حظر الاتحاد الأفريقي، صادرات جلود الحمير خلال الشهر الجاري على أمل تزايد عددها مجددًا بعد أن تراجع بمعدلات مثيرة للقلق جرّاء الطلب الصيني المتزايد عليها لاستخلاص الجيلاتين وتحويله إلى أدوية تقليدية وحلويات شعبية ومنتجات تجميل في ثاني أكبر اقتصادات العالم، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وتعتمد الأسر الريفية في جميع أنحاء أفريقيا على الحمير في النقل والزراعة.

ونقلت الصحيفة عن إيمانويل سار، الذي يرأس المكتب الإقليمي لغرب أفريقيا لمنظمة "بروك" غير الحكومية التي تعمل على حماية الحمير والخيول، قوله: "وسيلة البقاء في أفريقيا تغذي الطلب على المنتجات الفاخرة من الطبقة المتوسطة في الصين.. هذا لا يمكن أن يستمر".

وتعد الصين الشريك التجاري الرئيسي للعديد من الدول الأفريقية، لكن في السنوات الأخيرة تعرضت شركاتها لانتقادات متزايدة بسبب استنفادها الموارد الطبيعية للقارة، من المعادن إلى الأسماك والآن جلود الحمير، وهو انتقاد كان يطال الدول الغربية.

وقالت الخبيرة في العلاقات الصينية الأفريقية والأستاذة المشاركة في جامعة سيدني، لورين جونستون: "هذه التجارة تقوض محادثات التنمية المتبادلة بين الصين والدول الأفريقية".

ضغوط حكومية

وتشتري بعض الشركات الصينية أو الوسطاء المحليون الحمير ويذبحونها بشكل قانوني، لكن المسؤولين الحكوميين أغلقوا المجازر السرية.

وأبلغت المجتمعات الريفية في بعض البلدان الأفريقية عن تزايد حالات سرقة الحمير، على الرغم من عدم وجود تقديرات لمدى انتشار الاتجار غير المشروع فيها.

وتحتوي إثيوبيا على أكبر عدد من الحمير بين بلدان القارة السمراء، بحسب مجموعة دونكي سانكتشواري أو (ملاذ الحمير) البريطانية، المهتمة بحقوق الحمير.

وخلال رحلة بحثية إلى إثيوبيا في عام 2017، قالت جونستون إن العديد من السكان المحليين شاركوا غضبهم من الصين لقتلها حميرهم.

وتعد تجارة جلود الحمير في الصين عنصرا رئيسيا في صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لما يسميه الصينيون "إيجياو"، أو جيلاتين الحمير، وهو دواء تقليدي معترف به من قبل السلطات الصحية في الصين، ولكن فوائده الفعلية لا تزال محل نقاش بين الأطباء والباحثين في الصين.

أعداد الحمير تناقصت بصورة حادة في أفريقيا (الجزيرة) منتج دارج

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت منتجات "إيجياو" دارجة بصورة متزايدة مع ارتفاع الدخل بين الطبقات المتوسطة والعليا في الصين، بعدما كانت ذات يوم منتجًا فاخرًا، وفق الصحيفة الأميركية.

وسوّقت شركات الطب الصيني التقليدي والأغذية الصحية عقار إيجياو، على أنه يتمتع بفوائد محتملة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الدورة الدموية أو أمراض النساء أو الجهاز التنفسي.

وازدهرت المنتجات الغذائية القائمة على إيجياو، فصارت المعجنات المصنوعة من إيجياو والجوز والسمسم والسكر وجبة خفيفة شعبية في جميع أنحاء الصين، واستهدفت علامة تجارية مشهورة لمشروبات الشاي المستهلكين الشباب بشاي حليب إيجياو.

وتستهلك صناعة الإيجياو في الصين الآن ما بين 4 ملايين و6 ملايين من جلود الحمير كل سنة، أي حوالي 10% من تعداد الحمير في العالم، وفق تقارير إخبارية صينية وتقديرات دونكي سانكتشواري.

واعتادت الصين على الحصول على الإيجياو من حمير الصين، لكن قطيعها انخفض بما يزيد على 9 ملايين في عام 2000، إلى ما يزيد قليلاً على 1.7 مليون في عام 2022، ما دفعها إلى أفريقيا، موطن 60% من الحمير في العالم، وفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

وتتميز الحمير بمقاومتها العالية للظروف المناخية القاسية، ويمكنها حمل أوزان ثقيلة لفترة طويلة من الزمن، ما يجعلها موردًا ثمينًا في بعض المناطق في أفريقيا، وهي على عكس الثدييات ذات الأربع أرجل، بطيئة جدًا في التكاثر، وقد أظهرت الجهود المبذولة لرفع مستوى تربية الحمير إلى المستويات الصناعية، بما في ذلك في الصين، نجاحًا محدودًا.

تراجع حاد

وتراجع عدد الحمير في بعض البلدان بصورة حادة ومفاجئة، وهوى عددها في كينيا بنحو النصف من عام 2009 إلى عام 2019، وفق بحث أجرته بروك، فيما اختفى ثلث الحمير في بوتسوانا في السنوات الأخيرة، كما شهدت إثيوبيا وبوركينا فاسو ودول أخرى انخفاضًا في مخزوناتها بمعدل مرتفع.

وحظرت بعض الدول الأفريقية، مثل إثيوبيا وساحل العاج وتنزانيا، صادرات جلود الحمير، لكن الحدود التي يسهل اختراقها والتراخي في تطبيق الغرامات جعلت من الصعب وقف هذه التجارة، فعلى سبيل المثال، في غرب أفريقيا، يتم تهريب الحمير من البلدان غير الساحلية قبل ذبحها في المناطق الحدودية مع الدول التي لديها منفذ على البحر، ليتم تصدير الجلود، بعد ذلك، عبر موانئ الشحن.

وقال رئيس الخدمات البيطرية بساحل العاج غربي أفريقيا، فيسالي كالو: "يبحث المهربون عن طرق الخروج، مثل الموانئ، والتي يجب أن نكافح لإبقائها مغلقة".

ويتم استخدام بعض البلدان -التي يكون فيها تصدير جلود الحمير قانونيا- لتهريب العناصر المحمية مثل عاج الفيل أو قرون وحيد القرن أو حراشف البنغول، وفقًا لتحقيق أجرته دونكي سانكتشواري.

وواجهت الحكومات، كذلك، ضغوطًا من المزارعين الذين يربون الحمير وممن يجنون أرباحًا كبيرة من تجارة جلودها، فحظرت بوتسوانا تصدير منتجات الحمير في عام 2017، لكنها تراجعت بعد عام نتيجة الضغط من قبل المزارعين، وحددت بدلاً من ذلك حصصًا للتصدير.

وبحسب الصحيفة، فإنه من غير الواضح إلى الآن كيف يمكن للحظر على مستوى القارة السمراء أن يساعد في إنقاذ الحمير، إذ يتعين على دولها تنفيذه من خلال التشريعات الوطنية، وهي عملية ستستغرق سنوات، وقد لا تمتلك وكالات إنفاذ القانون الوطنية الموارد أو الإرادة اللازمة للتصدي للاتجار غير المشروع بجلود الحمير.

ونقلت الصحيفة عن مويندا مباكا، الخبير الكيني البارز في مجال رعاية الحيوان، وعضو في هيئة الموارد الحيوانية التابعة للاتحاد الأفريقي، قوله إن بعض الدول الأفريقية، مثل إريتريا وجنوب أفريقيا، كانت مترددة منذ فترة طويلة في تبني الحظر، بحجة أن لها الحق في تقرير كيفية استخدام مواردها الطبيعية، مضيفًا أن تناقص عدد الحمير وصل إلى مستوى الأزمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدول الأفریقیة جلود الحمیر الحمیر فی فی الصین فی عام

إقرأ أيضاً:

تحول غير مسبوق.. ناخبو جنوب أفريقيا يرفضون الحزب الذي حررهم من الفصل العنصري

فقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي احتكاره السياسي في جنوب أفريقيا، بعد أن أظهرت نتائج الانتخابات العامة حصوله على نحو 40 بالمئة فقط من الأصوات، دون تحقيق الأغلبية المطلقة لأول مرة منذ إسقاط سياسة الفصل العنصري قبل 30 عاما، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ومنذ أول انتخابات ديمقراطية لجميع الأعراق في أبريل عام 1994، كان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على رأس السلطة، حيث أنهت هذه الانتخابات رسميا نظام الفصل العنصري.

ولا يزال الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا يتفوق على منافسيه، لكنه تراجع كثيرا عن نسبة التأييد عند 58 بالمئة من الأصوات التي فاز بها في انتخابات عام 2019، في ظل ما تواجهه البلاد من معدلات بطالة هي الأعلى في العالم، ونقص الكهرباء والمياه وتفشي الجريمة، وفق الصحيفة.

