#سواليف
كتب .. براء رضوان أبوغنيم
مراجعة كتاب،
العنوان: #أنثى_قاحلة.
المؤلف: مصعب البدور.
الناشر: الآن ناشرون وموزعون .
عدد الصفحات: 160
النوع: رواية
القضية: تُجسد #الرواية المعاناة الحاضرة للشعب الفلسطيني في #غزة من خلال سرد إنساني مؤلم، حيث تسلط الضوء على التدمير الداخلي والحرمان العاطفي والشتات الأسري الذي يعيشه الأبطال.
عنوان الرواية يثير فضولا داخليا عند قسم كبير من القراء للبحث عن دلالته ومعناه داخل الرواية العميقة في معانيها وتأثيرها، لتجد مفردة (قاحلة) تظهر أولاً مرتبطة بشخصية “الحاجة زهرية”، وهي الأم لبعض شخصيات الرواية وأم القطاع الذي تدور كل الأحداث به وما آلت إليه الأحداث بدءًا من تشرين الأول حتى مثيله من العام التالي، لكن سرعان ما تتشابك دلالة العنوان بالمكان وهو غزة، وكأن غزة كالأم لكن القحل أصابها، ولا تنتفي أي الدلالتين مع العنوان فكلاهما يشتركان أنهما الحضن الأول لكل فلسطيني، والذي يجب الدفاع والاستماتة من أجله والذود عنه، وكل الأحداث والمواقف والتراكيب صيغت وسيقت من الكاتب مصعب البدور لتصبّ في هذا المعنى وصولا إلى الفكرة المركزية لهذه الرواية، ولا تستغرب أن العنوان قد يكون مرتبطا بشخصية “كارولين” الأجنبية، التي كانت أنثى بجنسها، جاءت مع قافلة العطاء والإغاثة، لكنها كانت قاحلة -برأي من الآراء- بشكل يستدعي عنايتك بكل ما قامت به “كارو”.
أما الشخصيات فكان أغلبها متعددة الأبعاد، وتحمل تعقيدات مرّت بمراحل وتغييرات داخلية وخارجية، تأثرت وأثّرت في صناعة الأحداث ونموّها من سليمان ومحمد ومحمود وسارة وفيصل.
وبأسلوب الكاتب المميز في كتابة رواياته وقصصه ذات الإبداع غير المألوف، تجد عملا دراميا واضحا -يسهل إنتاجه إعلاميا- من أول صفحة تبدأ بها الرواية حتى آخر كلمة. ولئن كنت من الزاهدين في قراءة الروايات عامة، فإن ما يدعوك للمواصلة لإتمامها هو: التوازن بين الوصف والحوار، وتوظيف (السرد المتعدد) مع (السارد العليم)، والحبكة المتينة للأحداث مع جزالة الكثير من المفاهيم لحِكَم ودرر وقواعد وضوابط نفسية واجتماعية ودينية ووطنية، كلها من وحي الواقع المقنِع، والتي لن تتوان في مسك قلمك لتعليمها وإظهارها لأهميتها، ولن تتفاجأ أيضا إذا ما قمت بثني زوايا الكثير من الصفحات لترجع إليها وتعيد التذوق والانغماس والاستمتاع في المعاني الدلالية والمباني اللغوية التي وظفها الكاتب وصولاً إلى مقصده في روايته هذه. وقد تجد أسلوب الكاتب في السرد كما في روايته المثيرة والمميزة (الساحرة في رواق الزاوية)، وبالتأكيد سترى مزيدًا من الإثارة والتنويع في روايته القادمة رواية (شيطان في المحراب) التي أشار إليها في أقوال شخوص رواية أنثى قاحلة .
جاءت فصول رواية أنثى قاحلة متنوعة ومتباينة في حجمها ووظيفتها وواقعيّـتها، وكلها مترابطة تسهّل على القارئ ملاحظة التتابع الزماني للأحداث والمواقف، وإذا وجد قارئ صعوبة في فهم بعض الأحداث والمفاهيم، فذاك أسلوب الكاتب التلقائي في كتابته الذي يستدعي منك البحث لفهم المقصد.
وما كان مثيرا أن الطرفة والفكاهة وجدت لها مكانًا في الرواية بين الأحداث الدامية والسوداوية، لتصنع تشويقًا ومتعة حقيقية خلال القراءة من غير تكلف أو اصطناع.
كانت الرواية منسجمة بين فلسفتها وأحداثها، فنهاية الرواية مرتبطة بما كتبه المؤلف (الجذور والفكر وجهان لعملة واحدة)، فامتداد جذور الفكر ظل متصلا حتى النهاية، لكن بمفاجآت في بعض المواقف والأشخاص، ليترك كل ذلك إعادة ضبط البوصلة للشمال الحقيقي في نفسك وفكرك، وخصوصا إذا ما مررت بفصل (الأعراف) الضبابي الذي يجعلك تتفقد (عملتك) وأين ستأخذك في حاضرك ومستقبلك.
