أجرى البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، مقابلته العامة في قاعة بولس السادس بالفاتيكان واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول: “لقد استمعنا يوم الأحد الماضي إلى رواية آلام الرب”. 

وأوضح البابا فرنسيس ، ان الآلام التي تكبّدها يسوع، بفضيلة مهمة جدًا، على الرغم من أنها ليست من بين الفضائل التقليدية: الصبر وهي تتعلّق بتحمُّل ما قد نقاسي منه.

وفي الآلام تحديدًا يظهر صبر المسيح، الذي قبل بوداعة وَدَعَة أن يُلقى القبض عليه، ويُصفع، ويُحكم عليه ظلمًا؛ وأمام بيلاطس لم يردَّ الاتهام؛ وتحمَّل الشتائم والبصق والجلد؛ حمل ثقل الصليب؛ غفر للذين سمّروه على الخشبة وعلى الصليب لم يُجب على للاستفزازات بل قدّم الرحمة. جميع هذه الأمور تقول لنا إنَّ صبر يسوع لا يقوم على مجرّد مقاومة رواقية للألم، بل هو ثمرة حب أعظم.

وأضاف البابا فرنسيس، خلال عظته التي ترجمتها للعربية ونشرتها الصفحة الرسمية للفاتيكان، منذ قلقل ، ان الرسول بولس يربط في ما يُعرف بـ "نشيد المحبة"، بين المحبة والصبر بشكل وثيق. في الواقع، في وصف الميزة الأولى للمحبة، يستخدم كلمة تُترجم بأنها "تصبر". هي تُعبِّر عن مفهوم مدهش، غالبًا ما يعود في الكتاب المقدس: الله، إزاء عدم أمانتنا، يظهر أنه "طويل الأناة": فبدلاً من أن يُنفِّس عن اشمئزازه من الشر، وخطيئة الإنسان. يُظهر نفسه عظيمًا، مستعدًا في كل مرة لكي يبدأ من جديد بصبر لا متناه. هذه هي بالنسبة لبولس، السمة الأولى لمحبة الله الذي يقدم المغفرة أمام الخطيئة. ولكن ليس ذلك فحسب: إنها السمة الأولى لكل محبة عظيمة، تعرف كيف ترد على الشر بالخير، ولا تنغلق على نفسها في الغضب واليأس، بل تثابر وتنطلق من جديد. لذلك فإن في أصل الصبر هناك المحبة، كما يقول القديس أوغسطينوس: "كلما كان الإنسان أقوى على احتمال أي شر، كلما عظمت محبة الله فيه".

واستطرد البابا فرنسيس: إنه لا توجد شهادة لمحبة المسيح أفضل من اللقاء بمسيحي صبور. ولكن لنفكر أيضًا في عدد الأمهات والآباء والعمال والأطباء والممرضين والمرضى الذين يجمِّلون العالم يوميًّا، في الخفاء، بصبر مقدس! وكما يقول الكتاب المقدس، "الطويل الأناة خير من الجبار". ومع ذلك، علينا أن نكون صادقين: غالبًا ما نفتقر إلى الصبر. نحن بحاجة إليه كحاجتنا لـ "فيتامين أساسيّ" لكي نمضي قدمًا، ولكننا غريزيًا نفقد صبرنا ونرد على الشر بالشر: من الصعب أن نبقى هادئين، ونتحكم في غرائزنا، ونكبح ردود الفعل السيئة، وننزع فتيل الخلافات والصراعات في العائلة، والعمل وفي الجماعة المسيحيّة.

