أهداف إسرائيلية خطيرة لضربة “القنصلية”.. إيران اتخذت القرار فهل تشتعل الحرب؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
بقلم محمد حمية:
وضع الإستهداف الإسرائيلي الجديد لمبنى القنصلية الإيرانية في سوريا، إيران أمام خيارات صعبة والمنطقة على شفير الحرب الشاملة، إذ أنه للمرة الأولى تُقدِم “إسرائيل” على هكذا خطوة تظهر وكأنها إعلان حرب.
يعكس هذا الإستهداف حجم المأزق الذي بلغه الكيان الإسرائيلي بعد فشله في تحقيق أهداف الحرب، إلى جانب طوق الضغوط الذي يلتف على رقبة رئيس حكومة الإحتلال بنيمين نتانياهو من العجز عن التعامل مع قطاع غزة وصداع ملف الأسرى ومعضلة الشمال والعمليات الأمنية المتزايدة والتحركات الشعبية في الضفة الغربية والخطر الأمني الآتي من مثلث الحدود الأردنية – السورية – العراقية.
جاءت الضربة الإسرائيلية مع جملة معطيات ومستجدات:
*بعد 24 ساعة من عملية أمنية نوعية ومعقدة لازالت قيد التحقيق في “إسرائيل” تمثلت بسقوط جسم مشبوه على مركز حساس في إيلات، وتتهم “إسرائيل” إيران بالوقوف وراء هذا النوع من العمليات النوعية فضلاً عن دعم فصائل المقاومة الفلسطينية وتسليح جبهات الإسناد لغزة، من حزب الله في لبنان الى الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن. وتعتقد حكومة الإحتلال أن اغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني يقطع طريق نقل السلاح والصواريخ الثقيلة من إيران إلى العراق وصولاً الى سوريا ولبنان، وتقضي على العقل المدبر والمخطط للعمليات ضد “إسرائيل”. لكن وفق مصادر قيادية ميدانية في محور المقاومة فإن هذا العدوان ولا غيره يمكنه من وقف جبهات المواجهة مع العدو وإسناد غزة.
*نجاح حزب الله بتكريس معادلة الجولان مقابل بعلبك وتكثيف عمليات إطلاق الصواريخ على الجولان خلال الأسبوع المقبل، وعلى القواعد العسكرية الاسرائيلية شمال فلسطين المحتلة وضرب المدنيين في كريات شمونة، حتى تحول الشمال الى مدينة أشباح ومنكوبة وفق الإعلام الاسرائيلي.
*وصول الخلاف بين الإدارة الأميركية ونتانياهو الى مرحلة حساسة بمعزل عن استمرار الدعم الأميركي للحرب، إذ يعتبر الأخير أن الرئيس بايدن قلب له ظهر المجَن، لاسيما عدول واشنطن عن استخدام سلاح “الفيتو” لتعطيل قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في غزة. ويدور الحديث في أروقة البيت الأبيض عن إعادة النظر بجسر التسليح الجوي الأميركي الى “إسرائيل”، علاوة على قرار دول عدة بوقف توريد السلاح الى كيان الإحتلال وعلى رأسهم كندا.
“الحشرة” الإسرائيلية دفعت بحكومة نتانياهو للتعويض عن هيبة الردع التي فقدها الكيان في الميدان في غزة وجنوب لبنان، فأراد إظهار القوة وبأن اليد الإسرائيلية لاتزال العليا ما يعطي تطمينات للمستوطنين لا سيما في الشمال.
إضافة الى اختبار مدى استعداد إيران ومحور المقاومة للحرب الشاملة، يريد نتانياهو جرّ إيران للحرب بهدف تغيير وجهة الحرب وحرف أنظار العالمين العربي والاسلامي والعالم برمته من حرب إسرائيلية – فلسطينية، الى حرب بين إيران “الفارسية” “الشيعية” وبين “إسرائيل” اليهودية، وبذلك يعيد تنويم الشارع العربي والاسلامي الغاضب والمتضامن مع غزة. ويريد أيضاً توريط الأميركيين بحرب في المنطقة وبذلك تضيع الهزيمة الاسرائيلية في أي تسوية لوقف الحرب، وتتشارك واشنطن و”تلأبيب” خسائر الحرب بدل أن تتحمل الأخيرة الجزء الأكبر منها.
