يقال: فلان حائط قصير، أي لا قيمة له ولا اعتبار، والكل يحتقره، ولا يأبه له، ولا يحترمه، ويقفز ويتطاول عليه، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب "مزنوق"، وعلى ذمة قاموس المعاني فالزُنق هو كلّ رباط في جلدة تحت الفكّ الأسفل من الدّابة يُشدّ إلى الرَّأس. أو سَير تحت الذقن يثبِّت الخُوذة في الرَّأس، ومزنوق هنا تعني أنه في ورطة وحيص بيص.
في لحظات الزنقة يتعمد الحكام الفاشلون اختلاق أزمات وأعداء خارجيين، ومنذ أسابيع وسلاح الجو الأمريكي يقصف كل زورق يمر بمحاذاة الشواطئ الفنزويلية، بزعم أن عصابات تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة تتخذ من فنزويلا نقطة انطلاق، وأن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو شخصيا يمارس الاتجار في المخدرات، ثم عقد ترامب اجتماعا مع القيادات العسكرية في بلاده لدراسة ضرب فنزويلا في العمق، من منظور أنها الحائط القصير، لكون مادورو، وهو من نوع وفصيلة مدمر ليبيا معمر القذافي، يعشق الكاميرات وظل على مر سنوات طوال يجاهر بمعاداته لأمريكا، ولأنه يفتقر إلى الذكاء وفضيلة الحياء، فقد أصدر ترامب عفوا عن الرئيس الهندوراسي السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، والذي كان يقبع في سجن أمريكي وعلى رقبته حكم بالسجن لـ 45 سنة، عقب إدانته بالتورط في تهريب أطنان من المخدرات الى السوق الأمريكية.
وما يقال عن إن ترامب يستهدف فنزويلا طمعا في ثروتها النفطية، به الكثير من حسن الظن بترامب، وفيه "تعمية" لدوافعه المشار إليها أعلاه، لشن عدوان على فنزويلا، فالولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم (14,8 برميل يوميا مقابل 10,8 للسعودية، و10,7 برميل لروسيا)، ومنذ عام 1975 تحتفظ الولايات المتحدة في خزانات تحت الأرض سعتها ب716 مليون برميل نفط في ولايتي أريزونا وتكساس بمسمى المخزون الاستراتيجي. وبرغم كل ذلك تستورد الولايات المتحدة بعضا من حاجاتها النفطية من كندا والمكسيك والسعودية، ولو كان ترامب قلقا حول توفّر البترول لمصانع وسيارات وآليات بلاده لما عامل كندا والمكسيك باستعلاء واستخفاف.
هنالك مثل شعبي سوداني، يقول ما معناه أن المرأة التي تعجز عن معاقبة زوجها، أو التصدي له في موقف ما، تعتدي على حماتها (من باب فش الغل)، ولو كان ترامب معنيا حقا بحماية شعب بلاده من آفة المخدرات، لعمل بمبدأ الدار قبل الجار، وعمل على تنظيف داره (بلاده) من عصابات توريد وتوزيع المخدرات، فالأمريكان أكثر شعوب الأرض استهلاكا للمخدرات، ويقدِّر المكتب الوطني لمراقبة المخدرات أن عام 2013 وحده شهد بيع كوكايين وهيرويين وأقراص هلوسة قيمتها 100 مليار دولار، وأن مطار لوس انجلوس الأمريكي هو المحطة المركزية الأولى في العالم لاستيراد وتصدير المخدرات، وأن 195 مدينة أمريكية بها عصابات منظمة تتولى تسويق المخدرات المجلوبة عبر المكسيك، وعلى رأسها الفنتانيل الذي أودى بحياة 80,411 أمريكي في عام 2021.
ترامب الذي يبحث عن قضية تصرف أنظار الرأي العام الأمريكي عن فضائحه الأخلاقية، وجد في فنزويلا حائطا قصيرا، لأنها مصنفة منذ صار هوغو شافيز رئيسا لها في عام 1999، كدولة معادية للولايات المتحدة، على أمل أن الدخان المتصاعد من الأهداف الفنزويلية المحترقة سيغطي على ملفات صديقه ابستين، الذي لا يعرف أحد يقينا ما إذا مات منتحرا او منحورا في السجن، الذي دخله مُداناً بتهمة الاتجار بأجساد بنات قاصرات- تلك الملفات التي لترامب فيها الكثير من "الذِّكْر".تؤكد كافة التقارير الصادرة عن الكيانات الأمريكية المعنية بمكافحة المخدرات، أنه ومن فرط استشراء المخدرات في الأراضي الأمريكية فإن مئات الآلاف من الصبية، دون العشرين بكثير، يعملون في مجال بيع المخدرات، وأن 85% من طلاب المرحلة الثانوية أقرّوا في استطلاعات بأنهم يحصلون على مخدر الماريوانا بسهولة ويسر، ويفيد مسح شامل في عام 2023 الى أن أكثر من 49 مليون أمريكي، خضعوا للعلاج لتخليصهم من ادمان المخدرات. وفي بلد يعتبر فيه حمل وحيازة السلاح الناري لغير أغراض الصيد حقا دستوريا، لم يثر العجب أن ولاية أوريغون أباحت حيازة كميات بسيطة من الهيرويين والكوكايين لـ "الاستخدام الشخصي"، و"بسيطة" هنا كلمة مطاطية وغير معيارية، بعكس ما هو الحال مع مخدر الماريوانا/ الحشيش، الذي يبيح القانون الأمريكي حيازة 24 جرام منه.
أكبر منتج للكوكايين في العالم هي كولمبيا، وأكبر معبر للكوكايين والهيرويين الكولمبي إلى الأراضي الأمريكية هي المكسيك، ومدينة مونتريال الكندية هي نقطة انطلاق معظم شحنات مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، وبمنطق الحجة التي يستخدمها ترامب لضرب زوارق فنزويلية مع الوعيد بشان غارات على العمق الفنزويلي، فإن كولمبيا والمكسيك وكندا ـ وليس فنزويلا ـ تستحق السحق بالقذائف والصواريخ الأمريكية، ولكن ترامب الذي يبحث عن قضية تصرف أنظار الرأي العام الأمريكي عن فضائحه الأخلاقية، وجد في فنزويلا حائطا قصيرا، لأنها مصنفة منذ صار هوغو شافيز رئيسا لها في عام 1999، كدولة معادية للولايات المتحدة، على أمل أن الدخان المتصاعد من الأهداف الفنزويلية المحترقة سيغطي على ملفات صديقه ابستين، الذي لا يعرف أحد يقينا ما إذا مات منتحرا او منحورا في السجن، الذي دخله مُداناً بتهمة الاتجار بأجساد بنات قاصرات- تلك الملفات التي لترامب فيها الكثير من "الذِّكْر".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه علاقات فنزويلا الرأي امريكا علاقات فنزويلا رأي تصعيد مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی عام
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد بضرب الأراضي الفنزويلية
واشنطن – هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ”إمكانية ضرب أراضي فنزويلا إذا لزم الأمر” إلى جانب استهداف القوارب البحرية، وذلك بهدف وقف ما وصفه بأنه تهريب مخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة.
تصريحات ترامب جاءت بعد اجتماع لمجلس الوزراء استمر نحو ساعتين وبُث على الهواء مباشرة، في البيت الأبيض، حيث أجاب على أسئلة الصحفيين المتعلقة بالقضايا الراهنة.
وتطرق ترامب إلى الضغط المتزايد الذي يمارسه الجيش الأمريكي على فنزويلا والهجمات التي تستهدف القوارب المتهمة بـ”نقل المخدرات” في منطقة الكاريبي.
وأكد ترامب تصميم بلاده على محاربة المخدرات التي قال إنها تصل إلى الأراضي الأمريكية من دول مثل فنزويلا وكولومبيا بكافة الوسائل، مشيرًا إلى أنهم سيفعلون كل ما هو ضروري لذلك، وأنه فوض البنتاغون بسلطة كاملة في هذا الشأن.
ومضى قائلا: “أريد القضاء على تلك السفن (قبالة سواحل فنزويلا)، وإذا لزم الأمر، فسنشن هجومًا على أراضي (فنزويلا) كما نفعل في البحر. القليل جدًا يصل الآن من البحر، أعتقد أننا دمرنا أكثر من 90 بالمئة منها”.
وأضاف: “سنبدأ هذه الهجمات من البر أيضًا، كما تعلمون، الهجوم على البر أسهل بكثير. نحن نعرف المسارات التي يستخدمونها، نعرف كل شيء عنهم، نعرف أين يعيشون، وسنبدأ ذلك قريبًا جدًا. كل من ينتج هذه (المخدرات) ويبيعها لبلدنا سيتعرض لهذا الهجوم”.
وذكر ترامب اسمي فنزويلا وكولومبيا عدة مرات، مدعياً أن هاتين الدولتين مسؤولتان عن الجزء الأكبر من المخدرات التي تصل إلى الولايات المتحدة.
كما أجاب ترامب على أسئلة الصحفيين بخصوص ادعاءات متعلقة بإصدار أمر بشن هجوم ثانٍ على سفينة “يُعتقد أنها تحمل مخدرات” قبالة سواحل فنزويلا في 2 سبتمبر/أيلول، وأدى إلى مقتل شخصين كانا متمسكين بالسفينة بعد الهجوم الأول الذي تسبب في حريق.
وأكد الرئيس الأمريكي أنه فوض البنتاغون ووزير الدفاع بيت هيغسيث بسلطة كاملة في مكافحة المخدرات، وأنه يقف وراء الهجمات المذكورة.
وأوضح ترامب أنه لا يعرف التفاصيل بشأن مقتل الجريحين الناجيين من الهجوم الأول في الهجوم الثاني، لكنه ادعى أن الهجوم يتوافق مع القوانين ذات الصلة.
من جانبه، أشار وزير الدفاع هيغسيث إلى أن الأدميرال فرانك برادلي كان مخولًا بالكامل بشن الهجوم الثاني، وأنه لم يكن ممكنًا معرفة تفاصيل وجود مصابين في تلك اللحظة.
وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد ذكرت في تقرير لها أن وحدات عسكرية تابعة للبحرية الأمريكية شنت هجومًا على سفينة يُزعم أنها تحمل مخدرات في 2 سبتمبر/أيلول، و أن شخصين كانا قد نجيا مصابين وتمسكا بالسفينة قُتلا في الهجوم الثاني.
وتصاعدت التوترات مؤخرا بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أغسطس/ آب الماضي، أمرا تنفيذيا يقضي بزيادة استخدام الجيش بدعوى “مكافحة عصابات المخدرات” في أمريكا اللاتينية.
الأناضول