رفح الفلسطينية والمصرية فرقتهما الحدود وجمعتهما المجازر
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
استبشر الناس خيرا بصدور قرار محكمة العدل الدولية، بإدانة الكيان الصهيوني، وإيقاف الحرب في غزة، وبخاصة في رفح، ولكن هيهات للكيان أن يستجيب أو يرعوي، لمن يقف منطقهم عند الكلام والإدانة، ما لم يتعد ذلك الأفعال القوية التي تكبح جماحه، وتنهي غروره وعدوانه.
فبعد القرار مباشرة، ارتكب مجزرة ومحرقة كبرى في خيام اللاجئين من أهل رفح، وظل الناس يبحثون عن سبب وراء فعلته الشنيعة، وكأن أفعاله دائما معقولة، أو مبررة، أو لها كتالوج نبحث فيه لنرى سببا لما يفعل، وكأن كل ما يجري من عدوان كان له سبب، أو مبرر.
سنوات طويلة، يبذلها الكيان الصهيوني، والصهاينة العرب، بحكام متواطئين تواطئا غير مسبوق، لتغيير عواطف ومشاعر الشعوب، وبخاصة الشعب المصري، وكلها تبوء بالفشل، والأحداث المتوالية خير مخبر عن ذلكوإن كان عدوانه غير مسبب، ومدى إجرامه غير مدفوع بمنطق، إلا أنه في تصوري ما قام به لو لاحظنا التوقيت، فقد جاء بعد إعلان المقاومة عن أسرى جدد، دخلوا إلى مناطق في رفح، طامعين في استرداد بعض الأسرى، فإذ بهم يقعون بين قتلى وجرحى وأسرى، ووجود أسرى جدد ـ أيا كان عددهم، ولو كان واحدا ـ مسألة تكسر أنف الكيان ونتنياهو وعصابته، فرغم كل ما يقوم به، إلا أن أهل غزة قادرون على الصمود، وقادرون على تحسين شروط التفاوض.
أراد نتنياهو الذهاب إلى تفاوض جديد، استجابة للضغوط الداخلية فقط، لكنه أراد قبله جلب المفاوضين بمجزرة، تنزل بسقف طموحاتهم، ولكن حدث العكس، فكان قبل الحدث ما رفع من معنويات الجميع، داخل غزة وخارجها، وعلى مستوى العالم الإسلامي والإنساني، ولم تزد جريمة حرق الخيام الكيان سوى انحطاطا، وخسارة على مستوى النخب والشعوب.
كل ذلك والجارة الكبرى مصر، التي لم تكن يوما تنفصل عن هموم هذا الجار، في غياب تام، ولم يدر القائمون على السلطة في مصر ـ السيسي ومن معه ـأن مثل هذه النيران، لا تقف ألسنة لهبها عند رفح الفلسطينية، فرفح قسمان: فلسطيني ومصري، قسم بينهما سايكس بيكو، وفرط فيها الحكم العسكري، الذي ادعى عند قيامه سنة 1952م أن من أسباب قيامه بانقلاب يوليو: احتلال فلسطين، والأسلحة الفاسدة، ليتحول الحال من الأسلحة الفاسدة إلى أنظمة فاسدة تفسد في جيوش الأمة.
منذ المجند الشهيد محمد صلاح، وما تلاه وما سبقه، كلها توضح أن ما فرقته السياسة الجائرة في الحدود، والأنظمة المتواطئة، توحده عوامل أخرى، إضافة للدين والعروبة، والإنسانية، يأتي على رأسها: استحلال العدو لدماء الجميع، سواء كنت في رفح الفلسطينية، أو المصرية.ذكر الشيخ القرضاوي رحمه الله في مذكراته، أنه وقف مرة على الحدود بين رفح المصرية والفلسطينية يوما ما، ووضع قدما في رفح المصرية، والأخرى في الفلسطينية، وقتها لم تكن هناك أشواك وحواجز، وجدر عالية تمنع الأخ من غوث أخيه، بل كانت أراضي مفتوحة، يجمع بينها الإسلام، والعروبة، والجوار، والعيش المشترك لقرون عدة.
ما تم في رفح الفلسطينية انتقل بشكل جزئي إلى رفح المصرية، فتم اعتداء قوات الكيان الصهيوني على جنود مصريين على الحدود، واستشهاد شخصين حتى الآن، وجرح آخرين، وكعادة مثل هذه الأخبار، والتي تبلغ المهانة فيه مبلغا كبيرا من الجاني والمتواطئ معه في النظام المصري، يعلم الشعب بالخبر من إعلام الصهاينة، ويظل الناس منتظرين ما يبل ريقهم بخبر يعلن الحقيقة، فتكون صيغة الخبر مهينة في الصياغة، باعتبار الشهيد: أحد عناصر تأمين الحدود!
جاء هذا الحدث، ليزيد من غضب الشعب المصري، والذي كان يبكي الليلة السابقة للعدوان على الجنود المصريين، ما يحدث مع إخوانه في الخيام في رفح، وفي ظل صمت دولي عن غل يد المجرم، بل برز غل الأيدي للمتعاطفين مع رفح، فقامت وسائل التواصل الاجتماعي بتقييد النشر كالعادة، أو الحديث عن حرق الخيام في رفح، وهو نفس التعتيم والتضليل الذي حدث مع شهداء الجيش على الحدود، ليقول الحدث في رفح المصرية والفلسطينية بكل وضوح: أن المصير واحد، فلا أمان لرفح المصرية، ما دام العدوان ينكل بالفلسطينية، وأن أمان الجار لا يكون على حساب الاعتداء على حرمات جاره.
سنوات طويلة، يبذلها الكيان الصهيوني، والصهاينة العرب، بحكام متواطئين تواطئا غير مسبوق، لتغيير عواطف ومشاعر الشعوب، وبخاصة الشعب المصري، وكلها تبوء بالفشل، والأحداث المتوالية خير مخبر عن ذلك، منذ المجند الشهيد محمد صلاح، وما تلاه وما سبقه، كلها توضح أن ما فرقته السياسة الجائرة في الحدود، والأنظمة المتواطئة، توحده عوامل أخرى، إضافة للدين والعروبة، والإنسانية، يأتي على رأسها: استحلال العدو لدماء الجميع، سواء كنت في رفح الفلسطينية، أو المصرية.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة رفح مصر الفلسطينية احتلال مصر احتلال فلسطين غزة مجازر مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی رفح الفلسطینیة رفح المصریة فی رفح
إقرأ أيضاً:
شنيكات: الأمن المصري يمتد لغزة وسوريا وإثيوبيا.. وتصفية القضية الفلسطينية خطر على المنطقة
قال الدكتور خالد شنيكات، أستاذ العلوم السياسية، إن إسرائيل تواجه ضغوطًا دولية متزايدة وتحاول عبر إعلامها العبري ومسؤوليها التنصل من مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة من دمار وقتل، عبر توجيه الاتهامات إلى دول عربية، سواء بشكل فردي مثل مصر والأردن، أو بشكل جماعي للدول العربية، وكأنها شريكة في المأساة الإنسانية المتفاقمة.
الأوضاع في غزةوأضاف شنيكات، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية أمل الحناوي ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الأمن القومي المصري لا ينحصر داخل حدود الدولة فقط، بل يمتد إلى غزة وسوريا ويصل إلى إثيوبيا وربما أبعد من ذلك، وهو ما يفسر حرص مصر والأردن على استقرار الأوضاع في غزة ورفض سيناريوهات التهجير التي تهدد الأمن الإقليمي برمّته.
وأشار إلى أن الاتهامات المتكررة التي يوجهها الإعلام العبري للدول العربية، بزعم مشاركتها إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية، لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن الموقف العربي كان وما زال واضحًا قبل وبعد 7 أكتوبر، ويتركز على أن الحل الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار هو إقامة دولة فلسطينية، لأن القضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة بل تمتد لعقود من النضال والمعاناة.