بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان يكلفون مركزا لمساعدة الناجين من النزاع
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
افتتحت بعثة الأمم المتحدة في البلاد (UNMISS) وشركاؤها، مؤخرا منزلا آمنا في أنداري في غرب الاستوائية، لدعم بعض الناجين من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في جنوب السودان.
النزاعات في جنوب السودانأدت النزاعات في جنوب السودان إلى تجارب مؤلمة للعديد من الشابات والشبان، ليس أقلهم أولئك الذين أجبروا على الانضمام إلى الجماعات المسلحة المختلفة في البلاد.
ويعتزم المركز مساعدة 195 ناجية سيخضعون لجلسات قصيرة من الدعم النفسي والاجتماعي والمشورة وعلاج الصدمات.
ويمكنهم أيضا المشاركة في التدريبات على مهارات كسب العيش التي تهدف إلى استعادة كرامتهم ووضعهم على طريق التعافي وإعادة الإدماج.
وتتذكر ممثلة مجموعة نسائية تعيش في المنطقة المحنة التي مرت بها العديد من الفتيات والنساء المحليات.
مقطع صوتي (عربي) هنريكا إلياس، ممثلة المرأة في إيزو: هذا المركز يشبه الحلم الذي أصبح حقيقة، لقد جلب لنا السعادة التي لا يمكننا التعبير عنها ما حدث لنا نحن النساء والفتيات خلال الأزمة أمر مرعب حدثت الكثير من الأشياء السيئة في قرانا، حيث اختطفت الفتيات والفتيان أيضا".
وبالنسبة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، يعد افتتاح هذا المركز الصديق للمرأة علامة فارقة، حيث يسلط الضوء على الحاجة والواجب الأخلاقي لإشراك الجميع في تنمية الأمة، وليس أقلها الناجين من الصدمات المروعة.
مقطع صوتي (بالإنجليزية) كريستوفر موشيري مورينجا، الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، يامبيو: كجزء من البحث عن سلام دائم وشامل في جنوب السودان، علينا إحضار الناجين، حتى يتمكنوا من شفاء صدماتهم وسيصبحون بعد ذلك أعضاء منتجين في المجتمع، ويساهمون في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للدولة".
وبدعم من الاتحاد الأوروبي، قامت منظمة تنمية المعونة للعمل الريفي بتجديد البيت الآمن كجزء من مشروع "من الضحية إلى تمكين المواطنين: الناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع بوصفهن عوامل تغيير في مجتمعاتهن المحلية في غرب الاستوائية"، الذي بدأته الوحدة الاستشارية لحماية المرأة التابعة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من العنف في جنوب السودان بنسبة 35٪، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، وفقا للأمم المتحدة.
وقد وثقت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان 233 حادثة عنف أثرت على 862 شخصا، ومن بين هؤلاء، قتل 406 وأصيب 293 وخطف 100 وعانى 63 من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، حسبما ذكرت في تقرير صدر يوم الاثنين.
هذه زيادة بنسبة 35٪ في الإصابات مقارنة بالربع السابق.
ومن المقرر أن يجري جنوب السودان انتخابات في وقت لاحق من هذا العام، وهي الأولى منذ اتفاق السلام لعام 2018 بين الرئيس سلفا كير ومنافسه السابق رياك مشار، الذي أنهى صراعا استمر خمس سنوات وتسبب في مقتل مئات الآلاف.
وازداد العنف الناجم عن التوترات العرقية والنزاعات على الموارد مثل الأراضي في أجزاء مختلفة من البلاد في الأشهر الأخيرة، ولا سيما في منطقة أبيي الغنية بالنفط.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم إن المنظمة "تبذل كل ما في وسعها لمنع العنف وإحلال السلام في المناطق المتضررة" وحث حكومة جنوب السودان على التدخل "لحل المظالم الكامنة وإحلال السلام".
وقالت إنها نفذت ما لا يقل عن 10 آلاف دورية لحفظ السلام برا وجوا وبحرا خلال العام الماضي.
كما يعاني جنوب السودان، وهو أحد أحدث دول العالم، من الجفاف والفيضانات، مما يجعل الظروف المعيشية صعبة على السكان.
وفي أحدث تقرير له عن البلاد، قال برنامج الأغذية العالمي إن جنوب السودان "لا يزال يواجه أزمة إنسانية خطيرة" بسبب العنف وعدم الاستقرار الاقتصادي وتغير المناخ وتدفق الأشخاص الفارين من الصراع في السودان المجاور.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بعثة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة
منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة
وجدي كامل
تمثل الحرب الحالية في السودان ذروة نزعة التضليل التاريخي والإعلامي والثقافي. بشاعتها على الأرض لا تخفى، ويومياتها الدامية شاهدة، بينما يروج إعلام الحكومة – حكومة “الأمر الواقع” – لرواية مضادة: عن حرب في نهايتها، وانتصارات وشيكة، وزيارات ميدانية لرئيس وزراء بورتسودان، الذي شاهدناه يتلقى التهاني ويتبادل التحايا مع المواطنين، وكأنه يحتفل بمناسبة سعيدة خاصة لا تهم احدا سواه، ولا يعرف الناس عنها شيئًا.
وراء هذا المشهد، تتكشف الحقيقة. فالحرب تُدار عسكريًا ومدنيًا بواسطة تنظيم الإخوان المسلمين. هذا التنظيم الذي بدد أموال الناس، ورهن موارد البلاد، وباع أملاكها، وكاد أن يقتل ثلث سكانها فقط كي يحكم، ولا يتعرض لاي مساءلة قانونية عن جرائمه.
اللجوء إلى الحرب ليس جديدًا على هذا التنظيم. فمنذ نشأته، ظل في مواجهة دائمة مع التيارات الثقافية والسياسية السائدة في السودان، رافضًا الحوار، ومفضّلًا تصفية الخصوم بالعنف. من المطالبات بفرض الدستور الإسلامي، إلى المواجهات الطلابية، إلى تمرير قوانين سبتمبر 1983، ثم انقلاب 30 يونيو 1989… العنف ظل حلاً استراتيجيًا.
لقد بدأت تلك المرحلة التراجيدية بحرب الجنوب، التي وُظِّفت لقمع المطالب السياسية والثقافية والاقتصادية، باستخدام شعارات دينية زائفة، وتضليل بالدين لخدمة أهداف سلطوية.
ثم جاءت حرب دارفور عام 2003، لتكشف الوجه الحقيقي مجددًا بتفكيك النسيج الاجتماعي، وإعادة تشكيل الخريطة السكانية، ونهب موارد الذهب واليورانيوم والنحاس. انها حرب لإعادة إنتاج السلطة على حساب المجتمعات المحلية.
أما الحرب الراهنة، فهي حرب انتقام مباشر من ثورة ديسمبر 2018. عندما أسقط الشعب رأس النظام، وزجّ بعدد من رموزه في السجون، وبدأت لجنة إزالة التمكين بتفكيك المنظومة الاقتصادية الفاسدة… هنا بدأ الرد.
ورغم أن الحرب تبدو على السطح صراعًا بين الجيش والدعم السريع، إلا أنها أعمق من ذلك. لقد صُوِّبت نيرانها نحو المدنيين وتحالفاتهم السياسية. هدفها إفشال الانتقال الديمقراطي، من خلال تحالفات ضمّت اللجنة الأمنية، والحركات المسلحة، وقوى سياسية متربصة بالثورة، تمارس الاتجار في سوق السياسة.
نجحت اللجنة الأمنية، في البداية، في إخفاء أجندتها: إعادة إنتاج النظام القديم. ثم جاءت لحظة الانتقام الكبرى عبر مجزرة الاعتصام، ثم تفجير الحرب من قلب العاصمة، في الأحياء السكنية والمناطق الحيوية. النتيجة: قتل، تشريد، نزوح، ونهب.
وبينما تغيب الإحصاءات الدقيقة، فإن مشاركة القوى الأمنية والعسكرية تمثل امتدادًا مكشوفًا للنظام السابق، الذي لم يُخفِ تهديده باستخدام القوة حتى قبل اندلاع الحرب.
