اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خبيرا اقتصاديا مدنيا ليتولى منصب وزير الدفاع، في خطوة مفاجئة، بدت وأنها تأتي لتهيئة روسيا لحرب اقتصادية من خلال محاولة الاستفادة بشكل أفضل من ميزانية الدفاع وتسخير المزيد من الابتكار لتحقيق الفوز في أوكرانيا، وفقا لرويترز.

وفي خضم حرب موسكو على كييف، رشح بوتين، أندريه بيلوسوف 65 عاما، نائب رئيس الوزراء السابق والمتخصص في الاقتصاد، لمنصب وزير الدفاع، خلفا لحليفه القديم سيرجي شويغو، 68 عاما.

ومثّل ترشيح بيلوسوف، وهو مسؤول مدني معروف بصنع القرار الاقتصادي وليست لديه خبرة القتال، مفاجأة كبرى، وفقا لرويترز.

لمحة عن مسار الوزير الجديد

تخرج بيلوسوف، وهو ابن عالم اقتصاد سوفيتي بارز، من كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية عام 1981 بامتياز. وحصل فيما بعد على الدكتوراه، وخلال بداية مساره تنقل بين مناصب أكاديمية وجامعية عديدة.

وفي عام 2000، عُيّن مستشارا لرئيس الوزراء الروسي وانضم إلى وزارة الاقتصاد كنائب وزير بعد ست سنوات. ومن 2008-2012، عمل مديرا لإدارة الاقتصاد والمالية في جهاز الحكومة، في نفس السنوات التي شغل فيها بوتين منصب رئيس الوزراء، وفقا لـ"رويترز".

وفي عام 2012، تولي بيلوسوف منصب وزير الاقتصاد لفترة وجيزة، قبل أن يعين كمستشار اقتصاديا رفيعا لبوتين. وبحسب بلومبرغ، كان له دور أساسي في تحويل روسيا إلى اقتصاد حربي.

واشتهر بيلوسوف بحسب "بلومبرغ" بـ"موقفه المتشدد" تجاه الشركات والأعمال وكان القوة الدافعة وراء مبادرة الحكومة لزيادة الضرائب من صناعة المعادن والتعدين، بما في ذلك بعد بدء الحرب.

وخلال 2017، قالت وسيلة الإعلام الروسية "RosBiznesConsulting"، إن بيلوسوف كان أحد المسؤولين الذين أقنعوا بوتين بأن الاقتصاد الرقمي وتقنية سلسلة الكتل (بلوكتشين) أمران حاسمان للمستقبل، وفقا لرويترز.

وعام 2020، أثناء عمله كنائب أول لرئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين بكوفيد في عام 2020، تولى بيلوسوف مؤقتا مهام رئاسة الوزراء بينما تعافى ميشوستين.

وفي مقابلة أخرى مع "ار بي اس"، قال بيلوسوف، عام 2023: "إن ما يجب أن تمتلكه بالتأكيد الدولة ذات السيادة هو امتلاك معانيها الخاصة. من نحن، من أين أتينا، إلى أين نحن ذاهبون؟.. ليس لدينا خيار آخر لبلادنا سوى اكتساب هذه الهوية أو استعادتها".

ووفقا لرويترز فقد مارس بيلوسوف رياضتي السامبو والكاراتيه في شبابه ولم يخدم في القوات المسلحة.

لماذا اختاره بوتين؟

وتعليقا على خطوة بوتين الأخيرة، يقول المستشار السياسي المقرب من الكرملين، سيرجي ماركوف، إن تعيين  بيلوسوف يتعلق بممارسة بوتين "مزيدا من السيطرة على الشؤون العسكرية، بينما تستمر حرب أوكرانيا".

وذكرت بلومبرغ، أن "الحاجة إلى وجه جديد يمثل القوات المسلحة الروسية أصبحت ملحة أيضا بعد فضيحة فساد تورط فيها نائب وزير الدفاع السابق تيمور إيفانوف، وهو مساعد رئيسي لشويغو".

وقال ماركوف في تصريح للوكالة "بيلوسوف موال شخصيا لبوتين وسيحل كل هذا.. كان هناك الكثير من المصالح الشخصية" في السابق.

من جهته، اعتبر، إيفجيني سوفوروف، كبير الاقتصاديين الروس في بنك سنترو كريديت، أن تعيين بيلوسوف، "يرتبط بالرغبة في تعزيز دور المجمع الصناعي العسكري كمحرك رئيسي للاقتصاد"، حسبما نقلت بلومبرغ.

من جهتها، أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إلى أن اختيار بوتين المفاجئ لبيلوسوف لإدارة وزارة الدفاع إلى "رغبة بوتين في إحداث تحول كبير في التعامل مع حرب أوكرانيا"، وفقا لما نقلته عن محللين  ومصادر تعرف كلا الرجلين.

وبصفته "بطلا لسياسة الدولة الصناعية وتكنوقراطيا لا يمتلك قاعدة قوة خاصة به"، يشير تعيين بيلوسوف إلى رغبة بوتين في السيطرة عن كثب على الإنفاق الدفاعي الروسي القياسي البالغ 10.8 تريليون روبل (118.5 مليار دولار) - ومسؤول مطواع وجاد للقيام بذلك، وفقا للأشخاص الذين يعرفونه.

وقال شخص يعرف بوتين وبيلوسوف منذ عقود: "إنه غير فاسد على الإطلاق. وهذا سيكون مختلفا جدا عما لدينا الآن في وزارة الدفاع. كان شويغو وكل من حوله رجال أعمال حقًا". 

وأضاف المصدر ذاته: "بيلوسوف [...] لن يتظاهر بقيادة الجيش مثل جنرال بكل هذه الأوسمة. إنه مدمن عمل. إنه تكنوقراط. إنه صادق جدا، وبوتين يعرفه جيدا".

بدوره، صرح مسؤول سابق كبير في الكرملين: "هو ليس غبيا. لديه عقل رياضي، لكن عقليته سوفيتية إلى حد ما. لديه هذه الفكرة السخيفة عن الإنصاف. إذا حقق شخص ما الكثير من المال، فعليك أخذه منه. إنه أشبه قليلا بالصين بالنسبة لأذواقي".

"تنظيف وزارة الدفاع"

ورحب الكثيرون في مجتمع "مدوني Z" والمراسلين الحربيين المؤيدين للكرملين في وسائل الإعلام الحكومية، والذين انتقدوا بانتظام الفساد في الجيش خلال العام الأول من الحرب وألقوا باللوم في الكثير من إخفاقات روسيا على الجبهة على سوء الإدارة، بأنباء تعيين بيلوسوف.

وأشاد هؤلا المعلقين بـ"خبرته الاقتصادية، وقدموه كشخصية ستنظف وزارة الدفاع".

وكتب مراسل الحرب الروسي يوري كوتينوك على تطبيق التواصل الاجتماعي تيليغرام: "سيجري بيلوسوف مراجعة لكامل الكتلة المالية والاقتصادية لوزارة الدفاع"، مضيفا "إنه يتقن هذا أكثر من جيد. اقتصادي محترف من الدرجة الأولى... وداعم للدولة".

بدوره، قال قسطنطين مالوفييف، وهو ملياردير مسيحي أرثوذكسي متدين يدعم الوحدات المتطوعة التي تقاتل في أوكرانيا، إن وجهات نظر بيلوسوف الداعمة للدولة تعني أن الكرملين سيحقق نجاحا أكبر في إنتاج الأسلحة للحرب في أوكرانيا.

وكتب مالوفييف على تيليغرام: "أصبح قطاع الدفاع أولوية مطلقة لكل سياسات الدولة. كما ينبغي أن يكون. ومع التخطيط الصحيح، الذي يدعمه وزير الدفاع الجديد لدينا، سيكون لدينا كل من المدافع والزبدة"، في إشارة إلى قدرته على تحقيق نجاح في إنتاج الأسلحة للحرب مع الحفاظ على النجاح الاقتصادي.
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وزارة الدفاع وزیر الدفاع

إقرأ أيضاً:

الكرملين لا يستبعد لقاء بوتين وترمب.. روسيا تشترط استبعاد أوكرانيا من الناتو للتسوية

