لا تزال أزمة الاحتلال الداخلية تتصاعد، على خلفية فشل الخطط العسكرية في تحقيق انتصار بقطاع غزة، وسقوط قتلى في صفوف الجيش، رغم المجازر الواسعة بحق الفلسطينيين، وتواصل إرسال الرسائل لأعضاء الحكومة ورئيس الأركان بضرورة وقف هذه الحرب العبثية، وشعارهم: أوقفوا الحرب الآن.

دان ميريدور الوزير الليكودي الأسبق، وأحد المُنظّرين التاريخيين لليمين الاسرائيلي، خاطب أعضاء الكنيست والوزراء بسؤاله لهم: "أين أنتم؟ أليس لكم عيون ولا تروا؟ أليس لكم آذان ولا تسمعوا؟ ألا تسألون أنفسكم أين يقود كل هذا؟ ماذا ستجيبون أنفسكم أمام المرآة أم أمام أبنائكم وأحفادكم؟ بعد أن فشلتم في إدارة المخاطر ضد حماس، وجلبتم علينا كارثة السابع من أكتوبر، فشلتم في فهم الواقع، وفي تقييم المعلومات الاستخباراتية، وفي الدفاع عن الدولة، فشلتم في إدارة الحملة السياسية".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" ان "الحكومة والجيش وأجهزة الأمن ذهبت جميعها لحرب ضرورية ومبررة، لكنها حددت لها هدفًا مبهمًا، وغير قابل للتحقيق بالقوة العسكرية وحدها، وهو "النصر الشامل" بزعم إسقاط حماس، مع أنه كان لابد من الترويج لبديل لها، وقد عرضت الولايات المتحدة والدول العربية هذا البديل، لكنكم رفضتموه، لذلك، ورغم الضربة القاسية التي تلقّتها الحركة، لكنها لم تنهر بعد".

وأشار إلى أن  "الحكومة والجيش والأمن واصلوا، دون جدوى، لما يقرب من عشرين شهرًا، حربًا تسبب القتل والدمار والمعاناة الإنسانية المروعة بأبعاد صادمة، رغم أن الحرب في المناطق المأهولة بالسكان أصعب، وتستدعي من الجيش أن يكون أكثر حذرًا، حتى الحرب المُبررة يجب أن تُشنّ وفقًا للمدونة الأخلاقية للجيش، التي تُلزم الجندي، من بين أمور أخرى، بـ"الحفاظ على الإنسانية، حتى في القتال"، وعدم استخدام "أسلحته وقوته لإيذاء المدنيين وأسرى الحرب"، وبذل "كل ما في وسعه لمنع الإضرار بحياتهم وأجسادهم وشرفهم وممتلكاتهم".

وأوضح أن "الجيش على العكس من ذلك لا يعيد على أسماع جنوده في غزة هذه التعليمات يوميًا، صحيح أنه أحيانًا يكون استخدام القوة العسكرية ضروريًا، وصحيح أن الدولة بدون القوة العسكرية، لا وجود لها، لكن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لحل كل شيء، الدولة بحاجة لمبادرة وحكمة وقيادة سياسية، وطالما أن وثائق حماس التي سيطر عليها الجيش خلال اجتياح غزة تثبت أنها شنّت هجوم الطوفان لإحباط التطبيع مع السعودية، فإن الاحتلال اليوم يسمح لها بتحقيق هدفها، لأنه بسبب استمرار الحرب، لا تطبيع".

واتهم الحكومة بأنها "أضاعت فرصة تاريخية لتوسيع دائرة التطبيع والاستقرار مع دول عربية أخرى، وفي مقدمتها السعودية، مع أنه كان من الممكن أن يكون هذا هو النصر الكبير على حماس وإيران، لكن سلامة الائتلاف الحكومي القذر الذي شكلته مع العنصريين والمسيحانيين كانت أهم بالنسبة لها، وهكذا أوصلت الدولة لانحدار غير مسبوق بين دول العالم، حتى بين أقرب أصدقائها".



وأكد أنه "من الطبيعي أن الحكومة لن تعيد الرهائن الثمانية والخمسين، بينهم عشرون أحياء بالقوة العسكرية، بل إنها ما زالت تُعرّض حياتهم للخطر يوميًا، وإضافة لإخفاقاتها الأمنية والسياسية غير المسبوقة، فقد فشلت أخلاقيًا، وبقراراتها وشعاراتها تُعرّض الجنود للخطر، وتجعلهم يتصرفون بطريقة تلحق به العار، مما يستدعي وقف الحرب، وإعادة جميع الرهائن الآن، لابد من وقف حملة الدمار والخراب".

