بوابة الوفد:
2025-12-10@12:45:13 GMT

الإنسانية وجبر الخواطر

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

أولى ديننا الحنيف الجانب الإنسانى عناية خاصة، فكرَّم الإنسان على إطلاق إنسانيته بغض النظر عن دينه أو لونه  أو جنسه أو لغته، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ»، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ ربَّكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لعَرَبيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا لأحمَرَ على أسْوَدَ، ولا لأسْوَدَ على أحمَرَ إلَّا بالتَّقْوى، إنَّ أكْرَمَكم عندَ اللهِ أتْقاكم»، وكان  (صلى الله عليه وسلم) يقول فى شأن سيدنا سلمان الفارسى (رضى الله عنه): «سلمان منا آل البيت»، وكان  سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) يقول: «أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا»، يعنى بذلك بلالًا الحبشى (رضى الله عنه).

وعندما حرَّم الإسلام قتل النَّفس حرَّم قتل النَّفس كل نفس وأى نفس، وعصم كل الدماء فقال الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: «أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِى الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا».

ولم يقف البعد الإنسانى فى ديننا الحنيف عند هذا الحد من كف الأذى، إنما دعا إلى مراعاة جميع الأبعاد الإنسانية من الكلمة الطيبة، وإطعام الجائع، وكساء العارى، ومداواة المريض، وتفريج الكرب، وإفشاء السلام، إلى غير ذلك من الجوانب التى تدعم التواصل والتعايش الإنسانى.

ويعد جبر الخواطر من الأخلاق الإنسانية الرفيعة التى لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النقية، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: «وإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا»، جبرًا لخاطرهم وتطييبًا لنفوسهم، ويقول سبحانه جابرًا لخاطر نبينا  (صلى الله عليه وسلم): «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى».

 وكان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) بينَ السَّجدتينِ فى صلاةِ اللَّيلِ: «ربِّ اغفِر لى وارحَمنى واجبُرنى وارزُقنى وارفَعنى»، يقول سفيان الثوري: «ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم»، وقديمًا  قالوا: من سَارَ بينَ النَّاسِ جابرًا للخَواطرِ أدركَه لطف اللهُ فى جَوفِ المَخاطر.

وقد حثنا ديننا الحنيف على الوقوف بجانب الآخرين وجبر خواطرهم فقال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): «مَن نَفَّسَ عن مُسلِمٍ كُرْبةً من كُرَبِ الدُّنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يسَّرَ اللهُ عليه فى الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن سَتَرَ على مُسلِمٍ، سَتَرَ اللهُ عليه فى الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ فى عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ فى عَونِ أخيهِ».

ومن أعظم ألوان جبر الخاطر جبر خاطر المحتاجين والضعفاء، فقد جاء أعرابيٌّ إلى سيدنا رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ)  فقال، دلَّنى على عملٍ يُدخلُنى الجنةَ قال: أطعمِ الجائعَ واسقِ الظمآنَ وأمرْ بالمعروفِ وانْهَ عنِ المنكرِ فإن لم تُطِقْ فكفْ لسانَكَ إلا من خيرٍ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِى عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا».

 وزير الأوقاف

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة و ل ق د ك ر م ن ا ب ن ى آد م صلى الله عليه وسلم صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

كيف تتحكم في نفسك عند الغضب؟ .. عالم أزهري يوضح

قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن الغضب شعور إنساني فطري، لكن السؤال الذي يشغل كثيرين هو: إزاي نتحكم في غضبنا؟ وإزاي أصلاً ما نغضبش؟، موضحًا أن الغضب نوعان: غضب محمود وآخر مذموم.

 فالغضب المحمود هو استنكار الخطأ وعدم قبوله، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، مستشهدًا بقصة السيدة صفية رضي الله عنها حين عُيّرت بقِصرها، فقال النبي كلمة لو مُزجت بماء البحر لغيّرت طعمه، في إشارة إلى أثر الكلمة والغضب غير المنضبط.

أوضح الدكتور قابيل، خلال لقاء تلفزيوني ، اليوم الاثنين، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب إلا غضبة للحق، بلا ظلم ولا شحناء، مستدلًا بقول الشاعر: "وإذا غضبت فإنما هي غضبة للحق لا ظلم ولا شحناء"، أما الغضب المذموم فهو ما يصاحبه عصبية وصوت مرتفع وقرارات خاطئة قد تقود إلى الندم، لافتًا إلى أن القرآن الكريم دلّ على اللين كوسيلة لتهدئة الغضب: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾.

أذكار المساء.. عبادة تحفظك حتى الفجر وتمنح قلبك طمأنينةدعاء المطر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم .. احرص عليه الآن

وبيّن أن مركز الغضب في المخ يقع في الجزء الأمامي، لذلك يجب عند اشتعال الغضب بالوضوء وترك المجلس والاستعاذة بالله، لأن الغضب أشبه بالنار التي يطفئها الماء. وأكد وجود ما أسماه "غضب النور"، وهو غضب المسؤول أو الأم والأب الذي ينبه المخطئ ويضيء له طريق الصواب دون عنف أو تجاوز.

وأضاف أن الغضب قد يدفع الإنسان إلى قرارات لا عودة فيها، مثل الطلاق أو الاستقالة أو قطع العلاقات، وهو ما يسميه علم النفس "اللاعودة"، لذلك شدد على ضرورة التريث من 20 إلى 30 دقيقة قبل اتخاذ أي قرار في لحظة انفعال، لأن معظم القرارات الخاطئة تُتخذ في لحظة غضب.

وأكد على قيمة زكاة المعاملات وحسن التصرف، موضحًا أن المطلوب ليس أن يكون الإنسان باردًا يرى الخطأ ويسكت، وإنما أن يغضب ثم يتصرف بحكمة، ويغفر بعد الغضب، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾.


 

طباعة شارك أسامة قابيل الغضب مركز الغضب الطلاق

مقالات مشابهة

  • قومي حقوق الإنسان: الكرامة الإنسانية هي الأساس الذي يُبنى عليه أي نظام ديمقراطي
  • سنن اشتداد المطر عن النبي
  • دعاء طلب الرحمة والمغفرة والعتق من الله سبحانه وتعالى
  • ما ذا نفعل عند نزول المطر؟.. الأزهر يجيب
  • ماذا قال رسول الله عن ركعتي الفجر
  • كيف تتحكم في نفسك عند الغضب؟ .. عالم أزهري يوضح
  • دعاء المطر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم .. احرص عليه الآن
  • من أعظم مناقب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
  • دعاء البرد والثلج .. كلمات لا ترد في هذا الطقس القارس
  • حكم الحلف برحمة النبي.. وفضل الصلاة عليه في الليل