أكّد فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: أنَّ الشريعة الإسلامية تحتفي بالمرأة وتمنحها كافة حقوقها المشروعة، مشدداً على أن المرأة كانت -ولا تزال- محلَّ العناية والرعاية في شريعة الإسلام؛ فقد جعل لها الإسلام حقَّ الحياة بعد أن كانت تُدفن حيةً بعد أن تسودَّ وجوه مَن بُشِّروا بها، كما في قول الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59]، وقول المولى عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].


 وقال مفتي الجمهورية في كلمته، اليوم الجمعة، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس من كلَّ عام: إنَّ الشريعة الإسلامية جاءت لِتُنصفَ المرأة وتكرمها وتُعلي من شأنها بعدما كانت تتعرَّض للكثير من الظلم والمهانة قبل الإسلام، كما أنَّ الشريعة الإسلامية تكرم المرأة وتمنحها كافَّة حقوقها المشروعة، داعيًا إلى ضرورة تضافر جهود المؤسسات والهيئات المعنية من أجل وضع المرأة في مكانها التنويري الصحيح وفق هذا الإطار.

وأوضح فضيلة المفتي أن المرأة شريك أساسي في تحقيق البناء والتنمية في الدولة، باعتبارها تمثِّل نصف المجتمع، وما تقوم به من دَور كبير في تربية النشء وإخراج أجيال نافعة للمجتمع وقادرة على العمل والبناء لا يمكن لأحد أن يُنكره، مشددًا على أنَّ الشريعة الإسلامية تحتفي بالمرأة وتمنحها كافة حقوقها المشروعة.
وشدَّد على أنَّ الإسلام ضَمِنَ للمرأة حقَّها في الميراث وحرم أكله بالباطل، مشيرًا إلى أنَّ العادات والتقاليد الفاسدة هي التي رسَّخت لمفهوم حرمان المرأة من الميراث، وينبغي لنا أن نصحح ذلك؛ لأن القرآن الكريم عندما نزل حدد للمرأة ميراثها وحقوقها الشرعية.

وأشار علام إلى أن الإسلام جعل بر الأم ثلاثة أضعاف الأب حتميًّا على الأبناء، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات؛ أي بطاعة الأبناء لهن، وأعطاها حق العمل ومشاركة الرجال في تنمية البلدان والمجتمعات، وبلغ الاعتداد بالمرأة في الإسلام مبلغًا لم تصل إليه تشريعات البشر الوضعية إلى يومنا هذا ولا تستوعبه حتى قيام الساعة، مضيفًا: المرأة إما أنها أم أو أخت أو زوجة أو ابنة، فكيف يهدر البعض حقوقها؟!
وأضاف المفتي : يكفي أنَّ إكرام المرأة واتِّقاء الله فيها من خواتيم وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (استَوْصُوا بالنساء خيرًا)، مؤكدًا أنَّ الشريعة الإسلامية كرَّمت المرأة وجعلتها وارثةً نصيبًا مفروضًا بعد أن كانت لا ترث شيئا من التركة، وأفرد لها الإسلام ذمة مالية مستقلة لم تعرفها من قبل.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شوقي علام مفتي الجمهورية الشريعة الإسلامية اليوم العالمي للمرأة الشریعة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة

حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية

تُطلّ علينا الهجرةُ النبويةُ الشريفةُ كلّ عامٍ حاملةً معها عبقَ التاريخِ وجلالَ الإيمانِ، حاملةً معها بشائرَ الفجرِ ونورَ الأملِ، من تاريخٍ عريقٍ يزخرُ بالعزةِ والجلالِ لتُذكّرَنا بدروسٍ وعظاتٍ وإضاءةٍ للأجيالِ ، كشمسٍ هُدًى تُنيرُ دروبَنا، وتُرشدُنا إلى طريقِ الخير والصلاح ،لتُعلّمُنا معنى الإيمانِ والصبرِ والتضحيةِ في سبيلِ الله تعالى.
إنّ قراءةَ قصةِ الهجرة ليست مجرّد سطورٍ تَسردُ أحداثًا تاريخيّةً مضى عليها الزّمنُ، بل هي قراءةٌ عميقةٌ لدروسٍ عظيمة وإضاءةٌ للأجيالِ المتعطشة للمعرفةِ والثقافةِ الصافيةِ ،ففي رحلةِ الهجرةِ المباركةِ جسّدَ النّبيّ وصاحبُهُ أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه منهجًا ربّانيًا جمعَ بينَ معرفةِ الحقّ وسلوكِ طريقهِ.
تُمثّلُ الهجرةُ النبويةُ المباركةَ منارةً تُضيءُ دروبَنا، وتُقدّمُ لنا عبرًا ودروسًا مدى الحياة، فقد واجهَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابهُ الكرامُ في رحلةِ الهجرةِ أشدّ المحنِ، إلّا أنّ إيمانَهم الراسخَ وصبرَهم الجميلَ كانا سلاحَهم في وجهِ كلّ الصعاب وتُمثّل الهجرة الشريفة حدثًا فارقًا ومحورياً في تاريخ الإسلام، حيث شكّلت رحلة بداية الفتح سطرها التاريخ من مكة إلى المدينة نقطة تحولٍ هامة وحاسمة في مسيرة الدعوة الإسلامية، ونقلتها من مرحلة السرية إلى مرحلة العلانية، ومهّدت الطريق لبناء دولةٍ إسلاميةٍ قويةٍ قائمةٍ على أسسٍ من العدل والمساواة والإخوة ،وبدايةً لتأسيس الدولة الإسلامية، ونشر رسالة التوحيد والعدل في الأرض.
من المهم أن نؤكد على أن هجرة النّبيّ الكريم لم تكن بدافعٍ الهروب أو الخوف من المشركين أو الرغبة في الشهرة أو الجاه أو السّلطة ، بل كانت استجابةً لأمرٍ الله ،سعى فيها بكلّ ما أوتي من قوّةٍ لنشرِ دعوةِ اللهِ تعالى، وإبلاغِ رسالتهِ السمحةِ ،حيث واجهَ في سبيلِ ذلك العداءَ والمقاومةَ من قريشٍ، إلّا أنّهُ لم ييأسْ ولم يتراجعْ، بل واصلَ مسيرتَهُ بِعزيمةٍ وإصرارٍ ،لتعلن نهاية عهد الاستبداد وبداية فجر مشرق وعهد مجيد من هناك ،من يثرب انبثق نور الدعوة المحمدية قويا وضاء فبدد الظلمات وجاز ما اعترضه من عقبات ،فقد واجهَ النّبيّ وأصحابهُ الكرامَ في بدايةِ دعوتهم الإسلاميّةِ في مكةَ أشدّ أنواعِ الأذى والاضطهادِ من قبلِ قريشٍ، ممّا دفعَ اللهَ تعالى إلى الأمرِ بالهجرةِ إلى المدينةِ المنورةِ.
ومن هنا شكّلتْ هذهِ الهجرةُ بدايةَ عهدٍ جديدٍ يُعرفُ بالعهدِ المدنيّ، بعدَ عهدٍ مكّيٍّ حافلٍ بالتحدياتِ والصبرِ ،تميّزَ بِتركيزِ النّبيّ على نشرِ دعوةِ الإسلامِ سرًّا، وذلك في ظلّ مضايقاتٍ شديدةٍ من قريشٍ ومشركي العربِ ، فقد تعرّضوا إلى التّنكيلِ والمضايقاتِ، والضّربِ والإهاناتِ، والحصارِ الاقتصاديّ، بل ومحاولاتِ القتلِ ،ولكنْ ورغمَ كلّ ما واجههُ النّبيّ وأصحابهُ من شدائدَ ومحنٍ، إلّا أنّهم ثبتوا على إيمانِهم بدينِ اللهِ، ولم يضعفْ عزيمتُهم، ولم ينحنِوا أمامَ الضّغوطِ ،رافضون أن يرجعوا إلى عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر شيئا ،تاركين وراءهم كلّ ما يملكونَ، إيمانًا منهم بِاللهِ تعالى وتصميمًا على نشرِ رسالتهِ.
