إسرائيل والسيطرة الأمنية على ميناء غزة المؤقت
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
في الوقت الذي تتزايد فيه مظاهر وجوانب التقلص والخلافات المكتومة بين بايدن ونتانياهو، فإنه ليس من الصحيح أن يشعر أحد من خارج إسرائيل بالقلق حول العلاقات الإسرائيلية الأمريكية بعد ذلك، بالنظر لطبيعة العلاقات العميقة ومتعددة الجوانب بين الدولتين اللتين تتجاوز العلاقات بينهما المعايير التقليدية للعلاقات الوثيقة بين الأصدقاء لأسباب عديدة لا تحول دون ظهور خلافات المصالح ولكنها تمنع في الوقت ذاته حدوث تصدعات حقيقية أو مؤثرة بشكل حقيقي، ولعل إدراك الجانبين، خاصة على مستوى القمة، لهذا البعد هو ما يسمح في الواقع بحدوث خلافات وجدل بين نتانياهو وبايدن حول أكثر من قضية بما فيها المقصود بمصالح إسرائيل الوطنية التي تتجاوز أو ينبغي أن تتجاوز المصالح الذاتية لرئيس الوزراء الإسرائيلي وخلال خطاب بايدن يوم الخميس التاسع من مارس الجاري أشار بايدن إلى أنه «سيلتقي قريبا لقاء مصارحة مع نتانياهو» وأكد على حرصه على مصالح إسرائيل وهذا أمر بالغ الدلالة على المستوى الثنائي.
على صعيد آخر فإن من الجوانب ذات الأهمية أن الحماس الأمريكي لزيادة المساعدات الغذائية لقطاع غزة لم يظهر إلا في الآونة الأخيرة، وبعد تفاقم النقص الحاد في إمدادات الغذاء والتحذيرات المتتالية من تعرض الفلسطينيين في غزة لمجاعة تقترب منهم وتنهي حياة أطفال بشكل متزايد مع كل يوم يمر، خاصة وأن إسرائيل تستخدم الحرمان من الغذاء والتحكم في إمدادات الغذاء كأداة من أدوات الضغط والإبادة الجماعية للفلسطينيين، ومن أجل مد العون الأمريكي لإسرائيل ومساعدتها في حل بعض مشكلات المعابر الحدودية خاصة مع مصر بشأن معبر رفح البري من ناحية، وتقديم نفسها، أمريكا، كمتبرعة ومساعدة في تقديم إمدادات غذائية للفلسطينيين من ناحية ثانية، فضلا عن الاستجابة لأحد مطالب حماس السابقة المتعلقة بإنشاء ميناء بحري في غزة كجزء من الحل المقترح في إطار حل الدولتين بالإضافة إلى إنشاء ميناء جوي «مطار» لتوفير سبل اتصال ونقل من وإلى قطاع غزة ولتوفير احتياجاتهم الغذائية واللوجستية بشكل فعال وكاف من ناحية ثانية، ومن شأن حل ذلك عمليا ولو مؤقتا أن يسهم في التقريب بين المواقف ذات الصلة بالحلول والتفكير في البدائل المفيدة، والمؤكد أن تدخل الولايات المتحدة وبالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية راغبة في التوافق على طريق الحل بشكل أو بآخر، ومن منطلق مصالح إسرائيل تحرك الرئيس بايدن وأعلن عن تكليف وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون ) الإعداد سريعا لإنشاء رصيف عائم على شاطئ غزة من اجل أن يتم عن طريقه نقل إمدادات غذائية إلى قطاع غزة بشكل كبير وفعال ومتواصل بقدر الإمكان أيضا وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب لعل من أهمها: -
أولا، إنه بالرغم من أن القوات الإسرائيلية استخدمت أقصى ما تستطيع من همجية وانتهاك لكل القوانين الإنسانية في ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة إلا أنه يمكن القول إن إسرائيل تخشى قواتها بالفعل من تجدد المواجهات المسلحة خلال شهر رمضان المبارك الذي يحل هذه الأيام، صحيح أن القوات الإسرائيلية تمتلك أكثر الأسلحة تطورا ولكن الصحيح أيضا هو أن الجندي العربي يقدم أفضل أداء له خلال شهر رمضان وذلك بفضل قوة إيمانه واستعداده التام للشهادة وتوقه لمواجهة العدوان ومواجهة الاحتلال. وليس من المبالغة أن يشعر رجال المقاومة بالسعادة والاستبشار بالمواجهات القادمة في الأيام المباركة القادمة ضد العدو الإسرائيلي وليلقنوه مزيدا من دروس التضحية والفداء والتمسك بالأرض مهما كانت التضحية من أجلها ولا تزال صيحات الاقتحام والمواجهة تعيش في نفوس وقلوب وعقول القوات المصرية منذ أكثر من خمسين عاما عند اقتحامهم خط بارليف وتدميره عام 1973 وكان ذلك في العاشر من رمضان، وتجدر الإشارة إلى أن يحيى السنوار القائد العسكري لحماس في غزة والمسؤول عن هجوم السابع من أكتوبر الماضي ضد إسرائيل ظل على قناعة بضرورة وجدوى مواصلة الضغط العسكري على إسرائيل لدفعها للاستجابة لمطالب حماس في المفاوضات وأنها -أي إسرائيل- لن تستطيع تحرير المحتجزين لدى حماس بالطرق العسكرية وهو ما لم يحدث حتى الآن برغم مساعدة أمريكا وبريطانيا لها مخابراتيا وعسكريا وبالتالي لا مناص من التفاوض لتحرير المحتجزين بغض النظر عن وعيد نتانياهو ضد حماس وتأييد بايدن لما يطرحه على مدى الأشهر الماضية. وعلى أي حال فإن المواجهات القادمة ستكون أكثر شراسة وعنفا عما كانت عليه منذ بدأت معارك طوفان الأقصى.
ثانيا، إنه في الوقت الذي تحدث فيه نتانياهو قبل بضعة أسابيع عن ضرورة اجتياح رفح من وجهة النظر الإسرائيلية حتى لا تكون فيها أربع كتائب مسلحة جيدا يمكن أن تتصدى لإسرائيل في أي مواجهات محتملة معها في رفح، فإنه من المؤكد أن الولايات المتحدة لم تتغير بين عشية وضحاها من دولة تؤيد القضاء على حماس بالشكل الذي تعلنه وتريده إسرائيل إلى دولة تبحث عن توفير المساعدات الغذائية للفلسطينيين وتشجع على زيادة المساعدات، وتنتقد على استحياء استخدام الغذاء كسلاح للعقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة وتتحدث عن زيادة المعونات، بل وتقوم بالمشاركة في عمليات إنزال جوي بالطائرات لكميات من الغذاء على غزة وهو ما شاركت فيه الأردن ومصر والإمارات وفرنسا للتخفيف ولو نسبيا من وطأة نقص الغذاء وخاصة في شمال قطاع غزة وإذا كان هذا التغير ذو البعد الإنساني لا يعود إلى أسباب طارئة خاصة أن واشنطن استخدمت الفيتو في مجلس الأمن الدولي في الأسابيع الماضية لتمنع وقف الحرب في غزة لأسباب إنسانية وبالتالي تسمح لإسرائيل بالاستمرار في عدوانها ضد غزة. وعلى ذلك فإن أمريكا تتبع مصالحها المباشرة ومصالح إسرائيل بالطبع حتى وإن كان ذلك في ثوب أو غلاف إنساني قد يحسن من صورة الإدارة الأمريكية التي انتقدها أمريكيون في الداخل بسبب مساعدتها لإسرائيل بشكل غير مسبوق في الأشهر الأخيرة. على أي حال فإن