جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-16@14:22:50 GMT

عُمان السلام والتعايش

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

عُمان السلام والتعايش

 

مدرين المكتومية

ثوابت السياسة الخارجية لسلطنة عُمان يعلمها القاصي والداني، وتمثل المنطلق الأخلاقي والقيمي الذي تمضي من خلاله دبلوماسيتنا الرصينة في مجالات العمل الدولي والإقليمي على مختلف الصُعُد، لذلك استحقت عُمان عن جدارة وصفها بأنها أرض السلام والتعايش والوئام.

ولقد مثّل اللقاء الحصري لمعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عبر البرنامج الشهير للإعلامية بيكي أندرسون، تبيانًا لا تُخطئه عين، بشأن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، لا سيما فيما يتعلق بقضية الساعة: العدوان على غزة.

إذ تحدث معاليه بكل ثقة عن رسالة عُمان إلى العالم ألا وهي رسالة السلام، وأبرز بذات الثقة والأريحية الموقف العماني من القضية الفلسطينية، وهو موقف نبيل يعكس سمو الرؤية العُمانية لهذه المعضلة، وتجلّى ذلك أكثر مع تأكيد دعوة سلطنة عُمان لعقد مؤتمر دولي للسلام في فلسطين، يكون المنطلق نحو حل الدولتين وفق مقررات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكذلك المبادرة العربية للسلام. وفنّد معاليه إمكانية نجاح هذا المؤتمر بالإشارة إلى ما أحرزته الولايات المتحدة من نجاح في تسعينيات القرن الماضي عندما تمكنت من عقد اتفاقيات أوسلو بين فلسطين وإسرائيل، بوساطة أمريكية، وهو الأمر ذاته الذي يمكن تحقيقه الآن إذا ما توافرت الإرادة لدى الإدارة الأمريكية، خاصة وأن المنطقة لم تعد تتحمل هذه الحرب، وأن إحلال السلام هو الحل الذي لا مفر منه.

تأكيدات وزير الخارجية العُماني على أهمية السلام عبر أكبر منصة إعلامية غربية، تعكس الرؤية العُمانية الأصيلة في إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم. ومما أثار إعجابي الشخصي بتفرُّد الدبلوماسية العُمانية في مقترحاتها ودعواتها للسلام، ما طرحه معالي السيد الوزير بضرروة تقديم تعويضات لأسر الشهداء الأبرياء الذين فقدوا أرواح أحبابهم في هذه الحرب، فالحصيلة حتى الآن تتجاوز 31 ألف شهيد، فضلًا عن عشرات الآلاف من المصابين والمفقودين، ومنهم من يُعاني من إصابات مستديمة وبتر في القدم أو اليدين، وكلها مآسٍ تستوجب جبرها عبر آلية تعويض دولية تضمن عودة الحقوق لأصحابها.

هذا الطرح العُماني لا ينفصل أبدًا عن الإدانة الشديدة للاحتلال الإسرائيلي على ما يرتكبه من انتهاك متواصل للقانون الدولي واستخدام الاحتلال المُجرم لسلاح التجويع ضد أهالي غزة، وهي مسألة تتنافى مع كل القيم الإنسانية، وعدم وقف هذه الحرب يعني حرمان أبناء غزة من أبسط حقوق العيش.

لقد ارتكب الإسرائيليون جرائم فظيعة في حق أهالي غزة وهي جرائم لا يمكن السكوت عنها، ولا بُد من أن تكون هناك مواقف واضحة ضد الحرب خاصة وأنها أخذت الكثير مما أخذته ولم تترك لأبناء غزة سوى الدمار.

إننا عندما نرى موقف عُمان من القضية الفلسطينة خاصة، ومن الحروب عامة، نُدرك أن عُمان منذ البدايات الأولى ومواقفها لم تتغير؛ بل إنها لا زالت مُتمسكة بمواقفها الصلبة النابعة من الثوابت الوطنية، وفق رؤية عُمانية خالصة، تجاه ما يحدث في المنطقة والعالم من حولنا. ولطالما كانت عُمان واحة السلام والأمان التي يلجأ لها العالم لحل المعضلات، فإن المواقف المُشرِّفة لوطني عُمان، تبعث برسالة واضحة مفادها أننا نرفض الحروب ونرفض العنف بأي صورة كانت، وندعو دائمًا للسلام والوئام والتعايش بين الشعوب.

وختامًا.. إنَّ السياسة الخارجية لعُمان ستظل لؤلؤة مضيئة في سماء الدبلوماسية العالمية، بفضل ما تتحلى به من مواقف إنسانية داعمة للسلام في ربوع العالم، وستظل مسقط قبلة للباحثين عن السلام والاستقرار والعيش الآمن في هذا العالم المُضطرب.. فتحية إجلال وتقدير للدبلوماسية العُمانية ولجميع القائمين عليها بكل إخلاص وتفانٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مع انهيار جهود السلام في اليمن… يعود السؤال الأكبر: ما الذي أنجزته الحرب؟

 

 

د. أحمد بن إسحاق

 

منذ عشرة أعوام واليمن يعيش واحدة من أطول الحلقات المفرغة في تاريخه؛ حربٌ لا تُسمع فيها سوى أصوات المدافع، ولا تُرى فيها سوى دوائر تتكرر: تفاوضٌ يتعثر، هدنةٌ تتآكل، جولاتُ سلامٍ تنطلق ثم تتبخر، وأطرافٌ محلية تتكئ على داعميها الخارجيين كمن يتكئ على عكازٍ مكسور وهو يظنّه منجاة.

 

كل طرف يقف على شرفة مشروعه الضيق، يرفع شعارات “المصلحة الوطنية”، بينما يضمر المصلحة الخاصة، حتى تقزمت “اليمن الكبير” في خطاب الجميع إلى أقدام طاولة تفاوض لا تتسع إلا لمكاسب صغيرة لا تشبع جائعًا ولا تبني وطنًا.

 

لقد خاضت الأطراف المتصارعة كل أشكال المواجهة الممكنة: حروبًا ميدانية، ومعارك نفوذ، وحملات إعلامية، وتجييشًا عقائديًا، وتعبئة مناطقية، ودعمًا خارجيًا مباشرًا وغير مباشر.

 

لكن السؤال الجارح الذي لم يجرؤ أحد على الوقوف أمامه طويلًا هو: من الذي انتصر؟

 

هل حُلّت القضية الجنوبية؟

هل تراجع وجع المواطن الجنوبي؟

أم أن معاناته اليوم أكبر، وحقوقه أبعد، وصوته أكثر اختناقًا؟

 

هل وصلت عاصفة الحزم بالحكومة الشرعية إلى قمة جبل مران؟

أم وصلت بها إلى عجز غير مسبوق عن دفع رواتب موظفيها؟

 

هل استعاد اليمن مؤسساته؟

أم تحوّل الموظف الحكومي إلى متسول يترقب بيانًا جديدًا من “منصة دعم”؟

 

هل استطاعت المعارك القضاء على المليشيا التي تمردت على الدستور؟

أم أنتجت الحرب — في سياقها وتفاعلاتها — مليشيات جديدة، وولاءات جديدة، وسلطات أمر واقع تتكاثر كالفطر في الظل؟

 

هل تراجع التدخل الأجنبي في سيادة اليمن؟

أم تضاعف، وتشعبت خرائط النفوذ، وتداخلت مصالح الإقليم والدول الكبرى بشكل غير مسبوق؟

 

والجيران الذين راهنوا على مشاريع اقتصادية عملاقة لاستحداث روافد جديدة لمرحلة ما بعد النفط، كانوا يخططون لمدن مستقبلية تتسع لتسعة ملايين نسمة، قبل أن تتقلص أحلام تلك المشاريع — بحسب تقارير “فاينانشال تايمز” — إلى نحو ثلاثمئة ألف فقط، بعد أن اضطروا للدخول في سباق تسلّح مكلف، وحماية مستمرة لمنشآتهم الاقتصادية نتيجة امتداد نار الحرب في اليمن إليهم.

 

حتى المغامرون الذين ظنّوا أن رفع سقف التفاوض سيمنحهم مكاسب سياسية أكبر، انتبهوا — ولكن بعد عشر سنوات — إلى أن سقف الاقتصاد اليمني وحده هو الذي ارتفع…

 

ارتفع ليترك اليمن في المرتبة الثانية عالميًا في مستوى الفقر، والأولى في قائمة أخطر دول العالم، وارتفعت معه معدلات الهجرة، والانهيار التعليمي، وانكماش الخدمات، وحتى تصورات جيراننا لجدوى مشاريعهم السياحية وتوجهاتهم المستقبلية.

 

أما من خاضوا الحرب بدافع أيديولوجي، وظنّوا أن الدم سيعبد الطريق لنشر رؤاهم الفكرية، فقد اكتشفوا أن قوافل الشهداء لم تكسر عزلتهم، ولم تحرر القدس، بل ساهمت — موضوعيًا — في سحق مئات الآلاف من المدنيين في غزة، وتوسيع رقعة المأساة بدلًا من تضييقها.

 

إن كل طرف — بلا استثناء — دفع ثمنًا باهظًا، والشعب كان وما يزال يدفع الثمن الأكبر، لأن الشعب ليس خارج هذه الأطراف؛ إنه المادة الأولى التي تُبنى منها الجيوش، والجبهات، والخطابات، وهو الوقود الذي يملأ المحارق حين يقرر الساسة التمادي في أخطائهم.

 

لقد قلنا منذ البداية:

تحاوروا قبل أن تتحاربوا.

لكنهم اختاروا — جميعًا — أن يتحاربوا ثم يتحاوروا.

 

وحين وصلوا اليوم إلى باب السلام، وصلوا مثقلين بجراحهم، وبشروطهم التي لا تلتقي، وبأسقفهم التي لا تنخفض، وبعنادٍ يهدّد بانهيار ما تبقى من اللحظة الأخيرة لأمل السلام.

 

إن استمرار التمادي على هذا النحو ليس خطأً سياسيًا فحسب، بل خطرٌ وجودي على الجميع.

والذين يظنون أنهم قادرون على كسب الوقت لا يدركون أن الوقت أصبح هو من يكسبهم، وأن الحرب — حين تطول — لا تُبقي حليفًا ثابتًا ولا عدوًا ثابتًا، بل تلتهم الجميع دون تمييز.

 

فهل بقي في هذا البلد من يجرؤ على النظر في المرآة؟

لا مرآة السياسي، ولا مرآة الإعلام، بل مرآة الضمير…

 

لينظر بعين باردة إلى ما آلت إليه البلاد، ويسأل نفسه السؤال الذي لم يُطرح بصدق منذ عشر سنوات:

إلى أين نمضي؟

ولماذا نمضي — جميعًا — إلى الهاوية ونحن نعرف طريق الخلاص، لكننا نخاف أن نتواضع فنعود إليه؟

 

التاريخ لا يرحم المكابرين.

والسلام — حين يتأخر كثيرًا — يتحول إلى رفاهية لا تستطيع الشعوب دفع ثمنها.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية التركي: الحرب في أوكرانيا باتت الآن في أقرب نقطة للتوقف
  • الإمارات.. عاصمة عالمية للتسامح والتعايش
  • مع انهيار جهود السلام في اليمن… يعود السؤال الأكبر: ما الذي أنجزته الحرب؟
  • وزارة الخارجية: المملكة ترحب بالتوقيع على اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو “حركة 23 مارس”
  • وزير الخارجية: اتفاق شرم الشيخ يرسخ السلام والاستقرار في المنطقة
  • الخارجية الأمريكية توافق على بيع أنظمة اتصالات عسكرية للعراق
  • وزير الخارجية المصري يعلق على تحركات سيناء العسكرية وعلاقتها باتفاقية السلام
  • مستشار سابق للأمم المتحدة: مصر تلعب دورا رياديا في استقرار وتنمية إفريقيا
  • الإمارات: العمل البرلماني الخليجي بوابة لحوارات التسامح والتعايش والسلام مع برلمانات العالم
  • دعوات الحوثيين للسلام.. مناورة جديدة للابتزاز والضغط السياسي