طهران/ إسلام آبادفي أبرز خطوة لتطبيع العلاقات بعد تبادلهما ضربات عسكرية بالصواريخ والطائرات المسيّرة مطلع العام الجاري على أهداف قال مسؤولو طهران وإسلام آباد إنها تابعة لعصابات معارضة مسلحة، أنهى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الأربعاء زيارته إلى باكستان بعد مناقشته ملفات سياسية وأمنية واقتصادية.

وناقش رئيسي في زيارته التي بدأها أول أمس الاثنين، العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والعالمية مع كبار مسؤولي إسلام آباد لا سيما تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، كما اتفق الجانبان على زيادة حجم التجارة الثنائية إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأجرى الرئيس رئيسي في اليوم الأول من زيارته إلى إسلام آباد محادثات مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف.

وانطلاقا من وصف رئيسي -قبل مغادرته إيران– العلاقات الاقتصادية بين طهران وإسلام آباد بأنها "ليست على مستوى علاقاتنا السياسية"، وقعت الدولتان الجارتان 8 وثائق بشأن التعاون التجاري والزراعي والتقني والأمني والقضائي والترانزيت.

الميزان التجاري

وتظهر الإحصاءات الرسمية أن حجم التجارة الخارجية بين طهران وإسلام آباد، خلال العام الإيراني الماضي (من 21 مارس/آذار 2023 حتى 20 مارس/آذار 2024)، بلغ نحو 5 ملايين طن بقيمة مليارين و752 مليون دولار، مسجلة نموا بنسبة 14.7% في الحجم و10% في القيمة.

وردا على سؤال للجزيرة نت، أوضح روح الله لطيفي، المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم"، أن صادرات بلاده إلى باكستان سجلت 4 ملايين و379 ألف طن بقيمة 2.78 مليارين دولار خلال العام الإيراني الماضي (انتهى يوم 19 مارس/آذار الماضي).

وبذلك -وفق المتحدث نفسه- سجلت الصادرات الإيرانية إلى باكستان ارتفاعا بنسبة 23% في الوزن و39% في القيمة مقارنة بالعام الذي سبقه. بالمقابل بلغ حجم واردات طهران من جارتها الشرقية نحو 554 ألف طن بقيمة 674 مليون دولار.

وأردف لطيفي أن باكستان تحل في المرتبة السابعة بين الدول الموردة من إيران، في حين تحل في المركز الخامس بين الدول المصدرة إلى طهران، واصفا التجارة الثنائية بين البلدين بأنها لا تتناسب وطاقات البلدين والقواسم المشتركة الدينية والثقافية والحضارية.

رئيسي (يمين) أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف خلال زيارته إسلام آباد (رويترز) عوائق وتحديات

من جهته، يرى الباحث في الاقتصاد السياسي محمد إسلامي أن التعاون التجاري بين طهران وإسلام آباد يتأثر بالعقوبات الأميركية والضغوط الإقليمية على باكستان والتوترات الحدودية المتجددة بين الحين والآخر.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى الباحث الإيراني أن ضبط الحدود واحتواء نشاط العصابات المسلحة ومكافحة تهريب الوقود وتطوير الجمارك والأسواق الحدودية تحتل كلها جزءا كبيرا من مباحثات الوفد الإيراني المرافق للرئيس إبراهيم رئيسي في باكستان.

ولدى إشارته إلى الوفد المرافق للرئيس الإيراني المكون من وزراء الخارجية والنفط والطاقة والإسكان وإنشاء الطرق والثقافة، يرى إسلامي أن تركيبة الوفد الإيراني تثبت أن الطابع الاقتصادي يطغى على الأجندة المدرجة على جدول المباحثات، إلى جانب الهواجس السياسية والأمنية النابعة من التدخلات الخارجية في علاقات البلدين.

ورأى أن تعزيز العلاقات التجارية بين طهران وإسلام آباد يحظى بأهمية كبيرة في الوقت الراهن نظرا لتقويض العلاقات التجارية بين إيران والهند خلال السنوات الماضية ونأي الأخيرة بنفسها عن "مشروع إنشاء خط أنابيب السلام لنقل الغاز من إيران إلى باكستان ثم الهند".

أنابيب الغاز

وخلص الباحث الإيراني إلى أن مشروع أنابيب السلام قد يكون أبرز ما حمله وفد بلاده إلى إسلام آباد، لكنه وصف إنجازه بأنه "صعب للغاية في ظل العقوبات الأميركية والضغوط الغربية المتواصلة على الجانب الباكستاني"، مستدركا أنه على ضوء انسحاب نيودلهي من المشروع فإن النفقات الباهظة قد تفرغ المشروع من فوائده الاقتصادية لإسلام آباد.

وبنت طهران الجزء الخاص بها من خط أنابيب يبلغ طوله 1800 كيلومتر، في حين أحجمت إسلام آباد عن بناء الجزء الخاص بها بسبب المخاوف من العقوبات الأميركية، مما دفع طهران إلى التهديد بالتوجه للتحكيم الدولي لإجبار إسلام آباد على دفع غرامة قدرها 18 مليار دولار.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي الباكستاني أسامة رضوي إن السبب الرئيسي للتأخير الباكستاني في إنجاز الجزء الخاص بها يعود إلى الخشية من أن تصبح البلاد ضحية للعقوبات الأميركية، داعيا بلاده إلى تبني سياسة خارجية متعددة الأطراف.

لطيفي: التجارة الخارجية بين طهران وإسلام آباد تقدر بـ2.7 مليار دولار (الجزيرة) العقوبات الأميركية

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى رضوي أنه لا يوجد سبب يدفع باكستان إلى تأجيل بناء وتشغيل خط أنابيب الغاز في ظل تزايد عدد السكان وانخفاض إنتاج الغاز وتزايد الطلب على الطاقة والوقود، موضحا أن "العقوبات على روسيا أثبتت أنها لم تعد تحمل هذا القدر من التأثير".

ويعتقد رضوي أن العقوبات تعتمد على الدولة التي ستتعامل معها، ويستشرف تأخيرا ملموسا وكبيرا في مشروع خط أنابيب الغاز إذا أصبحت الولايات المتحدة أكثر صرامة في عقوباتها وتحذيراتها.

من جهته، يقول محرر صفحة الاقتصاد في صحيفة "إكسبرس تريبيون" الباكستانية شهباز رانا إنه "من الواضح أن باكستان لا تستطيع بناء خط الأنابيب بسبب العقوبات الأميركية على إيران"، مضيفا أنه لا توجد فرصة مستقبلية لاستكمال المشروع، حيث أصبحت إسلام آباد أكثر تحالفا مع الغرب، على حد تعبيره، وكذلك بسبب اعتمادها الكبير على البنك وصندوق النقد الدوليين.

تطور اقتصادي

وبينما لا يتوقع رانا حصول أي تطور اقتصادي لافت لزيارة الرئيس الإيراني إلى بلاده بسبب العقوبات الأميركية، يقول الخبير الاقتصادي أسامة رضوي إن الزيارة "تبشر بعصر جديد" لا سيما عند الحديث عن مساعي إسلام آباد للتوجه نحو سياسة خارجية مستقلة.

ولدى تأكيد رضوي وجود قطاعات ومجالات اقتصادية عديدة يمكن استكشافها لصالح كلا البلدين، يركز رانا على العقوبات الدولية المفروضة على طهران كونها تشكل حاجزا رئيسيا أمام أي استثمار إيراني حقيقي محتمل في باكستان، مؤكدا أن المرحلة الراهنة ليست اللحظة المناسبة لأي استثمار حقيقي في باكستان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العقوبات الأمیرکیة إلى باکستان إسلام آباد خط أنابیب

إقرأ أيضاً:

خلفا لإبراهيم رئيسي.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لانتخابات الرئاسة

(CNN)-- ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي، الأحد، أن الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد سجل نفسه للترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 28 يونيو/ حزيران، والتي تم تنظيمها بعد مقتل إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر الشهر الماضي.

Credit: ATTA KENARE/AFP via Getty Images)

ومع ذلك، قد يتم منعه من السباق: إذ سيقوم مجلس صيانة الدستور الذي يقوده رجال الدين في البلاد بفحص المرشحين، ونشر قائمة المرشحين المؤهلين في 11 يونيو/ حزيران.

وانتخب أحمدي نجاد، العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني، رئيسا لإيران لأول مرة في عام 2005 ثم تنحى بسبب الحدود المسموح بها بولاية الرئيس في عام 2013، ومُنع من الترشح لانتخابات عام 2017 من قبل مجلس صيانة الدستور، وذلك بعد عام من تحذير المرشد الأعلى، علي خامنئي، له من أن الدخول بسباق الانتخابات "ليس في مصلحته ومصلحة البلاد".

وفي عام 2018، وفي انتقاد نادر موجه إلى خامنئي، كتب أحمدي نجاد إليه يدعوه إلى إجراء انتخابات "حرة".

وكان خامنئي قد دعم أحمدي نجاد بعد أن أثارت إعادة انتخابه عام 2009 احتجاجات قُتل فيها العشرات واعتقل المئات، مما هز النظام الديني الحاكم، قبل أن تتمكن قوات الأمن بقيادة الحرس الثوري الإيراني من قمع الاضطرابات.

مقالات مشابهة

  • خلفا لإبراهيم رئيسي.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لانتخابات الرئاسة
  • قصة حارس رئيسي الشخصي الذي نجا من حادثة الطائرة
  • عقوبات أوروبية تستهدف برنامج المسيرات الإيراني.. وطهران تعلق
  • تأبين رئيسي في الأمم المتحدة يُظهر العزلة الدولية لإيران
  • «حكماء المسلمين» يحتفي بتخريج 25 شاباً وشابة من برنامج «زمالة آزادي» في إسلام آباد
  • معرض طهران الدولي للكتاب
  • مفاجأة بشأن حارس الرئيس الإيراني.. أعلنت طهران مقتله وظهر في الجنازة
  • الأسد في طهران للعزاء بعد أسبوعين على وفاة رئيسي وعبد اللهيان
  • تصعيد في الملف النووي.. هذا ما ينتظر طهران باجتماع الطاقة الذرية
  • خامنئي يلتقي الأسد في طهران ويتحدث عن الهوية السورية