يوميات وزير وكاتب فلسطيني في حرب غزة (5).. "جدار من النار يسقط على رأسي"
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
ترجمة: محمد مستعد
مقدمة:
عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه » ياسر » (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.
الأحد 5 نوفمبر: جدار من النار يسقط على رأسي«
كانت الساعة تشير إلى حوالي 7 مساء أمس. كنت قد أوقفت سيارتي للتو غير بعيد عن البيت الذي أسكن فيه. رأيت أمامي صديقي القديم « فخري »، وكان من الأشخاص القلائل الذين بقوا منتسبين إلى حزب من اليسار. وكان في اليوم السابق قد أخبرني بأن بعض رفاقه السابقين في الحزب انضموا، بشكل مفاجئ، إلى الحركات الإسلامية. ناديت عليه وهو يقف في الجانب الآخر من الشارع، فأخبرني أنه سيذهب إلى المرحاض ثم سيعود بعد دقيقة واحدة. لكن هذه الدقيقة كانت هي التي قادته إلى الموت. وهي التي أنقذتني أنا من الموت.
وفجأة سقط على رأسي جدار من النار، ثم تلته سحابة من الدخان. وجدت نفسي وسط ضباب الغبار وكميات هائلة من الأنقاض كانت تسقط علينا. وضعت يدي على رأسي ثم اندفعت إلى الشارع بحثًا عن ملجأ للاختباء فيه. ضاع مني حذائي فبدأت أركض حافي القدمين. وبعد لحظة، رجعت إلى الوراء لأبحث عن حذائي. وعند تلك اللحظة فقط لاحظت أن هناك شيئا ساخنا فوق ساقي: كان هناك الكثير من الدم. مسحته بيدي وأنا أمشي نحو المنطقة التي استهدفها القصف. كانت هناك خمسة مباني تم تدميرها بالكامل. وكان هناك شخص يصرخ ويقول إن هناك ضحية بالقرب من الشجرة في وسط الشارع. بذلنا كل ما في جهدنا من أجل إزالة الاسمنت والتراب. وكم كان المشهد مرعبا بالنسبة لي عندما وجدت أن صديقي « فخري » هو الذي كان يرقد هناك ميتاً. شعرت فجأة بالتعب الشديد، وبدأ رأسي في الدوران. ساعدني أخي « محمد » على الخروج من الأنقاض. عرض علي أن يأخذني إلى المستشفى، ولكن الأمر بدا لي سخيفا. فقضيت اليوم مستلقيا فوق سرير داخل « المركز الصحفي ». كانت إصابتي تؤلمني كثيرا. وكنت أنظف الجرح بالملح والماء.
الأربعاء 8 نونبر 2024: « لم يعد أمامنا أي خيار آخر »
نهار أمس أكلت قطعة من الشوكولاطة وبعض الحلوى أخذتها من ابني ياسر الذي كان يخبئها في المقعد الخلفي للسيارة. وهي حلوى من بقايا الزمن الذي كان ما تزال هناك سوبرماركت مفتوحة، وكانت هناك أشياء من الممكن شراؤها. عندما وصلت إلى منزل « فرج »، قدم لي خبزتين، لكنني تظاهرت بأنني لا أحس بالجوع، فأعطيت ل »ياسر » واحدة، واقترحت على « فرج » أن يحتفظ بالثانية ليأكلها في الفطور في اليوم الموالي.
أكلت بعض حبوب « الترمس » الذي كنت قد غليته في اليوم السابق، وقشرت برتقالة لكنني أكلت نصفها فقط لأنها لم تكن ناضجة. هذا كل ما أكلته بالأمس. سألني بلال: « إلى متى سيستمر هذا الوضع يا عاطف؟ ». أعرف ماذا تعني نظراته إلي. لقد دامت الحرب لفترة أطول بكثير مما توقعنا. وافقته الرأي وقلت له:
« غدًا، سنرى كيف نتوجه نحو الجنوب » لا ينبغي أن ندعي البطولة، و »لا للإكراه تحت تهديد السلاح ». فنحن لم تعد أمامنا خيارات أخرى. وبينما أنا أكتب هذه السطور في المركز الصحفي، سمعت صرخات في الشارع. خرجت أطل من الشرفة، فرأيت المئات من الأشخاص وهم يركضون، ويحملون أمتعتهم. أخبرني أحد الرجال بأنهم كانون يسكنون جميعاً في مدارس منظمة الأمم المتحدة « »الأونروا » بالقرب من الشاطئ، وأن الدبابات والجرافات الإسرائيلية وصلت بالقرب منهم. وهي تقع الآن على بعد 500 متر فقط من المركز الصحفي. قُتل العديد من الأشخاص في الجانب الغربي من الشارع، فقط لأنهم كانوا يوجدون في طريق الدبابات. كما أخبرني شخص آخر بأنه رأى الدبابات والجرافات وهي تدمر المسجد والفيلات المحيطة به. كان يصرخ وهو يجري بدون أن يخفف من سرعته، ويقول: « إنهم يحرقون كل شيء ».
عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان « حياة معلقة ». وكتاب بعنوان » الدرون يأكل معي » The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي.
عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة حماس تحكم قطاع غزة.
كلمات دلالية عاطف أبو سيف غزة فلسطين
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: عاطف أبو سيف غزة فلسطين عاطف أبو سیف على رأسی
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الإسرائيلي: الاعتراف الفرنسي بفلسطين يضر بمفاوضات غزة
زعم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية يقوض فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من غزة.
وأوضح وزير الخارجية الإسرائيلي خلال مباحثات هاتفية مع نظيرته الكندية أنيتا أناند، أمس الجمعة، : قلتُ أيضًا لأناند إن الخطوات الأحادية الجانب التي تتخذها فرنسا ودول أخرى لن تؤدي إلا إلى دفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات من جانبها، والمبادرة الفرنسية تُضعف فرص التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار، ولن تُعزز الاستقرار في المنطقة.
وادعى ساعر أن دولة الاحتلال وافقت على المقترحات المقدمة بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، لكن حماس زعمت أنها شددت من موقفها، وهو ما عزاه إلى هجمات دبلوماسية قوية على إسرائيل من قبل بعض الدول.
يذكر أن الوفدين الأمريكي والإسرائيلي انسحاب أمس الأول الخميس من مفاوضات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في غزة، في الوقت الذي أشارت فيه الصحافة الإسرائيلية إلى "انهيار المفاوضات".
وقال المبعوث الأمريكي للمنطقة ستيف ويتكوف، إن حماس لا ترغب في التوصل إلى اتفاق، مضيفا أن الولايات المتحدة ستدرس الآن "خيارات بديلة لإعادة الرهائن إلى ديارهم" والسعي إلى مستقبل أكثر استقرارًا في غزة.
كشفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، أن ويتكوف اتفق مع قطر لتخريب المفاوضات حيث أكدت الصحيفة نقلا عن مصادر إسرائيلية أن استدعاء الفرق بأنه خطوة منسقة للضغط على حماس.
وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة هآرتس إن هذه الخطوة نُسقت مع قطر للضغط على حماس.