاره في قاعات الدرس مبدأ الحوار، وشرعية الاختلاف، وثقافة: «إن قيل: قلنا»، و«لا يقال كذا: لأنا نقول كذا»، و«لا يعترض علينا بكذا؛لأنا نجيب بكذا»، وهذا التراث بهذا الملمح الحواري المعتدل قادر على أن يجنب
الطلاب الانغلاق في مذهب واحد بعينه، يراه صحيحا ويرى غيره باطلا.

وأضاف أن الواقع العملي لحياة علماء الأزهر وطلابهم، في عباداتهم ومعاملاتهم، في أحكام الصلاة والصيام والحج والزواج والطلاق والفتاوى التي تتغير من بلد لبلد ومن زمان لزمان ومن شخص لشخص؛ يؤكد أن منهج التعلم والتعليم في الأزهر مصمم - من قديم الزمان- على قاعدة التعدد، وما بين المذاهب الفقهية المعتمدة من تباين في الفتاوى والأحكام منذ عصر الأئمة الأربعة وحتى اليوم شاهد صدق على أن التراث الإسلامي هو تراث حواري تعددي يرفض الانغلاق في مذهب بعينه أو التمسك برأي واحد يتقيد به ويقصي غيره من الآراء.

وأوضح أنه في الوقت الذي نتكلم فيه عن التراث وضرورته، فإن الواجب أن ننقد بحكمة وبصيرة ووعي الأطروحات التي تعادي التراث، والتي ترى أن التراث بأصوله وفروعه لا يصلح للاعتماد عليه في هذا العصر، وأن من الضرورة إعادة إنتاجه وتوظيفه من خلال «التجديد» الذي أكثروا فيه الكلام، وإنا لنتفق مع التجديد إذا تم على أساس استبقاء الأصول والثوابت، وإطلاق أبواب النظر والاجتهاد فيما سواها بما يضمون مواكبة علمية صحيحة لما يستجد من النوازل والقضايا.

وشدد وكيل الأزهر أننا نرفض أن يجيء التجديد هدما للثوابت والمسلمات والقطعيات، وتبديدا للتراث ومسخه وتشويهه، ثم الزعم بأن النجاة من مشكلات حياتنا في التخلي عن تراثنا وتاريخنا، وإن إغفال التراث العلمي النقلي منه والعقلي هو «انتحار حضاري»، ولا يمكن لمجتمع أن يتقدم إلا إذا انطلق من تراثه وتاريخه؛ حتى تكون أقدامه راسخة ثابتة، ومن الصواب أن ندرك أن تجديد التراث الإسلامي لا يحسنه إلا عالم ثابت القدمين في دراسة المنقول والمعقول، فاهم لطبيعة التراث، ولطبيعة المناهج وأدوات التحليل الفكري المستخدمة في البحث والتقصي.

وأوضح أن العقود الأخيرة من القرن العشرين شهدت اهتماما متزايدا بعلوم الحضارة العربية الإسلامية، سواء من جانب الدارسين العرب والمسلمين أو من جانب المستشرقين ومؤرخي العلم الغربيين، ورغم هذا ما زال البعض يتساءل أحيانا عن جدوى البحث في كتب قديمة تعود بنا إلى ألف عام أو يزيد، وعن فائدة هذه الجهود التي تبذل في رصد المخطوطات وفهرستها وترميمها وحفظها، ثم في تحقيق نصوصها: نسخا وقراءة وحلا لمشكلاتها واستجلاء لغوامضها، ثم في تناولها بالدراسة والتحليل بحثا عما يمكن أن تتضمنه من معلومات قد تفيد أو لا تفيد !.

وأضاف وكيل الأزهر أنه للأسف الشديد إن هذه الأسئلة تشير إلى علاقة تشبه القطيعة بين البعض والتراث، أو بين الحاضر والماضي، وبخاصة لدى الجيل الجديد من الشباب الذين تشبعوا بالحضارة الغربية ومعارفها، وأفاقوا على ما قدمته من منجز تقني وعلمي وتكنولوجي أبهرت به العالم، وغيرت نظرته وتفكيره ومجرى حياته، وجعلته ينساق خلفها، في الوقت الذي يحظى فيه التراث الإنساني بتهافت كبير من قبل الهيئات العالمية التي وعت قيمته ودوره في المحافظة على الهوية والخصوصية الثقافية للأمم والشعوب، وهذا الموقف المتباين مدعاة للجميع: أفرادا ومؤسسات للعمل على سد هذه الفجوة، والتصدي لخطرها، والحد من آثارها في نفوس بناة المستقبل، الذين إن انقطعوا عن ماضيهم فلا حاضر لهم، ولا مستقبل.

وبين الدكتور الضويني أن ما يعتقده البعض من أن التراث الإسلامي لا يناسب الإنسان في حياته المتجددة، ولا يعالج مشكلاته الراهنة، ولا يساير وعيه المعاصر، ولا يدور مع فكره المتطور خطأ كبير؛ فإن الحياة المعاصرة لا يمكن استيعابها إلا بالجمع بين أمرين، أولهما: ضرورة هضم التراث هضما
جيدا، والتعرف على التراث حق المعرفة واستيعابه بالشكل الصحيح، حتى نستطيع التواصل البناء مع منابع ثقافتنا وروافدها، فالارتباط بالجذور مسألة مؤثرة في ثبات هوية الشباب أمام الغزو الثقافي الذي يتعرضون له في كل وقت، وثانيها معاصرة الواقع الحالي ومواكبة التطور العلمي والمعرفي؛ لذا يجب علينا جميعا أن نهيئ الشباب ونوجهه للتعامل مع مكونات التراث بمنحى يمكنهم من التواصل الفعال مع منجزاته جنبا إلى جنب مع مواكبة العصر، فلا يتخلفوا عن ركبه الحضاري.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن المحافظة على تراثنا وأزهرنا مهمة قومية وطنية من الطراز الأول، وإن الأزهر الشريف حين يعنى بالتراث وما يدور حوله من علوم فإنما يعنى بترسيخ الشخصية الوطنية ذات المكونات الصلبة التي تستعصي على الذوبان أو الاختراق، ولعلكم تعلمون أن ما وقع من التراث بأيدي غيرنا لم يهمل، بل رفعوا قواعده، وتمموا بناءه، ولو كان هذا التراث الثري بين أيدي بعض الشعوب لأكرموه، ولبالغوا في الاحتفاء به،  وإني لأرجو أن يكون هذا اللقاء مثمرا، ومؤثرا، ودافعا إلى خدمة جديدة لتراثنا ولأمتنا تأصيلا للهوية، وتحقيقا للخيرية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وكيل الأزهر د محمد الضويني التراث الإسلامي ماليزيا التراث الإسلامی وکیل الأزهر أن الأزهر الشریف أن التراث

إقرأ أيضاً:

اختتام أعمال الدورة الـ 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة

اختتمت اليوم في الدوحة أعمال الدورة الـ26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، التي استمرت على مدار خمسة أيام، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، بعد أن استعرضت أبرز القضايا المستجدة في رعاية الطفولة، ودليل الاستصحاب وتطبيقاته في النوازل والمستجدات المعاصرة، والذكاء الاصطناعي أحكامه وضوابطه، والألعاب الإلكترونية، وحكم الشرع في دفع الزيادة بالقرض من طرف ثالث، وغيرها من الموضوعات.

وقرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، وبعد اطلاعه على البحوث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع القضايا المستجدة في رعاية الطفولة، تحميل الأسرة والمجتمع والدولة المسؤولية الشرعية والقانونية والإنسانية في رعاية الطفل، والحفاظ على هويته الإسلامية والوطنية.

وشددت توصيات المؤتمر على وجوب حماية الطفل من كل ما يؤدي إلى انتهاك حرمته وكرامته كالابتزاز المتمثل في ممارسة الضغط والتهديد المادي والمعنوي عليه، والتنمر بوصفه إساءة مادية ومعنوية، والتحرش اللفظي والجنسي والإلكتروني والتعنيف بمختلف صوره، محملة الوالدين مسؤولية حماية الطفل أثناء النزاعات المسلحة والحروب والكوارث وفي أماكن اللجوء والنزوح ونحو ذلك، بالإشارة إلى أهمية وجوب حماية هوية الطفل الجنسية بما يضمن سلامة فطرته الإنسانية.

وأكدت ضرورة إنشاء أطفال قيميين وأخلاقيين لضمان سلامتهم الرقمية وحمايتهم عند استخدام الأجهزة الإلكترونية المختلفة (بتجنب الدخول على المواقع الإلكترونية المشبوهة، خوفًا من تبادل المعلومات المغلوطة ومشاركة الصور المخلة، ودخول الرقابة الأسرية والتربوية الاجتماعية، منوهة إلى وجوب رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والسعي نحو دمجهم في مجتمعاتهم، وتوفير البيئة المناسبة لذلك.