البلاد (موسكو)
في أحدث تصريحات تعكس تمسك موسكو بمواقفها الصلبة تجاه الحرب في أوكرانيا، حدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شرطين أساسيين لأي تسوية محتملة للنزاع المستمر منذ أكثر من عامين، مؤكدًا أن روسيا لن تتنازل عنهما تحت أي ظرف.
وأوضح لافروف خلال مشاركته في منتدى”وسط المعاني” أن الشرط الأول يتمثل في ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ووقف أي توسّع للحلف نحو الشرق. أما الشرط الثاني فهو الاعتراف بالواقع الميداني على الأرض، في إشارة إلى الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ بدء الحرب، والتي باتت تُدرجها في دستورها كأراضٍ روسية.
وقال الوزير الروسي:” نصرّ على مطالبنا المشروعة، أي ضمان أمننا القومي. لقد توسع الناتو فعليًا حتى حدودنا رغم جميع التعهدات السابقة”. وأضاف أن روسيا “تخوض للمرة الأولى في تاريخها معركة بمفردها ضد الغرب بأسره”، مشددًا على أن هزيمة الأعداء تمثل أولوية قصوى في هذه المرحلة.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إن أوكرانيا لم تقدم بعد أي رد على اقتراح روسي يتعلق بإنشاء ثلاث مجموعات عمل لمعالجة قضايا تبادل الأسرى، تشمل الجوانب السياسية والعسكرية والإنسانية. وأوضح أن روسيا لا تزال بانتظار موقف رسمي من كييف بهذا الشأن، رغم انتهاء الجولة الثالثة من المحادثات في إسطنبول يوم 23 يوليو، والتي اقتصرت نتائجها على اتفاق مبدئي لتبادل الأسرى.
وأعادت روسيا التأكيد على أن مسارها المفضل هو الحل السياسي والدبلوماسي، متهمةً أوكرانيا والدول الغربية بتقويض أي جهود نحو الحوار، وهو ما وصفه بيسكوف بأنه السبب المباشر لاستمرار العمليات العسكرية.
من جانبها، شددت البعثة الروسية لدى الاتحاد الأوروبي على أن أي تسوية للنزاع لن تكون ممكنة دون اعتراف بروكسل بالأسباب الجذرية للصراع، محملةً الاتحاد مسؤولية تأجيجه. وقالت في بيان إن على الأوروبيين التخلي عن”نهج المواجهة”، والاعتراف بالواقع السياسي والميداني القائم.
يأتي ذلك في وقت صادقت فيه دول الاتحاد الأوروبي على الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات ضد موسكو، والتي وُصفت بأنها من أشد العقوبات المفروضة حتى الآن. وردًا على ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الغرب يسعى إلى “احتواء وإضعاف روسيا”، واصفًا هذه الإستراتيجية بـ”الفاشلة”، مشيرًا إلى أن العقوبات تلحق أضرارًا بالاقتصاد العالمي برمته، وليس فقط بروسيا.
وفي تطور لافت، لم يستبعد الكرملين إمكانية عقد لقاء بين بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على هامش زيارة مرتقبة للرئيس الروسي إلى الصين في سبتمبر المقبل بمناسبة الذكرى الـ80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية. وأوضح بيسكوف أن اللقاء مرهون بتواجد الزعيمين في الصين في ذات التوقيت.

مقالات مشابهة

  • الصين تعلن إجراء مناورات عسكرية مع روسيا في هذا الموعد
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • بعد زلزال روسيا المدمر.. هيئة الإذاعة اليابانية: تسونامي يصل إلى شمال جزيرة هوكايدو
  • وزير الاقتصاد والتخطيط: نظام الإحصاء مرحلة نوعية في مسيرة التحول الإحصائي
  • وزير دفاع إسرائيل: حماس لن تحدد مستقبل غزة.. وجيشنا سيبقى داخل القطاع
  • الكرملين لا يستبعد لقاء بوتين وترمب.. روسيا تشترط استبعاد أوكرانيا من الناتو للتسوية
  • القاهرة وبكين.. تحالف اقتصادي يصوغ خريطة النفوذ الجديد
  • وزير دفاع إسرائيل: نستعد لمفاجأة إيران مرة أخرى في المستقبل
  • كيف ضمن المشرع حقوق المستمثر في القانون ؟
  • جهاز لوحي ذكي بسعر اقتصادي.. شاومي تنافس بـ تابلت Redmi Pad 2 الجديد