إدارة حقول النفط والغاز المشتركة بين دول الخليج وإيران تعد ملفا شائكا ومعقدا، تتشابك فيه المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية، مما يخلق تحديات كبيرة على صعيد التعاون والحوار.

ومنذ العام الماضي تصاعدت المناوشات الدبلوماسية حول حقل غاز الدرة الواقع على حدود السعودية والكويت، إذ تؤكد طهران امتلاكها حصة في الحقل المشترك بين الكويت والسعودية، في حين تطالب الدول الخليجية إيران بترسيم الحدود من أجل إثبات حقوقها.

وتم اكتشاف الحقل بمياه الخليج في 1967، ويعد موضع خلاف طويل بين الكويت وإيران منذ مدة طويلة، حيث يطلق على جزء الحقل الواقع في الكويت "الدرة"، والجزء الواقع في الجانب الإيراني "آرش".

ويعود الخلاف بشأن الحقل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما منحت كل من إيران والكويت امتيازين بحريين، واحد إلى شركة النفط الأنغلو-الإيرانية (قبل أن تصبح "بي بي")، والآخر إلى "رويال داتش شل".

وكان الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل، الذي تقدّر احتياطاته القابلة للاستكشاف بحوالي 220 مليار متر مكعب.

وفي العام الماضي، وقعت الكويت والسعودية اتفاقا لتطوير الحقل بشكل مشترك رغم معارضة إيران التي وصفت الاتفاق بأنه "غير قانوني".

ويسعى البلدان إلى تطوير حقل الدرة لإنتاج ما يصل إلى مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميا، بالإضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميًا.

وكان الخلاف بين الجانبين قد شهد فصلا جديدا، بعدما أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، مطلع الشهر الجاري، أن ثروات حقل الدرة النفطي، ملك للبلدين الخليجيين فقط.

وجاء ذلك في بيان أعقب اجتماعا لوزراء خارجية الأعضاء الـ6، وهم: السعودية، الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، قطر، البحرين، استضافته السعودية.

موقع حقل الدرة المتنازع عليه بين الكويت والسعودية من جهة وإيران من جهة أخرى (الجزيرة)  أزمة معقدة

وحول هذا الملف يقول المحلل والخبير الاقتصادي السعودي خالد الأنصاري إن بلاده ودول الخليج الأخرى تولي أهمية قصوى لقضية إدارة حقول النفط والغاز المشتركة مع إيران نظرا لما تمثله كمصدر حيوي للاقتصاد والأمن في المنطقة، وتسهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الطاقة العالمية.

ويضيف الأنصاري، في حديث للجزيرة نت، على الرغم من وضوح الموقف الخليجي، ولا سيما الموقف السعودي، الذي يؤكد أن ثروات حقل الدرة تخص السعودية والكويت فقط، فإن المملكة قد دعت في عدة مناسبات الجانب الإيراني لحل الخلافات الحدودية.

ويشير إلى أنه ورغم ذلك، لم يتم التوصل إلى أي حلول نهائية تدفع نحو استغلال الحقل، موضحا أن المطالب الإيرانية لن تنتج حقًا قانونيا، وأن الحل الوحيد يكمن في المفاوضات الفنية والقانونية.

ويؤكد أن موقف المملكة ودول الخليج هو تأكيد على ضرورة الالتزام بالقوانين الدولية وأطر العمل القانونية في حل النزاعات المتعلقة بحقول النفط والغاز المشتركة، مشددا على أن السعودية لن تتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها في حقل الدرة وفقا للقوانين الدولية واتفاقيات ترسيم الحدود البحرية.

ورغم تشابك وتعقد الأزمة المتعلقة بحقل الدرة لكن المحلل السعودي يرى أن هناك إمكانية لحلها عبر الحوار والتفاوض، لافتا إلى أن هناك تجارب سابقة ناجحة لحل الخلافات حول حقول النفط والغاز المشتركة بين إيران وبعض دول الخليج، مثل قطر.

ويُشير الأنصاري إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قطر وإيران تعد نموذجا يمكن الاستفادة منه لحل الأزمة المتعلقة بحقل الدرة.

الخارجية: المنطقة البحرية الواقع بها حقل الدرة تقع في المناطق البحرية لدولة الكويت والثروات الطبيعية فيها مشتركة بين الكويت والسعودية ولهما وحدهما حقوق خالصة في الثروة الطبيعية في حقل الدرة#كونا #الكويت pic.twitter.com/ad2lwuiKMp

— كونا KUNA (@kuna_ar) July 3, 2023

28 حقلا مشتركا

على الجانب الآخر، تشير البيانات إلى أن إيران قد اكتشفت حقولا جديدة بشكل مستمر في السنوات التي تلت ثورة عام 1979، باستثناء فترة الحرب الإيرانية – العراقية، وخلال هذه الفترة، تم اكتشاف ما يصل إلى 73 حقلا، يتكون من 36 حقلا نفطيا و37 حقلا للغاز.

وتمتلك إيران ما لا يقل عن 28 حقلا مشتركا، بما في ذلك 18 حقلا نفطيا و4 حقول غاز و6 حقول نفط وغاز مع الدول المجاورة، وهي واحدة من الدول القليلة في العالم التي لديها هذا العدد من الحقول المشتركة.

ومن بين هذه الحقول الـ28، تمتلك إيران 12 حقلا مشتركا مع العراق، و7 حقول مشتركة مع الإمارات، وحقلين مشتركين مع كل من قطر وسلطنة عمان، وحقلا مشتركا واحدا مع كل من السعودية، والكويت، وتركمانستان.

ويعد حقل غاز الشمال المشترك، الذي يقع في الخليج العربي وعلى الحدود المشتركة بين إيران وقطر، أكبر حقل للغاز في العالم، حيث يبلغ إجمالي احتياطي الغاز في هذا الحقل 39 تريليون متر مكعب، كما يبلغ احتياطي مكثفات الغاز به 56 مليار برميل.

ومن هذه الكمية تقدر حصة إيران في قطاع الغاز لديها بـ14 تريليون متر مكعب وفي مكثفات الغاز بـ18 مليار برميل، أي ما يعادل 8% من غاز العالم.

تمتلك إيران 10% من احتياطي النفط في العالم و18% من احتياطي الغاز الطبيعي، وتتم مشاركة 42% من احتياطيات الغاز الإيرانية مع السعودية والكويت وأذربيجان وتركمانستان وقطر، ويتم تقاسم 14% من احتياطيات النفط الإيرانية مع السعودية وأذربيجان والإمارات والعراق.

ولذلك، فإن جزءا كبيرا من احتياطيات النفط والغاز الإيرانية يقع في حقول مشتركة بين إيران وجيرانها. وهذه الحقول متكاملة جيولوجيا ومشتركة من حيث الملكية.

أما بخصوص حقل "الدرة" التي تسميه إيران "آرش"، فقد قال النائب القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان في مارس/آذار الجاري إن جزءا من حقل "الدرة" للغاز والنفط ملك لإيران.

وأضاف أنه ليس لدينا حدود بحرية مع الكويت، لكننا اكتشفنا هذا الحقل وحفرنا بئرا هناك منذ عدة سنوات، ونعتقد بأن "الدرة" مشترك، وفي حال بدأت الكويت بالاستخراج من الحقل فسنبدأ نحن أيضا بذلك.

وزير النفط: نرفض جملة وتفصيلا الادعاءات والإجراءات الإيرانية حيال حقل الدرة وهو ثروة طبيعية كويتية سعودية ليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى يتم ترسيم الحدود البحريةhttps://t.co/zb4va6vVYm#كونا #الكويت pic.twitter.com/2NIm9SXtsN

— كونا KUNA (@kuna_ar) July 3, 2023

 أسباب اقتصادية

في سياق منفصل، رأى خبير الطاقة حميد رضا شكوهي أن التدشين والإنتاج الإيراني من الحقول المشتركة أقل من المطلوب ويعود ذلك للعقوبات المفروضة على إيران، حيث أن استخراج النفط والغاز يتطلب استثمارا أجنبيا وكذلك استيراد تقنيات لا تمتلكها إيران، بينما العقوبات تمنع كل هذا.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن إيران بدأت بتطوير بعض الحقول في الداخل مثل سبهر وجفير بالاعتماد على تقنية واستثمار محلي من خلال شركة إيرانية خاصة.

وأوضح شكوهي أن إيران لا تستطيع زيادة الضغط في حقل فارس الجنوبي (في قطر يسمى حقل غاز الشمال) بسبب فقدانها للتقنية اللازمة، كما أن هناك حقولا مشتركة في بحر قزوين لا تستطيع إيران الإنتاج منها للسبب ذاته.

وفي ما يخص حقول الشمال الإيراني، قال إن إيران لم تستطع استخراج الغاز من بحر قزوين بسبب عمق مياه البحر وإنها لا تمتلك هذه التقنيات بسبب العقوبات.

وتابع الخبير أن عمق بحر قزوين أكثر بكثير من الخليج، موضحا أن الاستخراج من الحقول الأخرى في الجنوب والغرب أسهل وبتكلفة أقل، لذلك إيران لم تعر اهتماما كبيرا لتدشين حقول الشمال.

وفي شأن الجدل حول حقل الدرة قال شكوهي إنه منذ سنوات وافقت الكويت على أن حقل الدرة مشترك بينها وبين إيران وتحدثت بهذا الشأن، ولكنها رفضت ذلك مؤخرا.

ومن جانبه، رأى خبير الطاقة الإيراني بهمن آرمان أن في ما يتعلق بالإنتاج من الحقول المشتركة مع الجيران، هناك فشل كبير بسبب التوترات السياسية مع دول الجوار والعقوبات، حيث تنعكس على إنتاج النفط والغاز من الحقول المشتركة.

وقال للجزيرة نت إن إيران لا تمتلك التقنيات الحديثة بسبب العقوبات، وللسبب ذاته لم تستثمر الصين في قطاع الطاقة الإيراني ولم تنفذ روسيا اتفاقيتها مع إيران بشأن الاستثمار في قطاع النفط والغاز لأسباب اقتصادية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الکویت والسعودیة المشترکة بین مشترکة بین بین الکویت من احتیاطی دول الخلیج بین إیران حقل الدرة إلى أن

إقرأ أيضاً:

ثروات 10رجال أعمال تنهي فقر العالم أجمع .. من هم النخبة المالية؟

في مشهد غير مسبوق يعكس التحولات الاقتصادية الكبرى، كشفت دراسة حديثة أعدتها مجلة "CEOWORLD" بالتعاون مع معهد COSMOS Analytica عن قفزة تاريخية في عدد المليارديرات حول العالم، حيث بلغ عددهم هذا العام 3,028 شخصا.

عدد المليارديرات حول العالم

بثروة إجمالية تبلغ 16.1 تريليون دولار، بزيادة قدرها تريليوني دولار عن العام الماضي، باتت هذه النخبة المالية تملك من الثروات ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول العالم مجتمعة، باستثناء الولايات المتحدة والصين فقط.

طفرة غير مسبوقة في عدد الأثرياء حول العالمسميحة أيوب.. رحلة مسرحية ثرية بالبصمات الخالدةالولايات المتحدة تتصدر

وكشف توزيع المليارديرات حول العالم عن أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بصدارتها المطلقة، حيث تضم وحدها 902 ملياردير، تليها الصين بـ 450 مليارديراً، ثم الهند التي سجلت حضوراً لافتاً بـ 205 مليارديرات،  ألمانيا – 126، روسيا – 120، المملكة المتحدة – 117، البرازيل – 85، كندا – 70، فرنسا – 68، إيطاليا – 64.

من جهتها كشفت منظمة أوكسفام الدولية، في تقرير صادر قبيل مؤتمر تمويل التنمية المنعقد في مدريد بمشاركة أكثر من 190 دولة، عن تفاقم خطير في الفجوة بين الأغنياء والفقراء، محذّرة من أن النظام المالي العالمي بات يخدم مصالح الأقلية الثرية على حساب الغالبية الفقيرة.

%1 يمتلكون 43% من الأصول العالمية ويسطيعون انهاء الفقر

التقرير يوضح أن 3000 ملياردير فقط يمتلكون ما يعادل 14.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما يستحوذ أغنى 1% على نحو 43% من إجمالي الأصول في العالم، كما إن ثروة 3000 شخص فقط قد “تقضي على الفقر السنوي 22 مرة”.

أبرز الأثرياء

في طليعة نادي "الـ 200 مليار دولار"، يبرز:

إيلون ماسك 361 مليار دولار

مارك زوكربيرج 252 مليار دولار

جيف بيزوس 241 مليار دولار

لاري إليسون أكثر من 200 مليار دولار

وبحسب مجلة فوربس، فإن تسعة من بين أغنى عشرة أشخاص في العالم ينتمون إلى الولايات المتحدة، في ظل ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات لصنع الثروات في وقت قياسي.

طباعة شارك عدد المليارديرات حول العالم أبرز الأثرياء مارك زوكربيرج إيلون ماسك

مقالات مشابهة

  • المبعوث الأممي يقود وساطة .. تشغيل مطار صنعاء مقابل تصدير النفط والغاز
  • مؤسسة النفط تعلن معدلات إنتاج النفط والغاز والمكثفات خلال 24 ساعة
  • ثروات 10رجال أعمال تنهي فقر العالم أجمع .. من هم النخبة المالية؟
  • النفط النيابية:قانون النفط والغاز لن يرى النور بسبب المصالح الفئوية والحزبية والمناطقية
  • إندونيسيا تشيد بدور المملكة الريادي في تعزيز استقرار أسواق النفط
  • وزارة الطاقة تقيم ورشة عمل حول معالجة المياه المرافقة عند استخراج النفط
  • المبعوث الأممي يختتم زيارته الى عدن ويقول أنه ناقش تمكين الحكومة من استئناف صادرات النفط والغاز
  • اجتماع موسّع بين شركة الخليج ومؤسسة النفط لبحث خطط رفع معدلات الإنتاج
  • مؤسسة النفط تبحث مع شركة «الخليج العربي» وضع خطة متكاملة لرفع الإنتاج
  • “هيئة الطاقة” تتلقى 388 طلبا للحصول على تراخيص خلال أيار الماضي