كما أوصى مجمع الفقه الإسلامي الدولي، في توصيات مؤتمره الـ26 في الدوحة، بتعظيم قيم الإسلام والشعائر الدينية في نفوس الأطفال، وتربيتهم عليها، وبناء استراتيجية إسلامية شاملة ومتكاملة للطفولة والإعلام الإسلامي والاستئناس بها في التشريعات المحلية، وإنشاء أدلة توعوية وإرشادية لجميع الفئات العاملة في مجال حماية الطفل ورعايته، والتعريف ببدء المقرر له في الدين، وتوفير مخصصات للتدريب البدني بإيجاد أوقاف خاصة لأطفال الاحتياجات الخاصة، داعيا إلى ضرورة عقد ورش عمل في المجتمعات المسلمة لتوعية الآباء بآليات مواجهة تحديات الطفولة والحفاظ على الهوية الدينية، وترسيخ الفطرة السليمة لحماية الكرامة الإنسانية للطفل وتنميتها، إلى جانب عقد أدوات متخصصة لحماية الأطفال أثناء الكوارث والنزاعات المسلحة.

وبشأن الاستصحاب وتطبيقاته في النوازل والمستجدات المعاصرة، فقد رأى مجمع الفقه الإسلامي الدولي بعد اطلاعه على البحوث المقدمة إلى المجمع، أن الاستصحاب هو دليل شرعي لا يُنشئ حكمًا جديدًا؛ ولكنه يفيد استدامة حكم سابق، وأن يأخذ الفقيه حكم الإصابة من استصحاب الحال في النفي والإثبات، فإن كان التردد في زواله فالأصل بذاته، وإن كان التردد في ثبوته فالأصل عدم ثبوته، وغيرها من القرارات الأخرى.

وفيما يخص الذكاء الاصطناعي، أوصى مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بدراسة حكم منح الذكاء الاصطناعي شخصية اعتبارية لمزيد البحث، وعقد ندوات متخصصة عن الذكاء الاصطناعي ومستجداته وأخلاقياته.

وحول دفع القرض من الطرف الثالث وحكم الضمان على الخطاب والاعتماد المستندي، فقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي تأجيل البت في الموضوعين المذكورين إلى البحث والدراسة.

وفيما يتعلق بأحكام وضوابط الألعاب الرقمية والإلكترونية، رأى المجلس الألعاب الرقمية (الإلكترونية) نشاطات تفاعلية حركية وذهنية عبر تقنية حديثة أو تطبيق رقمي، كألعاب الحركة والمغامرة والألغاز والألعاب الرياضية الإلكترونية، ونحو ذلك، حيث إن الأصل في ممارسة الألعاب الرقمية (الإلكترونية الإباحة)، وعليه تجوز ممارستها إذا لم تشتمل على محرمات شرعية، ولم يصحبها إضرار بالدين أو النفس أو العقل أو المال أو النسل، ولم تؤد إلى الاعتداء على غيره، كما قرر إجازة إنتاج الألعاب الرقمية (الإلكترونية) والاتجار بها، والاتجار ببطاقات الألعاب الرقمية الإلكترونية إذا كانت من البطاقات السابقة الدفع.

وأوصى المجمع بإصدار أدلة التربية الرقمية ووضع الأنظمة والتشريعات التي تحظر مخاطر الألعاب الرقمية (الإلكترونية)، وتفعيل أدوات الرقابة عليها، وتوجيه الآباء والأمهات وأولياء الأمور، والقائمين على شؤون الأطفال لتعزيز الرقابة على الألعاب الرقمية (الإلكترونية) بما يتناسب مع الفئة العمرية، وعقد ندوات ولقاءات عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة حول إيجابيات وسلبيات الألعاب الرقمية (الإلكترونية)، وتوجيه المبرمجين والمتخصصين في الألعاب الرقمية (الإلكترونية) ليكونوا بديلا لهم بالجذب والتشويق.

وحول أثر الأمراض النفسية على الأهلية في الشريعة الإسلامية، فقد ارتأى المجلس تقسيم الأمراض النفسية حسب إثبات تأثيرها من أهل الاختصاص على الإدراك والتمييز والإرادة إلى ثلاثة أنواع: أمراض نفسية غير مؤثرة للأهل، وأمراض نفسية غير مؤثرة في الأهلية، وأن يكون المعيار في تحديد المرض النفسي ومدى تأثيره في الأهلية مرتبط بمدى التأثير في الإدراك، والتمييز والفهم، وسلامة اتخاذ القرار، وهي مسألة تخصصية منوطة بأهل الاختصاص من الأطباء النفسيين.

كما أوصى المجمع في هذا الصدد بعقد دورات تثقيفية للعاملين في مجال القضاء والإفتاء؛ لزيادة الوعي بالأمراض النفسية، وتأثيراتها المختلفة، إلى جانب إقامة دورات مشتركة بين الأطباء والفقهاء والقضاة ومن في حكمهم؛ لإعداد أدلة إرشادية متخصصة مشتركة.

وفيما يخص الضوابط الشرعية في المؤسسات المالية والإسلامية المعاصرة، فقد قرر المجلس الموافقة على قرار المجمع بشأن الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك الإسلامية وأهميتها وشروطها وطريقة عملها واستقلاليتها، كما وافق على قرار المجمع المرتبط بضوابط الاجتهاد والفتوى في الشرعية، مشددا على خلق منظومة من القواعد والسياسات والإجراءات التي تنظم الالتزام الشرعي في المؤسسات المالية الإسلامية بما يحقق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والامتثال الشرعي.

ودعت قرارات المجلس إلى العمل على توحيد المرجعية للصناعة المالية الإسلامية بما يحفظ هويتها ويضع سياقا في إطار هذه المرجعية، وأن تكون قرارات الائتمان المجمع مرجعا شرعيا على الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة.

وحول إرضاع الأطفال الخداج بحليب أمهات معروفات وغير معروفات، فقد قرر المجلس بأن  يعرف الرضاعة على أنها اسم لوصول لبن امرأة إلى جوف طفل يبلغ من العمر سنتين فما دونهما.، والطفل الخديج هو كل طفل ولد قبل بلوغ الحمل سبعة وثلاثين (37) أسبوعا، وإرضاع الطفل واجب على ذويه، سواء أكان الطفل خديجا أم غير خديج، ويحق للمتبرعات بألبانهن للطفل الخديج الاشتراط على ذويه عدم نشر معلومات عنهن.

ودعا المجلس خلال قراراته المتعلقة بهذا الشأن إلى أن تضع الجهات المعنية القوانين والتشريعات المنظمة للتبرع بألبان للنساء لحماية هذه الفئة العمرية من الأطفال، بما في ذلك للمطالبة بحقوقهم في الحفاظ على النفس والنسب، ووزارات الصحة والسلطات الصحية المعنية إلى توفير الرعاية وتشجيع مبادرات التوفير لهذه الفئة من الأطفال.

وبشأن حكم الشرع في تناول وتسويق اللحوم المستزرعة، فقد قرر المجلس أن يتم إجازة اللحوم المستزرعة وتسويقها وفقا لعدة ضوابط، بحيث تكون الخلايا من حيوان مباح الأكل، ومذكى ذكاة شرعية فيما تشترط له الذكاة، وألا تستزرع في وسط محرم كدم مسفوح، وأن تجرى عملية الاستزراع في مراحلها كافة تحت إشراف جهة مختصة موثوقة، مشددا على أهمية إفصاح الشركات عن المعلومات اللازمة للمستهلكين بما يحقق الضوابط الواردة في البند السابق، وعلى الجهات الإشرافية التحقق من التزامها بهذه الضوابط، وأن يكون المنتج النهائي صالحا للأكل وغير مضر بالصحة، وفقا للمعايير والإجراءات التي تضعها الجهات المختصة، وألا تكون اللحوم المستزرعة بديلا عن لحوم الحيوان، وتجوز الاستفادة منها إلى جانب اللحم الحيواني توسعة على المستهلكين.

وحول الأغذية المحورة وراثيا، فقد قرر المجلس إباحة استهلاك الأغذية المحورة وراثيا من أصل حيواني وفقا لعدة ضوابط، بحيث تتم عملية التحوير بطرق آمنة غير مخالفة للشرع، وغير مضرة بالصحة، وأن يكون التحوير بين حيوانين يباح أكلهما شرعا، وأن يفصح عن اللازم من معلومات الغذاء المحور وراثيا وآلية إعداده.

 

وكالة الأنباء القطرية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول لكلية التجارة بنات بازهر أسيوط
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • وكيل وزارة الخارجية ورئيسة بعثة الصليب الأحمر يطّلعان على الأضرار في مطار صنعاء الدولي
  • حزب المؤتمر: مشاركة الرئيس السيسي في عيد النصر بروسيا تعكس التقدير الذي تحظى به القيادة المصرية
  • رئيس هيئة الطيران المدني: انتخاب المملكة عضوًا ممثلًا عن المجموعة العربية في مجلس الإيكاو يعكس مكانتها العالمية في صناعة الطيران
  • وكيل وزارة الخارجية والمنسق الأممي يطلعان على حجم الأضرار بمطار صنعاء الدولي
  • وزير الأوقاف: تاريخنا الإسلامي يزخر باعتناء العلماء بذوي الهمم
  • أمل عمار تشارك في المؤتمر الدولي «المرأة في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة»
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشهد افتتاح المؤتمر الدولي الرابع لقسم الأمراض الباطنة بكلية الطب بأسيوط
  • اختتام أعمال الدورة الـ 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة