السائل يقول إنه في المناسبات يقدم له طعاما كثيرا، وهو يريد أن يحرص على الثلث في طعامه، وهذا يجعله أمام خيارين، إما أن يلتزم بالسنة وإما أن يترك الطعام وهو لديه القدرة أن يأكل أيضا فماذا يختار؟

التثليث سنة مستحبة، لكن الأكل فوق الشبع منهي عنه، فأن يأكل المرء كما أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا أمر إرشاد «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محال فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» كل أدرى بثلثه أولا، ثانيا أكثر أهل العلم على أن هذا من باب الإرشاد، لأنه ورد في بعض الآثار ومنها ما هو مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنها ما هو موقوف على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم قالوا فأكلنا حتى شبعنا، إذن الشبع مأذون به مباح على أن لا يعتاد المرء ذلك، لكن الأكل فوق الشبع منهي عنه لما فيه من ضرر بالغ ولما فيه من مخافة الوقوع في التبذير والأصل في المسلم أن يكون قصدا في أموره كلها، فلا شك أن الأوفق به هو أن يأكل بالقدر الذي أرشد إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعني أن يكون الغالب في أحواله ذلك، قد تأتي بعض الأحوال التي يحتاج فيها إلى قدر من الاستثناء فهو داخل في حدود المباح.

وبعض الناس يقومون بإعداد الطعام بقدر من المبالغة بحجة أن ما يفضل سيعطى للحيوان وبهذا يخشى عليهم من الوقوع في الإسراف والتبذير، وربنا تبارك وتعالى نهى عن ذلك قال: « إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا» وأمر بالقصد والاعتدال فقال:« وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا» وقال ربنا تبارك وتعالى: « وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» فيكون إعداد الطعام بقدر الحاجة، أما أن يتعمد إعداد الزيادة والمبالغة والإسراف فيه بحجة أن الذي سيفضل سيدفع إلى الحيوانات فهذا من التبذير، إن فضل شيء فإنه لا ينبغي أن يرمى، يمكن أن يعطى أولا للفقراء والمساكين، وإلا فيمكن أن يدفع للبهائم والحيوانات ولكن لا يتعمد ذلك بدعوى أن يدفع إلى الحيوانات.

وكثير من الإخوة ينبه على أن ما يرمى من الأطعمة في عموم البلدان الإسلامية في رمضان خصوصا أمر لا يتصور، وحتى في بلادنا وفي دول الخليج للأسف هناك مبالغات كثيرة، فالأطنان من الأطعمة ترمى في القمامة وتفسد وهذا مخالف لإحكام دين الله تبارك وتعالى ولمقصود الشارع من تشريع الصيام لأن الصيام يهذب هذه النفوس، ويعودها على القصد والاعتدال، يضبط لها شهوتها، فالإكثار من الموائد والإكثار من الأطعمة والأشربة ثم التخلص منها بعد ذلك هذا مناف لأحكام دين الله تبارك وتعالى الداعية كما تقدم للقصد والاعتدال والناهية عن الإسراف والتبذير بأشد الوعيد، هؤلاء الذين يبذرون ويسرفون توعدهم الله تبارك وتعالى هذا الوعيد الشديد الذي أشارت إليه الآيات المتقدمة. والله تعالى أعلم .

السائلة تقول إن لديها مدرسة خاصة تجمع المبالغ المتحصلة من الطلاب في حساب بنكي تحسبا لوجود مديونيات على المدرسة أو على الشركة والآن بلغت النصاب وحال عليها الحول فهل فيها زكاة؟

أما إذا كان عليهم أداء دين حال غير منسأ فهو أولى بالسداد، ثم بعد ذلك الباقي هو الذي يزكى، أما إذا كانوا لا يعرفون ليس هناك من يطالبهم وليس هناك دين حال عليهم سداده الآن وهذه الأموال مدخرة عندهم ويتصرفون فيها تصرف المالك إذا احتاجوا للتوسع احتاجوا إلى أي مشروع إلى أي أمر فإنهم يستعملونها فهذا دليل ملك تام وحال عليها الحول فإنها تزكى.

إذن ما الذي يخرج ما الذي يسقط هو الدين الحال الواجب السداد، فإما أن يؤدوه قبل إخراج الزكاة أو أن يطرحوه إذا كان أداؤهم لهذا الدين إنما هو كان في وقت قريب من إخراج الزكاة يطالبهم به الدائن أو هم يسعون إلى إبراء ذمتهم بإخراج هذا الحق الواجب عليهم إلى أصحابه فلا مانع عليهم، لا تخلصا من الزكاة وإنما أداء لهذا الدين، ثم يزكى الباقي، وإلا إذا كان في الأمر سعة منسأ لهم ولا مطالبة عليهم، أو لا يعرفون إذا كانت هناك ديون كما فهمنا من السؤال فالأصل أن هذا المال يزكى وتزكية المال تطهير لهم وتطهير لهذا المال والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم تبارک وتعالى إذا کان

إقرأ أيضاً:

رضى الله عنها

يقول الرواة إن الصحابى الجليل ابن عباس، كان أول من استخدم مصطلح «رضى الله عنه» فى إشارته لصحابة النبى (ص) المقربين، كنوع من التكريم والتقدير لهم، استنادا إلى آيات قرآنية، تؤكد رضا الله عن أوائل الصحابة الذين آمنوا بالنبى الكريم وساندوه ونصروه. فيما بعد أجاز الفقهاء اطلاق المصطلح على العباد والصالحين من الأجيال التالية، كصيغة دُعاء ورجاء وطلب برضا الله ورحمته لهم، وهو ما صار مندوبا ومُستحسنا فى الحديث عن أهل الله.

ولا شك في أن الدعاء برضا الله يطول كل شىء، فليس رجاءً أعظم من ذلك، وندبه لمصر الأرض والناس والتاريخ والقيّم والمبادئ والمُثل والفكر والوعى يعنى إقرارا بأنها تستحق خير الخير، لما قدمت وضحت وتحملت ومنحت وصبرت وكافحت.

رضى الله عن مصر. فما مارسته وحققته، قيادة ومؤسسات ومسئولين، وكوادر من عمل علنى، وسرى، جماعى وفردى، دبلوماسى وسياسى، لوقف المذبحة الصهيونية الدامية فى فلسطين يستحق فخرنا ورضانا وتقديرنا.

بحكمة وقوة وصلابة وذكاء وتخطيط واعداد أثبتت مصر ريادتها وفاعليتها فى الملف الفلسطينى، واحتضنت مفاوضات تحمل أهم مكسب للناس وهى الحياة فى أمان، وعدم التفريط فى قضية عادلة.

كان يُمكن لمصر أن تستجب لأطروحات تصفية القضية الفلسطينية، قبولا بالتهجير، أو صمتا على المُعتدين، فى مقابل انتعاش اقتصادى، مساعدات، أو مكاسب ما، لكنها بمبادئها وقيمها وإرثها العظيم من الشرف أبت إلا التمسك بالشرف اللصيق بمصر اسما وتاريخا، وانتصرت للإنسان وللحق.

وإذا كُنا وما زلنا، وكان البعض وما زالوا، مُختلفين مع مؤسسات الحكم فيما يخص أولويات التنمية، وقضايا الحريات، وتفاصيل الاصلاح السياسى، والديمقراطية، إلا أن الجميع يُقدر ويحترم ويُمتن لموقف الدولة العظيم فى تعاملها مع قضية فلسطين، وتصديها لطرح التهجير، ونضالها المُشرف لمنع تصفية الحق الفلسطينى. إنه محل فخر حقيقى، يليق بأم الدنيا وشقيقة العرب الكبرى.

يبدو الأمر مُزعجا لسماسرة الحرب، القتلة المأجورين، تجار البشر والأوطان، وميليشيات النصب على الشعوب باسم الدين. فثمة مَن لا يبيع ولا يساوم، ويصبر على الدعاية السوداء والاتهامات الكاذبة، ويتحمل لوم الهتيفة والحنجوريين من الأشقاء، ويعمل فى هدوء شديد. يُرتب الأوضاع، يضع السيناريوهات، يُناقش الأفكار، يُفصل الخطط، ويُبرز القوة حينا، والحكمة أحيانا أخرى لتأكيد أن مصر ومؤسساتها وأفذاذها حاضرون ونابهون، بل قادرون دوما على صناعة السلام بقوة وإرادة.

يقول لى أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية فى تعليق مُتزامن مع الأحداث: «إن مصر قادرة دوما على صناعة الأمن، بما تمتلكه هذه الأرض من جينات حضارية عظيمة».

ويحكى أنه التقى هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الداهية لأول مرة فى بداية التسعينيات، فعرف أنه من مصر، فقال له «إن هذا بلد مُختلف يُفرز دائما قادة عظاما، حتى لو اختلفت معهم».

يعجب المارون والغرباء من سحر مصر وروعتها وجاذبيتها، فتكتب ريهام عبد الحكيم أغنية رائعة تقول فيها «فيها حاجة حلوة. حاجة حلوة بينا، حاجة كل مدى تزيد زيادة فيها إنّ. فيها نية صافية. فيها حاجة دافية. حاجة بتخليك تتبت فيها سنة سنة».

وهذه الـ«حاجة» هى رضا الله عن هذه الأرض.

والله أعلم

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • البوسعيدي يقدم أوراق اعتماده مندوبًا لعُمان لدى "التعاون الإسلامي"
  • رضى الله عنها
  • سفير سلطنة عُمان يقدم أوراق اعتماده مندوبا دائما لدى منظمة التعاون الإسلامي
  • فتاوى وأحكام| هل وفاة الجنين تشفع لوالديه؟.. ما حكم ترك المسكن في فترة العدة بسبب عدم الأمن؟.. كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟
  • القصة الكاملة لـ إحالة أوراق 4 متهمين إلى فضيلة المفتي في مدينة نصر
  • أنبياء ذكرهم الله ببعض أسمائها فى كتابه العزيز.. تعرف عليهم
  • فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (5)
  • إحالة قاتلة زوجها وأطفاله الستة بالمنيا إلى فضيلة المفتي.. ووالدة الضحايا: لو عدموها 7 مرات مش هيبرد ناري
  • إحالة قاتلة زوجها و أطفاله الستة بالمنيا إلى فضيلة المفتي
  • فتاوى| ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟.. زوجت نفسي بعقد رسمي وبدون ولي فهل زواجي صحيح؟.. كيف أعرف الحائل الذي يمنع صحة الطهارة؟