{لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ}
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
*{لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ}*
هناك خطرٌ زاحفٌ يهدف لهدم جسور التضامن الوثيق ما بين الشعب والجيش ، وهو تهديدٌ قديمٌ بدء قبل سقوط النظام السابق من اتهاماتٍ جزافيةٍ للجيش باستحواذه على أكثر من ٧٠% من ميزانية الدولة ، وسيطرته على اقتصاد البلاد من خلال شركاته ، وتمظهر هذا الكيد من خلال شعارات المحتجين التي بلغت حداً تجاوز الإسفاف بهتافات معليش معليش ما عندنا جيش ونعت منسوبي القوات المسلحة علناً بأولاد الحرام ، ثم تجريف كفاءاتها وبعض مؤسساتها بسياسات تفكيك التمكين ، وتجدد ذات المخطط بعد بدء الحرب من خلال اتهاماتٍ عديدة أهمها عجز الجيش عن حماية المدنيين في حدود مسئولية الحاميات التي تمترست داخل أسوارها لأسبابٍ موضوعيةٍ مُقدَّرة ، فيما تفنَّنت المليشيا تنكيلاً بالمدنيين حول هذه الحاميات حتى مستوى الإبادة الجماعية كما حدث في الجنينة.
الإنسحاب من الجزيرة دون قتال في ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣م قدح زِناد التعبئة العامة والمقاومة الشعبية بشكلٍ عفوي من عامة الشعب التي انطلقت من واقع التهديد الوجودي على عامة الشعب وعياً منهم بأن المخطط الجاري لا يستهدف القوات المسلحة وحدها والتي كانت تتجاهل دعوات المطالبة بالتعبئة العامة ، ورغم أن قيادة السلطة سايرت الشعب في انتفاضته ، غير أنها لم تخفي توجُّسها من هذه التعبئة الشعبية وأعلنت أنها ستتعامل معها بسياسة إدارة الغضب ، فتأخر تحرير ولاية الجزيرة لما يقارب أربعة أشهر حتى اليوم ١ أبريل ٢٠٢٤م رغم استباحة العشرات من قراها كل يوم واستمرار قتل وسحل واغتصاب ونهب أهلها.
بعض المواقع العسكرية التي انسحبت كانت تضم مئات المُستَنفرين غير المسلحين (جبل أولياء ومدني على سبيل المثال) ، ثم استعرضت المليشيا المخازن التي استولت عليها في هذه المواقع وهي موفورة السلاح والعتاد والذي لو كان بيد المُستَنفرين فلربما تغيرت كفة المعارك في تلك المواقع ، ولايزال حتى اليوم التباطؤ في تسليح وتوظيف المقاومة الشعبية قائماً ، وعِوَضاً عن ذلك فقد تم إغراق المقاومة الشعبية في مسائل احتفالية وإدارية ولجانٍ تجتمع وتنبثق وتسافر هنا وهناك ، مع اللمز والتشكيك في المقاومة الشعبية أو بعضها بأنها ذات بواعث سياسية (إسلامية) ، وتأتي هذه الإشارات متزامنةً مع حملةٍ ممنهجة تقوم بها القنوات الإماراتية والمليشيا ربيبتها.
ليس سِرَّاً أن التضامن الشعبي غير المسبوق مع القوات المسلحة لم يكن شيئاً مدبراً من السلطة أو قيادة القوات المسلحة ولا حتى من القوى السياسية ، وإنما استدعى هذا التضامن التهديد الوجودي على كل البلاد وشعبها والوعي الشعبي العميق بحجم هذا التهديد ومراميه والذين يقفون وراءه ، ولقد كان هذا التلاحم الشعبي الكبير أقوى وأعتى حاجز صدٍّ تحطم على سفوحه هذا المخطط الآثم ، واليوم نرى بوضوح تركيز الأعداء على كسر هذه اللُّحمة ، وتحطيم هذا التضامن من خلال عوامل متعددة تستهدف نسف الثقة ما بين الجيش وشعبه.
المؤكد يقيناً أن أكثر من ٨٠% من الشعب السوداني اليوم قد كفروا تماماً بكل التنظيمات والكيانات السياسية التي كانت قائمة قبل ١٥ أبريل ٢٠٢٣م ، والمؤكد عند غالبيتهم (ولا سيما جيل الشباب ممن هم دون الخمسين عاماً) بأنه لن يبقى لها وجود في الحياة السياسية بعد الحرب … سيبقى هناك إسلاميون ويساريون وربما قليل من الطائفيين كبار السن ، ولكنهم لن ينتظموا في ما سبق من كيانات وأحزاب .. بل سيتم تأسيس أحزاب عملاقة على أسس سودانية صِرفة ، وبواعث فكرية وطنية محضة ، وسيكون ذلك بنص الدستور والقانون المنظم للنشاط السياسي ، والذي لن يسمح بإنشاء أحزاب قزمة على شاكلة (الفكة) ، وهذا ما ينبغي أن نعمل جميعاً عليه ، فلا يجرفن البعض شنآن الإسلاميين فيقوموا مقاماً يفُتُّ في عضد التماسك الوطني ، فيكون جهدهم في ذلك مُتَّسقاً مع الحملة المنظمة لتجريم المقاومة الشعبية بمزاعم استجلاب مقاتلين دواعش ، أو أنها تضم متطرفين ، فاليوم في السودان لا إرهاب ولا تطرف إلا فيما تفعله المليشيا ومن يقف معها ، وقد تمادوا في جرائمهم لمستوىً يندى له جبين داعش الكبرى نفسها.
إن الوعي الشعبي المدهش كان أكبر من أن يلوم القوات المسلحة والقوات النظامية على ما حدث ، بل إنه تعالى حتى على لوم السلطة القائمة ولو شاء لفعل ، والسلطة القائمة وقيادة الجيش سيكفيهم اليوم للمحافظة على هذه الثقة الهائلة مساندة الإرادة الشعبية ، واتباع سياسة الصدق والشفافية مع شعبهم ، وربما تجدر الإشارة هنا إلى أننا البلد الوحيد الذي يخوض حرباً شاملةً على امتداد عامٍ كامل دون أن تكلف سلطته السياسية أو قيادته العسكرية نفسها عناء عقد مؤتمرٍ صحفي تجيب فيه على تساؤلات شعبها الذي يخوض معها غمار المعارك بكل إخلاصٍ وتفاني ، وحيث أن زجاجة الثقة لم تنكسر بعد ولم يُهراق ما فيها ، فلازال بيد ولاة الأمر أن يستدركوا من الأمورما فاتهم حتى لا يقع ما نخشاه ويرجوه الأعداء.
*واحرص على حفظ النفوس من الأذى*
*فرجوعها بعد التناكر يصعُبُ*
*إن القلوب إذا تنافر وُدُّها*
*شِبهُ الزجاجةِ كسْرُها لا يُشعبُ*
اللواء (م) مازن محمد إسماعيل
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المقاومة الشعبیة القوات المسلحة
إقرأ أيضاً:
ما دلالات المشاهد التي نشرتها “القسام” لمحاولة أسر جندي إسرائيلي في خان يونس؟
#سواليف
أعادت مشاهد محاولة #أسر_جندي_إسرائيلي شرقي #خان_يونس، والتي بثّتها #كتائب_القسام مؤخرًا، تسليط الضوء على تحوّل نوعي في أداء #المقاومة، لا سيما في ما يتعلق بتنفيذ عمليات جريئة ومعقّدة خلف خطوط #قوات_الاحتلال.
ويرى #محللون #سياسيون و #عسكريون، أن ما جرى يتجاوز كونه اشتباكًا ميدانيًا عابرًا، ليحمل في طياته #رسائل_استراتيجية متعددة الأبعاد، من حيث التوقيت، والأسلوب، والأثر النفسي، ما يعكس تطورًا ملحوظًا في قدرات المقاومة، في مقابل اهتزاز متزايد في بنية الجيش الإسرائيلي.
ويشير هؤلاء المحللون إلى أن هذه العملية قد تمثل تحوّلًا تكتيكيًا مدروسًا في نهج المقاومة، عبر تفعيل خيار “الأسر الميداني” كأداة ضغط فعالة، سواء على المستوى العسكري أو التفاوضي، بما يربك حسابات الاحتلال ويفرض عليه أثمانًا سياسية وأمنية متصاعدة.
مقالات ذات صلةرسائل عسكرية ونفسية
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن “المشاهد التي ظهرت في عبسان تحمل دلالات مكانية وزمانية لافتة، إذ وقعت العملية خلف خطوط الاحتلال، في وقت يدور فيه القتال على تخوم خان يونس. وهذا يؤكد أن المقاومة نفذت هجومًا نوعيًا داخل العمق الإسرائيلي، وهي من أصعب وأعقد العمليات في العقيدة العسكرية، كونها تجري في مناطق يسيطر عليها العدو”.
وأضاف في حديث لـ”قدس برس” أن “التوقيت الزمني له دلالة واضحة، حيث جاءت العملية تزامنًا مع تصاعد الخطاب الإعلامي للمقاومة حول ملف أسر الجنود، ما يشير إلى محاولة مقصودة لتعزيز الضغط النفسي على جنود الاحتلال، ودفعهم لحالة من الحذر المفرط، ما يؤدي إلى ارتباك العمليات وعدم تحقيق الأهداف”.
وأشار أبو زيد إلى أن العملية “كشفت أبعادًا إعلامية واحترافية واضحة، إذ أُنجزت بتصوير احترافي عبر ثلاث كاميرات، رغم مرور أكثر من 640 يومًا من المعركة، ما يؤكد استمرار المقاومة في الحفاظ على الجاهزية الميدانية والإعلامية”.
ولفت إلى أن “الجسارة اللافتة لعناصر المقاومة قابلها انعدام رغبة في القتال لدى جنود الاحتلال، إذ يظهر المقطع مقاومًا يصل إلى هدفه مباشرة، بينما يفرّ جندي إسرائيلي مسلح من ساحة المواجهة، في مشهد يناقض الرواية الإسرائيلية التي زعمت إصابته نتيجة اشتباك”.
وأوضح أن “الجرافة المستهدفة لم تكن عسكرية، لكنها كانت تُقاد من قبل جندي احتلال، ما يدل على نقص في الآليات الهندسية، خصوصًا جرافات D9 المستخدمة في عمليات الهدم والبحث عن الأنفاق، وهو تطور يعكس أزمة متصاعدة في القدرات اللوجستية الإسرائيلية”.
أما من الناحية التكتيكية، فبيّن أبو زيد أن “المقاومة بدأت بالهجوم على الجرافة، ثم طوّرت الموقف ميدانيًا بمحاولة أسر الجندي الفارّ. لكن يبدو أن المقاوم قدّر أن إصابة الجندي بليغة، ما يجعل عملية أسره صعبة ومكلفة، فآثر الاستيلاء على سلاحه والانسحاب، وهو ما يعكس وعيًا ميدانيًا سريعًا وقدرة على اتخاذ القرار في لحظة فارقة”.
ورقة ضغط جديدة
من جانبه، قال المحلل السياسي إياد القرا إن “الحدث الأخير يحمل دلالة استراتيجية واضحة، إذ يُظهر أن المقاومة تتجه نحو اعتماد خيار أسر الجنود ميدانيًا، وهو ما بدا جليًا من محاولة الأسر التي ظهرت بوضوح في الفيديو”.
وأشار في حديث لـ”قدس برس” إلى أن “هذا التوجه يعكس قرارًا داخل المقاومة، مفاده أنه إذا استمرت إسرائيل في تعطيل صفقة التبادل ورفض دفع الثمن، فإن المقاومة ستسعى إلى أسر جنود خلال المواجهات، رغم صعوبة الظروف الميدانية”.
وأوضح القرا أن “هذا الأسلوب يهدف إلى خلق ورقة ضغط جديدة على أكثر من صعيد، أبرزها توجيه رسالة للمجتمع الإسرائيلي مفادها أن الجيش في غزة يعاني من الفشل والإرهاق، وأن جنوده ليسوا في مأمن، بل قد يتكرر هذا المشهد في جبهات أخرى داخل القطاع”.
وأضاف أن “الرسالة الثانية موجهة لمسار التفاوض، إذ تعني أن على إسرائيل أن تتعامل مع واقع جديد مفاده وجود أسرى جدد أحياء، ما يعيد تحريك ملف التبادل، ويزيد من كلفة بقائها في القطاع”.
وختم بالقول إن “امتناع المقاوم عن سحب جثة الجندي القتيل، والتركيز بدلًا من ذلك على محاولة الأسر، يدل على أن هدف المقاومة هو الضغط على الاحتلال لإجباره على الانسحاب، وأن تكرار هذا النموذج قد يشكّل معادلة ردع جديدة داخل غزة”.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، إياد القطراوي، إن نشر مشاهد محاولة أسر جندي إسرائيلي من قبل المقاومة في خان يونس يحمل أبعادًا سياسية وإعلامية عميقة، ولا يمكن النظر إليه كحدث عابر أو مجرد “مشهد عسكري” فقط.
وأضاف في حديث لـ”قدس برس” أن هذا النشر جاء في توقيت حساس يعكس جمودًا أو تعثرًا في مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى، حيث تُستخدم هذه المشاهد كرسالة واضحة لإسرائيل بأن المقاومة ما زالت تحتفظ بالقدرة على أسر جنود، ما يعني أن ملف التفاوض، وخصوصًا ملف الأسرى، لا يزال مفتوحًا وقد يتعقد أكثر.
وأشار إلى أن المشاهد تكشف عن فشل أمني وعسكري رغم الانتشار الكبير لقوات الاحتلال في خان يونس، مما يضع الحكومة الإسرائيلية في موقف محرج أمام الرأي العام، خصوصًا عائلات الجنود الأسرى والمفقودين، ويزيد من الضغوط السياسية الداخلية على رئيس الحكومة.
وأكد القطراوي أن هذه المشاهد تؤكد استمرار فعالية المقاومة ومبادرتها رغم مرور أكثر من تسعة أشهر على اندلاع الحرب، وتوجه رسالة حاسمة لحلفائها وشعوب المنطقة بأن مشروع المقاومة ما زال قويًا ويشكل تحديًا مباشرًا للاحتلال.
وقال أيضًا إن المشاهد تخاطب الجمهور الفلسطيني والعربي، وتعزز ثقتهم في قدرة المقاومة على المبادرة والمواجهة حتى في أصعب الظروف، لا سيما في ظل الحملات النفسية الإسرائيلية التي تحاول تصوير المقاومة على أنها منهارة في الجنوب.
وأضاف أن هذه المشاهد جزء من حرب إعلامية تهدف إلى إبراز سيطرة المقاومة على زمام المبادرة، وبث الرعب والارتباك في صفوف الجنود الإسرائيليين، خصوصًا في المناطق الحدودية الجنوبية.
وأشار إلى أن محاولة الأسر، حتى وإن لم تنتهِ بأسر فعلي، تحمل رمزية كبيرة تكسر هيبة الاحتلال وتعيد إلى الأذهان تجربة أسر الجندي شاليط، مما يمنح المقاومة ورقة ضغط معنوية هامة.
وبين أن هذه المشاهد تشكل تهديدًا ضمنيًا قويًا، مفاده أن المقاومة قادرة على أسر مزيد من الجنود في أي وقت، ما قد يعيد تشكيل موازين التفاوض، كما يمكن استثمار هذا التطور لتحريك أو تأخير المفاوضات وفقًا لمصالح المقاومة، وربما إدخال شروط جديدة مثل وقف إطلاق النار، فتح المعابر، وضمانات دولية.
وختم بالقول، إن هذه الخطوة تعني أيضًا أن الاحتلال لم يحقق أهدافه العسكرية المعلنة، مما يضعف موقفه التفاوضي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وبثت كتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الخميس، مشاهد حصرية توثق محاولة أسر أحد جنود الاحتلال خلال عملية نوعية نفذها مقاتلوها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأظهرت المشاهد لحظة تنفيذ الإغارة على تجمع لجنود الاحتلال وآلياته في منطقة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، حيث اشتبك عناصر “القسام” مع القوات الإسرائيلية، قبل أن يستحوذوا على سلاح أحد الجنود بعد فراره من حفار عسكري، في محاولة انتهت بقتله نتيجة تعذر استكمال الأسر.
وأوضحت “القسام” أن العملية تندرج ضمن سلسلة عمليات “حجارة داود”، التي أطلقتها كتائب المقاومة رداً على الهجوم الإسرائيلي المسمى “عربات جدعون”.