سواليف:
2025-12-12@22:14:30 GMT

إنعاش الذاكرة

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

# إنعاش #الذاكرة

د. #هاشم_غرايبة

رغم المصائب العظام التي جرتها الأنظمة العربية على الأمة جراء الهزائم المدبرة أمام الكيان اللقيط لتأمينه وحمايته، فلا زال هنالك من يعلق عليها الآمال في إحداث التقدم المأمول الذي وعدت به شعوبها غداة تسليمها الحكم من بعد إسقاط الدولة الإسلامية.
يتألف هؤلاء من فريقين: مخادعون ومخدوعون، فالمخادعون فهم من الملأ المحيطين بالسلطة والجوقة الراقصين حولها، كونهم مستفيدين من إنعاماتها، ومستفردين بعطاياها، فلا يحقق لهم المكاسب الجزيلة غير نظام فاسد مفسد، بلا جهد إلا التصفيق، ولا كفاءة الا التزلف.


أما المخدوعون فهم الشعوب الغافلون: فشعوب الدول النفطية تقوم الأنظمة برشوتهم بالفتات القليل مما ينهبونه من الثروات التي حبا الله بها أمتنا لكي تؤمن بها استقلالها واستغنائها عن غيرها، لكن الحاكمين نهبوها وكنزوها، وأنفقوا القليل منها على الشعب الذي اعتقد لجهله أن ارزاقه موكولة إليهم، لذلك ركنوا الى الظالمين وسكتوا عنهم.
أما شعوب الأقطار الأخرى، فلها موارد أخرى كثيرة لكن فساد المسؤولين وفشلهم أضاعها، فأفقروا شعوبهم، ولكي يأمنوا المحاسبة جعلوا قصارى همها تأمين لقمة العيش، فأسكتوها بالتجويع والقمع.
سأذكر مثالا واحدا يبين أن فشل هذه الأنظمة، ليس بسبب فسادها وعفونتها فقط، بل هو تآمر منها، تنفيذا لإملاءات مقصودة بهدف إضعاف مناعة الأمة، وحماية للكيان اللقيط، الذي يشكل المخلب المتقدم للغرب المستعمر.
إنه قصة الخط الحديدي الحجازي الذي كان يصل أقطار الأمة الشرقية ببعضها، فيربطها وحدويا وينميها اقتصاديا، حتى جاء أدعياء الوحدة والقومية، فقطّعوا ما كان متّصلا، ودمّروا ما كان نافعا.
تعود القصة الى عام 1900 حينما قرر السلطان عبد الحميد الثاني بناء خط سكة حديد يصل الى مكة لتسهيل الحج على المسلمين من ناحية، ولتدعيم الجامعة الإسلامية للأمة للتوحد في وجه الأطماع الإستعمارية البريطانية التي كانت بادية للعيان.
رغم الصعوبات المالية التي كانت تعاني منها الدولة العثمانية آنذاك، فقد تمكن السلطان من تأمين كلفة انشاء هذا المشروع الإستراتيجي، والأهم للمنطقة في تاريخها.
كانت الكلفة 4.3 مليون ليرة ذهبية أي ما يوازي ملياري دولار بسعر اليوم، تم تدبير جزء من المبلغ من تبرعات مسلمي الهند باكستان وإيران وآسيا الوسطى، أما مصر فساهمت بمواد عينية إضافة الى أن التنفيذ والإشراف كان من الجيش العثماني، وكان المصمم هو المهندس الألماني “مايسنر”، واكتمل المشروع من دمشق حتى المدينة المنورة في ثماني سنوات.
فرح المسلمون كثيرا، فقد كان طريق الحج المصري عن طريق سيناء يستغرق أربعين يوما، فيما يزيد خمسة أيام أخرى عن طريق حلايب، أما العراقي فكان يستغرق شهرا والشامي أربعين يوما، أما بالقطار فأصبح يستغرق 72 ساعة فقط.
اغتاظ الإنجليز، إذ كان ذلك يفسد خططهم لأن أكثر ما يوحد المسلمين هو الحج، لذا فقد ضيقوا على المتبرعين، كما حرض لورنس البدو الموالين للشريف حسين على تخريب السكة ونهب القضبان.
لم يعمل هذا الخط سوى تسع سنوات، وكان من المكاسب الأخرى إنارة المدينة المنورة بالكهرباء، وكانت النية أن يستكمل الى مكة، لكن قيام الحرب العالمية الأولى أجهض المشروع.
بعد إسقاط الدولة العثمانية كان أول عمل لقوات الإنتداب وقف القطار عن العمل، والتزمت الأنظمة الحاكمة في الأقطار التي ورثت الدولة الإسلامية بذلك وما زالت الى اليوم.
لعل أكبر عار وخزي وصمَ هذه الأنظمة، هو تعطيل هذا الخط وإعاقة أية محاولة لإعادته الى العمل، رغم أن البنية الأساسية متوفرة ولا يحتاج إلا الى القرار، والجدوى الإقتصادية منه بادية للعيان.
إن المتابع لأعمال اللجنة العربية المشتركة لإحياء المشروع والمؤلفة من وزراء الإتصالات في سوريا والأردن والسعودية والتي اجتمعت منذ عام 1945 حتى 1987 مرتين فقط، يشعر أنها تتعمد إضاعة الوقت، وكأنها بانتظار (الشريك الإستراتيجي) الخفي الذي لم يحن وقت مشاركته بعد وهو الذي بيده مقاليد الأمور.
ما يشير الى ذلك أنه في عام 2014 أنجز تنفيذ مشروع سكة حديد بين حيفا وبيسان، وتوقف الخط عند نهر الأردن، بانتظار استكمال مسلسل التطبيع.
الآن وبعد الإعلان عن نية انشاء الجسر البري بين دبي وحيفا، انكشف سر تعطيل المشروع كل هذا الوقت، لأن الخط الحديدي لا يراد له توحيد الأمة ونفعها، بل لتعزيز تغلغل وسيطرة العدو.

