حقول النفط والغاز المشتركة بين دول الخليج وإيران: صراع على ثروات الطاقة
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
إدارة حقول النفط والغاز المشتركة بين دول الخليج وإيران تعد ملفا شائكا ومعقدا، تتشابك فيه المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية، مما يخلق تحديات كبيرة على صعيد التعاون والحوار.
ومنذ العام الماضي تصاعدت المناوشات الدبلوماسية حول حقل غاز الدرة الواقع على حدود السعودية والكويت، إذ تؤكد طهران امتلاكها حصة في الحقل المشترك بين الكويت والسعودية، في حين تطالب الدول الخليجية إيران بترسيم الحدود من أجل إثبات حقوقها.
وتم اكتشاف الحقل بمياه الخليج في 1967، ويعد موضع خلاف طويل بين الكويت وإيران منذ مدة طويلة، حيث يطلق على جزء الحقل الواقع في الكويت "الدرة"، والجزء الواقع في الجانب الإيراني "آرش".
ويعود الخلاف بشأن الحقل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما منحت كل من إيران والكويت امتيازين بحريين، واحد إلى شركة النفط الأنغلو-الإيرانية (قبل أن تصبح "بي بي")، والآخر إلى "رويال داتش شل".
وكان الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل، الذي تقدّر احتياطاته القابلة للاستكشاف بحوالي 220 مليار متر مكعب.
وفي العام الماضي، وقعت الكويت والسعودية اتفاقا لتطوير الحقل بشكل مشترك رغم معارضة إيران التي وصفت الاتفاق بأنه "غير قانوني".
ويسعى البلدان إلى تطوير حقل الدرة لإنتاج ما يصل إلى مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميا، بالإضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميًا.
وكان الخلاف بين الجانبين قد شهد فصلا جديدا، بعدما أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، مطلع الشهر الجاري، أن ثروات حقل الدرة النفطي، ملك للبلدين الخليجيين فقط.
وجاء ذلك في بيان أعقب اجتماعا لوزراء خارجية الأعضاء الـ6، وهم: السعودية، الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، قطر، البحرين، استضافته السعودية.
وحول هذا الملف يقول المحلل والخبير الاقتصادي السعودي خالد الأنصاري إن بلاده ودول الخليج الأخرى تولي أهمية قصوى لقضية إدارة حقول النفط والغاز المشتركة مع إيران نظرا لما تمثله كمصدر حيوي للاقتصاد والأمن في المنطقة، وتسهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الطاقة العالمية.
ويضيف الأنصاري، في حديث للجزيرة نت، على الرغم من وضوح الموقف الخليجي، ولا سيما الموقف السعودي، الذي يؤكد أن ثروات حقل الدرة تخص السعودية والكويت فقط، فإن المملكة قد دعت في عدة مناسبات الجانب الإيراني لحل الخلافات الحدودية.
ويشير إلى أنه ورغم ذلك، لم يتم التوصل إلى أي حلول نهائية تدفع نحو استغلال الحقل، موضحا أن المطالب الإيرانية لن تنتج حقًا قانونيا، وأن الحل الوحيد يكمن في المفاوضات الفنية والقانونية.
ويؤكد أن موقف المملكة ودول الخليج هو تأكيد على ضرورة الالتزام بالقوانين الدولية وأطر العمل القانونية في حل النزاعات المتعلقة بحقول النفط والغاز المشتركة، مشددا على أن السعودية لن تتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها في حقل الدرة وفقا للقوانين الدولية واتفاقيات ترسيم الحدود البحرية.
ورغم تشابك وتعقد الأزمة المتعلقة بحقل الدرة لكن المحلل السعودي يرى أن هناك إمكانية لحلها عبر الحوار والتفاوض، لافتا إلى أن هناك تجارب سابقة ناجحة لحل الخلافات حول حقول النفط والغاز المشتركة بين إيران وبعض دول الخليج، مثل قطر.
ويُشير الأنصاري إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قطر وإيران تعد نموذجا يمكن الاستفادة منه لحل الأزمة المتعلقة بحقل الدرة.
الخارجية: المنطقة البحرية الواقع بها حقل الدرة تقع في المناطق البحرية لدولة الكويت والثروات الطبيعية فيها مشتركة بين الكويت والسعودية ولهما وحدهما حقوق خالصة في الثروة الطبيعية في حقل الدرة#كونا #الكويت pic.twitter.com/ad2lwuiKMp
— كونا KUNA (@kuna_ar) July 3, 2023
28 حقلا مشتركاعلى الجانب الآخر، تشير البيانات إلى أن إيران قد اكتشفت حقولا جديدة بشكل مستمر في السنوات التي تلت ثورة عام 1979، باستثناء فترة الحرب الإيرانية – العراقية، وخلال هذه الفترة، تم اكتشاف ما يصل إلى 73 حقلا، يتكون من 36 حقلا نفطيا و37 حقلا للغاز.
وتمتلك إيران ما لا يقل عن 28 حقلا مشتركا، بما في ذلك 18 حقلا نفطيا و4 حقول غاز و6 حقول نفط وغاز مع الدول المجاورة، وهي واحدة من الدول القليلة في العالم التي لديها هذا العدد من الحقول المشتركة.
ومن بين هذه الحقول الـ28، تمتلك إيران 12 حقلا مشتركا مع العراق، و7 حقول مشتركة مع الإمارات، وحقلين مشتركين مع كل من قطر وسلطنة عمان، وحقلا مشتركا واحدا مع كل من السعودية، والكويت، وتركمانستان.
ويعد حقل غاز الشمال المشترك، الذي يقع في الخليج العربي وعلى الحدود المشتركة بين إيران وقطر، أكبر حقل للغاز في العالم، حيث يبلغ إجمالي احتياطي الغاز في هذا الحقل 39 تريليون متر مكعب، كما يبلغ احتياطي مكثفات الغاز به 56 مليار برميل.
ومن هذه الكمية تقدر حصة إيران في قطاع الغاز لديها بـ14 تريليون متر مكعب وفي مكثفات الغاز بـ18 مليار برميل، أي ما يعادل 8% من غاز العالم.
تمتلك إيران 10% من احتياطي النفط في العالم و18% من احتياطي الغاز الطبيعي، وتتم مشاركة 42% من احتياطيات الغاز الإيرانية مع السعودية والكويت وأذربيجان وتركمانستان وقطر، ويتم تقاسم 14% من احتياطيات النفط الإيرانية مع السعودية وأذربيجان والإمارات والعراق.
ولذلك، فإن جزءا كبيرا من احتياطيات النفط والغاز الإيرانية يقع في حقول مشتركة بين إيران وجيرانها. وهذه الحقول متكاملة جيولوجيا ومشتركة من حيث الملكية.
أما بخصوص حقل "الدرة" التي تسميه إيران "آرش"، فقد قال النائب القانوني للرئيس الإيراني محمد دهقان في مارس/آذار الجاري إن جزءا من حقل "الدرة" للغاز والنفط ملك لإيران.
وأضاف أنه ليس لدينا حدود بحرية مع الكويت، لكننا اكتشفنا هذا الحقل وحفرنا بئرا هناك منذ عدة سنوات، ونعتقد بأن "الدرة" مشترك، وفي حال بدأت الكويت بالاستخراج من الحقل فسنبدأ نحن أيضا بذلك.
وزير النفط: نرفض جملة وتفصيلا الادعاءات والإجراءات الإيرانية حيال حقل الدرة وهو ثروة طبيعية كويتية سعودية ليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى يتم ترسيم الحدود البحريةhttps://t.co/zb4va6vVYm#كونا #الكويت pic.twitter.com/2NIm9SXtsN
— كونا KUNA (@kuna_ar) July 3, 2023
أسباب اقتصاديةفي سياق منفصل، رأى خبير الطاقة حميد رضا شكوهي أن التدشين والإنتاج الإيراني من الحقول المشتركة أقل من المطلوب ويعود ذلك للعقوبات المفروضة على إيران، حيث أن استخراج النفط والغاز يتطلب استثمارا أجنبيا وكذلك استيراد تقنيات لا تمتلكها إيران، بينما العقوبات تمنع كل هذا.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن إيران بدأت بتطوير بعض الحقول في الداخل مثل سبهر وجفير بالاعتماد على تقنية واستثمار محلي من خلال شركة إيرانية خاصة.
وأوضح شكوهي أن إيران لا تستطيع زيادة الضغط في حقل فارس الجنوبي (في قطر يسمى حقل غاز الشمال) بسبب فقدانها للتقنية اللازمة، كما أن هناك حقولا مشتركة في بحر قزوين لا تستطيع إيران الإنتاج منها للسبب ذاته.
وفي ما يخص حقول الشمال الإيراني، قال إن إيران لم تستطع استخراج الغاز من بحر قزوين بسبب عمق مياه البحر وإنها لا تمتلك هذه التقنيات بسبب العقوبات.
وتابع الخبير أن عمق بحر قزوين أكثر بكثير من الخليج، موضحا أن الاستخراج من الحقول الأخرى في الجنوب والغرب أسهل وبتكلفة أقل، لذلك إيران لم تعر اهتماما كبيرا لتدشين حقول الشمال.
وفي شأن الجدل حول حقل الدرة قال شكوهي إنه منذ سنوات وافقت الكويت على أن حقل الدرة مشترك بينها وبين إيران وتحدثت بهذا الشأن، ولكنها رفضت ذلك مؤخرا.
ومن جانبه، رأى خبير الطاقة الإيراني بهمن آرمان أن في ما يتعلق بالإنتاج من الحقول المشتركة مع الجيران، هناك فشل كبير بسبب التوترات السياسية مع دول الجوار والعقوبات، حيث تنعكس على إنتاج النفط والغاز من الحقول المشتركة.
وقال للجزيرة نت إن إيران لا تمتلك التقنيات الحديثة بسبب العقوبات، وللسبب ذاته لم تستثمر الصين في قطاع الطاقة الإيراني ولم تنفذ روسيا اتفاقيتها مع إيران بشأن الاستثمار في قطاع النفط والغاز لأسباب اقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الکویت والسعودیة المشترکة بین مشترکة بین بین الکویت من احتیاطی دول الخلیج بین إیران حقل الدرة إلى أن
إقرأ أيضاً:
كازاخستان تندد بضربة أوكرانية أصابت أحد أهم خطوط النفط الدولية
#ضربة بطائرات مسيّرة تعطل أحد أكبر الموانئ النفطية في البحر الأسود#أستانا تحذر: استهداف البنية التحتية للطاقة يهدد الاستقرار العالمي# الهجوم هو الثالث على خطوط تصدير نفط كازاخستان خلال عام واحد
في تصعيد يسلط الضوء على هشاشة التوازن الإقليمي، دانت كازاخستان بشدة الهجوم الذي استهدف أحد أهم المواقع النفطية في شبكة الطاقة العالمية.
فقد تعرضت محطة تابعة لاتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين قرب ميناء نوفوروسيسك لضربة بطائرات مسيّرة نسبت إلى أوكرانيا، ما أدى إلى تضرر أحد الأرصفة بشكل بالغ وتوقف عمليات الشحن فوراً.
هذا الهجوم لم يكن مجرد حادث عابر، بل رسالة إضافية في صراع باتت ارتداداته تمتد إلى دول لم تكن طرفاً مباشراً في النزاع.
بيان الخارجية الكازاخية حمل نبرة غير معتادة، واصفاً الضربة بأنها هجوم متعمد يستهدف بنية تحتية مدنية ضمانتها قواعد القانون الدولي.
