لجريدة عمان:
2024-09-22@06:54:34 GMT

سلوفاكيا في لحظة فارقة

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

«تم إطلاق النار على فيكو». وصلتني هذه الرسالة النصية في إحدى محادثاتي الجماعية يوم الأربعاء بعد الساعة الثالثة مساءً بقليل. قمت بمتابعة الأخبار وأرسلت إلى أصدقائي وعائلتي لمعرفة ما يمكنني معرفته. كانت المعلومات شحيحة، وبدت العناوين الرئيسية مثل «إطلاق النار على روبرت فيكو بعد اجتماع الحكومة في هاندلوفا» حقيقة واقعة.

بلا شك فإن فيكو، رئيس وزراء سلوفاكيا، كان شخصية مثيرة للجدل. ولكن هل من الممكن أن يكون قد تم إطلاق النار عليه عدة مرات بعد ظهر أحد أيام الأسبوع في شهر مايو؟ لقد ظل طوال يوم الجمعة في المستشفى في حالة خطيرة لكنها مستقرة بعد خضوعه لعملية جراحية.

تشهد السياسة السلوفاكية استقطابا عميقا على نحو أدى إلى التراشق اللفظي وحتى العنف الجسدي. وقد تلقى الصحفيون والناشطون، خاصة النساء، تهديدات عبر الإنترنت. في عام 2016، تعرضتُ للهجوم وأنا في طريقي إلى المنزل من العمل. في عام 2022، قُتل رجلان بالرصاص خارج حانة في هجوم ربما كانت له دوافع سياسية. وفي الخريف الماضي، تشاجر وزيران سابقان في مؤتمر صحفي.

لكن خطاب الكراهية المنتشر يقتصر إلى حد كبير على شبكة الإنترنت، إلا أنّ ذلك أصبح أمراً طبيعياً، إذ يَعُدُّ القانونيون والناشطون والصحفيون أن ذلك هو ثمنٌ يُدفع للمشاركة في الحياة المدنية. وهنا نطمئن أنفسنا أنه في العادة فإنّ الذين يكتبون رسائل تهديد عبر الإنترنت ليسوا هم أنفسهم الذين ينفذونها.

وهذا لا يعني أن الجو العام لم يكن له تأثير على مسار السياسة، فقد صرّحت (زوزانا كابوتوفا) الرئيسة المنتهية ولايتها ومحامية الحقوق المدنية بأن التهديدات بقتلها وعائلتها ساهمت في قرارها بعدم الترشح مرة أخرى.

لكن أحدهم أطلق النار الآن على رئيس الوزراء. إذا رجعنا إلى الماضي، وجدنا أن خطاب الكراهية كان يتحول تدريجياً إلى العنف، ونحن، في هذه اللحظة الخطيرة، ننتظر لنرى ما سيأتي بعد ذلك. إما أن يؤدي الهجوم إلى اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الحكومة ويجعل الأمور أسوأ، أو سوف تتصدر الحكمة الموقف، وسنتوقف لنحاول إعادة تجميع أجزاء بلدنا الممزق مرة أخرى.

من الصعب المبالغة في تقدير حجم حضور فيكو في السياسة السلوفاكية، فهو عضو سابق في الحزب الشيوعي وعضو مؤسس في حزب سمير، الذي كان في بداياته حزبا من يسار الوسط، وتولى رئاسة الوزراء أربع مرات منذ عام 2006، ومن هنا بدأت علاقته مع وسائل الإعلام الرئيسية تسوء وتتدهور، بل كانت هناك مزاعم متكررة بالفساد، وقد طالب المتظاهرون المناهضون للفساد في عام 2016 باستقالته هو ونائبه ولكن دون جدوى.

ولكن يبدو أن مصرع الصحفي يان كوتشياك وخطيبته قتـلا بالرصاص في شقتهما في عام 2018 عندما كان كوتشياك في خضم تحقيق في قضية فساد سياسي، هو ما أدى إلى انقسام السياسة السلوفاكية. ومرة أخرى، طالبت مظاهرات واسعة النطاق، بعضها حمل المشنقة والتوابيت، برحيل فيكو. وقد نجحوا في ذلك الوقت.

بعد ذلك، ظل الرأي العام منقسمًا تقريبًا إلى معسكرين: معسكر مؤيد لفيكو، ومعسكر معارض. الأشخاص الذين كانوا مؤيدين لفيكو مالوا إلى الطبقة العاملة والقوميين، بينما كان المعارضون في الغالب أعضاء في النخب الليبرالية والأكثر ثراءً.

وعندما حاول فيكو العودة في الخريف الماضي، اعتنق وجهات نظر يمينية، على الرغم من أن حزبه لا يزال يقدم نفسه على أنه ديمقراطي اشتراكي، وقد فاز بسهولة.

لقد كان المناخ السياسي محموماً، خصوصا خلال الأشهر القليلة الماضية. منذ عودة فيكو إلى منصبه، شرع ائتلافه في محاولة مثيرة للجدل لاستبدال هيئة الإذاعة العامة، وقام بتفكيك هيئة مراقبة مكافحة الفساد، على الرغم من تحذيرات الاتحاد الأوروبي وتصاعد الاحتجاجات. في أبريل، أجرينا الانتخابات الرئاسية التي لم تترشح فيها كابوتوفا وفاز بها بيتر بيليجريني، حليف فيكو. ومن هناك بدأ بشكل شبه مباشر موسم الحملات الانتخابية لانتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو.

وبدا أن الانقسام يزداد مع كل انتخابات، وكل تجمع سياسي، وكل ملاحظة في الحملة الانتخابية التي أصبحت أقل اهتماما بالقضايا العامة والسياسة وأشبه بمعركة بين القوى الخارقة الشريرة والخيّرة. بل إنه في العام الماضي، وجه معارضو فيكو اتهاما له بأنه سيسلم البلاد إلى «المافيا». ورفعت كابوتوفا دعوى قضائية ضد السيد فيكو بعد أن أشار إلى أنها دمية أمريكية ومؤيدة لجورج سوروس.

ولكن حتى هذا الأسبوع، كان أغلبنا لا يزال يتصور أن هذه هي الطريقة التي نمارس بها السياسة الآن.

بعد ساعات قليلة من إطلاق النار، ظهرت لقطات فيديو، وتم التحقق على الفور من أنشطة وآراء المشتبه به على الإنترنت. افترض الجميع أن الأمر سياسي، وكانت إحدى النظريات التي تم تداولها أن « أن الرجل كان ليبراليًا تقدميًا». إنّ الدوافع الفعلية لا تزال غير واضحة، فيما وصف وزير الداخلية الهجوم بأنه «ذو دوافع سياسية» لكنه قال إن المشتبه به لا ينتمي إلى «جماعة متطرفة»، وعرّف اسمه بأنه جوراج سي.

بعد إطلاق النار، فقد بعض المشرعين أعصابهم واستمروا بالعمل بطريقتهم المعتادة، فقد صرخ نائب رئيس حزب «سمير» في وجه المشرعين المعارضين بأن «هذا خطأكم»، واتهم نائب آخر الصحفيين بالمسؤولية، وأعلن بداية حرب سياسية. ولحسن الحظ، دعت أصوات أخرى كثيرة إلى الوحدة والتوقف عن تأجيج أجواء الكراهية. وحث بيليجريني، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وآخرون على وقف الحملة الانتخابية لانتخابات الاتحاد الأوروبي.

نحن نعلم الآن أنه بينما نتحدث بلا كلل ولا ملل عن الصراع بين الخير والشر، ربما يصدّق شخص ما في مكان ما كلامنا، ويأخذه على محمل الجد.

ألينا كريمباسكا: مديرة البرامج في معهد حقوق الإنسان، وهو منظمة مناصرة مقرها في براتيسلافا، سلوفاكيا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إطلاق النار فی عام

إقرأ أيضاً:

اليونيسف: يجب وقف إطلاق النار بغزة لحماية الأطفال وإيصال الإغاثة

غزة - صفا

أكد نائب المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تيد شيبان، ضرورة الحاجة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووضع حد لاستهداف وتشويه الأطفال، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وحث المسؤول الأممي في تصريح صحفي الليلة، على ضرورة حماية الأطفال وتحسين تدابير الأمن، وإجراءات التشغيل بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، بالإضافة إلى تسهيل حركة الأطفال المنفصلين عن ذويهم.

وقال شيبان إن الوضع في قطاع غزة ساء بشكل كبير، حيث ارتفع عدد النازحين من 1.7 مليون إلى 1.9 مليون، لافتًا إلى تعرض المناطق التي كانت تعتبر آمنة في السابق للقصف، ولم يبق فيها ملجأ آمن.

وأشار إلى أن تراكم النفايات غير المعالجة والظروف غير الصحية، أدى إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض، وخاصة مع لجوء الأسر إلى الحفر في القمامة بحثا عن مواد الطهي.

وأفاد المسؤول الأممي، بانخفاض تدفق المساعدات الإنسانية بشكل كبير، حيث انخفضت عمليات دخول الشاحنات من 100 شاحنة يوميا في آب/أغسطس إلى 15 شاحنة فقط في أيلول/سبتمبربسبب المخاوف الأمنية، منوهًا إلى أن هذا أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية ونقص التنوع في الوجبات الغذائية.

وفي ذات السياق، حذر شيبان من "خطر ضياع جيل"، حيث فقد الأطفال شهورًا من التعلم في غزة، واستمرت الهجمات المدمرة على المدارس والمستشفيات ومواقع النازحين داخليًا، حيث استشهد أكثر من 14 ألف طفل، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

وبدعم أمريكي، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل "إسرائيل" حرب الإبادة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • «قمة المستقبل».. لحظة تاريخية فارقة
  • لحظة إطلاق شــاب الرصـاص على فتاة لرفضها الزواج منه.. فيديو
  • مندوبة سويسرا لدى مجلس الأمن: يجب تحقيق وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين
  • مندوبة سويسرا لدى مجلس الأمن: يجب وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات
  • وول ستريت جورنال: لا وقف لإطلاق قبل رحيل بايدن
  • «بايدن»: نعمل على الوصول لحل لوقف إطلاق النار في غزة
  • لحماية أطفال غزة.. منظمة اليونيسف تدعو لوقف إطلاق النار فوراً
  • اليونيسف: يجب وقف إطلاق النار بغزة لحماية الأطفال وإيصال الإغاثة
  • صدمة أمريكية تجاه وقف إطلاق النار في غزة
  • عاجل| تصريح مهم لـ حماس بشأن إتفاق وقف إطلاق النار في غزة