اقتباسات أعجبتني: “والأمن يا شيخ عزمي حجة الخواف، والسلامة دليله على اتهام الشجعان، لكن لو حرّرنا القلب وأطلقناه في رحاب الإيمان وقتئذ سنشرب من عين الإدراك ونفهم أسرار الجلبة ودوافع أصحابها ونكتشف كونها مجرد مبررات والعقل في موروث يَعْرُب مسؤول عن صناعة المبررات”. أريد كينونتكم هذه كيف لكم أن تبنوها بينكم. أمي لا تعرف الاستسلام، روحها مخلوقة من التمرد، روحها قصة من الكفاح، روحها درس في الثبات، أمي روح لكل شيء، كل شيء فينا موروث الأمهات.
شدت الحاجة زهرية أذن سليمان: خرفني دغري، اصحك تحكي معي نحوي هاي الفلسفة خليها ورا التلفون. الرفوف تغص بالنوافذ المغلقة، وحدها الكتب المفتوحة تشرف على العالم. هل تعرف طريقا لتفني عمرك؟ انتظرهم على قارعة الشعور، تقارب معهم اختلط بهم وهم يعتقدون أن عليك أن تكون كما يحبون.
التاريخ لم يُدَوَّن كله بعض صفحاته بقيت فارغة، وبعضها ساحت أحبارها فتشوّهت ومنها ما تبخّرت فاصفرت، وعلى خريطة التاريخ نُسيت زهرية… الحيرة يا سليمان ليست مفترقا، الحيرة محطة تقول إنك في الطريق الصحيح، الحيرة تعني أنك صرت تسير بين النصوص الشائكة وتقدر احتمالاتها، أنك صرت تحيط بحدود الفضاء حولك. ضع في حساباتك دوما أصعب الخيارات وأسوأ الأحداث، الأمنيات لا تصنع مجدا، لم تحزن على أربعين ألف شهيد، ويهولك فقد حمودة الحياة هنا تحتاج إلى إيمان، لا شيء غير الإيمان. محمود: قرد يزمّك أنت وأمك. مقالات ذات صلة ألق الثقافي في الرمثا ينظم جلسة توعية حول عيوب التأمين التجاري 2025/05/17
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الرواية غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا ننسى ذكريات الطفولة المبكرة؟
لماذا لا نستطيع أن نسترجع ذكريات الطفولة المبكرة بشكل واضح؟ عادة ما تقتصر ذكريات هذه المرحلة السنية لدى الغالبية العظمى من البشر على صور مشوشة لغرفة معيشة قديمة أو دمية ملونة أو حادث نجم عنه شعور بالألم.
ويتساءل علماء النفس عن السر وراء عدم قدرة العقل البشري المهيأ للتعلم وجمع البيانات والمعلومات بشكل دائم، على اختزان الذكريات التي تعود إلى المراحل المبكرة من العمر.
وتشير الباحثة سارة باور، اختصاصية طب النفس في مركز ماكس بلانك لأبحاث التطور البشري بألمانيا، إلى ضرورة الفصل من البداية ما بين فقدان ذاكرة الطفولة في مرحلة ما قبل ثلاث سنوات infantile amnesia، ومرحلة ما بين ثلاث إلى ست سنوات childhood amnesia.
وتقول إن القوارض يمكنها اختزان الذكريات في بداية العمر، ولكنها لا تستطيع استرجاعها بشكل إدراكي في سن النضج.
وقد توصلت إلى هذه النتيجة عن طريقة رصد التغيرات في مستويات بروتينات المستقبلات داخل مخ بعض فئران التجارب، علماً أن هذه التغيرات هي التي تتيح للحيوان استرجاع الذكريات وإبداء سلوكيات متغيرة في ضوء هذه المعطيات.
وعلى عكس القوارض، من الممكن أن يتوجه الباحثون بسهولة إلى المتطوعين في التجارب لاستيضاح حجم ذكرياتهم عن مرحلة الطفولة، غير أن هذا النوع من التجارب ينطوي على نوع مختلف من التحديات، حيث قد تكون بعض هذه الذكريات زائفة في حقيقة الأمر، بمعنى أن الإنسان ينخدع بذكريات الآخرين، ويعتقد أنها ذكرياته الخاصة.
وتشرح باور: «إذا ما شاهدت صورة فوتوغرافية لعيد ميلادك في عمر الثانية، أو استمعت إلى والديك وهما يتحدثان عن بعض الحوادث التي تعرضت أنت لها في تلك السن، قد تتكون لديك ذكريات غير حقيقية بشأن هذه الأحداث وتظن أنك تتذكرها بالفعل، وفي كل مرة تسترجع هذه الأحداث، فإنها تتحول إلى ذكريات راسخة في المخ».
وفي تصريحات للموقع الإلكتروني «بوبيولار ساينس» المتخصص في الأبحاث العلمية، تقول باور: إنه لا توجد دراسات موثقة عن الأشخاص الذين يختزنون ذكريات الطفولة المبكرة، ويستطيعون استرجاعها، وتوضح أن هذه المسألة تتطلب أنماطاً معينة من تجارب طب النفس المركبة. ومن أجل اختبار قدرة الأطفال دون الثانية على استرجاع الذكريات، قامت باور بتحويل مختبرها العلمي إلى غرفة للعب، حيث وضعت أربعة صناديق داخل الغرفة، وأخفت دمية داخل أحد هذه الصناديق، واستخدمت جهاز عارض ضوئي (بروجيكتور) لعرض خلفيات مختلفة على جدران الغرفة، بحيث تبدو الغرفة كما لو كانت متنزهاً، أو غابة كثيفة الأشجار، أو جزءاً من قاع البحر وما إلى ذلك.
وعلى حسب الخلفية المعروضة على الجدران، كان يتم وضع الدمية في صندوق معين بحيث يقترن الصندوق في ذهن الطفل بشكل الخلفية على الجدران عندما يعثر على الدمية.
ويهدف هذا الاختبار إلى تحديد ما إذا كان الطفل سوف يتذكر الخلفية التي تقترن بكل صندوق عندما يقوم بتكرار التجربة في وقت لاحق.
وشارك في التجربة 360 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 شهراً، وكان يتم تقسيم المتطوعين إلى مجموعات حسب طول الفارق الزمني ما بين الزيارة الأولى والثانية لغرفة اللعب وخوض تجربة العثور على الدمية داخل الصندوق، وذلك بقصد قياس مدى اتساع نطاق الذاكرة لدى الأطفال دون الثانية مع تقدمهم في العمر.
وتقول باور إن الهدف من هذا البحث هو تقييم الذاكرة العرضية لدى الأطفال، وهي الجزء من الذاكرة المختص بتسجيل الأحداث مثل حفلات أعياد الميلاد أو الرحلات مثلاً، علما بأن فقدان الذاكرة الطفولي يؤثر فقط على هذه النوعية من الذكريات، لأن الإنسان لا يمكن أن ينسى ذكريات أخرى مثل، تعلم السير والكلام على سبيل المثال، رغم أن هذه المهارات أو الخبرات يتم اكتسابها أيضا في مراحل مبكرة من العمر.
وتوصلت دراسة أخرى على الأطفال في المرحلة السنية من الثالثة إلى التاسعة إلى أن الأطفال في أعمار الخامسة والسادسة والسابعة يتذكرون نحو ستين بالمئة من الأحداث السابقة، في حين الأطفال في سن الثامنة والتاسعة يتذكرون أربعين بالمئة فقط من هذه الأحداث.
وتبين أيضاً أن طريقة حديث الكبار مع أطفالهم عن تلك الأحداث هي التي تحدد مدى استرجاع هذه الذكريات في مراحل لاحقة من العمر، بمعنى أنه عندما يطلب أولياء الأمور من أطفالهم سرد تفاصيل الأحداث التي تمر بهم، تترسخ تلك الذكريات لدى الأطفال على وجه أوضح.
وفي إطار التجربة استخدمت باور تقنية التخطيط الكهربائي للمخ electroencephalography لقياس الإشارات الكهربائية للمخ أثناء اختزان الذكريات.
وكانت تجارب مماثلة قد استخدمت التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس نشاط المخ بشكل غير مباشر أثناء اختزان أو استرجاع الذكريات لدى الأطفال في سن الثالثة.
واتضح من تلك التجارب أن الأطفال في الثالثة يختزنون الذكريات بالفعل، ولكنهم لا يستطيعون الإفصاح عن هذه الذكريات بسبب صغر سنهم، وهو ما يجعلهم لا يستطيعون تذكرها في الكبر.
وتتطرق باور إلى إحدى النظريات التي تشير إلى أنه نظراً لضرورة انتقال الإنسان من مرحلة الاعتماد على الغير إلى مرحلة الاعتماد على النفس، فإن فقدان ذاكرة الطفولة يساعد في إحداث ما يعرف باسم «العودة إلى نقطة البداية» بحيث يتهيأ الشخص للدخول في مرحلة النضج.
ورغم أنها قد لا تستطيع الوصول إلى إجابة حاسمة بشأن أسباب فقدان ذاكرة الطفولة، تأمل باور أن يساعد هذا البحث في معرفة حدود ذكرياتنا المشوشة لفترة الطفولة بشكل أفضل.