قال عزت إبراهيم، رئيس تحرير الأهرام ويكلي، وعضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر، إن الكونجرس الأمريكي لعب دورا مهما في الدخول لمرحلة جديدة من دعم إسرائيل بلا سقف، وعلى المدى المتوسط والطويل إسرائيل كسبت كثيرا من المواجهة الحالية مع إيران وحزب الله.

وأضاف «إبراهيم» خلال حواره مع الإعلامي والكاتب الصحفي أحمد الطاهري، مقدم برنامج «كلام في السياسة»، المذاع عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن رهان «نتنياهو» على فوز «ترامب» بالرئاسة الأمريكية شخصي، وأنه مقتنع بنسبة 100% بأن ترامب في طريقه للسلطة في أمريكا، ويتصرف بمسألة كسب الوقت، حتى تمر الستة أشهر المقبلة، وبعدها ترتيبات السلطة في أمريكا وتتويج الرئيس الجديد في 20 يناير.

وتابع: «مسألة اللجوء للقضاء في وضع ترامب سيتم تسويته والقاعدة الجمهورية التي يتمتع بها ستؤدي في النهاية لتدخل المحكمة العليا ليتم إدراجه في كل الولايات الأمريكية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إيران ترامب أمريكا

إقرأ أيضاً:

رقصة سالومي.. المصير الأمريكي (4)

قبل أسابيع قليلة أصدر ترامب عفوا عن مسؤولين فاسدين، ومجرمي حرب، وتجار مخدرات، ومحكومين مدانين اعترفوا أثناء التحقيقات بارتكاب جرائم غسل أموال واحتيال وتضليل العدالة والتلاعب بالقانون، وكشفت سجلات تمويل الحملة الانتخابية لترامب أن بعضهم مثل تريفور ميلتون (مالك شركة نيكولا موتور) نال العفو مقابل تبرع بقيمة 1.8 مليون دولار لصالح حملة ترامب!

القضية تتجاوز استثمار الصلاحيات الدستورية في المجاملات والاتجار بالعدالة، وتندرج ضمن عوامل أو مظاهر "انهيار الإمبراطورية"، فهكذا سقطت روما، وهكذا سقطت بيزنطة، وهكذا تسقط الدول التي تفسح للفساد مكانا داخل بيت الحكم وتستهين بدعم نشاط "السوس" في بنية النظام السياسي، مما يؤدي إلى تقويضه على المدى الطويل.

قرار العفو الذي أثار الكثير من الجدل في الإعلام الأمريكي أعادني إلى فترة ترامب الأولى للنظر في قائمة العفو الرئاسي التي أصدرها في شباط/ فبراير 2020 (قبل أقل من عام على انتهاء ولايته)، تضمنت القائمة اسم مايكل ميلكن.. الشخصية الأكثر إثارة وشهرة وثراء في حقبة الثمانينات والتسعينات، وهو إلى جانب روي كون، وجيفري بريشتاين، وروبرت مردوخ، وإيفان بوسكي، وروبرت فريمان، وتيرن بيزر، ودينيس ليفين، لويل، وجون موليرين، ومارتن سيجل، ومئات المحتالين في أوكار وول ستريت ودهاليز العملات المشفرة ومخابئ "الأوف شور"، يندرجون فيما أسماه الخبير المالي جيمس ستيوارت "وكر اللصوص".. عصابة مرعبة تمتص المال وفرص العمل ومقومات النجاح من حياة الناس، وتبيع لهم الفقر والديون مقابل وعود وهمية بالرفاهية الزائفة والربح السهل السريع.

الجرائم التي ارتكبها مثل هؤلاء ليست "فردية"، لكنها "سياسات" لها جذورها وشبكتها العميقة داخل النظام الأمريكي، ولها كذلك امتداد وآثار عظيمة فيما بعدها
لماذا أؤجل الحديث المباشر عن أسباب ونتائج قرار رفع الرسوم الجمركية وعلاقته بانحدار أمريكا، وأحكي عن جرائم فردية لشخصيات مثل روي كون ومايكل ميلكن؟

أولا، لأن الجرائم التي ارتكبها مثل هؤلاء ليست "فردية"، لكنها "سياسات" لها جذورها وشبكتها العميقة داخل النظام الأمريكي، ولها كذلك امتداد وآثار عظيمة فيما بعدها.. كون مثلا أفرز حالة ترامب وصار يحكم البيت الأبيض من قبره، حسب التعبير الشائع بين النخبة في أمريكا، حيث يطبق ترامب قواعد كون ويفرض على أمريكا والعالم أفكار وأساليب مصاص الدماء الذي صنعه ووضعه على العرش. والمثال مأخوذ من رواية أمريكية (لا يحضرني الآن اسم مؤلفها) تصور روي كون مصاص دماء لا يموت أبدا ويواصل حياته بتكرار من خلال الحلول في أجساد أخرى، مشيرا إلى أن ترامب مجرد جثة يسكنها عقل وأسلوب روي كون.

أما مايكل ميلكن، فهو شيطان الغواية الذي صعد على مسرح وول ستريت ورقص "رقصة سالومي" تمهيدا لقطع رأس الاقتصاد الأمريكي، ونقل الثروة على صينية ذهبية من قطاع التصنيع إلى قطاع السمسرة المالية ومضاربات البورصة، والتمويل الربوي ورفاهية الاستدانة في زمن الانحراف الكبير..

ماذا فعل ميلكن ليدخل السجن؟ وماذا فعل ليخرج بعفو رئاسي؟

بعد نجاح مالي ساحق وتحصيل ثروة ضخمة في وقت قياسي لم يكسره أي إنسان حتى الآن، تم القبض على ميلكن في عام 1989 واتهامه بـ98 تهمة تتعلق بالاحتيال والتلاعب وتعريض أسواق المال للخطر، ما جعلها أكبر قضية جنائية في تاريخ وول ستريت، وبعد جولات طويلة من التحقيقات اعترف ميلكن في عام 1990 بمسؤوليته عن 6 تهم فقط، منها الاحتيال في الأوراق المالية والاحتيال الضريبي، وتم الحكم بحبسه 10 سنوات وتغريمه 600 مليون دولار (أكبر غرامة يدفعها إنسان حتى ذلك الوقت)، لكنه خرج من السجن بعد أقل من عامين (22 شهرا).

وبدأت تتضح أساليب التأثير والتلاعب في مجال الإعلام والقضاء، وسارع بإنشاء مؤسسات علمية وطبية وخيرية لإعادة تحسين صورته والتحايل على الحكم بمنعه من التداول المالي والعمل في أسواق المال، حتى نال العفو الكامل من ترامب في 18 شباط/ فبراير 2020، وصدر بيان من البيت الأبيض يبرر قرار العفو ويصف ميلكن بأنه "أحد أعظم الممولين في أمريكا"، و"عبقري" و"مبتكر"، و"ساعدت جهوده في إنشاء صناعات كاملة، مثل الاتصالات اللاسلكية وتلفزيون الكيبل، وثورة بناء المنازل"، بينما اقتصر توضيح ترامب على الجهود الخيرية ودعم البحث العلمي عن طريق المؤسسات التي أنشأتها عائلة ميلكن.

أصار القرار ضجة سياسية وإعلامية وتم الكشف عن تفاصيل كثيرة توضح آليات العمل في البيت الأبيض وقوة الدفع الخفية التي تصنع القرار وتضع الأسماء في قائمة العفو. وفيما يخص ميلكن، تحمس أقطاب كبار في "وكر اللصوص" للعفو عنه، أبرزهم من كبار ممولي ترامب وأصدقائه والعاملين في حملته والداعمين له، مثل كيفن مكارثي، وروبرت مردوخ، وشيلدون أديلسون، وإيلين تشاو، والمحامي الخاص رودي جولياني الذي أدان ميلكن في التحقيقات الجنائية في مطلع التسعينات، حيث كان حينها في وظيفة المدعي العام الفيدرالي، لكنه انقلب على تاريخه كما انقلب على ترامب نفسه وصار صديقا لميلكن، أو بالأدق لأموال وتبرعات ميلكن.

