لا للحرب في السودان من ناحية شرعية
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
_ الصلح خير و لا شك،وحقن الدماء و وجود الأمن و توفير سبل الحياة وجمع الكلمة،كل ذلك من المقاصد الشرعية المطلوبة و المرغب فيها.
_ لا أحد يحب الحرب و لا أحد يحب القتال ،وذلك أمر أقره الله عزوجل في القرآن(كتب عليكم القتال وهو كره لكم…).
_و القرآن حث على السلم و الصلح و المسالمة إن كانت المصلحة تستوجب ذلك قال تعالى : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم).
_ هذه المقدمات كلها،نحن نراعيها ونقررها،لكن هل ينفع ذلك مع الجنجويد؟
و بتأمل بسيط في الواقع و المجريات يجد أن ذلك لا ينفع مع القوم و ذلك لعدة أسباب :
أولا : الجنجويد معتدون صائلون محاربون لا يرغبون في أحد إلا ولا ذمة.
ثانيا: حدث و أن وفدا من الجيش و فدا من الجنجويد اتفقا في جدة في شهر مايو من ٢٠٢٣م،واتفقوا على إيقاف الحرب بإيقاف إطلاق النار،وخروج الجنجويد من البيوت و المرافق العامة و المنشئات،واستبشر الناس بذلك خيرا،لكن ماذا حدث؟ استمر الجنجويد في نهبهم ومهاجمتهم للمواطنين و المقار العسكرية و دخلوا الجزيرة واقتحموها و نهبوها.
ثالثا : إلى لحظة كتابة هذا المنشور الجنجويد مستمرون في جرائمهم و فسادهم،بل يتوعدون الآمنين المطمئنين في الولايات الآمنة.
رابعا : من يقولون لا للحرب إن سألتهم ما هي رؤيتهم لإيقاف الحرب،لقدموا لك حلولا واهية و شعارات منمقة عامة،كحوار يسع الكل و جيش وطني واحد،وكلام لا يعدو أن يكون كسبا سياسيا لا أكثر.
خامسا: الذي يتأمل في حال أغلب القائلين لعبارة لا للحرب تجدهم يوجهونها للجيش و مناصريه من عامة الشعب،و لا يوجهونها للجنجويد، و لا لمناصري الجنجويد،بل حتى بعض الجنجويد يقولون لا للحرب و هم ينتهكون و يغتصبون و يقتلون.
هذه الأسباب وغيرها تبين لك أن عبارة لا للحرب ما هي إلا للكسب السياسي.
و النظرة الشرعية للواقع،أن الجنجويد يقاتلون حتى يرتدعوا و يخضعوا و يستسلمون و ذلك للآتي :
أولا : قال الله عزوجل ﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴾ [الحجرات – ۹] ، ذكر الله عزوجل أن لو طائفة بغت أي ظلمت واعتدت على طائفة فأصلحوا بينهما فإن استمرت في ظلمها و بغيها فقاتلوها حتى تفيء إلى الله أمر الله، و اعتداء الدعم السريع ظاهر واضح و بين لا يحتاج لكثير كلام؛و هذه الآية أثبت الله فيها أن المؤمن إذا بغى و ظلم وقاتل يقاتل.
ثانيا : قال الله عزوجل موضحا أسباب الجهاد و تشريعه ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)﴾ سورة النساء
المتأمل لهذه الأسباب يجدها كلها متوافرة في وضعنا الراهن ،فقد استضعف الرجال و النساء و الولدان و أخرجوا من ديارهم بغير حق ووقع عليهم ظلم عظيم.
ثالثا: مما يجعل قتال هؤلاء مشروعا ما جاء في الحديث عند مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مالِي؟ قالَ: فلا تُعْطِهِ مالَكَ قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قاتَلَنِي؟ قالَ: قاتِلْهُ قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قالَ: فأنْتَ شَهِيدٌ، قالَ: أرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قالَ: هو في النَّارِ.
رابعا : أن هؤلاء المتمردين يدخلون دخولا أوليا في آية الحرابة في سورة المائدة
﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)﴾
خامسا : أن بعض هؤلاء المتمردين يستحلون ما حرم الله تعالى بمعنى أنهم يبيحون لأنفسهم ما ما حرمه الله تعالى،و لا شك أن هذا كفر بالله عزوجل،فمنهم من يرى قتل الناس حلالا و نهب مال الناس حلالا ومنهم من يرى الاغتصاب حلالا بل هو حق لهم و لا حول و لا قوة إلا بالله.
سادسا : في آية المسالمة و المهادنة في سورة الأنفال والتي يستدل بها بعضهم (و إن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم )،هذه الآية لو تأمل المستدل بها في واقع اليوم لكانت عليه لا له،و ذلك أن الله اشترط شرطا و هو ( و إن جنحوا ) بمعنى تركوا القتال و مالوا للسلم و الآن الجنجويد لم يتركوا القتال و لم يميلوا للسلم،بل هم على جرائمهم مواظبون دائمون.
