شوقي علام يكشف عن خطورة التفسير الحركي للسيرة النبوية
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، عن خطورة ما يُعرف بالتفسير الحركي للسيرة النبوية، موضحاً كيف استغلته بعض الجماعات — أو جماعة بعينها تحديداً — لتمهيد الطريق نحو التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة، تحت غطاء ديني ومفاهيم شرعية جرى توظيفها بشكل خاطئ.
وقال شوقي علام، خلال حلقة برنامج "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، إن توظيف مرحلة الدعوة السرية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لإسقاطها على واقع جماعة تعمل داخل مجتمع مسلم هو قياس مع الفارق، مؤكداً أن السرية في صدر الإسلام كانت لحماية الدعوة من المشركين والكفار، بينما تلك الجماعات كانت تعمل داخل مجتمع مسلم، فيه علماء ومؤسسات راسخة كالأزهر الشريف.
وأوضح أن الجماعة لجأت إلى مفهوم السرية و"العمل في الظلام" للوصول إلى أهدافها، ثم انتقلت لاحقاً إلى ما سمّته "المرحلة الجهرية"، والتي بدأ معها تجنيد الشباب وإعلان مشروع سياسي موازٍ للدولة، أشبه بما يسمى "حكومة ظل" أو "دولة داخل الدولة"، تضم جهازاً تعليمياً وتنظيمياً وأمنياً خاصاً بها.
وأشار المفتي السابق إلى أن هذه الجماعة أعلنت صراحة أن دعوتها "وصلت إلى الآفاق"، ولم يبقَ إلا الوصول إلى النخبة الحاكمة. ونقل عن وثائقهم أن الوزراء والعلماء إن أطاعوهم "كانوا في ظهورهم وردءاً لهم"، وإن لم يطيعوهم "كانوا حرباً عليهم"، في إشارة إلى صدام مباشر مع مجتمع مسلم، لا مع مشركين أو كفار.
وبيّن الدكتور علام أن هذا التوجه بلغ ذروته حين أعلن منظّرو الجماعة في الستينيات أن العقيدة في المجتمعات الإسلامية "فاسدة" وأن الإسلام "غاب"، وأنه لا بد من إعادته على أيدي "فِتية" بصفات محددة، يتبعون الجماعة وحدها. وهؤلاء — بحسب تصورهم — سيصطدمون بالواقع، ولن يستطيعوا فرض ما يسمونه "العقيدة الصحيحة" إلا بقوة السلاح، الأمر الذي أدى إلى عسكرة التنظيم وأدلجة الشباب.
قراءة انتقائية حركية للسيرةوأكد المفتي السابق أن هذا الفكر اعتمد على قراءة انتقائية حركية للسيرة؛ ركزت على مراحل السرية والغزوات والقتال، وتجاهلت الجوانب الأخلاقية والعمرانية والتربوية التي أسس لها النبي صلى الله عليه وسلم. بينما تؤكد التجربة التاريخية — كما قال — أن العلم الشرعي كان دائماً لصيقاً بالدولة، داعماً للمصلحة العامة، وأنه لم تتبنَّ منطق استغلال الدين للغرض السياسي سوى جماعة واحدة عبر التاريخ، هي الخوارج، الذين انفصلوا عن الأمة ليؤسسوا كياناً موازياً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شوقي علام بوابة الوفد شوقی علام
إقرأ أيضاً:
الإخوان من واشنطن إلى السودان
«حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ»؛ أمريكا تحاصر الجماعة المحظورة من واشنطن إلى السودان؛ قرارات تنفيذية من ولاية تكساس، ومن البيت الأبيض وتشريعية من الكونجرس، بحظر الجماعة السوداء وإدراجها على قوائم الإرهاب. والكونجرس الأمريكى يستعد لتصنيف الإخوان «منظمة إرهابية عالمية» بما يعنى تعاطيا عالميا مختلفا مع الجماعة خاصة من الدول التى مثلت ملاجئ وحاضنات لقيادات الجماعة وعناصرها وأموالها.
«فتش عن المرأة» هى مقولة شهيرة منسوبة للإمبراطور الفرنسى نابليون بونابرت، وفى منطقتنا «فتش عن الجماعة المحظورة» خلف كل حالة من حالات عدم الاستقرار فى ليبيا، سوريا، والسودان. حتى إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مقترحه وخارطة طريقه لإنقاذ الوضع فى السودان وضع بنداً رئيسياً؛ عنوانه العريض «لا لعناصر النظام القديم والإخوان»، بما يعنى إقصاء كاملا للإخوان من الجيش، والأجهزة الأمنية، ومفاصل الدولة، والاقتصاد الموازى الذى ظلّوا يتحكمون فيه منذ 30 عامًا. كبداية طريق لإصلاح المسار فى السودان.
سبق ذلك إعلان المملكة الأردنية الهاشمية فى إبريل 2025، حظر كل أنشطة الجماعة فى المملكة وإغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها، وذلك بعد أن تم الكشف عن شبكة تخريبية اشتبه فى ارتباطها بالجماعة عملت على تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة بهدف تهديد الاستقرار الداخلى للأردن الشقيق، إلى الجانب النهج المعتاد للجماعة القائم على بث الفتنة والشائعات داخل المجتمع، ولم لا؟ فهى جماعة تقتات وتعيش على الفتن والاضطرابات، وتتغذى على الانقسام وعدم الاستقرار.
ولكى نفهم أكثر معا عزيزى القارئ تبعات هذا القرار الأمريكى تجاه هذه الجماعة العنكبوتية، دعنا نأخذ السودان نموذجاً؛ موارد الإخوان فى السودان لا تعتمد فقط على الرواتب الحكومية، بل على شبكة مصالح مالية واسعة امتدت داخل مؤسسات الدولة وخارجها. فقد هيمنوا لسنوات على شركات فى قطاعات الأمن والجيش التى تضم أنشطة ضخمة فى مجالات المعادن والذهب والاستيراد والتوزيع والخدمات اللوجستية، كما رسّخت الحركة منذ التسعينيات إمبراطورية اقتصادية عبر مؤسسات التمويل الإسلامى وشركات الواجهات التجارية التى تحصّل عبرها موارد ضخمة. هذه الموارد كانت تستخدم في: تحريك الميليشيات، تمويل الولاءات، شراء النفوذ داخل الجيش، بناء شبكات أمنية موازية. بالتالى أى مسار يُقصى الإخوان من الأجهزة العسكرية والأمنية سيحرمهم مباشرة من الجزء الأكبر من هذه العوائد.
نحن بصدد ضربات مالية وتنظيمية جديدة قد تحرم الجماعة من مليار دولار سنويا، بعد الضربة الكبرى التى وجهها المصريون للجماعة فى ثورة 30 يونيو 2013، فالقرارات الأمريكية وما قد يستتبعها من مراجعات أوروبية فى ضوء التوجهات الأمريكية، تهدد وتستهدف واحدة من أهم شبكات التمويل التى تعتمد عليها الجماعة، والتى تقدر -فعليا- بما يقارب مليار دولار سنويا بما يعنى تحولا فى المناخ السياسى والأمنى تجاه الإخوان على مستوى العالم. أخيرا انتبه العالم وتأكد من صدق الرؤية والسردية المصرية من أن الجماعة التى تأسست فى عام 1928 فى مصر، على يد حسن البنا. هى أصل كل الشرور، ومصدر كل تطرف، فالجماعة مثلت الأساس الفكرى الذى انطلقت منه الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة وداعش، وقادة وعناصر هذه الجماعات كانوا أعضاء فى الإخوان المسلمين، حتى وإن حاولت المحظورة أن تقدم نفسها كوجه معتدل للإسلام السياسي، إلا أن الخطاب المتطرف والمضلل لها هو الذى أسهم فى تغذية التطرف عربيا وغربيا.