إذا صحت معلومات موقع “أكسيوس” الأميركي بأن أجهزة أمنية إسرائيلية أبلغت نظيراتها الأميركية بالضربة بعد إقلاع الطائرات في الجو، قد تكون رسالة عاجلة ونارية من نتانياهو إلى الادارة الاميركية بأن بإمكان “إسرائيل” جرّ المنطقة للحرب الاقليمية إذا استمر بايدن بقلب ظهر المجَن لنتانياهو الذي يدرك بأن الولايات المتحدة لا تريد الحرب في المنطقة.
ماذا عن الرد الايراني؟
لا يحتاج الأمر الى عناء التحليل لتفسير تصريحات المسؤولين في القيادة العليا الايرانية من الرئيس الإيراني الى مجلس الامن القومي، الذين أجمعوا على حتمية الرد وتناسبه، لكن لكن اختيار المكان والزمان والهدف يبقى رهن تقدير القيادة الايرانية.. فهل يكون مراكز عسكرية واستخبارية رفيعة في الجولان، أم قنصليات وسفارات إسرائيلية في العالم؟ أم يقتصر على ضرب مركز دبلوماسي إسرائيلي في “تل أبيب” بالصوايخ الثقيلة من سوريا؟
وفق المعلومات فإن القرار الايراني قد اتخذ بالرد مساء أمس، لكن هل يكون بحجم لا تستطيع “إسرائيل” تحمله فتقوم برد يستدرج رداً إيرانياً وتقع الحرب؟ أم سيكون على “البارد” ويأخذ بعين الاعتبار الحاجة الاسرائيلية ذريعة لإشعال الحرب في المنطقة؟.
تدرك طهران أن تمرير العدوان من دون رد سيرتب ضربات أخرى قد تكون أشد إيلاماً وبالتالي تنجح “إسرائيل” بكسر قواعد الإشتباك وإرساء قواعد جديدة وبالتالي تغيير موازين القوى العسكرية القائمة والبناء عليها في أي خطوة لاحقة على اعتبار أن إيران ومحورها مردوع. ووفق الخبراء فإن إيران تدرك ايضاً أن “اسرائيل” تلقت ضربة استراتيجية في 7 تشرين، ومُنيت بهزيمة كبرى خلال شهور الحرب الستة الماضية مع غزة وجبهات الاسناد، وبالتالي تخوض حرباً وجودية، في محاولة للتخفيف من حجم الخسائر الفادحة ومحو تداعيات الكارثية لطوفان الأقصى على الكيان، وتعرف إيران حجم الخلاف التكتيكي بين الادارة الاميركية ونتانياهو، لذلك لن تقدم على أي خطوة تشكل مخرجاً لـ”إسرائيل” لوقف النزيف الاستراتيجي لجيشها واقتصادها وجبهتها الداخلية. ولذلك وجهت رسالة هامة للأميركيين مع الوسيط السويسري تحمل واشنطن مسؤولية العدوان وردع العدو لأن إحراج إيران ووضعها أمام الخيار الصعب لن يسلم المنطقة دوماً من الحرب الاقليمية. والمرجح وفق مطلعين هو رد إيراني بحجم العدوان لكن لا يتحمله الإسرائيلي ويتيح المجال لواشنطن الدخول على الخط لمنع الرد الإسرائيلي المقابل وتفادي إشعال الحرب الإقليمية
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
عشر ملاحظات إسرائيلية حول العدوان على إيران
بعد مرور أيام على العدوان الإسرائيلي على إيران، من الواضح أن المجال يبدو متاحا للتركيز على الاستخبارات التي كشفت أن إيران جمعت ما يكفي من القدرات للسماح لها بالحصول على أسلحة نووية في وقت قصير، حيث استعد الاحتلال للرد الفوري، وتقرر تفعيل حالة الإنذار في كافة أنحاء دولة الاحتلال لوضع سكانها في "وضع الحرب".
يوآف ليمور الخبير العسكري في القناة 13، وضع جملة ملاحظات حول المواجهة الدائرة بين طهران وتل أبيب، أولها المفاجأة، فرغم أن الهجوم كان مطروحا في الأسابيع الأخيرة في ضوء تعثر مفاوضات الاتفاق النووي، وتزايد التقارير التي تفيد بأن الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم قد اكتملت، فإن إيران فوجئت مرتين، أولاهما بالقرار الإسرائيلي بالهجوم، عندما كان اللقاء القريب في عُمان مدرجاً على جدول الأعمال، وثانيهما من طبيعة الهجوم، الذي نزع قدراتها وأصولها بشكل منهجي كجزء من حملة تم التخطيط لها بدقة على مدى أشهر".
المفاجأة والاستعداد والهجوم
وأضاف في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "الملاحظة الثانية هي الذكاء، فقد كانت إيران محط اهتمام الاستخبارات الإسرائيلية في العقود الأخيرة، لكن الأشهر الماضية شهدت تزايد التركيز بشكل كبير في ضوء وثيقة سرية أصدرها قبل شهرين رئيس الاستخبارات العسكرية شلومي بيندر، ذكرت أن إيران تكتسب قدرات كافية تسمح لها بالحصول على أسلحة نووية في وقت قصير، وتقترب من منطقة الحصانة التي ستجعل من الصعب مهاجمتها، أو حتى تحديد أفعالها في وقت مبكر".
وأوضح أن "هذه التقييمات الإسرائيلية انعكست بشكل كامل على موقف الأميركيين، الذين لم يختلفوا معهم، لكنهم اعتقدوا أنه ينبغي إتاحة مساحة إضافية للمفاوضات في محاولة لكبح البرنامج النووي، دون الحاجة لعمل عسكري".
وأشار أن "الملاحظة الثالثة هي الاستعدادات، فقد أدت المعلومات الجديدة لتسريع الاستعدادات للهجوم، وفي هذا الإطار، نفذ سلاح الجو وشعبة الاستخبارات والموساد سلسلة من العمليات التمهيدية التي تهدف لتهيئة الأرض من الناحية العملياتية والاستخباراتية، وكشف الموساد عن جزء من نشاطه الذي نفذ بعضه على الأراضي الإيرانية".
وأكد أن "النصيب الأكبر للهجوم، الذي لم يتم الكشف عنه بعد، يعود إلى سلاح الجو الذي قاد أكبر وأعقد عملية في تاريخه، بالتعاون الوثيق مع شعبة الاستخبارات، وهي القضية الرئيسية الموجودة على مكتب رئيس الأركان إيال زامير منذ توليه منصبه".
عائلات الأهداف المنتقاة
وأكد أن "الملاحظة الخامسة هي الهجوم، حيث تم تصنيف الأهداف إلى عدة عائلات، أولاها المنشآت النووية، وفي مقدمتها منشأة التخصيب في نطنز، وأهداف أخرى مرتبطة بالبرنامج النووي، وثانيها العلماء النوويوّن حيث تقود مديرية الاستخبارات جهوداً لتحديد الشخصيات الرئيسية في البرنامج النووي من أجل ضربهم، وثالثها أنظمة الدفاع، خاصة الدفاع الجوي، لإخراجها من الخدمة من أجل السماح للقوات الجوية بحرية العمل الكاملة".
وأوضح أن "العائلة الرابعة من الأهداف الإيرانية هي قواعد الصواريخ والطائرات المسيرة، التي تعرضت للهجوم لتقليص قدرة إيران على الرد، وتهديد العمق الإسرائيلي، وخامسها كبار الشخصيات في المؤسسة الأمنية، الذين يؤدي القضاء عليهم لخروج النظام عن التوازن فترة من الزمن، وتم مهاجمتهم باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة".
وأكد أن "الملاحظة السادسة هي نتائج الهجوم، وتعرض منشأة نطنز لأضرار بالغة، والقضاء على معظم العلماء النوويين المستهدفين، أكثر من عشرة، وستواجه إيران صعوبة بالعثور على بدائل لهم في المستقبل القريب، فيما يقف نظام الدفاع الجوي صامتا بشكل شبه كامل، مما يسمح للقوات الجوية الإسرائيلية بالتحليق بحرية في إيران".
الرد الإيراني والجدول الزمني
وأشار أن "الأضرار التي لحقت بقواعد الصواريخ والطائرات بدون طيار أكبر من المتوقع، مما أدى لتعطيل إطلاق النار المخطط له، حيث تم اعتراضها قبل وصولها لإسرائيل، فيما أتت تصفية الشخصيات البارزة في المؤسسة الأمنية واسعة النطاق، بما فيها في الحرس الثوري والجيش وأجهزته الطارئة وآلياته الأخرى".
وأوضح أن "الملاحظة السابعة هي الرد الإيراني، حيث اتخذت دولة الاحتلال الاستعدادات له، وتقرر إطلاق ناقوس الخطر في جميع أنحاء الدولة لوضع السكان بالكامل في "وضع الحرب"، ويبدو أن الجمع بين ضرب أنظمة الإطلاق والشخصيات الرئيسية، مع التركيز على كبار قادة القوات الجوية للحرس الثوري، أدى لإغراق النظام الإيراني في حالة من الفوضى، وتعطيل عمليات صنع القرار في الوقت الحقيقي".
وأشار أن "الملاحظة الثامنة هي التكملة، حيث تعمل القوات الجوية وفق خطة ممنهجة تم إعدادها مسبقًا، وسمح تحييد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية لها بالحصول على التفوق الجوي، والقدرة على العمل بحرية، وهذا لا يعني فقط تقليل المخاطر على الطائرات والطيارين، بل توصيل المزيد من الذخائر بدقة أكبر للهدف، ومن شأنه السماح للاحتلال بتعميق الضرر الذي يلحق بمواقع البنية التحتية التي تم تحديدها مسبقًا، والتحرك لمهاجمة مواقع إضافية لم يتم استهدافها بعد".
وأضاف أن "الملاحظة التاسعة هي الجدول الزمني، حيث تقدر إسرائيل أن الجزء المكثف الحالي من الحملة سيستمر عدة أيام، ثم تنفيذ ضربات مستهدفة إضافية، مع خفض مستوى الاستعداد واليقظة بشكل كبير، ما لم تتمكن إيران من تنفيذ هجمات مضادة كبيرة، مع أن احتمال حدوثه ضئيل مع تعمق هجمات الاحتلال، وحرص حزب الله في الخلفية على عدم الانضمام للحملة، وقدرة الحوثيين محدودة للغاية".
وأشار أن "الملاحظة العاشرة هي الطموح، حيث يأمل الاحتلال أن تؤدي الحملة لاضطرابات داخلية في إيران، تؤدي في نهاية المطاف للإطاحة بالنظام، رغم إعلان المتحدث باسم الجيش أن الحرب لا تستهدفه، لكن تصريحات رئيس الوزراء تضمنت تلميحات لذلك، ومن غير الواضح مدى إمكانية تحقيقه، فيما يركز الاحتلال على الهدف الذي حدده لنفسه، وهو إلحاق ضرر كبير بالبرنامج النووي من أجل تأخيره لسنوات عديدة، وبرنامج إنتاج الصواريخ والطائرات بدون طيار لتقليل التهديد الذي سيشكله على إسرائيل في السنوات المقبلة".