بهذه الأوجه و غيرها يتبين لنا أن قتال هؤلاء أمر مشروع مرغب فيه،و أن من يقتل من قواتنا المسلحة فهو شهيد نحسبه والله حسيبه.
و في خلاصة هذا المقال يتبين لنا أن لا للحرب شعار إما أن قائله لا يدري ماهيته و يقوله عاطفةً أو أن قائله يقوله للكسب السياسي و اللعب على حقوق الناس …
مصطفى ميرغني
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الله عزوجل لا للحرب أر أ ی ت
إقرأ أيضاً:
الخرطوم خالية من الجنجويد
رسميًــــــا.. الجيــــش يُعلــن تطهير كامل “العاصمــــة” من بقـــايــا المرتزقــــة..
الخـُــــرطـــــوم” خاليـــــة من الجنجـــــويد
تحولات كبيرة في مسار الحرب والدولة بعد عودة العاصمة…
تطهير الخرطوم يعني عمليًـــا الدخول في المرحلة الأخيرة للحرب..
“استراتيجيًـــا” التحريـــر يعني عودة الحكومة لتنفيذ مهامها من الخرطوم..
تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
بعد عاميـــن ويــزيد، طـــوت القوات المسلحة ملف الحرب بولاية الخرطــــوم رسميــًا، وذلك بعد أن أعلن الجيـــش في بيانٍ رسميٍ أمس، تحرير كل ربوع العاصمــــــة إثــر معارك ضـــارية، حيث تم تطهير مناطق “الصـــــالحة” و”الجمـــــوعية” من ميليشيات آل دقلــــو الإرهــــــابية.
انتصارات الأمــس وخلــو العاصمـــة من التمرد، سيترتب عليها تحولات كبيرة في مسار الحرب والدولة، نحاول أن نجيب عليها في عمق السطــــور التالية.
تطهير البلاد
وأعلن الجيــــش في بيانٍ رسميٍ اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم من أي وجود لعناصر ميليشيا آل دقلو الإرهابية وتطهير عاصمتنا الوطنيــــة “أم درمان” من دنس المتمردين وأعوانهم، مؤكدًا أنّ (ولاية الخرطوم خالية تمامًا من المتمردين).
وأكد الجيـــش عزمه مواصلة الجهود حتى تطهير آخر شبر من بلادنا من كل متمردٍ وخائنٍ وعميل.
الخبير والمحلل السياسي حسام الدين سليمان ذهب إلى أنّ تحرير كل أجزاء ولاية الخرطوم يعني عمليًـــا الدخول في المرحلة الأخيرة لحرب الخامس عشر من أبريل التي ستكتمل قريبًــا بتطهير ولايات دارفور وبعض أجزاء من كردفان.
واعتبر سليمان أنّ إعلان الجيـــش أمس يعني عمليًـــا الاستقرار للولاية والتفرغ لإعادة البناء والتجهيز، وذلك لضمان عودة الحكـــومة الاتحادية للخرطوم في وقت قريب، كما أنّها تفتح الباب لعودة المستثمرين إلى العاصمة، لا سيما وأنّها تحتاج إسناد ودعم رجال المال والأعمال للنهوض بالقطاع الاقتصادي.
وحيا سليمان القوات المسلحة والقوات المساندة لها التي قدمت الغالي في سبيل رفعة الوطن بتضحياتٍ مُهرت بدماء أبطال وشهداء كانوا على العهد.
الوحدة الوطنية
وقال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب إنّ تحرير كل ولاية الخرطوم كان نتاج الاستراتيجيات التي اتبعتها القوات المسلحة في تقطيع أوصال التمرد وسد كل محاور الإمداد من الغرب، والجنوب، والشرق. وبالتالي، سهّل ذلك من عمليات الاقتحام والمباغتة بشكل أذهل العالم.
ويرى مجذوب أنّ تحرير العاصمـــة استراتيجيًـــا يعني عودة الحكومة الاتحادية لتنفيذ مهامها من داخل العاصمـــة، كما يسهم في تحقيق الحماية لولاية الخرطوم من نواحٍ عدة مثل: التأمين للمرافق والمطارات والدور الحكومية، فضلًا عن تأمين عودة السفارات والهيئات الإقليمية والمنظمات الدولية للسودان، وتهيئة المناخ للعودة وأداء مهامها باطمئنان، وكذلك رفع الروح المعنوية للشعب باعتبار أنّ الخرطـــوم هي رُمانة الوحدة الوطنية.
وأضاف مجذوب بأنّ خطوة تعيين رئـــيس الـــوزراء كان نتاجًـــا لتحريـــر العاصمـــة وعودة الأوضاع لطبيعتها.