مقالات ذات صلة الحقوق المنقوصة و من هو الاردني ؟ 2024/04/23

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الذاكرة

إقرأ أيضاً:

في ذكرى 11 ديسمبر.. بن مبارك يشيد بوحدة الشعب ويؤكد دور الذاكرة الوطنية في تعزيز السيادة”

أشرف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الكريم بن مبارك اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025، على ندوة تاريخية بمناسبة إحياء مظاهرات 11 ديسمبر 1960.
وحضر الندوة حشد من الإطارات والمناضلين، حيث كانت سانحة لاستذكار تضحيات أسلافنا من المجاهدين والشهداء.
في كلمته، أكد الأمين العام للأفلان أن مظاهرات 11 ديسمبر تستند إلى عدة مرجعيات روحية ووطنية وسياسية. أولها مرجعية بيان أول نوفمبر، الذي أعلن القطيعة مع الاستعمار وربط المعركة بالحرية والكرامة وبناء الدولة الوطنية المستقلة.

كما أشاد الأمين العام بوحدة الشعب حول جبهة التحرير الوطني، التي حولت كل مواطن إلى خلية مقاومة وكل شارع إلى قلعة صمود.

وأضاف أن هذه المظاهرات تعكس مرجعية الرفض الجذري للمشروع الاستعماري، الذي حاول تفتيت الشعب وتشويه الهوية وتمرير أطروحة “الجزائر فرنسية”.

وأكد كذلك مرجعية الحق القانوني والتاريخي في السيادة، باعتبار الشعب الجزائري صاحب حضارة ممتدة ودولة ذات جذور عميقة قبل الاستعمار.

وتابع بن مبارك قائلا:”إنّ مظاهرات 11 ديسمبر لم تكن مجرد تجمعات احتجاجية، بل كانت معركة سياسية متكاملة نقلت الثورة من الجبال إلى المدن، ومن العلن إلى تأكيد العلن ودعمه، وأجبرت العالم على رؤية الحقيقة التي حاول المستعمر طمسها لأكثر من 130 سنة”.
وأضاف أن مظاهرات 11 ديسمبر تكشف أنّ الشعب الجزائري، رغم القمع والتنكيل والحصار، تمكن من إفشال كل الرهانات الاستعمارية، فقد خرجت الجماهير بمئات الآلاف، ترفع العلم الوطني وتردد بصوت واحد:
“الجزائر مسلمة… الجزائر حرة… جبهة التحرير الوطني تمثلنا …”
وهذه الدلالات التاريخية لا تزال حيّة إلى اليوم وتحتاج إلى قراءة واعية من خلال:
أولًا: إثبات الشرعية الثورية
لقد أكد الشعب الجزائري أنّ جبهة التحرير الوطني هي من تقوده، وأنها ليست تنظيمًا فوقيًا، بل حركة شعبية أصيلة، وبالتالي سقطت كل أطروحات الاستعمار حول ما سماه “الأقلية الصامتة”.
ثانيًا: تدويل القضية الجزائرية
فقد نقلت هذه المظاهرات الثورة إلى المنتظمات الدولية، خصوصًا الأمم المتحدة، ونسفت كل الدعاية الفرنسية التي حاولت تصوير الوضع على أنه “شأن داخلي”.
ثالثًا: انهيار المشروع الاستعماري
بفضل 11 ديسمبر، اقتنع العالم أنّ بقاء فرنسا في الجزائر لم يعد ممكنًا، وأن الشعب قرر مصيره بنفسه، مهما كانت التضحيات.
رابعًا: ولادة الوعي الوطني الحديث
لقد صنعت المظاهرات تحولًا عميقًا في وعي الجزائريين بذاتهم، بقدرتهم، بكتلتهم التاريخية الموحدة، وبحقهم في بناء الدولة الوطنية المستقلة.
السيدات والسادة الأفاضل،
لم تكن المظاهرات غاية في ذاتها، بل كانت وسيلة نضالية لتحقيق جملة من الأهداف الواضحة، التي يمكن تلخيصها في أربعة محاور رئيسية:
— تثبيت استقلالية القرار الوطني:
أي رفض كل أشكال التفاوض التي تتجاوز جبهة التحرير الوطني، وإسقاط ما كان يسمى “مشروع ديغول” الذي حاول الالتفاف على مطلب الاستقلال.
— توحيد الجبهة الداخلية:
فالمظاهرات شكلت إجماعًا وطنيًا شعبيًا حول الثورة، ورسخت وحدة الصف والهدف، وحمت الثورة من محاولات الاختراق الداخلي.
— تأكيد الطابع الشعبي للثورة المسلحة:
وأضاف أن الشعب أثبت أنّ الثورة ليست حركة نخبة، بل حركة أمة كاملة، وهذا ما أعطى الثورة شرعيتها التاريخية والسياسية.
— دعم العمل الدبلوماسي المكمل للعمل المسلح:
حيث ساعدت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 في ترجيح الكفة لصالح الوفد الجزائري في المحافل الدولية، ودعمت المفاوضات التي ستقود لاحقًا إلى اتفاقيات إيفيان.
وتابع الأخ الأمين العام للحزب أن استحضار هذه الذكرى المجيدة اليوم لا ينفصل عن الجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في مجال حماية الذاكرة الوطنية وترسيخها، فقد جعل رئيس الجمهورية من ملف الذاكرة أولوية سياسية وسيادية، إدراكًا منه بأن مستقبل الأمم لا يمكن أن يُبنى على النسيان، بل على الحقيقة، والاعتزاز بالهوية، واستعادة رموزها وقيمها.

مقالات مشابهة

  • المخ يموت خلال 7 دقائق.. حسام موافي يكشف مفاجأة في وفاة السباح يوسف محمد
  • تعلموا إنعاش القلب.. حسام موافي يعلق على وفاة طفل حمام السباحة
  • دراسة: الجوز يدعم صحة الدماغ ويحافظ على الذاكرة
  • في ذكرى 11 ديسمبر.. بن مبارك يشيد بوحدة الشعب ويؤكد دور الذاكرة الوطنية في تعزيز السيادة”
  • دراسة: نقص فيتامين ب12 يسبب تنميل الأطراف وضعف الذاكرة
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • اتفاقية تمويل جديدة تعزز آمال إنعاش قطاع التعليم في اليمن
  • فوائد غير متوقعة للكركم في تحسين صحة الدماغ وتقوية الذاكرة
  • دراسة: مشاهدة التلفاز قبل النوم تضعف الذاكرة قصيرة المدى
  • المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب