تقرير أممي يفضح الادعاءات الإسرائيلية بشأن وكالة الأونروا
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
الجديد برس:
بعد الهجوم الكبير والتحريض الذي انجرت إليه العديد من الدول المانحة، يثبت تقرير أممي عدم وجود أي أدلة لارتباط موظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، بأي تنظيم فلسطيني.
وذكرت وكالة “رويترز”، أن مراجعةً بشأن حياد وكالة “الأونروا”، خلصت إلى أن الأخيرة، لديها آليات لضمان الامتثال للمبادئ الإنسانية والحياد.
وأوردت المراجعة أن “إسرائيل”، “لم تقدم أدلةً تدعم الادعاء، بأن عدداً كبيراً من موظفي الوكالة، أعضاء في منظمات إرهابية”، بحسب تعبيرها.
وفي السياق، أفادت صحيفة “الغارديان”، بأن مراجعة مستقلة أجرتها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، أكدت عدم وجود أي أدلة لدى “إسرائيل”، تدعم ادعاءها “بأن موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) أعضاء في منظمات إرهابية” بحسب تعبيرها أيضاً.
وخلص تقرير كولونا، الذي تم إعداده بتكليف من الأمم المتحدة في أعقاب الادعاءات الإسرائيلية، إلى أن “الأونروا كانت تزود إسرائيل بشكل منتظم قوائم بأسماء موظفيها للتدقيق”، ولم تبلغ الحكومة الإسرائيلية مسبقاً بأي مخاوف تتعلق “بأي من موظفي الأونروا المتمركزين على قوائم الموظفين هذه منذ عام 2011”.
وتوضح مراجعة كولونا، التي تمت صياغتها بمساعدة ثلاثة معاهد أبحاث، ومن المقرر نشرها في وقت لاحق يوم الثلاثاء، أن “إسرائيل” لم تثبت بعد أي من ادعاءاتها الأوسع حول تورط موظفي الأونروا في حماس أو الجهاد الإسلامي.
وكانت “الأونروا” قد أعلنت، في مطلع مارس الفائت، عن “مقتل 176 من موظفيها، بشكلٍ مأسوي، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وقالت الوكالة، في بيان لها عبر موقعها الرسمي، إن الحرب على غزة “سجلت أكبر عدد من عمال الإغاثة الذين قُتلوا في أي صراع”.
وأشارت إلى أن العديد من الموظفين، ارتقوا أثناء أداء واجبهم، مؤكدةً أن العاملين في المجال الإنساني ليسوا هدفاً، ويجب حمايتهم في جميع الأوقات.
ولفتت الوكالة في بيانها إلى أن “إسرائيل لا تزال تمنع موظفينا من الوصول إلى شمال غزة، لتقديم المساعدات الغذائية والإمدادات الأساسية”، لافتةً إلى أن “أكثر من نصف الإمدادات التي سُلمت عبر معبري رفح وكرم أبو سالم الشهر الماضي كانت تابعة للأونروا”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
حل الدولتين.. مراجعة ما بعد الوهم
في حزيران/ يونيو الحالي يُعيد العالم على مسامعنا ترنيمة "حل الدولتين" التي أُفرغت من مضمونها على يد ذات الاحتلال الذي يتبجّح اليوم برفض أي انسحاب، ويواصل ابتلاع الأرض بلا حساب.
لا جديد حقيقيا في الطرح، وعليه لا مؤتمر على حساب الذاكرة، فأن يُعقد مؤتمر دولي جديد تحت عنوان "السلام"، دون أي مساءلة للمحتل، ولا التزام حقيقي بوقف الإبادة الجماعية في غزة وتفكيك الاستيطان ورفع الحصار، هو ببساطة: تسويق لتطبيع بلا مقابل، ومكافأة لمن يواصل تقويض القانون الدولي من داخل قاعات المؤتمرات.
ما تفعله إسرائيل على الأرض هو تفكيك ممنهج لفكرة الدولة الفلسطينية، وفرض "حكم ذاتي أبدي" بلا سيادة، ولا حدود، ولا عودة، ولا معنى.
الانقسام الفلسطيني: واقع لا يُبرر التخلّي
المطلوب اليوم ليس رعاية مؤتمرات، بل تثبيت البوصلة، والتأكيد أن فلسطين ليست ورقة متروكة في مهب التفاهمات الدولية. الصوت الذي يُعيد لها المعنى هو أن يُقال بوضوح: فلسطين لا تطلب أكثر من رفض قطعيّ أن تُدار قضيتها كما تُدار الأزمات؛ لأن السلام لا يُبنى فوق ركام الحقوق
نعم، الانقسام الفلسطيني واقع موجع ومؤذٍ، لكن استخدامه ذريعة للصمت هو مجازفة أخلاقية وسياسية. الشعب الفلسطيني لا يجب أن يُعاقَب مرتين؛ مرة بانقسام قيادته، ومرة بتخلي محيطه، بل يجب أن يكون الانقسام حافزا لمبادرة عربية شجاعة، ترعى مسار وحدة وطنية على أساس الثوابت، لا على قاعدة المحاور أو الاشتراطات.