وأكد البابا فرنسيس ، أن الصبر ليس مجرد ضرورة، بل هو دعوة: إذا كان المسيح صبورًا، فإن المسيحي مدعو لكي يكون صبورًا. وهذا الأمر يتطلب منا أن نسير عكس التيار نسبة للعقلية السائدة اليوم، والتي تهيمن فيها العجلة و"كل شيء الآن"؛ وحيث، بدلاً من أن ننتظر المواقف لكي تنضج، نضغط على الأشخاص، متوقعين منهم أن يتغيروا على الفور. لا ننسينَّ أن التسرع ونفاد الصبر هما عدوّا الحياة الروحية: الله محبة، ومن يحب لا يتعب، ولا يغضب، ولا يعطي إنذارات، بل يعرف كيف ينتظر. لنفكر في رواية الآب الرحيم، الذي ينتظر ابنه الذي كان قد ترك البيت: يتألم بصبر، ويتلهّف فقط لكي يعانقه ما إن يراه عائدًا؛ أو في مثل الحنطة والزوان، مع الرب الذي لا يستعجل لكي يستأصل الشر قبل أوانه، لكي لا يضيع شيء.

وتسأل البابا فرنسيس كيف ننمّي الصبر؟ لأنه، كما يعلّم القديس بولس، ثمرة الروح القدس، فعلينا أن نطلبه بالذات من روح المسيح. هو يمنحنا قوة الصبر الوديعة، لأنه "من سمات الفضيلة المسيحية ليس فقط فعل الخير، وإنما أيضًا القدرة على احتمال الشر". سيفيدنا، لاسيما في هذه الأيام، أن نتأمل في المصلوب لكي نتعلّم الصبر. تمرين جميل أيضًا هو أن نحمل إليه الأشخاص المزعجين، ونطلب منه النعمة لكي نعيش تجاههم عمل الرحمة المعروف وغير المُنتظر في الوقت عينه: تحمُّل الأشخاص المزعجين بصبر. ولنبدأ بطلب أن ننظر إليهم بشفقة، بنظرة الله، عارفين كيف نميِّز وجوههم عن أخطائهم.

تابع البابا يقول أخيرًا، لكي ننمِّي الصبر، الفضيلة التي تُعطي النفس للحياة، من الجيد أن نوسِّع نظرنا. على سبيل المثال، من خلال عدم حصر نطاق العالم في مشاكلنا، كما يدعونا الاقتداء بالمسيح: "عليك إذن أن تُعيد إلى ذهنك شدائد الآخرين العظيمة، ليهونَ عليك احتمال شدائدك اليسيرة" وتذكّر أن "كلَّ ما يحتمله الإنسان مهما يكُن يسيرًا، إذا قبله بالشكر من يدِ الله، لا يذهب بدون أجر". كذلك، عندما نشعر بأننا في قبضة التجربة، كما يعلِّمنا أيوب، من الجيد أن نفتح برجاء على حداثة الله، بالثقة الراسخة بأنه لن يخيِّب انتظاراتنا.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول وهنا اليوم، في هذه المقابلة العامة، هناك شخصان، أبوان: أحدهما إسرائيلي والآخر عربي. كلاهما فقدا ابنتيهما في هذه الحرب وكلاهما صديقان. هما لا ينظران إلى عداوة الحرب، بل ينظران إلى صداقة رجلين يحبان بعضهما البعض وقد مرا بالصلب نفسه. لنفكر في هذه الشهادة الجميلة لهذين الشخصين اللذين عانيا في بناتهما من الحرب في الأرض المقدسة. أيها الأخين العزيزين، أشكركما على شهادتكما.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الصبر الآلام البابا فرنسیس فی هذه

إقرأ أيضاً:

بحضور 1000 طفل.. إيبارشية حُلوان والمعصرة تحتفل بذكرى دخول المسيح مصر

تحتفل مصر اليوم السبت، بعيد دخول العائلة المُقدسة إليها، هربًا من بطش هيرودس الطاغوت الذي أراد إيذاء السيد المسيح، واختارات العائلة المُقدسة مصر دون سائر بُلدان العالم، لتُصبح ملجأ لها لأكثر من 3 سنوات.

وبهذه المُناسبة قررت إيبارشية حُلوان والمعصرة وتوابعها، الاحتفال بهذه المُناسبة بشكل مُختلف، تحت شعار «أيقونة سلام»، إذ قررت الإيبارشية أن تُسعد ما يتجاوز الـ 1000 طفل في اليوم الذي سعد فيه الطفل يسوع بأحضان مصر أم الدُنيا. 

وقال الأنبا ميخائيل، أسقف الإيبارشية، رئيس دير الأنبا برسوم، في تصريح خاص لـ«الوطن»، إن فكرة جمع 1000 طفل وأكثر من كنائس الإيبارشية، ما هي إلا مُجرد البداية، فالكنيسة تحمل في قلبها الكثير والكثير لأبناءها الأطفال، ونشئ مصر والكنيسة والإيبارشية له القدرة بمعونة الله على إنجاز أكبر الأحلام، شريطة أن يجد من يؤمن به وبقدراته ويدفعه للأمام وينمي قدراته الإبداعية.

وأضاف الأنبا ميخائيل: دائمًا ما نشجع الأطفال قائلين لهم «معًا نستطيع»، وننشد أن نرى من أولئك الأطفال زويل جديد، أو مجدي يعقوب جديد، أو نجيب محفوظ جديد، أو غيرهم من العُلماء والأدباء الذي يرفعون اسم مصر عاليًا، بين الدول.

ويشهد الحفل العديد من الفقرات ذات الطابع المصري الأصيل، بدء من استقبال الضيوف والشخصيات العامة والدينية الإسلامية والمسيحية والكوادر الوطنية، والذي يقوم به أفراد لجنة العلاقات العامة بالإيبارشية، مرورًا بالكورال الذي يضم ما يُقارب 15 من كنائس الإيبارشية، ويشارك 10 أفراد من كل كنيسة في الكورال الذي سيصدح بالأناشيد الوطنية والترانيم ذات الطابع المصري الأصيل مثل «جالك يا مصر زمان هربان، بارك بلادي، احفظ بلادنا يارب، و م. ص.ر».

وللمرة الأولى قامت الإيبارشية بعمل ترنيمة تتحدث فيها عن معالم مصر السياحية، وهو ما يدل على الحرص الكامل على تشجيع العالم أجمع على التمتع بالأجواء المهداة من الله العظيم إلى مصر، وتحمل الترنيمة التي تصدر للمرة الأولى في الحفل شعار «وكان عادي» ويترنم بها ما يُقارب الـ10 مرنمين، وهي من كلمات وألحان وتوزيع خُدام الإيبارشية، وتقول كلمات المُقدمة الخاصة بها: «وكان عادي.. يسيب الدُنيا يا بلادي.. ويرتاح بين كفوف نيلك.. يناديلك.. يقول شعبك دول أولادي».

ويُشارك 1000 طفل في العديد من الفقرات مثل ماراثون الجري، وعروض التيفو، والأعلام والطبل الكشفية، وكذلك المسرح الكنسي الذي يضم العديد من كنائس الإيبارشية، وأيضًا الخوروس الذي يجمع مرتلي الكنائس لتلاوة أجمل الألحان القبطية، بالإضافة إلى تكريم الأنبا ميخائيل أسقف الإيبارشية، لعدد من الكوادر المصرية البارزة من ذوي القدرات الخاصة.

مقالات مشابهة

  • 10 أسباب لمجيء السيد المسيح إلى أرض الكنانة
  • بحضور البابا تواضروس.. احتفالية "أم الدنيا" في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر
  • قيادات «المتحدة» تبحث مع البابا تواضروس إنتاج أعمال عن التاريخ القبطي
  • احتفالية أم الدنيا في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر
  • البابا تواضروس يترأس قداس عيد دخول السيد المسيح مصر.. صور
  • البابا تواضروس يشكر «المتحدة» على فيلم أم الدنيا 2: «مجهود كبير ومفرح»
  • لقاء البابا فرنسيس مع الوفد الطبي لجراحة التجميل العالمي في الفاتيكان
  • الأنبا ميخائيل يترأس احتفالية دخول المسيح لمصر
  • بحضور 1000 طفل.. إيبارشية حُلوان والمعصرة تحتفل بذكرى دخول المسيح مصر
  • البابا تواضروس يترأس قداس عيد دخول السيد المسيح مصر اليوم السبت