أهل واحة الضباب..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في الجزء الجنوبي الشرقي بمصر، وتحديدا بمنطقة حلايب وشلاتين، تقع واحدة من أهم المحميات الطبيعية في البلاد، وتُسمى محمية جبل علبة.
هذه الوجهة المخبأة بعناية تمتاز باحتوائها على جبل علبة ببيئته الجبلية التي تحتوي على غابات ونباتات برية نادرة وأنواع من الحيونات، والطيور، والزواحف البرية.
وتمكّن المصور المصري كريم أسامة من توثيق سلسلة تحمل عنوان "أهل واحة الضباب"، تصور الحياة البدائية لأفراد قبيلة أميراب البدوية في وادي إيديب بمحمية جبل علبة.
وقد حصلت إحدى الصور ضمن السلسلة مؤخرا على جائزة مصر الوطنية ضمن جوائز "سوني" العالمية للتصوير لعام 2024.
ويقول أسامة لموقع CNN بالعربية إن توثيق السكان المحليين في هذه المحمية يحمل أهمية كبيرة، إذ يساهم في الحفاظ على تاريخهم وثقافتهم الغنية. ويتيح للعالم فهم الحياة في هذه المناطق النائية والتعرّف إلى التحديات التي يواجهها سكانها.، مضيفًا أن "هذه السلسلة بمثابة محاولة نابعة من رغبته في توثيق الحياة والثقافة الفريدة لأفراد القبائل البشارية الذين يعيشون في هذه المنطقة المنعزلة ذات التاريخ العميق بجنوب مصر".
وأراد أسامة تسليط الضوء على جوانب حياتهم التي لم توثقها من قبل عدسة المصورين.
ويرى أسامة أنه عند ذكر حلايب وشلاتين، يصعب على عامة المصريين تخيل كيف يبدو أهلها.
لذلك، قرّر بدء هذا المشروع، برفقة صديقه فادي عماد الذي قام بإخراج فيلم قصير عن المشروع، لتقديم لمحة واضحة حول حياة أهل واحة الضباب، بما في ذلك العادات والتقاليد التي يتّبعونها في حياتهم اليومية.
وتابع: " أردت تقديم نافذة فنية للمشاهدين لاستكشاف جمال وتنوع قبائل البشارية التي تسكن المحمية".
وقد أطلق أسامة على المشروع عنوان "أهل واحة الضباب"، نسبة إلى جبل علبة الذي يعيشون بوديانه، إذ أن تيارات الهواء والسحب المحمّلة بالرطوبة التي تصطدم بقمم السلاسل الجبلية، تُشكّل ما يُعرف بواحة الضباب.
ويُوضح أسامة أن موقع السلاسل الجبلية المواجهة للساحل الشرقي للبحر الأحمر يخلق نظامًا بيئيًا فريدًا لا يوجد في أي مكان آخر في البلاد.
ويرى أسامة أن ما يميز هذه الشخصيات يتمثل بالتمتّع بالروح القديمة والأصيلة، والالتزام العميق بتقاليد حياتهم البدوية، إذ يقول: "إنهم يملكون تاريخًا طويلاً وتراثًا غنيًا، ولديهم طرق خاصة في التعبير عن الفردية والتواصل الاجتماعي، ما يجعلهم مصدرًا للإلهام والتأمل".
وأضاف المصور المصري: "كنت أشعر بأن توثيق هذه الشخصيات قد يسهم في الحفاظ على التراث ونقله للأجيال القادمة".
ومن خلال تجربته، وجد أسامة أن حياة أهل وادي الضباب تعكس بساطة الحياة والتواصل الوثيق مع الطبيعة المحيطة، حيث يعتبرونها جزءًا لا يتجزأ من هويتهم وثقافتهم.
وتشمل الأنشطة التي يمارسها "أهل واحة الضباب" رعاية الحيوانات، وصنع الأدوات اليدوية التقليدية، وتحضير الطعام باستخدام الموارد المتاحة في المنطقة.
ويشير أسامة إلى أن التواجد في الطبيعة واستغلال مواردها يشكّل الجزء الأساسي من حياتهم اليومية، ما يعكس التمسّك بأسلوب حياة قائم على التوازن مع البيئة، إذ يتبعون نمط حياة تقليدي يعود إلى آلاف السنين، ويعتمدون على المهن القديمة مثل رعي الأغنام والصيد.
وأوضح: "لديهم نظرة فريدة نحو الحياة، ما جعلني أدرك جمال البساطة في وجوههم".
واستغرقت الاستعدادات للمشروع حوالي 4 أشهر من البحث والدراسات عن المنطقة وثقافتها, والتخطيط للرحلة و تحديد الطرق المثلى للوصول إلى مدينة أبو رماد ومحمية جبل علبة، والتواصل مع السكان المحليين، والجهات المعنية للحصول على التصاريح اللازمة.
View this post on InstagramA post shared by Karim Osama (@karimosama._)
رغم أن فترة السفر والتصوير كانت قصيرة، إذ استمرت 6 أيام فقط، إلا أنه خلال هذه الفترة، سعى أسامة إلى التقاط وجوههم، ولحظات حياتهم اليومية، والتعبير عن تقاليدهم بطرق مميزة، ما أسهم في جعل كل لحظة من هذه الرحلة ذات معنى وقيمة بالنسبة إليه.
وقد واجه أسامة العديد من التحديات خلال العمل على المشروع، من بينها ندرة المعلومات المتاحة عن المنطقة حالياً، بالإضافة إلى صعوبات الحصول على التصاريح اللازمة للدخول إلى المنطقة كونها منطقة حدودية متنازع عليها.
ولفت إلى أن التواصل اللغوي مع الأهالي شكّل تحديًا إضافيًا، حيث أن غالبية سكان الجبل يتحدثون لغة الروتانا أو ما يُعرف بالبداويت، ولكن هذه التحديات كانت جزءًا من رحلة الاكتشاف والتواصل مع أفراد القبائل هناك.
مصرنشر الخميس، 25 ابريل / نيسان 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أسامة أن جبل علبة
إقرأ أيضاً:
بين التشكيك والوفاء: الأردن وغزة… حكاية لا يكتبها الزيف
صراحة نيوز ـ بقلم النائب الكابتن زهير محمد الخشمان
في زمن تداخلت فيه الحقائق بالشائعات، وغابت المعايير الأخلاقية أمام سطوة التضليل الرقمي والمصالح الضيقة، برزت حملة تشكيك ممنهجة تستهدف الدور الأردني الأصيل في نصرة غزة، محاولةً ضرب الثقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين، والنيْل من مؤسسات الدولة الأردنية، وفي مقدمتها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي لطالما كانت ذراعًا إنسانيًا صادقًا في وجه الكوارث والصراعات.
إن ما يتم تداوله من اتهامات باطلة حول تقاضي الأردن “رسوم عبور” على المساعدات المتجهة إلى القطاع ليس مجرد كذب يُروّج، بل مشروع إساءة يستهدف طعن أحد أنظف المواقف وأكثرها أخلاقية في المنطقة. الأردن، الذي فتح أجواءه وموارده ومطاراته وحدوده، لم ينتظر شكرًا من أحد، ولم يسأل عن العرق أو الدين أو اللغة حين أنقذ، وأسعف، وشارك في ترميم جراح المنكوبين.
ما يجهله البعض، أو يتجاهله عمدًا، هو أن دعم الأردن لغزة ليس موقفًا طارئًا ولا حملة علاقات عامة، بل هو امتداد لهوية سياسية وإنسانية وثقافية لا تقبل التفريط بفلسطين، ولا بالموقف العربي تجاه قضيتها المركزية. إنها عقيدة رسّخها التاريخ، وثبّتها الأردنيون، قيادةً وشعبًا، في كل محطة.
ومن قلب هذا الالتزام، كانت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حاضرة كما كانت دومًا، تنسق، وتُرسل، وتنقل، وتسند. ولأنها تعمل في الظل، ولأنها لا تصرخ بمنجزاتها، تجرّأ البعض على الطعن بها، متناسين أن هذه الهيئة نقلت آلاف الأطنان من الإغاثة إلى غزة، وجهّزت المستشفيات الميدانية، وكانت في عمق الميدان في الوقت الذي انشغل فيه الآخرون بالحسابات السياسية.
ولعل أبرز ما ميّز هذه المرحلة هو التحرك الملكي المباشر بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لم يكتفِ ببيانات الإدانة، بل أمر بسلسلة من عمليات الإنزال الجوي العسكري في أجواء غزة، نُفذت عبر سلاح الجو الملكي، رغم كل التحديات اللوجستية والسياسية. لقد عبّر جلالته، كما اعتدناه، عن موقف سياسي وإنساني واضح: “فلسطين ليست ورقة تفاوض، بل قضية وطنية أردنية، ولا نقايض في إنسانية شعبها تحت الحصار والقصف”.
وإلى جانب جلالته، برز سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي لم يكن مجرد ناقل لرسائل الدولة، بل كان مبادرًا، حاضرًا، ومتبنيًا للقضية بروح شابة مسؤولة، نقلت موقف الأردن إلى المحافل الدولية بلغة حديثة، صادقة، ومؤثرة، أكد فيها أن الدفاع عن الفلسطينيين ليس خيارًا بل التزامًا نابعًا من قيم العدالة والحرية.
وإذا كنا نتحدث عن الأداء الأردني، فلابد من وقفة مع القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، الذي جسّد مبدأ “الجيش لخدمة الوطن والأمة”، فكان على رأس فرق الإسناد والإنزال الجوي، ونفذ مهامًا حساسة، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، دون ضجيج إعلامي. الجيش الأردني اليوم لا يحمي حدود الدولة فقط، بل يدافع عن ضمير الأمة وكرامة الإنسان.
أما الخدمات الطبية الملكية، فقد أثبتت مرة أخرى أنها ليست مجرد مؤسسة صحية، بل قوة إنسانية متكاملة. إذ عملت على تجهيز شحنات الأدوية والمستلزمات الطارئة، وأرسلت الفرق الطبية، وأسهمت في الإشراف على المستشفيات الأردنية الميدانية داخل غزة. لقد كان الطبيب الأردني في هذه الأزمة، جنديًا بقلب إنساني، لا يغادر مكانه حتى يؤمّن رعاية حقيقية لكل مصاب.
هذه المنظومة الأردنية المتكاملة، من قيادة عليا، وجيش، وخدمات طبية، وهيئة إغاثية، ومجتمع متضامن، لم تكن لتُستهدف بهذه الحملة لولا تأثيرها وفاعليتها. إن هذه الحملة تسعى لاختراق جدار الثقة بين الأردن والشعب الفلسطيني، لكنها تصطدم بحقيقة بسيطة: أن من يعمل لأجل الناس لا يحتاج إلى تبرير، وأن من يعطي لا يُسأل عن حسابات المال، بل يُشكر على نُبل الفعل.
إن التشكيك اليوم لا يضعف من موقف الأردن، بل يكشف غيرة أولئك الذين تخلفوا عن نصرة غزة. والمؤسف أن بعض هذه الادعاءات صادرة من جهات تواطأت بالصمت، أو باعت مواقفها تحت الطاولة، وتحاول اليوم أن تُلبس الأردن ثوبًا ليس له.
إننا نقول لهؤلاء: الأردن كان وما زال صاحب الموقف الأعلى، والأكثر ثباتًا، والأكثر أخلاقًا في هذا الإقليم. وكل محاولة لتشويهه، لن تزيده إلا تماسُكًا. ومن أراد أن ينافس الأردن في دعم فلسطين، فليُقدّم الفعل لا الاتهام، والدواء لا الافتراء.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: الأردن لم يطلب شيئًا من أحد مقابل دعمه لغزة، لا مالًا، ولا شهرة، ولا صفقة سياسية. الأردن قدّم ما يقدّمه الشرفاء… وهو مستمر، رغم حملات التشكيك، ورغم كل الضجيج، لأن ما يربطه بفلسطين، ليس موسمًا، بل مصيرًا مشتركًا وحلمًا عربيًا لا ينكسر.