لجريدة عمان:
2025-07-12@15:26:10 GMT

إلى متى يمكن أن تظل اليابان ملاذًا للصينيين؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

الحرائق مشتعلة في الشرق الأوسط. وهنالك حرب في أوروبا. وأمريكا مضطربة. ولحسن الحظ، أنا الآن في اليابان (تاريخ المقال 3 مايو) حيث يدنو موسم تفتح أزهار الكرز من نهايته بلطف.

من الواضح أن فكرة اليابان كملاذ في الأوقات المضطربة خطرت في بال قلة أخرى من الناس. البليونير جاك ما، مؤسس شركة علي بابا، انتقل إليها بعدما فقد حظوته في بلده الصين.

وعقب وصولي بفترة قصيرة إلى طوكيو مررت بالأوليغارشي الروسي الأكثر تعرضا للعقوبات رومان إبراموفيتش في شارع جانبي بمنطقة التسوق الراقية «اوموتيساندو». رأيته لبرهة لكن من الصعب أن تخطئ عيناي ملامح وجهه القلق وغير الحليق.

ليس أصحاب البلايين فقط هم الذين قرروا، بعد وضع كل شيء في الاعتبار، أن اليابان تبدو رهانا جيدا في الوقت الحاضر. فهي تشهد ازدهارا سياحيا مع مجيء السياح الذين اجتذبهم اليَنُّ الرخيص (بلغ مؤخرا أدنى قيمة له خلال 34 عاما) وكذلك الطعام والثقافة والتسوق.

يُلقِي المستثمرون أيضا نظرة جديدة. لقد اعتبرت زيارة المستثمر الأسطوري وارن بافيت إلى اليابان في العام الماضي مباركة لها (كمقصد استثماري). وارتفع مؤشر نيكاي للأسهم بحوالي 30% خلال فترة الـ12 شهرا الماضية متجاوزا أخيرا المستوى الذي بلغه عام 1989 في ذروة سنوات الفقاعة.

أنعشت تلك اللحظة الرمزية الأمل بأن الاقتصاد الياباني بعد 30 عاما من السبات بدأ يتحرك أخيرا.

انكماش الفقاعة اليابانية حدث في حوالي نفس الوقت الذي فتحت فيه الصين أبوابها للاستثمار الأجنبي. ويمكن ربط ركود اليابان اللاحق الذي استمر لثلاثين عاما بازدهار الأعوام العشرة المعاصر له في الصين مع هجرة الحماس غير العقلاني (الذي يدفع إلى ارتفاع الأصول المالية دون مبرر) من طوكيو في سنوات الثمانينات إلى هونج كونج وشنغهاي. لكن الآن مع تصاعد المخاوف حول مستقبل الصين وهونج كونج تعود عوامل الجذب في اليابان مرة أخرى إلى المشهد.

الشركات الأمريكية مثل مايكروسوفت وأوراكل وميكرون وبلاكستون كلها زادت استثماراتها في اليابان مؤخرا. ومسؤولو الشركات الأمريكية الذين يشعرون بالقلق من نقل أسرهم إلى الصين أو حتى سفرها إلى هناك ليست لديهم مثل هذه التحفظات تجاه اليابان.

يظل الحصول على القوة العاملة المطلوبة مشكلة في اليابان لأن سكانها تتقلص أعدادهم ويشيخون والهجرة إليها متواضعة ولا يشجعون عليها هناك. لكن القدرة التقنية لليابان وقاعدتها الصناعية وبنيتها التحتية ومدخراتها الضخمة تظل أصولا متينة.

هذا العام افتتحت شركة تي اس ام سي التايوانية وهي أكبر شركة في العالم لصناعة أشباه الموصلات أول مصنع لها في اليابان. كما أعلنت عن خطط لافتتاح مصنع ثانٍ. ويأمل اليابانيون في انتعاش صناعة أشباه الموصلات في بلدهم مع تحولهم إلى جزء مفتاحي من سلسلة التوريد التي تتجنب الصين.