ولتعميق مشروع الانتقام، جرى توظيف قسط من الأموال المنهوبة لبناء سردية إعلامية خبيثة، تقسّم الرأي العام، وتفكك القوى المدنية. تم استخدام أدوات استخباراتية وإعلامية متقدمة لترويج رواية “حرب الكرامة” ضد الدعم السريع، رغم أن الأخير صنيعة النظام نفسه، استخدمه لقمع الشعب من قبل.
لقد أضاعت قوى الثورة فرصة ثمينة. غابت الإدارة الموحدة، وضعف التنسيق، ولم تستطع أن تقضي على هذه المنظومة الأخطر على استقرار السودان. منظومة هي التهديد الأكبر أمام قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
اليوم، بعد اتساع الخراب، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف الحرب. ولكن وقف الحرب لا يكفي. لا بد من إعادة تعريفها: هذه ليست مجرد حرب بين جيشين، بل حرب انتقام من الحاضر، ومحاولة لإلغاء التاريخ، وتشويه المستقبل. وقف الحرب يجب أن يقترن بتجريم قانوني لهذا التنظيم، حتى لا يُلدغ السودان مرة أخرى من نفس الجُحر.
إن أي توافق سياسي في سودان المستقبل يجب أن يُبنى على رفض قاطع ليس فقط للتنظيم الاخواني فقط، بل لثقافة اللعب بالدين كورقة سياسية. السياسة يجب أن تقوم على المصالح الوطنية، التنمية، والعقلانية، لا على الاستغلال الديني والتضليل الأخلاقي.
ولتكون الأفكار مشروعًا قابلًا للتطبيق في ظروف سلمية مدنية، علينا:
تفكيك الشبكات الاقتصادية السرية:لا يكفي إسقاط النظام سياسيًا؛ لا بد من تفكيك البنى الاقتصادية التي أنشأها: من الشركات الواجهة، والمنظمات الخيرية الزائفة، إلى العلاقات البنكية المشبوهة. هذا يتطلب أجهزة رقابة قوية، وقضاء مستقل، ومخابرات مالية متقدمة.
استرداد الأموال المنهوبة:عبر لجان قانونية، واتفاقيات دولية (مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، وملاحقة الأموال المهربة والمجمّدة بالخارج، بمساعدة دعم قانوني دولي فعّال.
إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني:عبر تقليص سيطرة التنظيمات السياسية على القطاعات الإنتاجية، وتقوية القطاع العام، ودعم الشركات الصغيرة والمبادرات المحلية المستقلة، مع شفافية مالية تجاه اقتصاديات الأحزاب.
إصلاح المؤسسات المالية:مراجعة دور البنوك في غسل الأموال والتمويل السياسي، وتطبيق حوكمة صارمة وفقًا لمبادئ الشفافية الدولية (مثل FATF).
تحصين المستقبل:بوضع قوانين تمنع احتكار الدين أو الاقتصاد من قبل أي جهة سياسية. وهذا يتطلب تفعيل قوانين تضارب المصالح، وتوسيع دور الإعلام الاستقصائي والمجتمع المدني في كشف الفساد.
سياسيًا، لا يمكن الحديث عن دولة مدنية ديمقراطية دون تفكيك أدوات الهيمنة الاقتصادية والتنظيمية لأي تيار يستخدم الدين كسلاح.
وأخيرًا، يتبدى الخطر الأكبر في النسيان، سواء أكان نسيانًا ذاتيًا أو بفعل التضليل الإعلامي. لا بد من نشر الوعي، وتوثيق جرائم الفساد المالي، وكشف كيف ارتبط المال بالاستبداد.
ان الشعب الذي يعرف كيف يُموَّل الاستبداد، يعرف كيف يُقاومه ويطيح بأركانه، ويبطل مفعول ثقافته.
الوسومالإخوان المسلمين الحرب السودان الشبكات الاقتصادية السرية المؤسسات المالية ثورة ديسمبر 2018 حرب دارفور حكومة الأمر الواقع رئيس وزراء بورتسودان هيكلة الاقتصاد السوداني وجدي كامل