وأوضح أن "هذا النداء مُوجّه بصيغة الجمع، ليس لنتنياهو وحده، بل لـ 68 من أعضاء الكنيست لذين يواصلون دعم هذه الحكومة، نتنياهو لم يُنتخب مباشرةً من قِبل الاسرائيليين، بل انتُخب من قِبل هؤلاء الأعضاء، وهو بحاجة لدعمهم لمواصلة حملة التدمير، بالطبع، تقع المسؤولية النهائية عليه، لكن كل واحد من أعضاء الائتلاف، يُمكّنه من ذلك، والمسؤولية تقع على عاتق كل واحد منهم".

وختم بالقول إنني "لا أخاطب العنصريين من بينهم، فهم بالنسبة لي محظورون، لكننا بحاجة لمبادرة من الليكود لابد منها لإنقاذه من العار الذي لحق به، ولابد من إعادة نتنياهو إلى الخطاب العام والحكومي المركزي وليس الكاهاني المتطرف، والمسؤولية تقع على عاتق كل واحد منهم، انهضوا وافعلوا شيئًا، كفى!".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة نتنياهو غزة نتنياهو الاحتلال سموتريتش صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

خطة عربات جدعون.. الجذور التاريخية والأهداف العسكرية

أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) مطلع أيار/ مايو 2025 خطة عملية "عربات جدعون" بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في قطاع غزة، عبر عملية منظمة من 3 مراحل، مع استخدام 5 عوامل ضغط ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في محاولة لإرغامها على القبول باتفاق لتبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية. وبدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذها عبر استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.

البعد التلمودي التاريخي لاختيار هذا المصطلح حاضر بقوة من قبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إذ يعتبر جدعون واحد من الشخصيات العسكرية اليهودية العامّية، التي أضيفت إليها العديد من الأحداث والأساطير الافتراضية مع مرور الزمان، فهو في الأساس عامل معصرة، ثم أصبحت قصص بطولته تشبه الحقيقة مع تكرار الحكايات المفخّمة عنه. ويعود جدعون إلى سبط منشى بن يوسف، وهو من أبطال الإيمان لدى أصحاب الديانة اليهودية، وتعني كلمة جدعون بالعبرانية "الحاطب" أو الذي يقطع بشدّة، وهي كناية عنيفة مقصودة.

تهدف الخطّة إلى تحقيقٍ حسمٍ عسكريٍ وسياسيٍ في غزة، عبر عمليةٍ منظَّمة مِن 3 مراحل، مع استخدام 5 روافع ضغطٍ مركَّبةٍ ضد حركة حماس، في محاولةٍ لإرغامها على القبول باتّفاقٍ لتبادل الأسرى، وتفكيك بُنيتها العسكرية
تعود أصل قصص جدون وعشيرته كلها مع المديانيين المنسوبين إلى "مَدْيَن"، أحد أبناء إبراهيم من زوجته قطورة، وهم من سكان جنوب الأردن وجوارها وسيناء وشمال الحجاز. كان جدعون صارما لا يبالي بأحدٍ في شأن معتقداته، حتى إنه عندما دعاه ملاك الرب ليخلّص قبيلته من المديانيين الذين أذلّوها في جنوب الأردن وسيناء، هاجم جدون المديانيين برجاله الثلاثمائة من صفوة المنتخبين وانقضّ على ديارهم ليلا، وأعملَ فيهم السيف والقتلَ بلا رحمة. ولضمان تحقيق هذا النصر استدعى جدعون كل قبائل أفرايم ومنسى ونفتالى وأشير للإغارة على مدن المديانيين، فاضطربت أحوال المديانيين حتى حارب بعضهم بعضا، وفرّوا إلى الأردنّ نجاة بحياتهم.

وكان يتبنّى جدون منهج الإبادة كأسلافه، فكان جيش عشائره يقتل كل ذكر حتى لو كان صغيرا، ويقتلون الفتيات المتزوجات، كيلا يتكاثر المديانيون، ونهبوا جميع مواشي الميدانيين، وأحرقوا كل خيامهم ومساكنهم بالنار حيث وجدوهم.

على المستوى العسكري، منذ انهيار المفاوضات -بعد وصولها لطريقٍ مسدودٍ- تلوّح إسرائيل بورقة توسيع العملية العسكرية، لممارسة مزيدٍ مِن الضّغوط على حركة حماس. ومِن أجل الاستعداد لهذه المرحلة استدعى الجيش الإسرائيلي قواتٍ كبيرة مِن الاحتياط، وصادق المستويان السياسي والعسكري على خرائط العمليات العسكرية، التي أطلق عليها "عربات جدون") التي تهدف مِن خلالها إسرائيل للسيطرة على مزيدٍ مِن الأراضي في قطاع غزة، وإعادة حشر الكُتلة السكانيّة في منطقةٍ جغرافيةٍ صغيرةٍ، مع استمرار سياسة التجويع والحصار.

