مناظير
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
• ما يحدث في السودان ليس سوى حرب عصابات، ولا اقصد بذلك ما يعرف ب (حرب الغوريللا) أو (حرب العصابات) التي تُستخدم فيها مجموعات صغيرة من المقاتلين، مثل الأفراد شبه العسكريين والمدنيين المسلحين أو غير النظاميين للقيام ببعض الاعمال العسكرية مثل الكمائن والغارات السريعة وتكتيكات الكر والفر والتنقل لمحاربة جيش تقليدي أكبر ولكن أقل قدرة على الحركة، وهو مصطلح اسباني في الأصل صيغ خلال حرب الاستقلال الاسبانية في القرن التاسع عشر الميلادي من كلمة (غويراــ Guerra) التي تعني (حرب)، إلا أن الاساليب التكتيكية لحرب العصابات معروفة منذ بداية التاريخ البشري، وهي مرتبطة بشكل خاص بالحركات الثورية والمقاومة الشعبية ضد الجيوش الغازية أو المحتلة والانظمة الدكتاتورية (المرجع: ويكيبيديا).
• غير ان المقصود هو الحرب التي تدور بين العصابات في بعض الدول والمجتمعات مثل المكسيك وكولومبيا والاكوادور وغيرها من الدول بغرض احتكار الجريمة والسيطرة على تجارة المخدرات والاسلحة والدعارة والاتجار بالبشر ..إلخ، وهو بالضبط ما يحدث في السودان الآن بين عصابة الاخوان المسلمين ووليدتها وحليفتها السابقة عصابة الجنجويد اللتين تتنازعان على السيطرة على الذهب وتجارة المخدرات والسلاح واحتكار النفوذ بغرض النهب والسرقة ليس الا، وليس بغرض التنمية والتعمير وإقامة العدل وتحكيم شرع الله كما يزعمون!
• بل ان عصابات المكسيك وكولومبيا والاكوادور اكثر عدلا ورحمة من عصابات السودان لانها على الاقل تحارب بعضها البعض وتقتل بعضها البعض وتخرب ممتلكات بعضها البعض، ولا تمس مواطنا بريئا لا علاقة له بنزاعهم!
• اما عصابات المتأسلمين والجنجويد ومليشياتهما ومجموعاتهما الارهابية فانهم يحاربون ويقتلون ويدمرون ويخربون وينهبون يسرقون بلا تمييز، عدوهم الاول هو المواطن البرئ، ولا يحتاج قولي هذا الى دليل، فكم عدد الذين قُتلوا من المدنيين الابرياء حتى الان، وكم عدد الذين ارغموا من ابنات وبنات الشعب الكريم على الهروب واللجوء والنزوح والتشرد والاهانة والهوان، وكم عدد الذين يعانون من الجوع والامراض والمسغبة والفقر، وكم عدد الذين فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم ومدارسهم وجامعاتهم ومستقبلهم، وكم عدد الذين دُمرت وخُربت وسُرقت ممتلكاتهم واموالهم في هذه الحرب ... وكم وكم وكم ؟!
• باختصار شديد .. كل الشعب السوداني، بينما تنعم عصابات المتأسلمين والجنجويد واسرهم واولادهم بالامن والامان، يديرون الحرب بالريموت كنترول، يعيشون في رفاهية ويتمتعون بحياتهم، ويشترون القصور والفيلل في اغلى المدن، ويتملكون اغلى العربات ويسافرون ويتحركون تحت حراسة وحماية الاطقم الامنية المستأجرة بملايين الدولارات، ويقيمون الموائد الفاخرة ويستاجرون الابواق الاعلامية لنشر الاكاذيب والانتصارات المزيفة، ويدفعون للمرتزقة لنهب ممتلكات المواطنين باعتبارها غنائم حرب، ويخدعون الاطفال والصبية والشباب للموت نيابة عنهم، ولا يكفيهم ذلك بل يستهدفون المواطنين الابرياء في احيائهم وبيوتهم بالقصف والقتل والتدمير والاعتقالات، وينفذون أحكام الاعدام ضد من يتهمونهم كذبا وزورا بالخيانة لانهم ضد الحرب، وينشرون الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي وهم في ابهى الحلل والملابس يوزعون الابتسامات والضحكات ويتبادلون النكات بدون مراعاة للشعب الذي يئن تحت القتل والقصف والتشرد والجوع والهوان، وبدون مراعاة او حتى لحظة حزن واحدة أو تأنيب ضمير لما يحدث للوطن والشعب، ولا يهمهم لو احترق الوطن ومات الشعب بأكمله أو تحول للاجئين ومتشردين ومتسولين ومدمني مخدرات وقوادين وبغايا وبائعات هوى .. وما اسعدهم بذلك لان هذا هو ما يسعون إليه ويعملون من أجله، لانهم من طينة خنازير نتنة غير طينة هذا الشعب الكريم .. ولقد تنبه لهم باكراً اديبنا الكبير (الطيب صالح) بسؤاله الشهير: ”من أين أتى هؤلاء"؟!
• انها حرب عصابات، حرب خنازير متوحشة، تتنازع على النهب والسرقة وتجارة المخدرات وقتل وتمريغ كرامة الشعب السوداني في التراب، ومن يشكك في ذلك عليه أن يعود بذاكرته الى الوراء ويرى ما حدث للسودان والشعب السوداني منذ ان وطأت بأقدامها على التراب السوداني الطاهر ولوثته بكل ما تحمله من قاذورات واوساخ !
• manazzeer@yahoo.com
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
لو في ناس متخيلين إن الحرب دي بدأت في أبريل ٢٠٢٣م حقو يراجعوا حساباتهم
لو في ناس متخيلين إن الحرب دي بدأت في أبريل ٢٠٢٣م حقو يراجعوا حساباتهم.
الحرب بدأت تاني يوم للإنقلاب وحين كتبنا مقالاتنا عن المواجهة المؤجلة (مقالين في فبراير ومايو ٢٠٢٠م) كان جنرالات الهزيمة الذين يتولون السلطة اليوم يطفئون الأنوار، ويتثاءبون، ثم يخلدون إلى النوم في مخدع الدعم السريع أو مخدع الكفيل (لا فرق).
تم إعداد المسرح بعناية لإنتصار الجنجويد ومنح البرهان نائبه حميدتي صلاحيات واسعة لجمع الأسلحة من أفراد الشعب كله، ومنحه لقب (رئيس اللجنة العليا لجمع السلاح والسيارات غير المقننة).. متذكرين ولا نسيتوا؟
جمع حميدتي حوالي ٣٠٠ ألف قطعة سلاح من المواطنين – ما عدا عرب الشتات طبعاً- ثم حرقها في إحتفال كبير في منطقة حجر العسل بولاية نهر النيل (الصور من ذلك الإحتفال منقولة من صفحة مجلس السيادة الإنتقالي – السودان).
حين أشعل كفيل حميدتي الحرب لم يكن مع الشعب السوداني سوى سكاكين المطبخ لمواجهته لكن الله لا ينسى، فسبحانه إذ نصر في كل خطوة عبده المظلوم وهزم الكفيل والجنجويد والأحزاب وحده.
النصر قادم لكن شرطه الرئيس هو قيادة تريد النصر لا قيادة تجر البلاد من ثوبها نحو الهزيمة.
محمد عثمان إبراهيم