حيث بدأتْ مرحلةٌ جديدةٌ تُعرفُ بالعهدِ المدنيّ ،تميّزَ هذاَ العهدُ بتأسيسِ الدولةِ الإسلاميةِ ونشرِ الإسلامِ بشكلٍ علنيٍّ ، وقد سعى المشركون بكل عزمهم وأموالهم أن يصدوا الناس عن دين الحق، وأن يوقفوا مسيرة الإيمان والتوحيد، ولكن جهودهم ذهبت أدراج الرياح وانتصر الحق وارتفع نداء التكبير.
‏‎يُجسّدُ موقفُ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم بعدَ عودتهِ من الطائفِ أروعَ مَثالٍ على ثقتِهِ المطلقةِ باللهِ عزّ وجلّ وتوكّلهِ عليهِ سبحانه وتعالى ، فبعدَ تعرّضِهِ لأقسى أنواعِ الرّدّ من الأقوام في الطائفِ لم ييأسْ ولم ينكسرْ، بل ظلّ مُؤمناً برسالتِهِ وواثقاً بنصرِ اللهِ تعالى ، وعندما عرضَ عليهِ جبريلُ عليه السلامُ خيارَ العقابِ لقومهِ، رفضَ صلّى الله عليه وسلّم ذلك، وأظهرَ بصيرتَهُ النبويةَ الثاقبةَ حينَ طلبَ من اللهِ تعالى أن يُخرِجَ من أصلابِ قومهِ من يُعبدُهُ وحدهُ لا يُشركُ به شيئاً.
لم يكنْ نبيّنا الكريمُ مُعلّمًا فحسبُ، بل كانَ بانيَ أمةٍ متماسكةٍ قويةٍ قائمةٍ على أسسٍ من الإيمانِ والحكمةِ ،فقد استطاعَ بحكمتهِ الواسعةِ وإرشاداتهِ البليغةِ العظيمةِ أن يُوحّدَ القلوبَ ويُجمّعَ الطاقاتِ ، ويوجّهَها نحوَ الخيرِ ونشرِ المعرفةِ النقيّةِ والمبادئِ الساميةِ والمفاهيمِ الراقيةِ ،كانَ صلّى الله عليه وسلّم يُوصي أصحابهَ الكرامَ بالتوادّ والتّعاطفِ والتّراحُمِ، وأنْ يشدّ بعضُهم أزرَ بعضٍ ، فكانَ يُعلّمُهم أنّ المؤمنينَ كالجسدِ الواحدِ ،إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالألمِ ،وكان يُحذّرُ أصحابهَ من الغلوّ في الدّينِ، ويُبيّنُ لهم أنّ الغلوّ هلاكٌ وخسرانٌ ،فقد كانَ يقولُ:”إيّاكم والغلوّ في الدّينِ فإنّما هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدّينِ” ،إنّ المبادئَ والقيمَ التي غرسَها النّبيّ في أصحابهِ هي مبادئُ لا تزالُ صالحةً لكلّ زمانٍ ومكانٍ ،فهي تُشكّلُ الأساسَ المتينَ لبناءِ مجتمعٍ مُسلمٍ متماسكٍ قويٍّ، ينعمُ بالخيرِ والسّلامِ والازدهارِ.
نرى للأسف الشديد إنّ أصحابَ التّطرفِ والغلو ، يُسيئونَ إلى الإسلامِ ويُشوّهونَ صورتهِ أمامَ الجميع، فبدلًا من أنْ يُقدّموا الإسلامَ كدينِ رحمةٍ ومحبّةٍ ،يُقدّمونهُ كدينِ عنفٍ وكراهيةٍ ، فالحلّ يكمنُ في العودةِ إلى سيرةِ النّبيّ والاقتداءِ بهِ في كلّ شيءٍ ،فبِالاقتداءِ بهِ نستطيعُ أنْ نُنشرَ الإسلامَ الحقيقيّ، الإسلامَ الذي يقومُ على الرحمةِ والمحبّةِ والتّسامحِ ، ولا مكانَ فيهِ للظلم .
تحوّلَ “غارُ ثورٍ” إلى مدرسةٍ تُعلّمُ الصّبرَ وتُرشدُ إلى السعادةِ ،ففي ذلك الغارِ المباركِ ،واجهَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصاحبُهُ أشدّ المحنِ ،إلّا أنّ إيمانَهما باللهِ تعالى وثقتَهما بنصرهِ صبّرتْ قلوبَهما وأضاءتْ دروبَهما ،كانتْ كلماتُ اللهِ تعالى شفاءً لِجروحِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أشدّ لحظاتِهِ غمّةً، حينما قالَ لهُ أبو بكرٍ رضي الله عنه: “لا تحزنْ إنّ الله معنا” ،إنّ عقيدةَ “إنّ الله معنا” هي البوصلةُ التي تُرشدُ المؤمنَ في مسيرةِ حياتهِ، وتُؤكّدُ لهُ أنّ اللهَ تعالى هو حافظُهُ وناصرُهُ، وعليهِ يتّكلُ.
هجرتك يا رسول الله درس يسطره التاريخ شمساً منيرة ترشد وتهدي ،تُعلّمُنا أنّ الحقَّ لا يُمكنُ التّنازلُ عنهُ مهما كانتِ التّضحياتُ، وأنّ الصّبرَ والمثابرةَ هما طريقُ النّجاحِ ،وأنّ التّوكّلَ على اللهِ تعالى هو أساسُ القوّةِ والعزيمةِ ،هجرة بأمر الله لنشر الخير ، فسرت في ركب العزيمة، وحملت لواء الدين ،وتآخى الناس تحت راية الحب في الله مهاجرين وأنصارا ،وأن كانت الدنيا قد فرقتهم إلا أن الآخرة قد جمعتهم ،وكلهم رجاء أن يلقوك فيها، ويحشروا تحت لوائك، ويشربوا من حوضك، وتكون أنت إمامهم فيها كما كنت إمامهم في حياة خرجوا منها مؤمنين موحدين.
إنّنا في أمسّ الحاجةِ إلى توحيدِ صفوفِنا ونبذِ الفرقةِ والتّباعدِ بينَنا ،فالمرحلةُ التي نمرّ بها تتطلّبُ منّا تضافرَ الجهودِ وتعاونًا وثيقًا بينَ جميعِ فئاتِ الأمّةِ ،لمواجهةِ المخاطرِ والتحدياتِ التي تُحيطُ بنا ، لنشرِ الخيرِ والصّلاحِ في المجتمعِ ،فالمسلمُ مسؤولٌ عن أخيهِ المسلمِ، وعليهِ أنْ يبذلَ كلّ ما في وسعهِ لمساعدةِ المحتاجينَ ونصرةِ المظلومينَ ،ولا بدّ لنا من التّعاونِ في وجهِ منْ يريدُ الشرّ والفتنةَ بينَنا ،فالمؤمنُ لا يهجمُ على أخيهِ، ولا يحسدهُ على ما آتاهُ اللهُ، ولا يفرحُ لِمصيبتهِ ،سائلين المولى أنْ يسدّدَنا وأنْ يوفقّنا لما فيهِ خيرُ هذهِ الأمّةِ، وأنْ يوحدَ كلمتَنا تحتَ رايةِ الحقّ والعدلِ.

مقالات ذات صلة متقاعد الضمان حياك وبياك!! 2025/06/25

مقالات مشابهة

  • رحلة رأس السنة الهجرية في العصور الإسلامية
  • من مكةَ إلى المدينةِ: رحلةُ بناء أمة
  • البحوث الإسلامية يعقد ورشة عِلميَّة حول التغيرات المناخية.. صور
  • مفتي الجمهورية يلتقى وزيري الشؤون الإسلامية والداخلية بسنغافورة لبحث تعزيز التعاون الديني
  • المفتي يثني على جهود رعاية الأيتام
  • جمعية الصحفيين العمانية: سلطنة عمان كانت ولا تزال طرفًا فاعلًا في جهود التهدئة
  • المفتي: جامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية نموذج ناجح في الجمع بين الأصالة والمعاصرة
  • مصر تطالب بإصلاح الأمم المتحدة وتمنحها هدية في الذكرى 80 لتأسيسها
  • جلالةُ السُّلطان والعاهل الأردني يؤكدان ضرورة تضافر الجهود لوقف التصعيد في المنطقة
  • «حلب»: لابد من التواصل مع المنظمات المعنية بالمرأة في سبيل تعزيز الوعي الانتخابي