فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د.كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
السائل يقول إنه في المناسبات يقدم له طعاما كثيرا، وهو يريد أن يحرص على الثلث في طعامه، وهذا يجعله أمام خيارين، إما أن يلتزم بالسنة وإما أن يترك الطعام وهو لديه القدرة أن يأكل أيضا فماذا يختار؟
التثليث سنة مستحبة، لكن الأكل فوق الشبع منهي عنه، فأن يأكل المرء كما أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا أمر إرشاد «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محال فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» كل أدرى بثلثه أولا، ثانيا أكثر أهل العلم على أن هذا من باب الإرشاد، لأنه ورد في بعض الآثار ومنها ما هو مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنها ما هو موقوف على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم قالوا فأكلنا حتى شبعنا، إذن الشبع مأذون به مباح على أن لا يعتاد المرء ذلك، لكن الأكل فوق الشبع منهي عنه لما فيه من ضرر بالغ ولما فيه من مخافة الوقوع في التبذير والأصل في المسلم أن يكون قصدا في أموره كلها، فلا شك أن الأوفق به هو أن يأكل بالقدر الذي أرشد إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعني أن يكون الغالب في أحواله ذلك، قد تأتي بعض الأحوال التي يحتاج فيها إلى قدر من الاستثناء فهو داخل في حدود المباح.
وبعض الناس يقومون بإعداد الطعام بقدر من المبالغة بحجة أن ما يفضل سيعطى للحيوان وبهذا يخشى عليهم من الوقوع في الإسراف والتبذير، وربنا تبارك وتعالى نهى عن ذلك قال: « إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا» وأمر بالقصد والاعتدال فقال:« وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا» وقال ربنا تبارك وتعالى: « وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» فيكون إعداد الطعام بقدر الحاجة، أما أن يتعمد إعداد الزيادة والمبالغة والإسراف فيه بحجة أن الذي سيفضل سيدفع إلى الحيوانات فهذا من التبذير، إن فضل شيء فإنه لا ينبغي أن يرمى، يمكن أن يعطى أولا للفقراء والمساكين، وإلا فيمكن أن يدفع للبهائم والحيوانات ولكن لا يتعمد ذلك بدعوى أن يدفع إلى الحيوانات.
وكثير من الإخوة ينبه على أن ما يرمى من الأطعمة في عموم البلدان الإسلامية في رمضان خصوصا أمر لا يتصور، وحتى في بلادنا وفي دول الخليج للأسف هناك مبالغات كثيرة، فالأطنان من الأطعمة ترمى في القمامة وتفسد وهذا مخالف لإحكام دين الله تبارك وتعالى ولمقصود الشارع من تشريع الصيام لأن الصيام يهذب هذه النفوس، ويعودها على القصد والاعتدال، يضبط لها شهوتها، فالإكثار من الموائد والإكثار من الأطعمة والأشربة ثم التخلص منها بعد ذلك هذا مناف لأحكام دين الله تبارك وتعالى الداعية كما تقدم للقصد والاعتدال والناهية عن الإسراف والتبذير بأشد الوعيد، هؤلاء الذين يبذرون ويسرفون توعدهم الله تبارك وتعالى هذا الوعيد الشديد الذي أشارت إليه الآيات المتقدمة. والله تعالى أعلم .
السائلة تقول إن لديها مدرسة خاصة تجمع المبالغ المتحصلة من الطلاب في حساب بنكي تحسبا لوجود مديونيات على المدرسة أو على الشركة والآن بلغت النصاب وحال عليها الحول فهل فيها زكاة؟
أما إذا كان عليهم أداء دين حال غير منسأ فهو أولى بالسداد، ثم بعد ذلك الباقي هو الذي يزكى، أما إذا كانوا لا يعرفون ليس هناك من يطالبهم وليس هناك دين حال عليهم سداده الآن وهذه الأموال مدخرة عندهم ويتصرفون فيها تصرف المالك إذا احتاجوا للتوسع احتاجوا إلى أي مشروع إلى أي أمر فإنهم يستعملونها فهذا دليل ملك تام وحال عليها الحول فإنها تزكى.
إذن ما الذي يخرج ما الذي يسقط هو الدين الحال الواجب السداد، فإما أن يؤدوه قبل إخراج الزكاة أو أن يطرحوه إذا كان أداؤهم لهذا الدين إنما هو كان في وقت قريب من إخراج الزكاة يطالبهم به الدائن أو هم يسعون إلى إبراء ذمتهم بإخراج هذا الحق الواجب عليهم إلى أصحابه فلا مانع عليهم، لا تخلصا من الزكاة وإنما أداء لهذا الدين، ثم يزكى الباقي، وإلا إذا كان في الأمر سعة منسأ لهم ولا مطالبة عليهم، أو لا يعرفون إذا كانت هناك ديون كما فهمنا من السؤال فالأصل أن هذا المال يزكى وتزكية المال تطهير لهم وتطهير لهذا المال والله تعالى أعلم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم تبارک وتعالى إذا کان
إقرأ أيضاً:
هل ترديد الأذكار يتحقق به استجابة الدعاء والأمنيات؟.. أمين الإفتاء يجيب
ترديد الأذكار بشكل يومي من أهم ما يتقرب به العبد إلى ربه، فينبغي للمسلم أن يتخذ لنفسه وردًا ويخصص وقتا لترديد الأذكار ولكن هل يمكن بترديد الأذكار أن يتحقق بها استجابة الدعاء؟.
وفي إجابته عن هذا التساؤل، أكد الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الأذكار التي يرددها الإنسان لها ثواب كبير ونفع عظيم، مشيرًا إلى أن العبد الذي يذكر الله يجد ذكر الله له، مستشهدا في ذلك بقول الله تعالى "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ".
وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء، إن من يرغب في أن يحصل له شيء يكون ذلك عن طريق أمرين، وهما أن يدعو العبد الله ويطلب منه أن يحقق هذا الشيء أو أن يذكر الله، وهذا لأن ذكر الله-سبحانه وتعالى- يكون أقوي من الدعاء في تحقيق الشيء، مستشهدا في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة الأنبياء،" وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ".
أدعية لتحصين البيت من الحسد والشرور.. احرص عليها تكن في معية الله
كيف تكون مستجاب الدعاء؟.. أمين الفتوى يكشف سرًا يغفل عنه كثيرون
دعاء قضاء الحاجة سريع الإجابة.. ردده الآن
كم مرة تقرأ سورة الأنبياء لاستجابة الدعاء؟.. السر في 4 آيات
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء، أن ذكر الله يعود على الإنسان بتوفيقه ومعونته وإرشاده للخير وتيسير أموره، مستشهدًا بحديث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَقُولُ اللهُ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
فضل ذكر اللهوأكدت دار الإفتاء المصرية أن نصوص الشرع الحنيف تضافرت على بيان فضل ذكر الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب 41- 42]، وقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور﴾ [فاطر: 29]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» رواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، إلى غير ذلك من النصوص الواردة في فضل ذكر الله تعالى ودعائه.
وأشارت إلى أن تذكير الآخرين بهذا -أي بذكر الله تعالى وآياته- والدعوة إليه، والترغيب فيه ممَّن هو أهله -هو من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها الإنسان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم.