الجزيرة:
2025-05-28@11:06:38 GMT

واترلو.. معركة أنهت عصر الإمبراطورية النابليونية

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

واترلو.. معركة أنهت عصر الإمبراطورية النابليونية

معركة مفصلية في التاريخ الأوروبي بين القوات الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت وقوات الحلفاء التي تتكون من القوات البريطانية والهولندية والبلجيكية والألمانية، دارت رحاها يوم 18 يونيو/حزيران 1815 قرب قرية واترلو البلجيكية بعد عودة بونابرت من منفاه الأول عام 1814 ورغبة منه في استعادة نفوذه، انتهت المعركة بهزيمة القوات الفرنسية، وآلت نتائجها إلى سيطرة الدول الأوروبية على فرنسا وانتشار أفكار القومية، وأسست لسياسة جديدة في المنطقة.

البداية

شهدت أوروبا سلسلة حروب شنتها تحالفات عسكرية أوروبية ضد فرنسا في الفترة بين 1792 و1815، وأدت إلى سيطرة الإمبراطورية الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على معظم أراضي القارة.

لكن هذه السيطرة بدأت تتراجع عندما قرر نابليون غزو روسيا عام 1812، وأدى هذا الغزو -الذي استمر نصف عام- إلى هزيمة القوات الفرنسية، فمن بين 615 ألف جندي عاد 100 ألف فقط.

عاد نابليون بمن تبقوا من جيشه إلى فرنسا أواخر عام 1812 لإعادة تشكيل قوته العسكرية، لكن الجيوش الروسية لم تكتف بإخراجه من روسيا، بل عبرت الحدود إلى بولندا بهدف إنهاء هيمنته في أوروبا الوسطى.

وبحلول عام 1813 تشكل ما يسمى التحالف السادس الذي عزم على استعادة ألمانيا من قبضة نابليون، وفيه شن المتحالفون معركة لايبزيغ يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1813 التي أدت إلى تسريع انهيار إمبراطورية نابليون وتنازله عن العرش ثم نفيه إلى جزيرة إلبا عام 1814.

يوم الأول من مارس/آذار 1815 فر نابليون من المنفى ليستعيد السيطرة على إمبراطوريته من يد آل بوربونن وفور وصوله انضم إليه الآلاف من الجنود الفرنسيين المنشقين، وسرعان ما دخل العاصمة باريس وسيطر على الحكم بعد هروب الملك لويس الـ18، بدأ نابليون عهده الثاني المعروف باسم الـ100 يوم.

جزء من الاحتفالات بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لمعركة واترلو "محاكاة لحياة نابليون في واترلو" (غيتي)

لم تكن القوى العظمى في أوروبا لتسمح لنابليون بزعزعة التوازن مرة أخرى بعد قضاء عقدين من الزمن في قتال فرنسا الثورية والنابليونية، لذلك وصفته رسميا بأنه خارج عن القانون، وشكلت التحالف السابع يوم 25 مارس/آذار 1815، والذي ضم المملكة المتحدة وبروسيا وروسيا والنمسا، إضافة إلى المملكة المتحدة الهولندية والعديد من الولايات الألمانية، وقد خطط التحالف لحشد 5 جيوش ضد نابليون.

الأسباب

تعددت العوامل التي أدت إلى قرار شن المعركة وتمحورت حول العوامل الآتية:

عودة نابليون من المنفى. رغبته في إعادة فرض النفوذ. عدم الاستقرار السياسي في أوروبا. معارضة الحلفاء. يوم المعركة

اتخذ دوق ويلينغتون -الذي قاد جيش الحلفاء- موقعا دفاعيا على طول سلسلة جبال مونت سان جان جنوب قرية واترلو البلجيكية مباشرة، وكان الجيش البروسي بقيادة المارشال بلوخر متمركزا في الشرق، وكان التنسيق بين ويلينغتون وبلوخر حاسما بالنسبة للحلفاء.

بدأت المعركة بهجوم فرنسي على هوغومونت، وهي مزرعة تقع على الجانب الأيمن من ويلينغتون، ومزرعة لاهاي سانت على اليسار، وشهد كلا الموقعين قتالا عنيفا طوال اليوم، وشهد موقع هوغومونت صراعا شرسا من أجل السيطرة.

شن سلاح الفرسان الفرنسي هجمات عدة ضد خطوط الحلفاء، لكنهم واجهوا مقاومة شديدة، وقد لعب سلاح الفرسان البريطاني وسلاح الفرسان المتحالف -بمن في ذلك الفرسان الأسكتلنديون- دورا حاسما في صد الهجمات الفرنسية.

جزء من الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لمعركة واترلو في لندن (غيتي)

كان نابليون يأمل في هزيمة ويلينغتون قبل وصول البروسيين، ومع ذلك اشتبكت قوات بلوخر مع الفرنسيين في معركة ليجني باليوم نفسه، وعلى الرغم من تكبدهم الخسائر فإن البروسيين تمكنوا من الحفاظ على قدرتهم القتالية وبدؤوا في السير لدعم ويلينغتون.

