هل حمية الماء آمنة؟.. العلماء يجيبون
تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT
هل تتصور عدم تناول أي شيء سوى الماء، لمدة قد تصل إلى 40 يوما؟ هذا هو بالضبط ما يُسمى حمية "صيام الماء" (Water fasting)، أو ريجيم الاكتفاء بشرب الماء فقط.
يعتمد هذا النوع من الحمية على "الامتناع التام عن جميع أشكال التغذية، باستثناء الماء؛ مع الراحة التامة، من 5 إلى 40 يوما"، وفقا للدكتور آلان غولدهامر، مدير أحد مراكز "صيام الماء تحت إشراف طبي" في كاليفورنيا؛ والذي يوضح وجوب شرط الراحة أو عدم ممارسة الرياضة، "لكي لا يحتاج الجسم إلى سعرات حرارية أكثر".
وأصبح "صيام الماء" من أحدث موجات الريجيم التي يروج لها رياضيون سابقون ورجال أعمال "من أجل فقدان الوزن".
تأثير المشاهيرفي يونيو/حزيران الماضي، أعلن رجل الأعمال الأميركي راسل أوكونغ، في تغريدة شاهدها 5 ملايين متابع على تويتر، "أنه فقد أكثر من 100 رطل (أكثر من 45 كيلوغراما) من خلال عدم تناول أي شيء سوى الماء لمدة 40 يوما". وقالت المدربة الأسترالية كريستين كراوتش، في مقال بمجلة "نيوزويك" (Newsweek) الأميركية، "إن صيام الماء لمدة 25 يوما، ساعدها على خسارة 20 رطلا (أكثر من 9 كيلوغرامات)"؛ وأضافت "شعرت بخفة في جسدي، وكان هضمي سلسا، وبشرتي أكثر نقاء ونعومة، وعيناي أكثر إشراقا بشكل ملحوظ؛ بالإضافة إلى زيادة الطاقة والوضوح العقلي، والإحساس بالهدوء والسلام".
The journey from being a 330+ lbs @NFL football player to 100+ lbs lighter – has been unreal! A new me, a new chapter.
The number one question I keep hearing is: "how did you do it?" pic.twitter.com/bLBDGe1h7c
— OKUNGFAST ????️ (@RussellOkung) June 6, 2023
المفاجأة الصادمة
هذه القصص هي ما دفعت الدكتورة كريستا فارادي، أستاذة التغذية بجامعة إلينوي في شيكاغو، والخبيرة في الصيام المتقطع؛ إلى "إجراء مراجعة للأدلة المتوفرة على صيام الماء، حتى يتمكن الناس من رؤية الأدلة العلمية التي تُقيّم هذا النظام، وللإجابة عن أسئلة الصحفيين حول جدواه". وشكلت فريقا من الباحثين، "حللوا 8 دراسات عن صيام الماء، للنظر في مدى نجاح إنقاص الوزن بهذه الطريقة".
وبعد إجراء مراجعة جديدة للأدلة العلمية المتاحة، نُشرت أواخر الشهر الماضي؛ قال باحثون "إن صيام الماء لا يتضمن تناول أي شيء سوى الماء لمدة 5 إلى 20 يوما على الأقل، وأحيانا لفترة أطول". وأوضحت فارادي أن بعض صيام الماء الخاضع للإشراف الطبي، يسمح بـ250 سعرا حراريا في اليوم؛ "من خلال تناول قليل من العصير في وجبة الإفطار، وقليل من الحساء في وجبة الغداء".
وجاءت المفاجأة الصادمة، عندما اكتشف الباحثون أن "جميع الفوائد الصحية لريجيم الماء فقط، سوف تتلاشى بسرعة، وأنه مهما كان حجم الوزن المفقود، يمكن أن يعود بسرعة أيضا". وقالت فارادي "أنا شخصيا لا أوصي بهذا النظام الغذائي، رغم أنه أصبح شائعا خلال العام الماضي"؛ وأضافت "حتى لو استمر الناس في فقدان الوزن بهذه الطريقة، فإن جميع الفوائد الصحية ستختفي".