المبادرة العربية فقدت وظيفتها
منذ أكثر من عشرين عاما، والعرب يعرضون المبادرة.. وإسرائيل ترد بمزيد من الوقائع على الأرض. تحوّلت المبادرة من ورقة ضغط إلى غطاء سياسي للتطبيع، وأُفرغت من محتواها حتى باتت تصلح لأي شيء إلا أن تكون مرجعية لحل عادل.
المطلوب اليوم ليس رعاية مؤتمرات، بل تثبيت البوصلة، والتأكيد أن فلسطين ليست ورقة متروكة في مهب التفاهمات الدولية. الصوت الذي يُعيد لها المعنى هو أن يُقال بوضوح: فلسطين لا تطلب أكثر من رفض قطعيّ أن تُدار قضيتها كما تُدار الأزمات؛ لأن السلام لا يُبنى فوق ركام الحقوق.
وقبل التعلق بموجة التفاؤل الجديدة، لا بد من وقفة تأمل ونقد: هل ما زال حل الدولتين ممكنا فعلا؟ أم أن خمسين عاما من اللهاث خلفه لم تُنتج إلا مزيدا من التآكل الوطني والتفوق الإسرائيلي؟
خمسون عاما من التنازلات.. دون مقابل
منذ اعتماد البرنامج المرحلي الفلسطيني عام 1974، أو ما يُعرف بـ"النقاط العشر"، دخلت فصائل فلسطينية رئيسة في مسار "التدرج نحو الدولة"، عبر القبول بحل جزئي، مشروط، ضمن رؤية استراتيجية طويلة الأمد. ثم جاء اتفاق أوسلو 1993 ليُرسي هذا المسار عمليا، عبر اعتراف متبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل، وتنازلات فلسطينية جوهرية مقابل وعود بدولة خلال خمس سنوات. وبعد أقل من عقد، قدمت الدول العربية المبادرة العربية للسلام (2002)، عارضة اعترافا جماعيا وشاملا بإسرائيل مقابل انسحاب كامل من الأراضي المحتلة.
النتيجة؟ لا انسحاب، ولا دولة، ولا حتى وقف للاستيطان.. خمسون عاما من التنازل السياسي والرهان على "الشرعية الدولية" لم تُنتج إلا مزيدا من الهيمنة الإسرائيلية، وانحسار المشروع الوطني، و"تطبيعا مجانيا" لا يعترف حتى بالحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين. فهل نعيد تدوير هذا الفشل؟ أم نعلن أنه آن الأوان لمراجعة استراتيجية جذرية؟
مؤتمر باريس-الرياض: محاولة متأخرة أم فرصة حقيقية؟
الحديث عن "حل الدولتين" لا يمكن فصله عن المسار الطويل من الإفراغ والتفريغ الذي تعرض له هذا الحل منذ عقود. أثبتت التجربة أن تقديم التنازلات دون ضمانات، والاكتفاء بوعود المجتمع الدولي، لم يُثمر إلا مزيدا من التمدد الاستيطاني وتهويد القدس ومحاولات تصفية قضية اللاجئين
يراهن المؤتمر الجديد على استعادة الزخم الدولي، مع دخول السعودية إلى مربع المبادرة السياسية، بدل الاكتفاء بالدعم المالي أو الخطاب. لكن العقبات هائلة:
• حكومة نتنياهو اليمينية ترفض مبدأ الدولة الفلسطينية من الأساس.
• القيادة الفلسطينية منقسمة، عاجزة عن تجديد شرعيتها أو فرض رؤيتها.
• غياب الضغط الدولي الفعلي، خصوصا من واشنطن، يجعل المؤتمر أقرب إلى حدث رمزي.
البديل؟ نحو مشروع تحرري جديد
إن البديل لا يكمن في شعار جديد، بل في استراتيجية تحرر تعيد الاعتبار للحقوق التاريخية، وتتبنّى نضالا طويل الأمد على أسس أخلاقية وقانونية وشعبية. إننا بحاجة إلى جبهة وطنية متجددة، تعيد جمع الشتات السياسي والمجتمعي على قاعدة الشراكة لا الإقصاء، والنقد لا التخوين.
الخاتمة: واقعية بلا وهم
رغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي، فإن الحديث عن "حل الدولتين" لا يمكن فصله عن المسار الطويل من الإفراغ والتفريغ الذي تعرض له هذا الحل منذ عقود. أثبتت التجربة أن تقديم التنازلات دون ضمانات، والاكتفاء بوعود المجتمع الدولي، لم يُثمر إلا مزيدا من التمدد الاستيطاني وتهويد القدس ومحاولات تصفية قضية اللاجئين.
وبينما يروّج البعض لحل الدولتين كمخرج "واقعي"، فإن الواقع ذاته يُكذّب ذلك منذ عقود، فلا واقعية في التسليم بالهيمنة، ولا سلام مع إنكار الحقوق. إن أي حل لا يُعالج جوهر القضية -الاحتلال، واللاجئين، والعدالة التاريخية- سيبقى مجرّد هدنة مؤقتة.
وفي كل الأحوال، بات واضحا أن الطريق إلى الحرية لا يمر عبر المؤتمرات فقط، بل عبر الوعي، والكرامة، والصمود الشعبي الحقيقي.