لجريدة عمان:
2025-05-25@07:15:21 GMT

إلى متى يمكن أن تظل اليابان ملاذًا للصينيين؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

الحرائق مشتعلة في الشرق الأوسط. وهنالك حرب في أوروبا. وأمريكا مضطربة. ولحسن الحظ، أنا الآن في اليابان (تاريخ المقال 3 مايو) حيث يدنو موسم تفتح أزهار الكرز من نهايته بلطف.

من الواضح أن فكرة اليابان كملاذ في الأوقات المضطربة خطرت في بال قلة أخرى من الناس. البليونير جاك ما، مؤسس شركة علي بابا، انتقل إليها بعدما فقد حظوته في بلده الصين.

وعقب وصولي بفترة قصيرة إلى طوكيو مررت بالأوليغارشي الروسي الأكثر تعرضا للعقوبات رومان إبراموفيتش في شارع جانبي بمنطقة التسوق الراقية «اوموتيساندو». رأيته لبرهة لكن من الصعب أن تخطئ عيناي ملامح وجهه القلق وغير الحليق.

ليس أصحاب البلايين فقط هم الذين قرروا، بعد وضع كل شيء في الاعتبار، أن اليابان تبدو رهانا جيدا في الوقت الحاضر. فهي تشهد ازدهارا سياحيا مع مجيء السياح الذين اجتذبهم اليَنُّ الرخيص (بلغ مؤخرا أدنى قيمة له خلال 34 عاما) وكذلك الطعام والثقافة والتسوق.

يُلقِي المستثمرون أيضا نظرة جديدة. لقد اعتبرت زيارة المستثمر الأسطوري وارن بافيت إلى اليابان في العام الماضي مباركة لها (كمقصد استثماري). وارتفع مؤشر نيكاي للأسهم بحوالي 30% خلال فترة الـ12 شهرا الماضية متجاوزا أخيرا المستوى الذي بلغه عام 1989 في ذروة سنوات الفقاعة.

أنعشت تلك اللحظة الرمزية الأمل بأن الاقتصاد الياباني بعد 30 عاما من السبات بدأ يتحرك أخيرا.

انكماش الفقاعة اليابانية حدث في حوالي نفس الوقت الذي فتحت فيه الصين أبوابها للاستثمار الأجنبي. ويمكن ربط ركود اليابان اللاحق الذي استمر لثلاثين عاما بازدهار الأعوام العشرة المعاصر له في الصين مع هجرة الحماس غير العقلاني (الذي يدفع إلى ارتفاع الأصول المالية دون مبرر) من طوكيو في سنوات الثمانينات إلى هونج كونج وشنغهاي. لكن الآن مع تصاعد المخاوف حول مستقبل الصين وهونج كونج تعود عوامل الجذب في اليابان مرة أخرى إلى المشهد.

الشركات الأمريكية مثل مايكروسوفت وأوراكل وميكرون وبلاكستون كلها زادت استثماراتها في اليابان مؤخرا. ومسؤولو الشركات الأمريكية الذين يشعرون بالقلق من نقل أسرهم إلى الصين أو حتى سفرها إلى هناك ليست لديهم مثل هذه التحفظات تجاه اليابان.

يظل الحصول على القوة العاملة المطلوبة مشكلة في اليابان لأن سكانها تتقلص أعدادهم ويشيخون والهجرة إليها متواضعة ولا يشجعون عليها هناك. لكن القدرة التقنية لليابان وقاعدتها الصناعية وبنيتها التحتية ومدخراتها الضخمة تظل أصولا متينة.

هذا العام افتتحت شركة تي اس ام سي التايوانية وهي أكبر شركة في العالم لصناعة أشباه الموصلات أول مصنع لها في اليابان. كما أعلنت عن خطط لافتتاح مصنع ثانٍ. ويأمل اليابانيون في انتعاش صناعة أشباه الموصلات في بلدهم مع تحولهم إلى جزء مفتاحي من سلسلة التوريد التي تتجنب الصين.

أيضا القلق من مستقبل الصين يفيد الصناعات الخدمية اليابانية. لقد افتتحت مؤخرا مدرستان بريطانيتان مرموقتان هما مالفيرن ورجبي فروعا لها في اليابان. ومن المرجح أن يأتي العديد من طلابهما الجدد من الصين. كما يتزايد حرص المستثمرين الصينيين على شراء عقارات في طوكيو.

لكن القلق بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني وتصاعد التوترات الجيوسياسية بين بكين والغرب ليسا في صالح اليابان. فالصين أيضا سوق ضخمة للشركات اليابانية. وتباطؤ الاقتصاد الصيني سيعني مبيعات أقل. وتعتبر شركات يابانية عديدة الحديث عن «فك الارتباط» بالصين حماقة تجارية وتهديدا لمستقبلها.

الصين أيضا قاعدة إنتاج كبرى للشركات اليابانية. وإذا قررت الولايات المتحدة وأوروبا نصب حواجز حمائية أمام تصدير السيارات الكهربائية التي تصنعها الصين ستتضرر شركة نيسان اليابانية وأيضا الشركات الوطنية الصينية مثل «بي واي دي.»

من الواضح هنالك فرص لليابان في فكرة نقل الإنتاج إلى بلدان الأنظمة الديمقراطية الصديقة. وهي الفكرة التي تروج لها الولايات المتحدة. لكن اليابانيين يعلمون أيضا أن الأمريكيين يمكن أن يكونوا أصحاب أهواء متقلبة، خصوصا عندما تقترب الانتخابات. فمساعي شركة الصلب اليابانية «نيبون ستيل» للاستحواذ على شركة «يو اس ستيل الأمريكية» تعرقلها في الوقت الحاضر إدارة بايدن.

وإذا عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في العام القادم من المحتمل أن تصبح الولايات المتحدة أكثر حمائية وتقلبا. ذلك الاحتمال أصبح الآن الشغل الشاغل إلى حد الهوس في طوكيو. بل هنالك كلمة يابانية واحدة هي «موشيتورا» وترجمتها «ماذا إذا فاز ترامب؟» وكلمة «تورا» يمكن أن تعني أيضا «النمر.»

إذا كانت الولايات المتحدة تبدو متقلبة ومثيرة للقلق فالصين تبدو مخيفة عندما ينظر لها من اليابان. فبناء القدرات العسكرية الذي لا هوادة فيه خلال العشرين سنة الماضية يعني أن بكين الآن لديها أكبر قوة بحرية في العالم.

كما لدى اليابان والصين أيضا نزاع قائم حول تبعية بعض الجزر. والسفن الصينية تواصل مضايقة اليابانيين حول هذه الجزر التي تعرف باسم سينكاكوس في اليابان.

تمثل رد اليابان في زيادة إنفاقها الدفاعي واقترابها أكثر من الولايات المتحدة. لكن في أوساط المختصين بشؤون الأمن القومي يوجد إحساس بأن هنالك تهديدا يتشكل.

يقول أحد المسؤولين إن اليابان تواجه بيئة أكثر خطورة من أي بلد آخر في مجموعة السبع لأن الصين وروسيا وكوريا الشمالية جيرانها الأقرب.

يحب اليابانيون القول بأن أزهار الكرز جميلة لأنها سريعة الزوال. لدي نفس الشعور إزاء اللحظة الراهنة في اليابان. علينا أن نستمتع بوضعها الحالي كملاذ من متاعب العالم. فمن غير المرجح، للأسف، أن يدوم إلى الأبد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الیابان

إقرأ أيضاً:

الرجل الخفي الذي يقرب واشنطن من أبوظبي ويقود الصفقات التريليونية.. من هو؟

في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة في الشرق الأوسط، تحولت العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة إلى شراكة استراتيجية شاملة حيث يبرز في هذا السياق رجل يهودي أمريكي يحمل الجنسية الإماراتية، يلعب دورًا حيويًا كحلقة وصل بين واشنطن وأبو ظبي، مساهماً في إتمام صفقات ضخمة تريليونات الدولارات.

في تقرير موسع نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، وتحت عنوان "الرجل السري: اليهودي المسؤول عن الصفقات الضخمة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة" كشف عن الدور المحوري لشخصية غير معروفة نسبيًا للجمهور لكنها حاضرة بقوة خلف كواليس أكبر الصفقات الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب التقرير أن المحامي اليهودي الأمريكي مارتي إيدلمان، المقرب من الرئيس دونالد ترامب وعائلة آل نهيان الحاكمة في أبو ظبي، هو العقل المدبر لهذه التحالفات والاستثمارات الضخمة التي تتجاوز قيمتها التريليونات.

ويذكر التقرير أن الرئيس الأمريكي عقب زيارته الأخيرة إلى الخليج عاد محملاً بسلة من الالتزامات الاستثمارية الكبرى، كان من بينها التزام سعودي ضخم ببرنامج استثماري في السوق الأمريكية بقيمة مئات المليارات، وطائرة فاخرة من قطر، وعرض ضوئي مهيب في برج خليفة بأبو ظبي، حيث أضاء البرج بالكامل بألوان العلم الأمريكي في مشهد يعكس عمق العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين.


لكن التفاصيل الحقيقية للصفقة الكبرى التي أبرمت في أبو ظبي كانت بعيدة عن هذا البهرج، حيث أوضحت يديعوت أحرونوت أن الصفقة تتعلق بتوسيع التعاون التكنولوجي والتجاري بين الإدارة الأمريكية والإمارات، مع تركيز خاص على مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في إطار عقد يمتد للعقد المقبل تبلغ قيمته الإجمالية حوالي 1.4 تريليون دولار.

المثير في الأمر، كما أشارت الصحيفة، هو أن هذه الاتفاقية تعزز موطئ قدم شركات الذكاء الاصطناعي المملوكة أو الممولة من صناديق إماراتية في السوق الأمريكية، من خلال تبادل المعلومات، وتطوير أنظمة الاستشعار، وإنشاء مرافق تصنيع بالشراكة مع كبرى الشركات مثل OpenAI، وأوراكل، وحتى شركات تتبع إيلون ماسك، وهذا التعاون أثار قلق خبراء الأمن القومي وأعضاء في الكونجرس الأمريكي، الذين يحذرون من احتمال تسرب معلومات حساسة إلى جهات خارجية.

وحسب مصادر من الجانبين الأمريكي والإماراتي، فقد كان الشرط الأساسي لتقدم الصفقة هو المشاركة الشخصية للمحامي اليهودي مارتي إيدلمان، الذي وصفته الصحيفة بأنه "الرجل الخفي الذي يحمل مفاتيح الغرفة التي تُتخذ فيها القرارات الحاسمة".

ويبلغ إيدلمان من العمر 83 عامًا، وهو محامٍ من نيويورك، مقرب من ترامب ومن كبار أفراد آل نهيان في الإمارات، ويحمل الجنسية الإماراتية، مما يجعله حلقة وصل فريدة بين الطرفين.

وأكدت يديعوت أحرونوت أن إيدلمان، الذي بدأ مسيرته كجندي في حرب فيتنام، ثم تحول إلى محامٍ متخصص في المعاملات العقارية الدولية، أصبح مستشارًا رئيسيًا لصناديق الاستثمار الإماراتية وأفراد العائلة المالكة، وبالأخص للرئيس محمد بن زايد وشقيقه طحنون بن زايد، المعروف بلقبه "الشيخ الجاسوس" ورئيس جهاز الأمن الإماراتي.


ويبرز التقرير كيف أن إيدلمان كان جزءًا من الفريق الاستراتيجي الذي ساعد الإمارات على الانتقال من دولة نفطية إلى دولة مبتكرة في مجال التكنولوجيا والاستثمار، حيث أصبح حارسًا لرأس المال الإماراتي الذي يقدر بنحو 1.7 تريليون دولار، يمثل حوالي 6 بالمئة من احتياطيات النفط العالمية.

من بين إنجازاته المهمة، حسب التقرير، مساهمته في صفقة استحواذ أبو ظبي على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم عام 2008، التي مثلت نقطة تحول في حضور الإمارات في المجال الرياضي العالمي، بالإضافة إلى دوره في افتتاح حرم جامعة نيويورك في أبو ظبي، وتسهيل صفقات ضخمة في مجال الرقائق الذكية مع شركات مثل إنفيديا.

وأكدت يديعوت أحرونوت أن إيدلمان استطاع بفضل علاقاته العميقة مع دوائر الحكم في واشنطن وأبو ظبي، بما في ذلك علاقته الوثيقة بصهر ترامب جاريد كوشنر، أن يبرز كوسيط رئيسي في تنفيذ اتفاقيات مثل اتفاقيات إبراهيم وتعزيز التعاون الاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج.

ومن الملفت أيضًا، أن إيدلمان هو من بين القلائل الذين منحوا الجنسية الإماراتية رغم كونه يهوديًا أمريكيًا، في خطوة تعكس مكانته المميزة في الدولة، حيث كانت الإمارات تمنح الجنسية للأفراد الذين قدموا "مساهمات استثنائية".


وفي الختام سلطت الصحيفة الضوء على الأهمية الاستراتيجية لإيدلمان في الزيارة الخليجية لترامب، حيث رافقه من وراء الكواليس، وحضر الاجتماعات التي ناقشت إنشاء مصانع الرقائق وتطوير مشاريع الطاقة مع شركاء إماراتيين وأمريكيين، مما يعكس حجم النفوذ الذي يتمتع به هذا "الرجل الخفي" في توجيه العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة وكندا تبحثان فرص التعاون بشأن التحديات العالمية المشتركة
  • الولايات المتحدة ترفع رسميا العقوبات عن سوريا
  • الولايات المتحدة غير مؤهلة أخلاقياً لتجريم الآخرين
  • الدبلوماسي العاري.. من هو المبعوث الأممي توم فليتشر الذي يقف في وجه إسرائيل؟
  • بسبب غزة وأوكرانيا.. بريطانيا تبتعد عن مسار الولايات المتحدة
  • التعدين في قاع البحار.. هل تستطيع الولايات المتحدة تحويله إلى واقع؟
  • ترامب يهدد بفرض رسم جمركي 25% على آبل ما لم تصنع هواتف آيفون في الولايات المتحدة
  • اليابان تجدد طلبها للولايات المتحدة الأمريكية بضرورة إلغاء الرسوم الجمركية
  • الصين توافق على بيع 10% من أكبر شركة إدارة أصول لديها لجهاز قطر للاستثمار
  • الرجل الخفي الذي يقرب واشنطن من أبوظبي ويقود الصفقات التريليونية.. من هو؟