ويشير "الانخفاض الصادم" في نسبة التأييد لأقدم حركة تحرر في أفريقيا، وفق الصحيفة، إلى اتجاه واحدة من أكثر البلدان استقرارا في القارة وأكبر اقتصاد فيها، نحو "مسار غير مستقر وغير واضح".

وقالت "نيويورك تايمز" إن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي ارتقى إلى الشهرة الدولية على كاهل المناضل نيلسون مانديلا، "سيضطر الآن إلى تكوين حكومة في غضون أسبوعين بالتعاون مع حزب أو أكثر من الأحزاب المنافسة التي انتقدها بأنها فاسدة وأقسمت عدم التحالف معه".

ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المسؤولين في المؤتمر الوطني الأفريقي، ماروبين راموكجوبا، قوله: "أنا فعلا مصدوم. لقد فتح ما حدث أعيننا لنقول، انظروا، نحن نفتقد شيئا ما، في مكان ما".

جنوب أفريقيا تحيي الذكرى الـ 30 لسقوط نظام الفصل العنصري احتفلت جنوب أفريقيا بمرور 30 عاما على انتهاء نظام الفصل العنصري (أبارتايد) وتأسيس ديمقراطيتها، وذلك بمراسم أقيمت في العاصمة بريتوريا، السبت، وشملت إطلاق 21 طلقة تحية والتلويح بعلم البلاد متعدد الألوان. "استبدال رامافوسا"

ووفق الصحيفة، يواجه الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوسا، الذي يقود الحزب، تهديدا خطيرا لطموحه بتولي فترة ولاية ثانية، حيث سيضطر إلى البحث عن حلفاء.

ومن المتوقع أن يلقي المنتقدون باللوم في هذا التعثر على رامافوسا، كما قد يحاولون استبداله، ربما بنائبه بول ماشاتيل، حسب ذات الصحيفة.

ودون الأغلبية المطلقة، لم يعد بإمكان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن يختار رئيسا للبلاد، الذي يتم انتخابه من قبل الجمعية الوطنية المكونة من 400 عضو.

ويرى محلل البيانات في منظمة "Good Governance Africa"، برانيش ديساي، أن جنوب أفريقيا "ستمر بمشاكل مع دخولها هذا العصر. وقد يكون بعضها مهما، لكن الناخبين قرروا أنهم يريدون ذلك".

ويقلب هذا "المأزق" المشهد السياسي في جنوب أفريقيا رأسا على عقب، ويضع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي عند نقطة انعطاف، وفق "نيويورك تايمز"، التي تشير إلى أن "الأحزاب الصغيرة لن تساعد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الحفاظ على هيمنته، وسيتعين عليه التعاون مع بعض الأحزاب الكبرى التي لطالما تبادل معها الانتقادات خلال الحملة الانتخابية".

"المراحيض الخطيرة".. مؤشر لـ"عدم المساواة" في جنوب أفريقيا مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المرتقبة في جنوب أفريقيا، فإن ظاهرة المراحيض البدائية الخطيرة الموروثة من زمن الفصل العنصري، لا تزال شاهدا على تجذر عدم المساواة في ذلك البلد الأفريقي الذي يملك إمكانيات اقتصادية كبيرة وواعدة.

مقالات مشابهة

  • «الرعاية الصحية» تعلن مشاركتها في المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي 2024
  • الحزب الحاكم بجنوب أفريقيا يتعرض لخسارة انتخابية فادحة
  • تحول غير مسبوق.. ناخبو جنوب أفريقيا يرفضون الحزب الذي حررهم من الفصل العنصري
  • هل يستطيع الرئيس رامافوزا النجاة من نكسة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي؟
  • “إلى دبي”.. تقرير يكشف “تهريب أطنان من الذهب الأفريقي” وردّ إماراتي
  • أستاذ اقتصاد: زيارة الرئيس السيسي إلى الصين ستجذب استثمارات في مجالات جديدة
  • رويترز: الإمارات البوابة الأولى لتهريب الذهب الأفريقي
  • ننشر أرقام الأحزاب الخامسة من فرز الأصوات الانتخابية بجنوب أفريقيا
  • انتخابات جنوب أفريقيا: آمال الناخبين لأول مرة
  • الأهلي يستعد لمخاطبة الكاف بشأن السوبر الأفريقي