جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-17@07:56:20 GMT

عزيزي المُحرر.. هل الكتابة عمل شاق؟

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

عزيزي المُحرر.. هل الكتابة عمل شاق؟

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

"لا شك في أن ما يختزنه الماضي من أحداث جرت على امتداد المسيرة البشرية، قد تعرض لأمور وضعت الباحث عن الحقيقة في دائرة مضنية، وفي الأحوال جميعها كان الباحث يصل إلى نقاط بحثه بمراكب العسر لا اليسر" د. حيدر قاسم التميمي.

 

 

صديقي العزيز محرر صفحة الرأي..

سأتحدث إليك بصراحة، عن الكتابة، وعما يصول ويجول في مساحاتها في فكر كاتب حتى الآن لم يستوعب أنَّه كاتب صحفي وتنشر مقالاته، قد يكون هذا القول صحيحًا والعكس كذلك، منذ فترة ليست طويلة أصبح مسك القلم أو الضغط على أزرار الكيبورد لكتابة مقال أشبه بعمل شاق، أو ما يُسمى بالأحكام القضائية أعمالا شاقة!

هل لأني مضطر للكتابة؟ لا والله، هل لأني أتكبر على لقمة العيش التي تأتي من ورائها؟ أساسا لا توجد لقمة عيش وراءها، هل لأنَّ كتابتي تعبر عن موقف سياسي قد يُهدد المنافسة على رئاسة مجلس الأمة؟ لا شك أن لا أحد قد فكر مجرد تفكير بذلك.

طيب هل تعتقد أن الصحيفة ستتوقف عن الصدور إن لم ينشر مقالي؟ لا والله؛ بل قد يكون عدم نشر المقال فألًا حسنًا لتوزيع أفضل.. من الآخر هل سيحتار القارئ ويبحث في الصفحات عن اسمي كي يقرأ آخر ما أبدعته في الكتابة؟ يا أخي ولا أحد في المعمورة عنده علم بما تكتب!

إذن ما الذي يحدث، لماذا لا أستمر بالكتابة، وليحدث ما يحدث، يبدو أنني لم أعد أستوعب مخرجات الإعلام الجديد، وتطوراته، والتقدم الذي جعل كتابة مقال بالذكاء الأصطناعي أسهل بمليون مرة من الكتابة التقليدية. على فكرة هل تعتقد أن الذكاء الأصطناعي سيحل مكان الكاتب، هل هو ذكاءً فعلًا أم برنامج كمبيوتري يعمل وفق ما يطلبه المخترعون أو الصانعون، فكرة أخرى: لماذا سمي بالذكاء الاصطناعي، ولم يسمَ بالذكاء الصناعي؟

أعتقد فهم ذلك عميق وله مآرب كثيرة في عقل المترجم أو من وصف ذلك بهذا الوصف.

عزيزي المحرر..

في بداية شهر رمضان المبارك كنت محتارًا ما الذي سأكتبه وأرسله، تمنيت على اثنين من الأصدقاء مساعدتي بفكرة لمقال قادم، وكان الرأي المشترك هو موضوع عن شهر رمضان في الكويت. لكن في الحقيقة لم ترق لي الفكرة بسبب استهلاكها كثيرًا ومن الصعب أن آتي بجديد. ثم قررت التوكل على الله والكتابة عن نفس الفكرة، إنما بجعلها واجهة، ثم الدخول إلى مواضيع جانبية حتى تكتمل طبخة المقال، وأصارحك القول، نعم أصبحت الطبخة كأنها "سمك لبن تمر هندي"، خلطة ما أنزل الله بها من سلطان!

إذن ما الحل؟ تذكرت أن لدي كِتاب يتحدث عن حياة الكُتّاب، وقلت في نفسي وجدتها، وإذا الكتاب يتحدث عن الروائيين، والمثل الكويتي يقول: "حنا وين والجماعة وين!".

وحتى أكون صريحًا معك، فقد قررت إغلاق موضوع الكتابة؛ فالوقت رمضان والضيف كريم وعزيز وخير ما نقرأ القرآن الكريم، وهذا شهر القرآن، لكن تسللت فكرة عن التاريخ، الذي يبدو أنه يجري في العروق مجرى الدم، فقرأت بحثًا مُحكمًا في مجلة "عالم الفكر" عن تحقيب الأزمنة وحوليات التاريخ ومفاهيم التاريخ الجديد للأستاذ الدكتور سيار الجميل، وسبحان الله تذكرت أنَّ القراءة أخت الكتابة، ولفت نظري بداية البحث إذ وضع مقولة لهنري توماس بوكل:   التاريخ الحقيقي للجنس البشري هو تاريخ الاتجاهات المدركة من قبل العقل، لا تاريخ الأحداث المُميزة من قبل الأحاسيس، أعتقد العبارة بليغة وعميقة المعنى!

أعتقد أنَّ القراءة للتاريخ أصبحت أكثر معنى من قراءة روايات وقصص؛ بل هي علم قائم بذاته يحتوي على التحليل والتخمين والتركيز في بنية الأحداث واستخراج المآلات الصعب فهمها وتفكيكها حتى تصل المرحلة لفهم معقول، على اعتبار أن الفهم الكامل للتاريخ صعب جدا كصعوبة الاتفاق حوله!

التاريخ فيه اختلافات أكثر من الاتفاقات، وأعتقد هذا من جمال التاريخ، لذلك ليس من الكياسة أن تفرض معلومتك على معلومتي، أحترم جهدك وأقدره، ولي الحق بالمثل، الخطأ والصواب بالاجتهاد وارد جدًا.

عزيزي المحرر.. يبدو أنني وصلت لنهاية المقال، ولا أعلم هل يصلح للنشر أم لا؟ وأسأل الله أن يتقبل طاعتك وما تقدم من عملك وما تأخر.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دور الثقافة والفن في مواجهة الرأسمالية وإعادة فكرة المقاومة في العصر الحالي

نظّم النادي الثقافي مساء أمس في مقرِّه جلسة حوارية بعنوان: "الثقافة والمقاومة في عصر الرأسمالية"، شارك فيها كلا من: المكرمة الدكتورة عائشة الدرمكية، والدكتور زكريا المحرمي، والشاعر عبدالله حبيب، بإدارة المحاور علوي المشهور، وبحضور جمع غفير من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي الراهن.

وسلّطت الجلسة الضوء على عدة محاور، أهمها: المقاومة الثقافية في ظل الأحداث السياسية الحالية، وتوغّل الرأسمالية في حياتنا اليومية بحيث أصبحت أدوات المقاومة أداة اقتصادية بإطار رأسمالي، وتناولت الجلسة موضوع المقاطعة والقيم وتراجع فكرة المقاومة، ودور الثقافة والفن في مواجهة الرأسمالية وإعادة فكرة المقاومة في العصر الحالي.

وتناول الكاتب عبدالله حبيب جذور الرأسمالية ونشأتها منذ منتصف القرن الثامن عشر، وذكر أن السياق الرأسمالي حاضر بقوة في جميع مراحل الحياة، والنقد الحقيقي للرأسمالية جاء من "الماركسية" بجميع أنواعها: المبكرة والمتأخرة، والشرقية والغربية، والذي لا يزال يُناقش ليومنا هذا هي مدرسة الماركسية الجديدة.

وتطرقت المكرمة الدكتورة عائشة الدرمكية إلى دور الثقافة والفن في مواجهة فكرة الرأسمالية، حيث ذكرت أن الرأسمالية ظهرت منذ ثلاثة قرون بتسليع الأفكار الثقافية، والسياحة منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، بحيث ظهرت مكاتب السياحة التي تستخدم زيارة المتاحف والمعارض كغرض تجاري، وأضافت الدرمكية إن الصناعات الثقافية تعد ثالث مورد اقتصادي للدول العظمى، وفي الوقت الحالي كل فكرة ثقافية مُسلّعة مثل فرق الفنون الشعبية، والصناعات الحرفية؛ وذكرت أن الثقافة هي الوعاء الذي يُستفاد منه على المستويات السياسية والاقتصادية والتقنية.

كما ناقش الدكتور زكريا المحرمي الوضع السياسي الحالي في غزة وطهران واليمن وتداعيات الحرب بسبب النظام الصهيوني، بقوله على لسان الكاتب إدوارد سعيد إن "الصهيونية هي ابنة الاستعمار"، وذكر أن الرأسمالية حاضرة اليوم أمامنا ليست بفرض وجودها بالعنف وحسب، وإنما بطرائق أخرى وهي "الهيمنة"، وذكر مثالًا على ذلك احتلال الإمبراطورية البريطانية لثلاثة أرباع العالم بالحرب بالقوة ومن ضمنها عُمان قديمًا، وأن أول شكل من أشكال المقاومة الثقافية هو الإمام نور الدين السالمي الذي قاوم ثقافيًا بحيث استخدم لسان قومه ثقافيًا، وعلى المستوى الاجتماعي رفض دخول الغرب في المجتمع العماني كموضوع تأجير المنازل للبريطانيين، أو توظيفهم في بيت المال، وكذلك رفض العملة النقدية البريطانية.

وأضاف المحرمي: إن المجتمع العماني متنوع منذ القدم؛ فهو كـ"الفسيفساء" يضم الإثنيات المختلفة المتعايشة مع بعضها البعض، وأن الرأسمالية مرّت بأطوار عديدة متقلبة ولا يمكن اتهامها قطعيًا بأنها "الشر المطلق".

كما بيّن حبيب أن الرأسمالية أداة مفتوحة حالها كحال النظم الأخرى، وإذا كان لها حسنة واحدة فهي أفضل من العبودية والإقطاع، والشرط الأخلاقي هو الذي يُنجي الفرد من المناورات السياسية عن طريق المبدأ الثوري وهو شكل من أشكال المقاومة، وأضاف حلولًا لبقاء فكرة المقاومة هو رد الاعتبار للمقاومة الوطنية وتاريخها، والتصدي للهيمنة الرأسمالية، كذلك إنتاج خطاب معرفي جديد وراسخ عوضًا عن الاستهلاك، وإعادة المفاهيم الرئيسية التي صاغها النظام الغربي كالمساواة والعدالة، وإعادة الحركة للذاكرة الوطنية.

وأبدى الدكتور زكريا رأيه حول الرأسمالية الحالية في مجتمعنا، وهي "رأسمالية منصات التواصل الاجتماعي" التي أصبحت هي السوق، وللأسف تم دعمها من كل الجهات، وأدى هذا إلى "تشييع" العلاقات الاجتماعية، وصار المظهر هو الأساس، مما أدى إلى شعور الشباب بالاغتراب، فزادت حالات الاكتئاب والانتحار بين المراهقين، واقترح المحرمي حلولًا لتقليل هذه الظاهرة بالتعليم، وتعليم النشء على التفكير النقدي وتدريبهم على الصلابة الشخصية، وعلى مؤسسات المجتمع المدني تبنّي استراتيجيات مناسبة للارتقاء بمستوى المجتمع، كذلك نصح بالاتصال بالرموز والشخصيات الكبيرة التاريخية نظرًا لضرورتها القصوى في ترسيخ الهوية والمقاومة، وأن المقاومة الثقافية هي أقوى أشكال المقاومة لأنها تقود معركة الوعي.

وأضاف: "التراث العماني يجب أن يضعه الشباب موضع قوة، والاستعانة بالتراث واللحمة الوطنية والهوية الوطنية يمنح الشباب المقاومة".

وبيّنت المكرمة الدكتورة عائشة الدرمكية وضع المقاومة في الأحداث الحالية التي تجري حاليًا في فلسطين، عندما أمر "ترامب" بترحيلهم لدول مجاورة، نهضت المقاومة وانتفض العالم يقاوم ككل لرفض فكرة القمع والقتل والتهجير، وتضامن مع الشعب الفلسطيني، وبالرغم من وقوف العالم مع المقاومة، إلا أن المواطنة العالمية "المنظمات الدولية وتقاريرها" غضّت الطرف في الانتهاكات التي تطال المجتمع العربي، كما أشارت إلى موضوع "الذكاء الاصطناعي" بوصفه كهدف رأسمالي مدمّر للعقل البشري إذا تم الاستعانة به بشكل كامل، وعلى المدى البعيد سيلغي دور البشرية والإبداع المتفرّد، لأن وظيفته فقط هي تفكيك وإعادة صياغة، وليس له علاقة بالإنتاج الإبداعي، مما يخلق تشابهًا كبيرًا في المخرجات الفنية.

واختتمت الجلسة الحوارية بفتح باب النقاش للحضور بمداخلات مُثرية منهم، تم التحدث فيها عن الثقافة بين جوهر المقاومة وثقافة التأريض، وجوهر المقاومة الثقافية يكمن في إنتاج الفن القادر على مساءلة السلطة، وكذلك تم نقاش موضوع الإسلاموفوبيا الناتج من الغرب وكيف يتم تصحيحه، وطُرح سؤال مهم حول كيفية تعزيز دور المثقف وسط زحمة برامج التواصل الاجتماعي، وعن تأثر الأنظمة التعليمية الحالية بالنظام الغربي.

مقالات مشابهة

  • 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
  • رمضان عبد المعز: الإسلام يرعى مصالح الناس وحسن الظن بالله عبادة
  • كاتب أميركي: مؤسسة غزة الإنسانية غطاء لحماية إسرائيل
  • رمضان عبد المعز: هذه أعظم عبادة تحقق لك النصر والسكينة في الدنيا
  • إستشهاد الضابط الإداري علي منصور مانيس عقب الهجوم الذي شنته المليشيا على مدينة الفاشر
  • دور الثقافة والفن في مواجهة الرأسمالية وإعادة فكرة المقاومة في العصر الحالي
  • فتاوى تشغل الأذهان| هل استبدال الصلاة على النبي عند الكتابة بـص حرام ؟.. شروط بيع الذهب بالتقسيط عبر البنوك.. حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
  • هل استبدال الصلاة على النبي عند الكتابة بـ ص حرام ؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل وإيران؟
  • محمد أبوزيد كروم يكتب: حيا الله السلاح والكفاح، والنصر الذي لاح