دافع دوق ويلينغتون بمهارة عن موقفه مستخدما التلال لصالحه، ثم صد الهجمات الفرنسية -بما في ذلك هجمات المشاة وقصف المدفعية- من قبل قوات الحلفاء المنضبطة والمتمركزة بشكل جيد.

في فترة ما بعد الظهر وصل الجيش البروسي بقيادة بلوخر لتعزيز الجناح الأيمن للحلفاء، وكان لهذا التدخل غير المتوقع تأثير كبير على سير المعركة.

وبينما كان البروسيون يضغطون على الجناح الأيمن الفرنسي شن نابليون هجوما أخيرا كبيرا مع حرسه الإمبراطوري، لكن الهجوم قوبل بمقاومة حازمة من البريطانيين وحلفائهم، ونفذت قوات الحلفاء هجوما مضادا، مما أدى إلى انهيار الجيش الفرنسي.

انتهت المعركة الدموية بعد سقوط ما يقارب 60 ألف قتيل، وبعد 4 أيام تنازل نابليون عن العرش للمرة الأخيرة وأُرسل إلى المنفى الدائم في سانت هيلينا، حيث توفي عام 1821.

كانت معركة واترلو بمثابة نهاية للحروب النابليونية وبشرت بتوازن جديد للقوى، إذ ساهمت في فترة من السلام النسبي بالقارة.

النتائج السياسية

لم تكن معركة واترلو مجرد صراع عسكري عابر، بل كانت حدثا تاريخيا غيّر مسار أوروبا بشكل جذري، وأعادت رسم خارطة القارة وتأسيس نظام سياسي جديد.

نهاية العصر النابليوني

كانت هذه المعركة بمثابة الهزيمة النهائية لنابليون بونابرت، وأنهت حكمه للفرنسيين، فبعد هزيمته تنازل عن العرش للمرة الثانية، ونفي إلى جزيرة سانت هيلينا النائية في جنوب المحيط الأطلسي.

جيوش التحالف السابع هزمت الجيش الفرنسي في معركة واترلو (غيتي) استعادة ملكية البوربون في فرنسا

عاد لويس الـ18 -الذي فر خلال عودة عهد نابليون- إلى العرش، ومع ذلك لم تكن تلك الفترة خالية من التحديات، إذ تميزت حقبة ما بعد نابليون بالاضطرابات السياسية والصراع بين الملكيين والليبراليين.

مؤتمر فيينا

سبق معركة واترلو مؤتمر فيينا (1814-1815)، حيث اجتمعت القوى الأوروبية لإعادة رسم خريطة أوروبا وإقامة توازن القوى لمنع الصراعات المستقبلية، وأكدت هزيمة نابليون في واترلو القرارات التي اتخذت بمؤتمر فيينا وعززت مبادئ المحافظة والوفاق الأوروبي.

الاستقرار الأوروبي

كان الهدف من هزيمة نابليون ومؤتمر فيينا اللاحق هو إعادة الاستقرار إلى أوروبا بعد سنوات من الحرب، إذ سعت القوى الأوروبية الكبرى -بما فيها النمسا وروسيا وبروسيا وبريطانيا العظمى- إلى إقامة توازن للقوى والحفاظ على الوضع السائد لمنع عودة المثل الثورية والنابليونية.

تشكيل التحالف المقدس

شكلت روسيا والنمسا وبروسيا التحالف المقدس عام 1815 في أعقاب الحروب النابليونية، كان التحالف القائم على مبادئ المحافظة والقيم المسيحية يهدف إلى الحفاظ على النظام القائم وقمع الحركات الثورية، ومع ذلك لم تكن فعالة للغاية على المدى الطويل.

صعود القومية الأوروبية

ساهمت هزيمة نابليون ومؤتمر فيينا اللاحق في صعود القومية بأجزاء مختلفة من أوروبا، وأدى فرض القوى العظمى سياسات محافظة إلى تأجيج المشاعر القومية، حيث ارتفعت دعوات لتقرير المصير والاستقلال.

معركة واترلو حطمت مخططات نابليون بونابرت بإعادة السيطرة من جديد وساهمت بهزيمته (مواقع التواصل الاجتماعي) التأثير على بريطانيا

عززت معركة واترلو مكانة بريطانيا باعتبارها قوة أوروبية كبرى، وساهمت في الاستقرار السياسي للبلاد.

وعزز النصر الحياة السياسية للدوق ويلينغتون الذي لعب دورا حاسما في المعركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات نابلیون بونابرت لم تکن

إقرأ أيضاً:

الأعراف والأسلاف اليمنية والحرب الناعمة .. معركة على الهوية

يمانيون|خاص| عبدالحكيم عامر
الأسلاف والأعراف اليمنية، باعتبارها موروثًا اجتماعيًا تشكل عبر قرون، وأسهم في بناء مجتمع يمني متماسك قادر على إدارة ذاته، وحماية كرامته، بل هي منظومات اجتماعية راقية ومتقدمة في تنظيم حياة الناس، وتحقيق العدالة، وبناء التماسك الداخلي، والتكافل والضبط الاجتماعي، تشبه في كثير من خصائصها ما تصبو إليه الأنظمة القانونية والدينية الحديثة، إن إحياءها يعتبر تحصينًا للمجتمع أمام حرب ناعمة تحاول أن تفرغه من مضمونه الحضاري والثقافي.
في زمن تبدلت فيه الثوابت، وتُشن الحروب بأدوات ناعمة تخترق العقول والوجدان، تبدو المعركة على هوية المجتمعات أكثر شراسة من أي وقت مضى، هدفًا مركزيًا في سياق صراع يُراد له أن يقتلع الهوية، ويمحو معالم الأصالة العرفية والدينية، ويستبدلها بمفاهيم هجينة تغذّي الانسلاخ والتبعية، فإن الأعراف يمكن أن تتحول إلى “درع مجتمعي” يحصن الهوية، ويمنع الاختراق، ويغرس قيم الشهامة، الغيرة، العزة، والالتزام، وهي القيم نفسها التي تستهدفها حملات التفكيك الثقافي اليوم.
الحرب الناعمة ليست صواريخ تنهمر على الجبهات، بل هي اختراق ناعم يُشن على الجبهة الداخلية، يتسلل إلى العقول والأذواق واللغة والعلاقات الاجتماعية، أدواتها: الإعلام، التعليم، الفن، التكنولوجيا، ومنظمات تدّعي “حقوق الإنسان” بينما تنسف ما تبقى من الكرامة، هدفها: تدمير الهوية، وتحويل المجتمعات إلى نسخ مفرغة من محتواها، يسهل توجيهها والسيطرة عليها.
وفي ظل الحرب الكونية على اليمن يتعرض اليمن لغزو ثقافي مكثف، يحاول إعادة تشكيل المجتمع وفق قوالب مستوردة، تشجع التفاهة، والانفلات القيمي، وتحقّر الموروث المحلي، وخاصة الأعراف القبلية التي طالما شكّلت خط الدفاع الأول عن كرامة المجتمع اليمني وتماسكه.
وعلى مدى قرون، شكّلت الأعراف والأسلاف القبلية اليمنية منظومة حكم مجتمعي متكاملة، قامت على مبادئ الشرف، الإنصاف، الحماية، والصلح، وكانت بمثابة الدستور الشعبي قبل الدولة، بل هي منظومة قيمية حاكمة، من “العيب الأسود” إلى “الدخالة” و”التحكيم”، شكلت شبكة أمان أخلاقية واجتماعية.
ولم يكن المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في تعارض مع الأعراف، بل على العكس، أوجد بينها وبين القيم الإيمانية تكاملًا عضويًا، وقد تمكّن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من تفعيل هذا التكامل، بتحويل القبيلة اليمنية تحت راية الهوية الإيمانية، من كيان اجتماعي إلى قوة اجتماعية وسياسية وثقافية، تدافع عن كرامتها ودينها، وتناهض العدوان بشتى أشكاله، ومنها الحرب الناعمة، بل وكانت القبائل في طليعة المدافعين عن فلسطين، والمناهضين للهيمنة الأمريكية والصهيونية، لأنه لامس شرفهم، وغيرتهم، وكرامتهم الأصيلة.
فالأعراف التي تحمي العرض وتجرّم الخيانة وتردع الظلم، ليست بعيدة عن روح الإسلام، بل هي انعكاس لتطبيق القيم القرآنية على الواقع الاجتماعي، ولذلك تحوّلت هذه المنظومة إلى حليف استراتيجي للمشروع القرآني في مواجهة الفوضى الأخلاقية والفكرية القادمة من الخارج في حرب ناعمة.
في زمن التكنولجيا المتوحشة، والتحلل القيمي، تبدو الأعراف اليمنية كجذور عميقة في يمن الوعي، لا تقتلعها العواصف، بل تتجدد مع كل تحدٍّ، وتزداد تماسكًا في وجه كل محاولة استلاب.
وإذا كانت الحروب العسكرية قد فشلت في كسر صمود اليمن، فإن الواجب الآن هو أن نفشل الحرب الأدهى: الحرب الناعمة… ولن يتم ذلك إلا بالعودة إلى أسلافنا، لا لنبكيهم، بل لنحمل رايتهم ونحمي هويتنا بهم ومعهم.

#قبائل اليمنأسلاف وأعرافعبدالحكيم عامر

مقالات مشابهة

  • الرئيس السوري يعلن انتهاء الحرب مع الطغاة وبداية المعركة ضد الفقر
  • نتائج التحقيق في معركة "كرم أبو سالم" صباح 7 أكتوبر
  • الشرع يعلن من حلب بدء معركة البناء والتنمية
  • اليمن يحسم المعركة .. انكسار أمريكي وتصدّع صهيوني في وجه الصمود اليمني
  • واحد بغداد يشعل معركة كبرى بين المحاربين القدامى
  • معركة هارفارد وضرب غزة بالنووي
  • حسّان معركة الكرامة
  • شائعات تواكب معركة اتحاد بلديات المتن
  • إتحاد بلديات المتن: المعركة على نائب الرئيس
  • الأعراف والأسلاف اليمنية والحرب الناعمة .. معركة على الهوية