ووجد الباحثون أن حمية الاكتفاء بالماء فقط "أدت إلى خسارة ملحوظة في الوزن على المدى القصير"، فقد خسر من صاموا عن كل شيء إلا الماء لمدة 5 أيام، حوالي 4% إلى 6% من وزنهم.
كما تُسبب حمية الماء الكاملة لمدة 7 إلى 10 أيام، فقدان الوزن بنسبة 2% إلى 10%؛ أما من اكتفوا بالماء فقط من 15 إلى 20 يوما، فقد خسروا 7% إلى 10% من وزن الجسم الكلي.
لكن الدراسة أشارت إلى أن "الأشخاص يميلون إلى فقدان كتلة عضلية أكثر من كتلة الدهون، أثناء الاكتفاء بالماء فقط"، وذلك وفقا لأبحاث أجريت لقياس تكوين الجسم، وأظهرت أن "حوالي ثلثي فقدان الوزن جاء من فقدان الكتلة الخالية من الدهون، بينما جاء الثلث المتبقي من انخفاض الدهون في الجسم".
واعتبر الباحثون "هذه النتيجة مقلقة"، لأن انخفاض الكتلة العضلية الخالية من الدهون، قد يعرض الأفراد لخطر استعادة الوزن في المستقبل". فوفقا لإحدى الدراسات، "استعاد الأشخاص كل الوزن الذي فقدوه خلال فترة الاكتفاء بالماء لمدة 5 أيام، في غضون 3 أشهر". لكن فارادي قالت لموقع "يونايتد برس إنترناشيونال- يو بي آي" (upi)، "إذا غير الناس عاداتهم الغذائية بعد هذه التجربة، وحاولوا الالتزام بنظام غذائي صحي، فيبدو أنهم يستطيعون الحفاظ على بعض الوزن المفقود".
لم تنكر المراجعة أن حمية تناول الماء فقط، قد لا تخلو من بعض الفوائد الصحية، "مثل تحسين ضغط الدم والكوليسترول وسكر الدم"، لكنها أكدت أنها "تحسينات لن تدوم طويلا، وسوف تتلاشى بعد فترة وجيزة من بدء الشخص في تناول الطعام مرة أخرى". وهو ما أكدته مختصة التغذية، كيلي كينيدي بقولها إنه "من المرجح أن يعود الوزن بعد العودة إلى تناول الطعام، وربما أكثر من ذي قبل".
كما أظهرت النتائج أن "التحسينات في السيطرة على نسبة السكر في الدم، لم تحدث لدى مرضى السكري من النوع الأول أو النوع الثاني، ممن اكتفوا بشرب الماء". وهو ما حذر منه الدكتور ديفيد إل. كاتز، مدير مركز أبحاث الوقاية في جامعة ييل؛ مُشددا على أن "صيام الماء الذي يستمر لأكثر من 48 ساعة، يمكن أن يتسبب في مشاكل خطيرة للجسم، تشمل الإغماء والتعب؛ وربما الموت، إذا امتد لأسابيع".
أيضا، أوضحت الدكتورة فارادي، أن من يتبعون تلك الحمية "يفقدون كل التأثيرات الصحية، ويعود ضغط الدم إلى حيث كان، كما يعود الكوليسترول الضار إلى ما كان عليه". بالإضافة إلى الآثار الجانبية الأكثر شيوعا للاقتصار على شرب الماء فقط لعدة أيام، وهي "الجوع والصداع والغثيان والقيء والأرق".
وقد يواجه الأشخاص الذين يخضعون لريجيم تناول الماء المستمر نقص الفيتامينات والمعادن، وفقا لمخاوف الدكتورة إيفانيا ريزو، مديرة طب السمنة في مركز بوسطن الطبي.
وأوضحت ريزو أن "هذه الحمية قصيرة المدى والمتطرفة جدا؛ لا تبدو مؤثرة، ولن تكون ذات فائدة لمريض السِمنة". واتفقت مع فارادي على أن ريجيم الاكتفاء بتناول الماء فقط "ببساطة ليس مستداما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفوائد الصحیة فقدان الوزن تناول الماء أکثر من
إقرأ أيضاً:
أرضٌ آمنة.. رواية البحث عن الخلاص في عوالم متناقضة
الجزائر "العُمانية": تدور أحداث رواية "أرض آمنة"، للروائيّة الجزائرية، مريم بلعاليا، وسط أجواء دراميّة تشويقيّة بنفحات رومانسية، تُبحر بنا في عالم منقسم بين النور والظل، بين الثراء الطاغي والبؤس المتجذّر، حيث تنبض الحكاية وسط أجواء مستوحاة من العصر الفيكتوري، لتعكس صراع الإنسان مع الطبقيّة والقدر والحبّ والمبادئ، وتغوص في أعماق النفس البشرية التي تبحث عن الخلاص والحرية والانتماء.
وتدور أحداث الرواية في مدينتين متناقضتين تمامًا؛ بلدة العِز، حيث تعيش النخبة في عالم من الترف، وبشر مطيعون، وقوانين تُفصَّل على مقاس الأغنياء، وحياة لا تعرف معنى النقص أو الحرمان؛ إنّها مدينةٌ وتحكمها سلطة تتستّر على هشاشتها خلف الأقنعة اللامعة.
وفي الجهة المقابلة، بلدة العوز؛ وهي أرض الفقراء والمهمّشين، ببيوت متداعية، وبطون جائعة، وأرواح أنهكها الجوع والبرد والحروب. مدينةٌ تحيا على الهامش، لا يُذكر اسمها إلا في سياق الإشفاق أو الاستغلال، ولكنّها تحمل بين أزقتها طاقة لم تنفجر بعد، وأحلامًا تنتظر أن تُروى.
وفي هذا العالم المزدوج، تبرز "لارا"، فتاة في العشرين من عمرها، ابنة عمدة بلدة العز، ورغم انتمائها للطبقة المخمليّة، إلا أنّ قلبها ينبض بنبض مختلف. عيناها الزرقاوان لا ترَيان فقط الجمال، بل الألم خلف الجدران العالية. وشعرها الكستنائي يُخفي عقلًا حالمًا، وطموحًا يتعدّى حدود بلدتها المحصّنة.
وعن بطلة هذه الرواية، تقول الروائيّة مريم بلعاليا، لوكالة الأنباء العمانية، "لارا ليست فتاة مدلّلة، كما يُفترض بابنة عمدة، بل طبيبة شابة، تهوى الطب، وتعشق فكرة التغيير، وتحمل بين يديها شغفًا بمداواة الجراح، ليس الجسدية فقط، بل تلك التي تُعشّش في الأرواح. وتشعر دائمًا أنّ حياتها ناقصة، وأنّ هناك جزءًا مفقودًا منها، ربما يكون في الجهة الأخرى من العالم الذي لم تره يومًا: بلدة العوز.
ومدفوعة بفضول عميق ورغبة صادقة في تقديم يد العون، تُقرّر مغادرة عالمها الآمن والذهاب إلى بلدة العوز، متحدّيةً والدها الغاضب، وقوانين مدينتها، وحتى خوفها الداخلي من المجهول، وتبدأ رحلتها على متن سفينة، وسط أمواج البحر التي لا ترحم، في مشهد عاصف يقلب مجرى حياتها، بعد أن تتحطّم السفينة، وتنجو لارا بأعجوبة، لتجد نفسها غريبة فاقدة للذاكرة على أحد شواطئ بلدة العوز. هناك، في قلب الفقر والضياع، تبدأ لارا رحلة جديدة، وتكتشف عالمًا مغايرًا لكلّ ما عرفته. لكنّها أيضًا تكتشف نفسها.