لم تُخفِ أستانا استياءها من كون الضربة طالت منشأة تعتمد عليها للاحتفاظ بمكانتها كمصدر رئيسي للطاقة، مؤكدة أن استقرار تدفق النفط مسألة ترتبط بالاقتصاد العالمي لا بالمصالح الإقليمية الضيقة. هذا الخطاب يعكس مخاوف حقيقية من أن يصبح النفط الكازاخستاني في مرمى العمليات العسكرية.
كييف بين الغموض والواقع الميدانيورغم أن كييف لم تعلن مسؤوليتها رسمياً، فإن نمط الهجمات الأخيرة على المصافي والأنابيب والموانئ داخل روسيا يضع أوكرانيا في قلب الاتهامات.
استهداف المنشأة هذه المرة أثار جدلاً أكبر، لأنها لا تخدم روسيا فقط بل تشكل شرياناً حيوياً لتصدير النفط الكازاخستاني إلى أوروبا وآسيا. ومع أن كييف تلتزم الصمت، تشير تقارير أمنية إلى أنها نفذت عمليات مماثلة خلال الأشهر الماضية بهدف إضعاف القدرة الروسية على تصدير النفط وتمويل الحرب.
شبكة الطاقة العالمية على المحكالهجوم لم يضرب منشأة محلية صغيرة؛ بل استهدف محطة تمثل جزءاً أساسياً من منظومة تعتمد عليها أسواق النفط العالمية.
توقف عمليات الشحن حتى لو لساعات فقط كان كفيلاً بإثارة تساؤلات حول مستقبل الإمدادات وبدائل النقل.
وقد سارعت الحكومة الكازاخستانية إلى الإعلان عن البحث في مسارات تصدير بديلة، في خطوة تعكس حجم القلق من امتداد الصراع إلى خطوط النفط التي تُعد العمود الفقري لاقتصادها.
تاريخ من الهجمات المتصاعدة على خطوط النفط الكازاخستانيةهذا الهجوم ليس الأول من نوعه. ففي فبراير 2025، استهدفت سبع طائرات مسيرة محطة ضخ تابعة للاتحاد، ما أدى إلى إبطاء عمليات التحميل. تكرار الاستهداف جعل أستانا ترى أن منشآتها باتت ضمن نطاق العمليات العسكرية غير المباشرة، وهو ما قد يؤثر في علاقتها مع كييف التي تعد شريكاً اقتصادياً مهماً.
شركاء دوليون في قلب الأزمةالمنشأة المستهدفة ليست روسية بالكامل فالاتحاد الذي يدير خط الأنابيب يضم شركات عالمية كبرى بينها شيفرون وإكسون موبيل.
وهذا يعني أن أي ضرر يلحق بالبنية التحتية يمس مصالح دولية واسعة تتجاوز روسيا وكازاخستان.
الخط نفسه يمتد من حقل تنغيز في كازاخستان حتى الميناء الروسي على البحر الأسود، حيث يتم تحميل النفط المتوجه إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.
توقف مؤقت وعودة حذرة للعمل بعد الضربةقبيل توقف العمليات، لجأ العاملون إلى الملاجئ بعد انطلاق صافرات الإنذار.
وبعد ساعات من تقييم الأضرار، أعلن الاتحاد أن الشحنات استؤنفت بشكل محدود، مؤكداً أن التعطيل كان مؤقتاً رغم حجم الدمار الذي لحق بالبنية الإدارية للمحطة العودة المتدرجة تعكس حرصاً على تجنب أي تهديد إضافي محتمل.
تحذيرات كازاخستان: لن نقبل باستهداف مستقبلنا الاقتصاديفي ختام بيانها، طالبت كازاخستان أوكرانيا باتخاذ إجراءات فعالة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، مشددة على أن استقرار الطاقة جزء من استقرار العالم.
الرسالة كانت واضحة ومباشرة: المساس بخطوط النفط ليس مجرد عمل عسكري، بل تهديد لاقتصاد دولة بأكملها ولسوق تعتمد عليها قارات كاملة.
وفي ظل تصاعد الصراع وتشابك مصالح الدول، يبدو أن هذا الهجوم يفتح الباب أمام فصل جديد تتداخل فيه الحسابات السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء