سفير مصر الأسبق لدى فلسطين: لابد من ردع إسرائيل عن اجتياح رفح
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
أكد السفير أشرف عقل سفير مصر الأسبق لدى فلسطين، ضرورة ردع إسرائيل عن اجتياح رفح الفلسطينية التي تؤوي معظم سكان قطاع غزة، وحذر من التداعيات الكارثية لأية عمليات عسكرية بتلك المدينة المكتظة بالمدنيين.
و نبه السفير أشرف عقل في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الإثنين، بأن إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على اجتياح مدينة رفح الفلسطينية يعني استمرّار قتل المدنيين الأبرياء، بل سقوطهم ضحايا في تلك العمليات تحديداً بالآلاف، نظراً لتكدسهم في تلك المنطقة الجنوبية من القطاع.
وذكر أن إسرائيل هي من طلبت من سكان القطاع النزوح والتوجه إلى رفح واتخاذها ملجأ من النيران والقتل والمعارك منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، وطالب دول العالم بإعلان رفضها التام وبشكل قاطع عن الاستمرار في تلك الحرب الهمجية التي أسقطت حتى الآن أكثر من 112 ألف شهيد وجريح بخلاف من تبقى تحت الأنقاض دون حصر.
وحذر من أن منطقة «المواصي» التي طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم أهل غزة باللجوء اليها باعتبارها منطقة إنسانيةهي في حقيقة الأمر غير قابلة للحياة ولتلبية احتياجاتهم، منوهاً إلى أن تلك الحرب الانتقامية كشفت منذ بدايتها عن مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير والإبادة الجماعية.
وشدد السفير أشرف عقل على أنه آن الآوان لكي يضطلع مجلس الأمن الدولي بمسئولياته التي أنشئ في الأساس من أجلها وهي حماية المدنيين وقت الحروب والنزاعات، وصون السلم والأمن الدوليين، والعمل على إنقاذ صورته ومصداقيته المتضررة بسبب سياسة المصالح والانحيازات التي قوّضت دوره في حرب غزة وجعلته عاجزاً عن وقف الإبادة الجماعية والجرائم التي اقترفتها إسرائيل بحق الإنسانية.
ودعا عقل المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيس والتاريخي لإسرائيل إلى الضغط على «حكومة تل أبيب» لوقف التصعيد والاستجابة لجهود مصر لإنفاذ هدنة، تمهيداً لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء نزيف الدم و الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني المظلوم.
اقرأ أيضاًالبرلمان العربي يحذر من اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية
أ ف ب: الجيش الإسرائيلي يقصف منطقتين طالب بإخلائهما صباحا في رفح الفلسطينية
حماس: مستعدون للدفاع عن الفلسطينيين ردا على أي عملية عسكرية في رفح
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إ رائيل إسرائيل اجتياح رفح القضية الفلسطينية رفح الفلسطينية فلسطين
إقرأ أيضاً:
قوافل الغضب التي هزّت عروش الصمت
بسم الله الرحمن الرحيم
#قوافل_الغضب التي هزّت #عروش_الصمت
دوسلدورف/ أحمد سليمان العُمري
في عالم يُحاصر الأطفال بين أنياب الاحتلال وأقدام الأنظمة العربية، انطلقت قافلتان: واحدة بحرية من أوروبا وأعقبتها أخرى برية من تونس؛ حملتا نفس الحلم: كسر الحصار عن غزّة، لكنهما اصطدما بنفس القسوة، قسوة تثبت أن الخيانة العربية والغطرسة الإسرائيلية وجهان لعملة واحدة. هنا قصّة أولئك الذين رفضوا أن يكونوا حرّاساً لهذا السجن الكبير.
مقالات ذات صلة لماذا يخفق القلب فرحًا أو حزنًا؟ وأيهما أشد وطأة؟ 2025/06/20الليلة التي غرق فيها الضمير العالمي
«تياغو» البرازيلي ذو العشرين ربيعاً لم يكن يعلم أن مشاركته في رحلة سفينة «مادلين» ستنتهي به في زنزانة إسرائيلية تحت الأرض. «كنا 12 ناشطاً فقط على متن السفينة»، يقول بصوت يرتجف، «عندما حاصرتنا الزوارق الحربية الإسرائيلية في المياه الدولية، وكأننا أسطولاً عسكرياً وليس متطوعين يحملون أدوية الأطفال».
بين الأمل والقمع
انطلقت السفينة من ميناء «كاتانيا» في جزيرة صقلية الإيطالية في الأول من يونيو 2025، تحمل على متنها ناشطين من جنسيات متعددة، بينهم الناشطة البيئية “غريتا تونبيرغ” والنائبة الأوروبية ريما حسن. كانت الشحنة رمزية بحجمها وعظيمة بأبعادها، تشمل مئات الكيلوغرامات من المواد الأساسية كالطحين والأرز وحليب الأطفال، بالإضافة إلى معدات طبية وأطراف صناعية وأجهزة تحلية مياه.
هدف الرحلة كان واضحاً: كسر الحصار البحري عن القطاع ونقل رسالة تضامن صامتة لكنها مدوّية، غير أن هذه المبادرة الإنسانية واجهت القسوة نفسها التي تحاصر غزّة، ففي التاسع من يونيو، وبعد ثمانية أيام من الإبحار، اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية السفينة في مياه دولية. اعتُقل الناشطون، وتحولت رحلة الأمل إلى فصل جديد من الاعتقال والاضطهاد، حيث واجه الناشطون ظروفا قاسية من الحجز والتفتيش المشدد، في محالة واضحة لكسر إرادتهم ووقف صوت التضامن الدولي.
حيث يُسرق الحليب باسم السيادة
بينما كانت الناشط البرازيلي تياغو على متن السفينة يخترق البحر في محاولة مقدامة لكسر الحصار عن غزّة، جرى اعتقاله مع بقية زملاءه الشجعان بوحشية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسُجنوا في ظروف مهينة، دون أن يُراعى كونهم ناشطين إنسانيين؛ جاءوا بصفتهم المدنية لا كمقاتلين.
معاناة هؤلاء الشبان بالرحلة وفي السجون الإسرائيلية لم تكن حدثًا معزولًا، بل امتداد لمعاناة غيرهم من الأحرار الذين لا ينتمون إلى هذه الأرض جغرافياً، لكنهم ينتمون لها أخلاقياً وإنسانياً.
من تياغو إلى ريما حسن، النائبة الفرنسية الفلسطينية التي لم تشفع لها حصانتها الأوروبية، مروراً بالناشطين بين تركي وألماني وإسباني وهولندي… الخ الذين اعتقلوا أو طُردوا أو شُوّهت سمعتهم لأنهم فقط تجرّؤوا على رفع علم فلسطين في عواصمهم.
وإن كانت يد الاحتلال قد امتدت في عرض البحر لتقمع من جاؤوا متضامنين، فإن اليد الأخرى، المخفية تارة والمكشوفة تارة أخرى، كانت تضرب على اليابسة. ففي مصر، تعرّض الناشطون من “مسيرة غزّة” للضرب والإهانة والتنكيل على أيدي قوات أمن بلباس مدني، في محاولة ممنهجة لإظهار أن الاعتراض يأتي من “المواطنين العاديين”، وليس من الدولة.
لقد لبس القامعون ثوب الشعب ليخونوا نبضه، وأوهموا العالم أن الشارع المصري – وهو الزخم العارم لفلسطين – قد انقلب على المبدأ. بينما الحقيقة أن اليد التي صفعت هؤلاء المتضامنين ليست يد الشعب، بل يد السلطة، وهي اليد ذاتها التي تصافح القتلة هناك، وتمنع المساعدات هنا، وتحاصر الفلسطيني في جسده ومعيشته وتُمعن في عزل كل من يحاول الوصول إليه.
بهذا المشهد، تتكامل المأساة مع الهزل، وتغدو الجغرافيا السياسية للمقاومة محكومة بمنظومتين: شعوبٌ تتقد بالشجاعة رغم البعد، وأنظمةٌ تشتغل لحساب الاحتلال وإن رفعت شعارات ضده. وهنا، كما يؤكّد الحال راهناً، فإن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يواجه مقاومة ضارية من أنظمة ترى في بقاء الاحتلال حماية لاستقرارها أو امتداداً لاستعمارها، أكثر مما ترى فيه جريمة تستحق المواجهة.
وفي ليبيا، حيث تسيطر قوات حفتر، كانت العراقيل بذريعة البيروقراطية والتعنّت الأمني في أقصى درجاتها، إذ منعت قوافل التضامن من المرور، وواجه ناشطون تحقيقات مطولة وإجراءات تعسفية، مما يعكس تنسيقاً أمنياً واضحاً وفاضحاً مع الاحتلال.
هذه التجارب المشتركة، من الاعتقال في سجون الاحتلال إلى التضييق في الحدود ومطارات الدول العربية والحدود البرية، تؤكّد حجم العقبات التي تواجه أي محاولة حقيقية لكسر الحصار وإيصال الدعم لغزّة، كما تؤكّد أن التضامن مع القضية الفلسطينية لا يزال يلقى مقاومة شديدة من أنظمة تحابي الاحتلال أكثر مما تُساند شعوبها في قضاياه المصيرية.
الرسائل التي كتبها الجلادون بتواطئهم
الرسالة التي كتبها الجلادون كانت واضحة، وإن اختلفت أيادي التوقيع عليها: حفتر قطع الطريق في الصحراء، والسيسي أطلق شرطته على المتضامنين مع غزّة في شوارع مصر ومطاراتها، يضربون، يرحّلون، ويقمعون كل من حاول أن يمرّ من بواباتهم بجوازه وكرامته.
أما إسرائيل، فكانت تشاهد من بعيد، مُطمئنة إلى أن الطرق إلى غزّة ما زالت مغلقة.
قافلة الصمود رغم عودتها اليوم لم تُكسر، عادت إلى تونس بجراحها وتحمل شيئاً أعظم من العبور: يقظة الضمير. لم تصل الشاحنات، لكن وُلدت إرادة جديدة، وكُسر الصمت، وإن لم تنجح سفينة ماديلين والصمود، فسيأتي بعدهما قوافل أخرى، بالآلاف، فإرادة الشعوب لا تنضب، وغزّة لا يمكن أن تُحاصر إلى الأبد.
إذا مُنعوا اليوم من العبور، فستُحوّل الأرض كلها إلى معبر؛ القوافل والسفن لم تمت، بل صارت فكرة لا تموت.