متحف النوبة بمصر.. مزيج حضارات قديمة على أرض الذهب
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
في قلب مدينة أسوان التاريخية المطلة على نهر النيل جنوبي مصر، يحتضن متحف النوبة مزيجا من حضارات قديمة وحديثة، تنطق بروعة التصميم وجمال الإبداع، تزوره على مدار العام أفواج من الأجانب والمصريين على حد سواء.
وترجع جذور حضارة النوبة إلى 10 آلاف سنة في بلد يعج بالآثار ويضم أحد عجائب الدنيا السبع، و"كان القدماء المصريون يسمون النوبة بأرض الأقواس نسبة لمهارة أهلها في الرماية، وكانوا يستعينون بهم في الحروب"، وفق هيئة الاستعلامات المصرية.
واسم النوبة مشتق من لفظ (نوب) الذي يعني باللغة المصرية القديمة الذهب، ولهذا يطلق عليها "أرض الذهب"، وفق المصدر ذاته.
تاريخ مبهرعند تجاوز بهو المتحف الذي تأسس عام 1997، تستقبلك الحضارة المصرية القديمة وتعود بك لآلاف السنوات، عبر تمثال شاهق للملك الفرعوني الشهير رمسيس الثاني، بخلاف تمثال آخر له بالمتحف يرتدي تاج الحرب، وصولا إلى تماثيل أخرى تعود للعصور اليونانية والرومانية، انتهاء بالقبطية والتي تسجل فترات زمنية بين 300 ق.م و300 ميلادية.
كما تلفت الأنظار، 3 تيجان من الفضة وجدت على رؤوس هياكل عظيمة لملوك القدماء المصريين، ويشير طرازها إلى خليط من رموز الديانة الفرعونية والفن البيزنطي المتمثل في التطعيم بالأحجار.
كما يضم المتحف تماثيل عديدة أخرى تحاكي أحداثا تاريخية، منها تمثال نحي حاكم كوش، يمثل راكعا أمام معبودة فرعونية، ويعود للأسرة الـ 18 (1549/1550 و1292 ق.م)، وفق ما تشير اللوحة الإرشادية.
كما يضم تمثالا مزدوجا لملكة وأمير يرتديان زيا يتميز بالشال الملقى على الكتف الأيمن، ويرفع الأمير يده اليمنى ويسند تاج الملكة.
ووفق معلومات المتحف، فإن هذا التمثال "كان نادرا في الفن الكوشي التابع للحضارة الكوشية" (715- 656 ق.م)، والتي تعرف باسم الأسرة الـ25، أو الأسرة النوبية أو الإمبراطورية الكوشية.
كما يظهر تمثال آخر يمثل معبودة فرعونية تدعي "ماعت"، الشهيرة بأنها معبودة الحق والعدل، ويصورها التمثال وهي تسكب الماء.
وبنقوش لافتة على تمثال ينسب لابن الملك أمون، تفيد معلومات المتحف بأن "طريقة نحت الحواجب والعيون والشفاه تشير إلى فترة حكم أمنحوتب الثالث".
ويظهر خلف لوح زجاجي عشرات التماثيل الصغيرة لجنود كانوا يحاربون في الجيش، في عصر الدولة الوسطى (1936 – 1760 ق.م)، وفق إرشادات اللوحات.
وتشير تلك الإرشادات إلى أن تلك النسخة "نموذج فصيلة (عسكرية) وجدت في مقبرة في أسيوط، وتعود إلى الأسرة الـ11.
عالم آخروينقل المتحف زواره إلى عالم آخر في تلك العصور القديمة، تبرز فيها هياكل بشرية و جماجم بحالة جيدة، وبقايا امرأة تقول اللوحات الإرشادية بالمتحف إنها "مصابة بأمراض دم ظاهرة في عظامها، وتعود إلى الدولة الوسطى، بخلاف توابيت فرعونية تعود إلى الفترة بين 722 و525 ق.م.
إلى جانب ذلك، هناك تماثيل لمومياوات، بينها مومياء لزوجة كاهن تدعى بادي، وأخرى لكبش (معبود ديني) عليه قناع ذهبي، وكلاهما من العصر البلطمي (332 – 30 ق.م).
كما يسلط المتحف الأضواء على حضارة الدولة الحديثة والحضارة الكوشية بين 1500 و600 ق.م، كما تشير لوحاته الإرشادية.
في جانب آخر، يسلط المتحف الضوء على الحياة النوبية القديمة والحديثة، ووفق معلومات وزارة الآثار المصرية، يضم المتحف آلاف القطع الأثرية ونماذج من التراث النوبي التي تعرض التقاليد والحرف اليدوية المحلية في النوبة، بالإضافة إلى نموذج للبيت النوبي، يعكس لمحات من الحياة اليومية للمصريين في النوبة.
كما أن الأزياء النوبية بألوانها المبهجة أو السمراء حاضرة في المتحف، وتطالعك أيضا تصاميم المنازل النوبية البسيطة، وجوانب من حياتهم بين التعلم في الكتاتيب والزراعة والري بالسواقي القديمة وغزل السيدات.
ووفق معلومات وزارة الآثار، نشأت فكرة متحف النوبة لإنقاذ آثار النوبة التي دشنتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو"، بناء على طلب الحكومة المصرية في 1960م، وليضم التراث الأثري والتاريخي والحضاري والبيئي للنوبة.
أفضل مبني معماري في 2001وبدأت الدراسات لمشروع المتحف في أوائل الثمانينات، ووضع حجر الأساس له عام 1986، وأسندت التصميمات الهندسية إلى المعماري المصري محمود الحكيم، أما العرض المتحفي فكان من نصيب المهندس المكسيكي بيدرو راميرز فاسكويز، وروعي في تصميم مبنى المتحف أن يكون على غرار المعمار التقليدي للقرية النوبية، بالحجر الرملي والجرانيت الوردي.
وافتتح متحف النوبة للجمهور في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 1997، بتصميم معماري متميز من 3 طوابق يعكس العمارة التقليدية المحلية النوبية، كما تم إكساء جدرانه بالحجر الرملي والجرانيت الوردي المستوحى من طبيعة المنطقة الصخرية المحيطة به، وحصل على جائزة "آغا خان" للعمارة الإسلامية (تمنح كل 3 سنوات) كأفضل مبنى معماري في 2001.
وتبلغ المساحة الكلية للمتحف 50 ألف متر مربع، خصص منها 7000 للعرض المتحفي الداخلي، و43 ألفا للعرض المتحفي الخارجي والحديقة المتحفية.
والحديقة المتحفية، بمثابة متحف مفتوح يضم كهفا ذا نقوش صخرية ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، ومجرى مائيا يرمز إلى نهر النيل شريان الحضارة المصرية القديمة، ومجموعة من القنوات المائية والجنادل، لتوضح العلاقة بين النهر والقرية النوبية المحاطة بنباتات كانت منتشرة في العصور القديمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات متحف النوبة
إقرأ أيضاً:
رصد إشارات قديمة من مجموعة مجرات بعيدة.. ماذا يعني ذلك؟
أُعلن عن رصد إشارات راديو قديمة قادمة من مجموعة مجرات بعيدة، وهو أمر يعيد للأذهان سؤال وجود الحياة في الكون ومدى إمكانية التواصل مع حضارات أخرى.
وتم هذا الاكتشاف بواسطة فريق من علماء الفلك الذين استخدموا تقنيات متطورة لتحليل إشارات الراديو التي تعود لآلاف السنين.
تعتبر هذه الإشارات جزءًا من دراسة أوسع حول الكون وما يحتويه من مجرات ونجوم.. فماذا يعني هذا الاكتشاف؟
رصد إشارات قديمةأثناء دراسة عنقود المجرات البعيد المعروف باسم «SpARCS1049»، رصد علماء الفلك موجات راديوية خافتة وغامضة، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة «ذا استروفيزيكال جورنال ليتيرز».
ونشأت موجات الراديو المكتشفة، التي استغرقت 10 مليارات سنة للوصول إلى الأرض، من منطقة شاسعة من الفضاء مليئة بجسيمات عالية الطاقة وحقول مغناطيسية.
تُعرف هذه السحب الشاسعة من الجسيمات عالية الطاقة باسم «هالة صغيرة». ووفقاً للدراسة، لم تُرصد هالة صغيرة بهذا العمق في الفضاء من قبل.
وُصفت الهالات الصغيرة في الدراسة بأنها مجموعات خافتة من الجسيمات المشحونة. ومن المعروف أن هذه المجموعات تُصدر موجات راديوية وأشعة سينية. وعادة ما توجد الهالات الصغيرة في العناقيد المجرية بين المجرات.
ما أهمية الاكتشاف؟يُعتبر هذا الاكتشاف علامة فارقة في علم الفلك، حيث يعدّ فرصة لفهم التاريخ العميق للكون، فالإشارات التي تم رصدها تلقي الضوء على كيفية تطور المجمعات المجردة والأحداث الكونية التي قد تكون حدثت قبل مليارات السنين.
هذا النوع من الأبحاث لا يساعد فقط في فهمنا للماضي، بل قد يفتح أيضًا آفاقًا جديدة للبحث عن الحياة في الكواكب التي تدور حول تلك النجوم.
بينما يُحتفل بهذا الاكتشاف المذهل، يواجه العلماء عدة تحديات. يتمثل أحد التحديات الرئيسية في تحليل وفك تشفير هذه الإشارات. فقد تكون الإشارات الراديوية القديمة مشوشة أو ضعيفة، ما يتطلب تقنيات متقدمة للغاية للتأكد من دقتها. كما يتطلب فهم الإشارات معرفة عميقة بعلم الفلك وعلم الفيزياء لتفسير الرسائل التي تحملها.
يفتح هذا البحث المجال أمام إمكانيات جديدة للاتصالات بين الكواكب. إذا كانت هناك حضارات قديمة في هذه المجمعات المجردة، فإن تطوير تقنيات تواصل فعّالة بيننا وبينهم يمكن أن يكون الهدف القادم للعلماء، إن فكرة تواصلنا مع كائنات من عوالم أخرى تشغل خيال الكثيرين، وقد تحقق هذه الأبحاث فرصة الوصول إلى فهم أعمق للكون الذي نعيش فيه.
تكنولوجيا الرصد المستخدمةتعتمد هذه الأبحاث على مجموعة من التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك التلسكوبات الراديوية التي تستطيع التقاط إشارات ضعيفة من مسافات بعيدة. استخدام هذه التكنولوجيا هو أمر بالغ الأهمية لفهم الظواهر الفلكية بوضوح. كما يوجد اهتمام متزايد بتطوير تلسكوبات جديدة يمكنها رصد إشارات من زمن أبعد.
بحسب العلماء، هذا الاكتشاف لا يقدم فقط أجوبة عن أسئلة قديمة بخصوص أصل الكون بل يوسع أيضًا آفاقنا. قد يؤدي إلى اكتشافات جديدة عن أنفسنا، مما يعزز من معرفتنا بمكانتنا في الكون. وفي ظل التقدم التكنولوجي المستمر، قد نشهد يومًا ما تواصلًا حقيقيًا مع حضارات أخرى في الكون.