واشنطن تدرك المردود الإيجابي لتقديم مساعدات غذائية للفلسطينيين في غزة ستصل إلى نحو مليوني وجبة غذائية في اليوم عند إتمام واكتمال الممر البحري بين قبرص وشمال غزة ولكن الأكثر أهمية أنها تقدم خدمة طيبة لإسرائيل من خلال إنشاء الممر البحري العائم الذي سيكون كله داخل قطاع غزة أي ببساطة تحت الإشراف والسيطرة الأمنية لإسرائيل وهو ما رغبت فيه إسرائيل بكل السبل المختلفة. وإذا كان ذلك ينعكس إيجابيا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في فترة دقيقة وحساسة للجانبين فإنه سيكون له مردود إيجابي أيضا على العلاقات الأمريكية المصرية بالنظر إلى أن إنشاء هذا الممر البحري سينزع على الأرجح فتيل خلاف قابل للاتساع بسبب ممر فيلادلفيا على الحدود المصرية مع غزة وبسبب الجدل بين مصر وإسرائيل حول تهجير الفلسطينيين من غزة وهو ما رفضته مصر بشكل حاسم، وقد اتجه هذا الموضوع نحو الهدوء النسبي بشكل متزايد كما هو مأمول. يضاف إلى ذلك أن الممر البحري بين قبرص وشمال غزة سيسمح لواشنطن بالوجود أمام سواحل غزة، صحيح أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض في غزة كما أكد ذلك البنتاجون ولكن الصحيح أن قوات أمريكية ستكون موجودة في شرق المتوسط بين قبرص وشمال غزة ومن ثم ستكون على مقربة من القوات الروسية في سوريا وعلى مقربة أيضا من إيران وحزب الله في لبنان بكل ما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج ستشجع عدوانية إسرائيل على الأرجح.
ثالثا، إنه بغض النظر عن دور واشنطن في إنشاء وتشغيل ومراقبة الممر البحري، فإن حديث واشنطن عن شركاء لها من المنطقة والعالم من شأنه أن يعزز الدور الأمريكي في شرق البحر المتوسط وفي جهودها للتوصل إلى حل الدولتين وبإشراف منها مع زيادة الضغط على روسيا، ومن المؤكد أن التواجد الأمريكي العسكري الثقيل بعد طوفان الأقصى قد أفاد أمريكا وإسرائيل ومما له دلالة أن يعلن الرئيس بايدن أن الممر البحري سيكون تحت السيطرة الأمنية لإسرائيل وبالتالي للولايات المتحدة التي أكدت أن الممر البحري سيكون قادرا على استقبال السفن الكبيرة والوفاء بقدر كبير من الاحتياجات الغذائية لغزة في ضوء التصريحات التي أعلنت. وعلى أية حال فإن تغيرات عديدة ستحدث في غزة وحولها وسيتوقف ذلك على ما سيحدث خلال الفترة القادمة من تطورات وعلى نتائج الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية أيضا.
د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الممر البحری قطاع غزة وهو ما فی غزة
إقرأ أيضاً:
بالفيديو: إصابات في هجوم على متظاهرين مؤيدين لإسرائيل بولاية أميركية
أفادت القناة 13 العبرية، صباح اليوم الإثنين، بإصابة ثمانية مُتظاهرين مؤيدين لإسرائيل، أحدهم حالته خطيرة، إثر إلقاء زجاجة حارقة باتجاههم، وذلك في مدينة بولدر بولاية كولورادو الأميركية.
وزعمت القناة العبرية، أن المُهاجم مصري هتف "فلسطين حرة" و"يجب أن نقضي على الصهاينة"، كما سمع وهو يسأل أحد المتظاهرين: "كم طفلاً قتلت في غزة ؟".
من جانبه، أعلنت شرطة بولدر أنها اعتقلت رجلا يشتبه بتنفيذه الهجوم، لكنها لم تحدد بعد الدافع بشكل قاطع، رغم أن عدة مصادر أشارت إلى أن الهجوم استهدف أفرادا من الجالية اليهودية كانوا يشاركون في مسيرة سلمية.
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي إن المشتبه به في إلقاء مولوتوف على مسيرة داعمة إلى إسرائيل في حربها على غزة، بولاية كولورادو يدعى محمد سليمان وكان يهتف الحرية لفلسطين.
ووفقا لشهود عيان تحدثوا لوسائل إعلام محلية، قام المهاجم بإلقاء ما بدا أنها زجاجة حارقة (مولوتوف) على المتظاهرين. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق لحظة الهجوم، ظهر فيه رجل عاري الصدر يحمل زجاجتين بينما كانت النيران مشتعلة في العشب أمامه.
وخلال الفيديو، سمع وهو يردد عبارات مثل: "أنهوا الصهاينة"، و"فلسطين حرة"، و"إنهم قتلة"، في وجه عدد من المتظاهرين الذين كانوا يحاولون إسعاف شخص مصاب على الأرض.
وأظهرت لقطات أخرى تصاعد دخان كثيف من موقع الحادث، ما يعكس حجم الحريق الناتج عن الهجوم.
صور أولية لمهاجمة مسيرة مؤيدة لإسرائيل في ولاية #كولورادو بعبوات حارقة#أميركا pic.twitter.com/YpDM0OBhiV
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 2, 2025وأكد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، عبر منصة "إكس"، أن المكتب يحقق في "هجوم إرهابي مستهدف" وقع في بولدر، مشيرا إلى أن التحقيق لا يزال جاريا.
من جهته، قال قائد شرطة بولدر، ستيف ريدفيرن، إن من المبكر تحديد دوافع المهاجم، لكنه أكد أن الشرطة استجابت بسرعة، وتمكنت من اعتقال المشتبه به في موقع الحادث دون مقاومة. وأضاف أن "البلاغات الأولية أفادت بوجود رجل يحمل سلاحا، كما تم الإبلاغ عن إصابات ناتجة عن حروق".
وبحسب الشرطة، أُصيب عدة أشخاص بجروح متفاوتة، بعضها نتيجة الحروق، وتمت معالجتهم من قبل فرق الإسعاف التي وصلت بسرعة إلى المكان.
وأثار الهجوم ردود فعل واسعة، حيث أعرب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عن غضبه، معتبرا أن "الإرهاب ضد اليهود لم يعد محصورا بغزة، بل وصل إلى شوارع أميركا"، واصفا الهجوم بأنه "عمل إرهابي باستخدام زجاجات مولوتوف ضد متظاهرين سلميين".
كما وصف وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الحادث بأنه "هجوم إرهابي مستهدف"، مؤكدا أن "الإرهاب لا مكان له في الولايات المتحدة".
وأدانت منظمات يهودية عدة هذا العمل العنيف، معتبرة إياه جزءا من تصاعد الكراهية المعادية للسامية. وقال المجلس الإسرائيلي الأميركي في بيان: "هذا الهجوم استهدف مجتمعنا بأكمله ولن نلتزم الصمت".
ويأتي هذا الحادث بعد نحو أسبوعين من حادثة أخرى استهدفت موظفين في السفارة الإسرائيلية أمام متحف يهودي في واشنطن، حيث أطلق عليهم النار مهاجم كان يردد أيضا عبارة "فلسطين حرة".
المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى ويؤدون طقوسا تلمودية عند أبوابه حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة محادثات مصرية أمريكية بشأن غزة الأكثر قراءة كيف أصبحت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟ هل تذكي العملات المهترئة العنف في السوق المحلي؟ نساء غزة يختزن الألم لمواجهة قهر الواقع داخلية غزة: الاحتلال يحاول السيطرة على توزيع المساعدات بمؤسسة مشبوهة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025