وتضيف الروائيّة بالقول "تقوم عجوز حكيمة تُدعى العمّة "تينا" بإنقاذ لارا، وتُطلق عليها اسم نورة، وتُعاملها مثل ابنتها. ومن هذا المنعطف، تبدأ نورة في بلدة العوز بالتعرُّف على معنى الصبر، والتعاطف، والنضال من أجل الآخرين. وتتعلّم كيف يُمكن للجمال أن يولد من الألم، وكيف يزهر الحب وسط الخراب، وكيف يتسلّل النور حتى من بين الشقوق الضيّقة.
وخلال هذه المغامرة، تلتقي شخصيات فريدة مثل "أمان"؛ الشاب البسيط الذي يحمل قلبًا شجاعًا، وندوبًا تُخفيها نظراته الصّلبة. وتبدأ بينهما علاقة عميقة، تمزج بين الحذر والجاذبية، وبين القوة والضعف، ويكتشفان أنّهما توأما روح، يجمعهما أكثر من مجرّد لقاء عابر. كلاهما يحمل جرحًا قديمًا، وكلاهما يبحث عن معنى جديد للحياة. وفي خلفية الأحداث، يظهر "ستيف"، الشاب الغني والمتعجرف من بلدة العز، والذي يبدأ بالتغيُّر، شيئًا فشيئًا، بعد لقائه لارا في السوق، ثم بعد علاقته بخادمة لارا المخلصة "لورا"، التي هي الأخرى تعيش صراعًا بين الوفاء وحبّها الجديد، وبين عائلتها العالقة وسط الجحيم في بلدة العوز.
وتؤكّد مريم بلعاليا، أنّ "لورا، بطيبتها وهدوئها، تُمثّل صوت البسطاء الذين لا يتكلّمون، لكنّها تحمل في داخلها قوة قادرة على تغيير مصيرها، وأنّ الرواية تتصاعد دراميًّا مع تصاعد التوتر بين البلدتين، خاصّة حين يُعيَّن رجل حالم وذكي اسمه "جمال" عمدة جديدًا لبلدة العوز، وتبدأ أولى بوادر الثورة، ويسعى السكان للنهوض، يتحدّون فقرهم، ويُشيّدون قوارب، ويُقيمون مشاريع، ويتبادلون المعرفة والكرامة. لكن هذا لا يُعجب عمدة بلدة العز، والد لارا، الذي يرى في نهوض العوز تهديدًا مباشرًا لمكانته وسلطته، فيُشعل فتيل الحرب. ووسط ألسنة اللّهب، والجروح التي لا تُرى، تظهر لارا مثل قائدة إنسانيّة، تقود قافلة من الأمل، تمسح الجراح، وتُنقذ الأرواح، وتُرسل خطابات سلام، رافضة أن تكون ابنة العمدة المتغطرس، بل صوتًا جديدًا لعالم آمن، تتجاوز فيه الهُويات، والحدود، والأسماء.
وتُشير مريم بلعاليا إلى أنّ "أرض آمنة" ليست فقط رواية عن الحب، أو عن الاختلاف الطبقي، بل هي رحلة في عمق الإنسان؛ في الرغبة بالتغيير، في صراعات الهُوية، وفي التمرُّد، وفي الشفاء، وفي القوة الكامنة داخل كلّ قلب لم يُنسَ بعدُ كيف يحب، ولم يُطفئ داخله الشغف ببناء عالم أجمل، حتى ولو كان فوق رماد العالم القديم.
يُشار إلى أنّ الكاتبة، مريم بلعاليا (2001)، روائيّة وشاعرة جزائرية، وهي حاليًّا طالبةٌ جامعيّة، تدرس البيولوجيا (تخصُّص علم الطفيليات) بجامعة باب الزوار بالجزائر العاصمة.