العلاقة النفعية "المشتراة" هي القاعدة التي ركز الإعلام الأمريكي على فضحها، من خلال أسماء المتبرعين الكبار لحملة ترامب
وهذه العلاقة النفعية "المشتراة" هي القاعدة التي ركز الإعلام الأمريكي على فضحها، من خلال أسماء المتبرعين الكبار لحملة ترامب؛ مثل ملك الكازينوهات شيلدون أديلسون، والملياردير نيلسون بيلتز الذي جمع ثروته من خلال التعاون الاحتيالي مع ميلكن في مجال السندات الساقطة أو ما يسمي "جانك بوند"، وهي سندات غير موثوقة خسرت الكثير من قيمتها، لكن ميلكن صنع لها سوقا للتعامل تحت شعار "الديون أصول"، مما خلق سوقا وهمية لا تحتاج إلى ضمانات تمويل. وكشف الإعلام ان ترامب نفسه جمع 675 مليون دولار عن طريق إصدار سندات من هذا النوع لاستكمال تشييد كازينو خاص به في أتلانتيك سيتي، ثم أفلس الكازينو بعد عام من افتتاحه، لكن أساليب جمع الثروات بالاحتيال لا تفلس، تظل نشطة ومحمومة ما دام "وكر اللصوص" يبتكر ويتضامن ويتفنن في جمع الثروة من جيوب الناس.

مغامرة ميلكن كانت موضوعا لأفلام ومسرحيات ومؤلفات من كل نوع، وتحتاج هذه النقطة إلى كتابة أخرى توضح لنا كيف ترصد الفنون والكتب مظاهر الفساد في رأي وقلب الإمبراطورية. وقد ظلت جريمة ميلكن غامضة وصعبة الفهم بالنسبة لي، ولم أدرك تأثيرها المدمر ولا خطورتها إلا من خلال هذا النوع من المسرحيات والمؤلفات، وفي مقدمتها مسرحية "جانك" للأديب المتميز عياد أختر، وأعماله كلها تعد وثائق فنية لتشريح الحالة الأمريكية وكشف عوامل التفكك والخلل في جسد وعقل المجتمع الأمريكي.

وعياد كاتب مولود في أمريكا، لكنه من أصول باكستانية، وقضية العنصرية وصعوبة التجانس بين مكونات المجتمع الأمريكي هي جوهر مؤلفاته التي تستند على تجربة شخصية ورؤية ناقدة لمجتمع تتصادم حقيقته القبيحة مع صورته الجميلة المزيفة.

أثناء محاولاتي لكشف غموض "سندات الخردة" انتبهت لرأي صديق أمريكي يعيش في ولاية ميتشيجان، كنت أسأله عن مسرحية أختر: هل تفهم موضوع هذه المسرحية، وهل تعرف شخصية حقيقية باسم "روبرت ميركن" الذي تتناوله المسرحية باعتباره أسطورة اقتصادية مشهور في أنحاء أمريكا؟

أخبرني الصديق أن شخصية "روبرت ميركن" في المسرحية تشير إلى الخبير المالي مايكل ميلكن، وفي الغالب غيرت اسمه لعدم الدخول في ملاحقات قضائية أو طلب إذن مسبق، لكن القضية بتفصيلاتها واقعية تماما.

سألته: هل هذه القضايا الاقتصادية والأسهم وعمل البورصة عموما يمس حياتكم في شيء؟

قال: حدثت تحولات أثرت كثيرا على معيشتنا، وقلبت حياتنا تماما، أنت تعرف أنني فنان، لكنك لا تعرف أنني نشأت في عائلة من الطبقة العاملة، وكان أمل والدي منذ طفولتي أن أصير مهندسا، وقبل أن ألتحق بالجامعة كان كل شيء قد تغير، بما في ذلك أحلام والدي ونظرته للحياة، وبالتجديد في الفترة التي تتناولها المسرحية (أواخر الثمانينات/ أوائل التسعينات) بدأت مظاهر الإفلاس والركود وغرق المجتمع كله في أزمة الديون، كانت ديون السندات السيئة التي تتحدث عنها المسرحية موضوعا للحديث بين الناس بسبب علاقتها بأماكن العمل ومشاكل إفلاس الصناعات، لكن وباء الديون أصاب حياتنا من خلال التوسع في استخدام الاقتراض ببطاقات الائتمان، والشراء بالأقساط المؤجلة، والرهن العقاري، وإغراء البعض بشراء ذلك النوع من الأسهم الساقطة للاستثمار فيها كرهان للربح السريع. انتشرت هذه الحالة كوباء مزلزل، ارتبطت حياة الناس واهتوت علاقتها بكل الثوابت: العائلة.. الوظيفة.. المنزل.. التطلع للمستقبل، حدث نوع من الجنون والحلم بالثراء المفاجئ عن طريق الأسهم، وعليك أن تتخيل تأثير هذا التغيير على عائلة نشأت في مدينة فولاذية، وتعيش حياتها بإيقاع منتظم، وفجأة تهب رياح مرعبة تعصف بكل الثوابت..

هكذا حدثت الأزمة المالية في 2008، لكن الأخطر منها ما حدث للناس ولم يهتم به أحد.. الحياة مع الوحش.. العيش مع الديون، هذه الحالة تغير طبيعة الإنسان، تجعله غير آمن، وخائفا ومتوترا
فقدَ الناس الإحساس بالرضا، وشعروا بعدم جدوى العمل في تحقيق الأحلام: لماذا أنتظر سنوات طويلة أكافح وأدخر لأشتري سيارة أو أبني منزل الأحلام، وأنا أرى جاري الفاشل أنجز ذلك بالفعل عن طريق الاقتراض أو الرهن العقاري أو ضربة حظ في سعر السندات الساقطة؟ من يستطيع البقاء على حاله القديم والاستمرار في برنامج الحلم بإيقاع الماضي؟ إذا كان المطلوب مجرد مقدم بسيط وتوقيع أوراق بالأقساط المتبقية، فلماذا لا أشترى الآن وأنا لا أملك شيئا، بدلا من الانتظار سنوات طويلة لجمع المبلغ؟..

هكذا حدثت الأزمة المالية في 2008، لكن الأخطر منها ما حدث للناس ولم يهتم به أحد.. الحياة مع الوحش.. العيش مع الديون، هذه الحالة تغير طبيعة الإنسان، تجعله غير آمن، وخائفا ومتوترا، وتشرق سعادته مقابل التملك المديون، أو تقضي على أخلاقه وطبيعته السوية وتجعله متبلدا ومتهربا ومحتالا، يسرق متعته وحلمه ثم يعلن إفلاسه وينتظر قرار السلطات بتسوية الأزمة، خصوصا لو كانت جماعية، مما يجعل القانون عاجزا عن معاقبة شعب بأكمله.

هكذا شرح لي صديقي جريمة ميلكن والذين معه، وفي المقال المقبل ننتقل مباشرة إلى علاقة هذه الحالة بقرار ترامب رفع الرسوم الجمركية، وهل يعد حلا لمشكلة أم تحولا جديدا يزيد الخراب الذي أصاب عمق المجتمع الأمريكي، كما أوضح صديقي في شرحه البسيط لما حدث لعائلته.

في المقال المقبل نفتش عن جوانب أخرى في الحقيقة المموهة.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • حماس أطلقت سراحه.. المحتجز الأمريكي عيدان الكسندر في طريقه إلى إسرائيل
  • ترامب يهوي بشعبية أمريكا و “إسرائيل” في ذيل ترتيب السمعة العالمية
  • دورا مدينة التلال الكنعانية التي لا تنحني.. حكاية الأرض والمقاومة والتجذر الفلسطيني
  • رقصة سالومي.. المصير الأمريكي (4)
  • بن حبريش: حضرموت ماضية نحو الحكم الذاتي ولن نتراجع مهما كلف الثمن
  • إسرائيل تُعلق عملياتها في غزة.. متى تفرج حماس عن المحتجز الأمريكي عيدان ألكسندر؟
  • برج ترامب في دمشق وسلامٌ مع إسرائيل.. هكذا يحاول أحمد الشرع استمالة الرئيس الأمريكي
  • لا مفاجآت سياسية في الجولة الانتخابية شمالا.. سلام يريد دورا اساسيا في 13 منصبا للتعيين
  • أمريكا تتفاوض مع المقاومة منفردة.. هل آن أوان فطام إسرائيل؟
  • سفير أمريكا في إسرائيل يدعم تهجير الفلسطينيين من غزة ويلوم حماس