أيضا القلق من مستقبل الصين يفيد الصناعات الخدمية اليابانية. لقد افتتحت مؤخرا مدرستان بريطانيتان مرموقتان هما مالفيرن ورجبي فروعا لها في اليابان. ومن المرجح أن يأتي العديد من طلابهما الجدد من الصين. كما يتزايد حرص المستثمرين الصينيين على شراء عقارات في طوكيو.

لكن القلق بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني وتصاعد التوترات الجيوسياسية بين بكين والغرب ليسا في صالح اليابان. فالصين أيضا سوق ضخمة للشركات اليابانية. وتباطؤ الاقتصاد الصيني سيعني مبيعات أقل. وتعتبر شركات يابانية عديدة الحديث عن «فك الارتباط» بالصين حماقة تجارية وتهديدا لمستقبلها.

الصين أيضا قاعدة إنتاج كبرى للشركات اليابانية. وإذا قررت الولايات المتحدة وأوروبا نصب حواجز حمائية أمام تصدير السيارات الكهربائية التي تصنعها الصين ستتضرر شركة نيسان اليابانية وأيضا الشركات الوطنية الصينية مثل «بي واي دي.»

من الواضح هنالك فرص لليابان في فكرة نقل الإنتاج إلى بلدان الأنظمة الديمقراطية الصديقة. وهي الفكرة التي تروج لها الولايات المتحدة. لكن اليابانيين يعلمون أيضا أن الأمريكيين يمكن أن يكونوا أصحاب أهواء متقلبة، خصوصا عندما تقترب الانتخابات. فمساعي شركة الصلب اليابانية «نيبون ستيل» للاستحواذ على شركة «يو اس ستيل الأمريكية» تعرقلها في الوقت الحاضر إدارة بايدن.

وإذا عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في العام القادم من المحتمل أن تصبح الولايات المتحدة أكثر حمائية وتقلبا. ذلك الاحتمال أصبح الآن الشغل الشاغل إلى حد الهوس في طوكيو. بل هنالك كلمة يابانية واحدة هي «موشيتورا» وترجمتها «ماذا إذا فاز ترامب؟» وكلمة «تورا» يمكن أن تعني أيضا «النمر.»

إذا كانت الولايات المتحدة تبدو متقلبة ومثيرة للقلق فالصين تبدو مخيفة عندما ينظر لها من اليابان. فبناء القدرات العسكرية الذي لا هوادة فيه خلال العشرين سنة الماضية يعني أن بكين الآن لديها أكبر قوة بحرية في العالم.

كما لدى اليابان والصين أيضا نزاع قائم حول تبعية بعض الجزر. والسفن الصينية تواصل مضايقة اليابانيين حول هذه الجزر التي تعرف باسم سينكاكوس في اليابان.

تمثل رد اليابان في زيادة إنفاقها الدفاعي واقترابها أكثر من الولايات المتحدة. لكن في أوساط المختصين بشؤون الأمن القومي يوجد إحساس بأن هنالك تهديدا يتشكل.

يقول أحد المسؤولين إن اليابان تواجه بيئة أكثر خطورة من أي بلد آخر في مجموعة السبع لأن الصين وروسيا وكوريا الشمالية جيرانها الأقرب.

يحب اليابانيون القول بأن أزهار الكرز جميلة لأنها سريعة الزوال. لدي نفس الشعور إزاء اللحظة الراهنة في اليابان. علينا أن نستمتع بوضعها الحالي كملاذ من متاعب العالم. فمن غير المرجح، للأسف، أن يدوم إلى الأبد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الیابان

إقرأ أيضاً:

هل يحصل الناشط محمود خليل على 20 مليون دولار تعويضًا عن احتجازه في الولايات المتحدة؟

طالب محمود خليل، الناشط المؤيد للقضية الفلسطينية والطالب في جامعة كولومبيا، الحكومة الأمريكية بتعويض قدره 20 مليون دولار، بسبب ما وصفه باحتجازه بشكل تعسفي وخضوعه لإجراءات قانونية بدوافع سياسية، وذلك بعدما أمضى أكثر من 100 يوم رهن احتجاز سلطات الهجرة. اعلان

ووفقًا لمحاميه، فإن الدعوى رُفعت ضد وزارتي الأمن الداخلي والخارجية بموجب قانون المطالبات الفيدرالي الذي يتيح للمواطنين تقديم مطالبات مالية ضد الحكومة قبل التوجه إلى المحاكم.

وأشار خليل في تصريحات لوكالة رويترز إلى أن هدفه من هذه الخطوة هو الدفع نحو التزام رسمي من السلطات الأمريكية بعدم اتخاذ إجراءات قانونية أو إدارية ضد أفراد على خلفية آرائهم السياسية، لاسيما المتعلقة بالصراع في الشرق الأوسط. وقال: "آمل أن يشكّل ذلك رسالة واضحة بأن التضييق على الحريات الشخصية لا يمكن أن يمر دون مساءلة".

من جانبه، اعتبر متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي أن المطالبة "لا أساس لها"، مؤكدًا أن السلطات تصرّفت ضمن صلاحياتها القانونية في ما يخص احتجاز خليل.

يطلب محمود خليل تعويضًا قدره 20 مليون دولار .

وتجدر الإشارة إلى أن القضية أثارت اهتمامًا واسعًا بين المنظمات الحقوقية، خاصة بعد صدور حكم من القاضي الفيدرالي مايكل فاربيارز ينص على أن احتجاز خليل يمسّ بحقوقه الدستورية في حرية التعبير.

وتزامن ذلك مع تقارير صحفية، أبرزها تحقيق لمجلة "بوليتيكو"، كشفت فيه أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية السابقة استخدموا قاعدة بيانات إلكترونية مثيرة للجدل بهدف تتبع أكاديميين وطلبة شاركوا في أنشطة سياسية أو عبروا عن مواقف متعلقة بالقضية الفلسطينية.

Relatedالسلطات الأمريكية تعتقل الناشط محمود خليل قائد الحراك الطلابي المناصر لفلسطين في جامعة كولومبيا "لن يكون الأخير".. ترامب يعلّق على اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل زوجة الطالب الفلسطيني محمود خليل تصف اعتقاله بأنه اختطاف سياسي بسبب مواقفه

وتضمن التقرير الإشارة إلى دور منصة كناري ميشن الإلكترونية في جمع وتحليل بيانات نحو 100 طالب وباحث دولي، تم استهداف بعضهم بإجراءات إدارية مثل إلغاء التأشيرات أو الترحيل.

وتشير القضية إلى تطور جديد في النقاش الدائر حول التوازن بين الأمن القومي وحرية التعبير في الولايات المتحدة، وسط تزايد الجدل بشأن ممارسات الجهات الأمنية تجاه الأفراد المنخرطين في أنشطة أكاديمية أو حقوقية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عجز الموازنة يتفاقم في الولايات المتحدة رغم إيرادات الرسوم الجمركية
  • الولايات المتحدة تعتقل إيرانيًا بتهمة انتهاك العقوبات
  • لا سند و لا ملاذ.. ابنة أحمد راتب تحيي ذكراه بكلمات مؤثرة
  • هل يحصل الناشط محمود خليل على 20 مليون دولار تعويضًا عن احتجازه في الولايات المتحدة؟
  • إيران تعليقاً على العقوبات الأمريكية بحق ألبانيز: نفاق سافر والحقيقة لا يمكن قمعها
  • إسرائيل تدعو الولايات المتحدة لاستئناف ضرباتها على الحوثيين
  • قرار قضائي جديد بشأن منح الجنسية الأميركية للمولودين في الولايات المتحدة
  • رئيس الوزراء يثمن الدور المحوري الذي تقوم به الصين في دعم جهود التنمية في مصر
  • الولايات المتحدة تضع "ألبانيز" على قائمة العقوبات
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على المقررة الأممية ألبانيز