وتهدف الخطّة إلى تحقيقٍ حسمٍ عسكريٍ وسياسيٍ في غزة، عبر عمليةٍ منظَّمة مِن 3 مراحل، مع استخدام 5 روافع ضغطٍ مركَّبةٍ ضد حركة حماس، في محاولةٍ لإرغامها على القبول باتّفاقٍ لتبادل الأسرى، وتفكيك بُنيتها العسكرية.

وتصف افتتاحية هآرتس هذه الخطة بأنّها أداةٌ للبقاء السياسي لحكومةٍ منفصلةٍ، حوّلت الحرب إلى وصفةٍ للحفاظ على تحالف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نحو أوهام التهجير والاستيطان والحُكم العسكري. ويرى محلّلون أنها امتدادٌ لنزعةٍ تَوراتيةٍ دمويةٍ تحكُم العقلية الاستراتيجية للحكومة والجيش الإسرائيلي.

على الورق، تبدو الخطّة شاملة، إذ تدمج حزمة مِن الضغوط العسكرية والدبلوماسية والإعلامية لضمان تحقيق أهداف إسرائيل، وعلى الرغم مِن أنّ إسرائيل لم تُحدد بالتّفصيل ترتيباتها المفضَّلة لِما بعد الحرب في غزة، فإن الخطّة تُبرز شروطا مسبقة محدَّدة لمرحلة "اليوم التالي"، وهي: القضاء على الفصائل الفلسطينية، وفرض السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ونقل السكّان إلى جنوب غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية هناك؛ وأخيرا: إطلاق سراح الرهائن. وتنقسم الحملة إلى ثلاث مراحل، تتشكّل جزئيا وفقا لقيودٍ سياسيةٍ وعمليةٍ، وهي:

تمثل خطة عربات جدون خطة عسكرية بمعان ورموز تلمودية توراتية، تحاول من خلال إسرائيل على المستوى السياسي والعسكري رفع معنويات جشيها الذي يواجه تحديات كبيرة في غزة، وتحقيق النصر العسكري المطلق كما يريد نتنياهو لضمان البقاء في السلطة بعد إخفاق السابع من أكتوبر
1- التّحضير والضّغط الأوليّ (قيد التّنفيذ)، وتتضمّن هذه المرحلة تدمير البُنية التّحتيّة العسكرية والإدارية لـ"حماس"، بالإضافة إلى تجهيز جنوب غزة لاستيعاب المدنيين النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع شركاتٍ أمريكيةٍ، تحت حمايةٍ أمنيةٍ إسرائيليةٍ. وتُتيح هذه المرحلة لـ"حماس" فرصة الإفراج التدريجي عن الرهائن بموجب إطار عملٍ اقترحه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كشرطٍ مبدئيٍّ لوقف التّصعيد.

2- نقل السكّان: في هذه المرحلة تهدف إسرائيل إلى إعادة تموضعٍ المدنيين في غزة داخل مناطق محدَّدةٍ في الجنوب الغربي، تم "تطهيرها"، مع فرز وعزل عناصر "حماس".

3- المناورة البرّية: في المرحلة النهائية، تدخل القوّات الإسرائيلية المناطق التي تمّ "تطهيرها"، لتقضي على العناصر المتبقيّة مِن "حماس"، وتؤسّس وجودا عسكريا طويل الأمد.

تمثل خطة عربات جدون خطة عسكرية بمعان ورموز تلمودية توراتية، تحاول من خلال إسرائيل على المستوى السياسي والعسكري رفع معنويات جشيها الذي يواجه تحديات كبيرة في غزة، وتحقيق النصر العسكري المطلق كما يريد نتنياهو لضمان البقاء في السلطة بعد إخفاق السابع من أكتوبر.

مقالات مشابهة

  • خطة عربات جدعون.. الجذور التاريخية والأهداف العسكرية
  • متظاهرون صهاينة يتهمون نتنياهو بترك الأسرى ويفتحون النار على العملية العسكرية في غزة
  • نائب من “الليكود” يتهم الحكومة بالفشل في إدارة الحرب ضد حماس
  • الأسرى ورقة ابتزاز.. منسق صفقة شاليط: نتنياهو يتعمد إفشال أي اتفاق
  • بعد وفاة طالبين.. الجيش العراقي يغير أوقات التدريبات العسكرية
  • محلل إسرائيلي: الحرب على غزة “عبثية” وتهدف لإبقاء حكومة نتنياهو فقط
  • محلل إسرائيلي: الحرب على غزة عبثية وتهدف لإبقاء حكومة نتنياهو فقط
  • نتنياهو يهاجم 3 قادة غربيين ويتهمهم بتشجيع حماس
  • نتنياهو يهاجم 3 دول تحث حماس على القتال إلى ما لا نهاية