حذر تحقيق دولي من تداعيات توغل الإمارات في قتل السودانيين بحثا من أبوظبي عن النفوذ في إفريقيا دون اعتبار لزعزعة استقرار المنطقة. وحمل التحقيق عنوان “السودان على شفا كارثة جديدة”، وأعده مارتن بلوت، الزميل الأول في معهد دراسات الكومنولث والمستشار السابق للحكومتين البريطانية والأمريكية، ونشره في موقع “أوراسيا ريفيو“.
وأبرز التحقيق أن ما يحدث في
السودان لم يحصل إلا على القليل من العناوين الرئيسية في عالم مهووس بالقتال في غزة. ويضيف بلوت أن إعادة التشكيل تلك قد تأتي في وقت لاحق، لكن الآن يبدو أن الحرب الدائرة بين الجيش السوداني – الذي يقوده عبدالفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” – تسببت في أزمة إنسانية وخيمة، أجبرت ما يقدر بنحو 6.7 مليون شخص على الفرار من منازلهم. ووفقاً لوكالات الإغاثة، فإن هذه “أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم”. وقد اقترب العديد من السودانيين من المجاعة بسبب تلك الحرب، بعد أن أجبروا على ترك أراضيهم، وبات أكثر من نصف السكان – 25 مليون شخص (بما في ذلك 13 مليون طفل) – بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، كما يقول الكاتب. ويعتبر أن سقوط مدينة ود مدني في يد قوات “الدعم السريع” تطور محوري للحرب، حيث منحت هذه المدينة لقوات “حميدتي” موارد ثمينة، وباتت تلك القوات تسيطر الآن على المنطقة الحضرية التي لجأت إليها معظم وكالات الإغاثة بعد اندلاع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم. والآن، تسيطر قوات “الدعم السريع” على معظم العاصمة الخرطوم وأجزاء كبيرة من إقليم دارفور، في حين اضطر الجيش السوداني إلى الانتقال إلى منطقة آمنة نسبياً في بورتسودان، شرقي البلاد. وقد لخص محللو “تشاتام هاوس” الوضع بدقة عندما قالوا: “لقد ظهر تقسيم فعال في السودان، حيث يسيطر الجيش على الشرق والشمال الشرقي، بينما تسيطر قوات
الدعم السريع على جزء كبير من العاصمة وغرب البلاد”. وينتقد التحقيق التفاعل الأمريكي الفاتر مع الحرب في السودان، رغم أن واشنطن يمكنها لعب دور مؤثر ومحوري لوقفها. ويقول إن السبب وراء كون الدعم الأمريكي فاترًا بسيط، وهو أن الرئيس جو بايدن متورط في الصراع بين إسرائيل و”حماس” في غزة. ويضيف: مع انطلاق حملة إعادة انتخابه، لم يعد لدى بايدن سوى القليل من الوقت للتركيز على السودان، وإن هذه اللامبالاة الظاهرة أمر خاطئ، ولا يخدم مصالح واشنطن. ويشير التحقيق إلى أن سيطرة “حميدتي” على مناجم الذهب وثرواته في السودان منحته قوة استثنائية وعلاقات مع روسيا وميليشيات “فاجنر” التابعة لها. وقد حظيت “فاجنر” بحصص منتظمة من ذهب السودان مقابل إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح، كما أظهرت تقارير غربية. وكان الذهب السوداني، الذي تم نقله جواً من ليبيا إلى القاعدة الروسية في اللاذقية، يدفع ثمن الأسلحة. ويقول “لم يمول هذا الذهب شركة فاغنر فحسب، بل قام أيضًا بتمويل حرب الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا”. وبصرف النظر عن مجموعة “فاجنر” الروسية، فإن الإمارات العربية المتحدة هي الداعم الرئيسي الآخر لقوات “الدعم السريع”، يقول الكاتب. ويقول الجيش السوداني إن لديه “معلومات من المخابرات والمخابرات العسكرية والدائرة الدبلوماسية تفيد بإرسال الإمارات طائرات لدعم الجنجويد”. وأنشأت الإمارات مستشفيات في تشاد لتقديم العلاج للاجئين الفارين من القتال. وعلى الرغم من أن الإمارات تنفي ذلك، إلا أن هناك اعتقادًا واسع النطاق بأن المساعدات ليست أكثر من مجرد واجهة لإمدادات الأسلحة لقوات “الدعم السريع”، كما يقول بلوت. ويُنظر إلى أوغندا على أنها طريق بديل لدعم الإمارات لعمليات “حميدتي”. وبحسب ما ورد، عندما هبطت طائرة في مطار عنتيبي الرئيسي في أوغندا في يونيو من العام الجاري، ذكرت وثائق رحلتها أنها كانت تحمل مساعدات إنسانية أرسلتها الإمارات للاجئين السودانيين. وبدلاً من ذلك، “قال المسؤولون الأوغنديون إنهم عثروا على عشرات الصناديق البلاستيكية الخضراء في عنبر شحن الطائرة مليئة بالذخيرة والبنادق الهجومية وغيرها من الأسلحة الصغيرة”. ويحذر التحقيق من أنه إذا نجح “حميدتي” في حملته ضد الجيش السوداني فسيؤدي إلى توسيع نفوذ الإمارات في عمق أفريقيا وتعزيزا لقوة “فاجنر” في مساحة شاسعة من القارة السمراء ومنطقة الساحل، علاوة على تعزيز نفوذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتمويله، وهو ما سيكون بمثابة ضربة قوية للولايات المتحدة والغرب.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية:
الجیش السودانی
الدعم السریع
فی السودان
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يتصدى لهجوم بطائرات مسيرة في أجواء بورت سودان
نقلت وسائل إعلام عن شهود عيان قولهم، إن صواريخ مضادة للطائرات تصدت السبت لتحليق مسيرات في أجواء بورت سودان التي تحولت إلى عاصمة للسودان في زمن الحرب وشكلت ملاذا للنازحين في السابق.
وتعرضت بورت سودان، مقر الحكومة المدعومة من الجيش، هذا الشهر لأول هجوم بطائرات مسيرة تم تحميل مسؤوليته لقوات الدعم السريع.
واستهدفت غارات الطائرات المسيرة بنى تحتية بينها آخر مطار دولي مدني عامل في البلاد ومحطات لتوليد الطاقة ومستودعات وقود.
وتوقفت الغارات شبه اليومية لأكثر من أسبوع حتى السبت، حين أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بسماع “دوي صواريخ مضادة للطائرات شمال وغرب المدينة وتحليق طائرات مسيرة في السماء.
ومنذ انسحاب
الجيش السوداني من العاصمة الخرطوم في بداية الحرب، استضافت بورت
سودان وزارات حكومية ووكالات أممية ومئات الآلاف من الأشخاص.
وتمر جميع المساعدات تقريبا إلى البلاد التي يعاني فيها نحو 25 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الشديد، عبر بورت سودان.
ومع دخول النزاع عامه الثالث، تظل البلاد منقسمة بحكم الأمر الواقع إلى قسمين: الجيش يسيطر على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات الدعم
السريع على كل دارفور تقريبا وأجزاء من الجنوب.
ومنذ خسارتها السيطرة على الخرطوم في آذار/مارس، تبنت قوات الدعم السريع استراتيجية من شقين: غارات بعيدة المدى بطائرات مسيرة على المدن التي يسيطر عليها الجيش مصحوبة بهجمات مضادة لاستعادة الأراضي في جنوب البلاد.
وأثرت الغارات على البنية التحتية في جميع أنحاء شمال شرق السودان الذي يسيطر عليه الجيش، كما تسببت الهجمات على محطات الطاقة بانقطاع التيار الكهربائي عن ملايين الأشخاص.
وأدى انقطاع التيار الكهربائي في الخرطوم إلى انقطاع المياه النظيفة أيضا، وفقا للسلطات الصحية، ما تسبب في تفشي وباء الكوليرا الذي أودى بحياة نحو 300 شخص هذا الشهر.
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب عام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.