هل كان الأجدر بالإنسانية أن تتطور؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
إسماعيل بن شهاب البلوشي
لعله سؤالٌ في منتهى الغرابة، ومع ذلك دعونا اليوم نذهب إلى العمق الذي يمكن أن نصل إليه في العلاقة المطردة ما بين التطور والمصلحة البشرية كما تسميه تطور.
لو عدنا إلى أكثر من 1000 عام من اليوم وقُدِّر لنا أن نتحدث مع إنسان ذلك الزمان الذي يحدثنا عن يومياته وطموحه ووسيلة نقله وطعامه وكيف يعدّه، وهل يمكن أن نتصور أنه يمكنه الحديث عن الطائرات والسيارات ووسائل الاتصال مؤكدًا لا، وبما أنه لا يعرفها ومتعايش وبمتعة مطلقة على ما هو عليه فهل أن لما ذكرنا حاجة أو ضرورة ومرة أخرى لا، فلقد كتبوا الشعر وافتخروا بما لديهم من مهارة وقوة وخبرة تناسب زمانهم؛ بل إن حياتهم ويومياتهم أكثر متعة لو قارنها بزمان اليوم الأكثر افتراضيًا مما هو واقع، وكذلك فهل أن التطور الذي نعيش لم يأتِ بسلبيات مسايرة لإيجابياتٌ لا يمكن حصرها، ولو تصورنا أن الحياة تبدأ بقاعدة عريضة لهرم وتصعد تطورًا، فهل أن المثلث في هذا الهرم مستمر في الالتقاء مع نقطة الصفر التي لا عودة عنها إذا أسقطنا عليه مستقبل البشر والصراعات والاختلافات والحروب.
نعم إن العالم شهد صراعات لا حصر لها ونعم في بعض من ملامح التاريخ قتل خلق كثير بنسبة وتناسب مع حجم الاختلاف وتعداد البشر في كل زمان ومع ذلك وإنه في الحرب العالمية الأولى فقدت الإنسانية 37 مليونًا من البشر وبعد 30 عامًا فقط أزهقت الحرب العالمية الثانية أرواح 60 مليونًا من البشر، وما بين العام 1945 إلى اليوم ما يقارب الثمانون عاماً وبمساحةٍ أكبر وبتطور علمي أنجزته البشرية فمن ناحية نعم إن الاتصال والطب ووسائل النقل وراحة السكن وغيرها تطور تطورًا مذهلًا ومع ذلك هل اكتفى الإنسان بذلك المضمار الإيجابي؟
فإذا كان حسابنا صحيحًا وإيجابيًا للبشرية فإن ذلك أمرٌ رائع أما إذا كان لذلك مسايرة لتطور مذهل في عالم السلاح الفتاك بشكل لا يمكن تخيله ولا حتى معرفة تفاصيله وأسراره في سباق محموم بين الدول.
فمن يستطيع تخيل ما يمكن أن يحدث للبشرية في حال نشوب حرب عالمية ثالثة وهي ليست ببعيدة فس حساب المعطيات في هذه المرحلة.
فإذا عدنا للإنسان الذي عاش قبل ألف عام من اليوم وأعدنا إليه السؤال بطريقة أخرى وقلنا له هل تريد أن تعود لحياة إنسان الغابة أو أنك تريد الحياة لما بعد ألف عام -بمعنى حياتنا اليوم؟
أعتقد جازمًا أنه سيختار حياته الفعلية، فكيف لي كعاقل لما يدور في الدنيا أن أهنأ بحياة مزورةً راحتها، ومبهم مستقبلها، السؤال الآخر من يقرر التطور هل هي فئة من البشر أو هي الحاجة أو أنها النقطة الأساسية وهي الصراع من أجل البقاء حتى لو أن لبعض السباق حتفًا للجميع ولا شك مطلقًا من أمر الخالق عز وجل.
سأترك للقاريء الكريم مجالًا آخر للحكم النهائي على تلك التداخلات المزعجة من خلال هذه التجربة حيث إن لي صديقًا عزيزًا مثقفًا بأعلى مستوى الثقافة وكذلك فإنه في حال ميسور إلى أبعد المستويات ونتبادل الحديث دومًا بشكل قد لا يرتاح إليه الكثير من الناس، ذكر لي أنه امتلك بيتًا في منطقة جبلية يذهب إليه للنزهة والراحة وكان كل يوم وبعد صلاة الفجر يمر من أمام منزله راعٍ يسير خلف غنمه ويعود عند الظهيرة، فراق له الأمر واستأذنه للذهاب معه فكان له ما أراد لم يكتفِ بمرة واحدة حيث إنه أحب الأمر وحمل بعض التمر والماء في حاوية تشبه حاوية الراعي فكانوا يقفون للراحة وشرب الماء وتذوق حبات التمر، فما هي النتيجة؟
نحن لم نتطور؛ بل إننا وبإرادتنا ضيقنا الخناق على أنفسنا ودخلنا سجنًا بإرادتنا، وأن لون الحياة الغني بالسعادة قرأناه في صورة التخلف، فهل تطورنا بالفعل ليقترب حتفنا، أم أنني أعيش رؤية مغايرة لا يُسايرني فيها الكثير، فلعل الأيام تجيب على تساؤلنا جميعًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الشفاء البطيء… سرّ جروح الإنسان التي تتحدى سرعة الطبيعة!
في اكتشاف علمي جديد قد يغير مفاهيمنا حول التطور البشري، أظهرت دراسة أن جروح البشر تلتئم ببطء يفوق ثلاثة أضعاف سرعة التئام الجروح في بعض الثدييات الأخرى، مثل الشمبانزي، هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول الأسباب التطورية وراء هذا الفارق الملحوظ، مما يثير تساؤلات علمية حول كيف ولماذا يختلف البشر عن باقي الأنواع في هذه العملية الحيوية.
وأظهرت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة Proceedings of the Royal Society، أن متوسط سرعة التئام الجروح عند البشر بلغ 0.25 ملم يومياً فقط، مقارنة بـ 0.61 ملم يومياً لدى قرود مثل الشمبانزي، والرباح، والمارموسيت أبيض الحلق، وقرود الفرفت.
وأُجريت التجارب عبر تخدير خمسة أفراد على الأقل من كل نوع من الرئيسيات غير البشرية، وحلاقة بقعة صغيرة من فرائها، ثم إحداث جرح دائري بقطر 40 ملم. عُولجت الجروح بمرهم مضاد حيوي وغُطيت بشاش لمدة يوم لمنع العدوى. جرى التقاط صور وقياسات منتظمة على مدى عدة أيام لتقييم سرعة الشفاء.
وفي المقابل، تم تحليل سرعة التئام الجروح لدى 24 مريضًا خضعوا لجراحات استئصال أورام جلدية في مستشفى جامعة ريوكيو اليابانية، حيث لوحظ بطء كبير في عملية الشفاء.
بدورها، قالت البروفيسورة أكيكو ماتسوموتو-أودا، من جامعة ريوكيو، إن بطء شفاء الجروح لدى البشر قد يكون ظاهرة تطورية حدثت بعد الانفصال عن السلف المشترك مع الشمبانزي، مرجّحة أن يكون ذلك ناتجًا عن فقدان الشعر الكثيف من الجسم.
وأوضحت: “قد يكون الشفاء البطيء نتيجة تغيرات تطورية مثل فقدان الفراء، إذ إن وجود شعر كثيف يزيد من عدد الخلايا الجذعية، مما يُعزز سرعة التئام الجروح”.
الدعم الاجتماعي كآلية تعويض
رغم بطء الشفاء الجسدي، رجّحت الدراسة أن الدعم الاجتماعي لدى البشر – مثل تبادل الغذاء، والرعاية، والتقدم الطبي– ساعد في تعويض هذا الضعف الطبيعي في القدرة على التئام الجروح.
وتسهم هذه النتائج في توسيع الفهم العلمي حول الفروقات البيولوجية بين البشر والحيوانات الأخرى، كما تفتح المجال لمزيد من الأبحاث في مجالات الطب التجديدي وعلاج الجروح المزمنة.
يذكر أن التئام الجروح هو عملية بيولوجية معقدة تتضمن سلسلة من التفاعلات بين الأنسجة والخلايا لإصلاح الأضرار التي تحدث بسبب الإصابات أو الجروح. هذه العملية تتكون من عدة مراحل رئيسية تشمل:
المرحلة الالتهابية: تبدأ فورًا بعد الإصابة، حيث يتجمع الدماء لتكوين جلطة توقف النزيف. كما يتم تنشيط الخلايا المناعية لمكافحة أي عدوى وتطهير الجرح. مرحلة النمو (البناء): في هذه المرحلة، تبدأ الخلايا في التوسع والتكاثر لإعادة بناء الأنسجة التالفة. الخلايا الجديدة تشكل الأنسجة الليفية التي تساعد في تعزيز الجرح وإغلاقه. مرحلة النضج (التعافي): تستمر الأنسجة في إعادة تنظيمها وتنضج حتى يستعيد الجرح قوته. قد يستغرق هذا الأمر وقتًا أطول، حيث تستمر الأنسجة الجديدة في تحسين قوتها ومرونتها.وبالنسبة للبشر، عملية التئام الجروح غالبًا ما تكون بطيئة مقارنة بأنواع أخرى من الثدييات مثل الشمبانزي، الذين يمتلكون آليات بيولوجية قد تساعدهم على الشفاء بشكل أسرع. العلماء يبحثون في الأسباب التطورية لهذا التفاوت، ما يفتح المجال لفهم أعمق حول كيفية تطور أنظمة الشفاء لدى مختلف الأنواع.