دروس الجائحة وطريق الاستثمار في القطاع الطبي
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
كشفت جائحة فيروس كورونا قبل عامين فقط عن ضعف النظم الصحية في مختلف دول العالم، الأمر الذي طرح في ذلك الوقت أهمية الاستثمار في القطاع الصحي، سواء في بناء المستشفيات والمراكز الصحية التي تستطيع استيعاب المرضى خلال فترة الجوائح أو صناعة الأدوية واللوازم الطبية التي عانى العالم من نقصها الحاد خلال مرحلة الجائحة.
سلطنة عمان من الدول التي أبلت بلاء حسنا خلال أزمة كورونا رغم الضغط الكبير الذي وقع على المنظومة الصحية، ولكنها أتقنت الدرس بشكل متميِّز. وفي وسط تلك الأزمة أمر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء مختبر مركزي للصحة العامة. والعام الماضي وضع حجر الأساسي للمختبر بتكلفة بلغت أكثر من 18 مليون ريال عماني ويتضمن عدة مختبرات بينها المختبر الكيميائي، ومختبر الكيمياء الحيوية، ومختبر الفاشيات الغذائية، والمختبر الجرثومي. وهو مشروع وطني في غاية الأهمية.
وأمس افتتح في منطقة الرسيل الصناعية مصنع «ميناجين» للصناعات الدوائية باستثمار يفوق 20 مليون ريال عماني، وشيد المصنع وفق مواصفات وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية ومطابقا لمواصفات وكالة الأدوية الأوروبية. وهذا المصنع يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وسيعمل على تعزيز الأمن الدوائي في سلطنة عمان.
ومنذ عبور الجائحة أعلنت سلطنة عمان عن إنشاء أكثر من مستشفى مركزي حكومي وضع حجر أساس بعضها والبعض الآخر في الطريق كان آخرها اليوم في ولاية صحم، كما تم افتتاح أكثر من مستشفى خاص.
هذه الجهود إذا ما نظر لها في سياق تكاملي يمكن فهم كيف استوعبت سلطنة عمان دروس الأزمة العالمية التي واجه فيها العالم نقصًا حادًّا في الإمدادات الطبية الأساسية. ولا نستطيع أن ننسى كيف جاهدت المستشفيات لتأمين معدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي ومعدات الاختبار.
وكشفت دراسة أجراها البنك الدولي أن الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية بلغ في المتوسط 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في مختلف البلدان، مع وجود فوارق كبيرة بين الدول ذات الدخل المرتفع والدول ذات الدخل المنخفض، وأنفقت البلدان مرتفعة الدخل حوالي 12% من ناتجها المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية، في حين أنفقت البلدان منخفضة الدخل 5.4% فقط.
وأمام هذا المشهد الذي ما زال ماثلا للعيان يبدو الاستثمار في القطاع الصحي ضرورة ملحة، وعلى الحكومات بما في ذلك سلطنة عمان أن تبذل جهودا أكبر لإعطاء الاستثمار في المجال الصحي أولوية كبرى وتقديم تسهيلات تغري المستثمرين لدخول هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بإنتاج الأدوية والمضادات الحيوية والإمدادات الطبية.. وهذا النوع من الاستثمار مربح جدًّا.
ويمكن للقطاع الخاص أن يقوم بدور مهم في ملْء ثغرات النقص في هذا المسار الاستثماري عبر تشكيل شراكات كبرى تعمل على إنتاج الأدوية والأدوات الطبية، ويكون لهذه الشراكات مراكز بحثية تستقطب الكفاءات العمانية والعربية والعالمية للعمل على إجراء بحوث وتطوير الأدوية القائمة أو اكتشاف أدوية جديدة.. وهذا ليس مستحيلا أبدا، بل إن هذا القطاع واعد جدا بالكثير من الابتكارات التي تحتاج لها الإنسانية في جوائحها القادمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاستثمار فی سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
هل تكمن الشيخوخة الصحية في الكربوهيدرات التي تتناولها؟
نشر موقع "سايتيك ديلي"، نتائج تقرير حديث من جامعة تافتس، يكشف أنّ: "تناول الكربوهيدرات عالية الجودة والألياف الغذائية خلال فترة منتصف العمر يرتبط بتحسن الصحة لدى النساء الأكبر سنا".
وبحسب التقرير نفسه، فإنّ: "الخيارات الغذائية التي نتخذها في منتصف العمر، يمكن أن تساعدنا على الحفاظ على صحة أفضل مع تقدمنا في العمر".
إلى ذلك، وجد باحثون من مركز جين ماير لأبحاث التغذية البشرية حول الشيخوخة التابع لوزارة الزراعة الأمريكية في جامعة تافتس (HNRCA)، بالتعاون مع كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، أن تناول المزيد من الألياف الغذائية والكربوهيدرات عالية الجودة في منتصف العمر يرتبط بتحسن الصحة في مراحل لاحقة من العمر.
وقال العالم في HNRCA والمؤلف الرئيسي للدراسة، أندريس أرديسون كورات: "لقد سمعنا جميعا أن الكربوهيدرات المختلفة يمكن أن تؤثر على الصحة بشكل مختلف، سواء على الوزن أو الطاقة أو مستويات السكر في الدم. ولكن بدلا من مجرد النظر للآثار المباشرة لهذه المغذيات الكبرى، أردنا فهم ما قد تعنيه للصحة الجيدة بعد 30 عاما".
وتابع كورات: "تشير نتائجنا إلى أن جودة الكربوهيدرات قد تكون عاملا مهما في الشيخوخة الصحية"، مردفا أنّه لكشف هذه الروابط طويلة الأمد، حلّل الباحثون بيانات جُمعت خلال عقود من دراسة صحة الممرضات، والتي شملت أكثر من 47,000 امرأة.
وتراوحت أعمار هؤلاء النساء، بحسب الدراسة نفسها، بين 70 و93 عاما في عام 2016. كل أربع سنوات، من عام 1984 إلى عام 2016، كنّ يُكملن استبيانات مُفصّلة حول تواتر تناول الطعام، ما سمح للفريق بتتبع استهلاكهنّ من إجمالي الكربوهيدرات، والكربوهيدرات المُكررة وعالية الجودة (غير المُكررة)، والألياف، والكربوهيدرات من مصادر مثل الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة.
وفي السياق ذاته، قام الباحثون بحساب مؤشر نسبة السكر في الدم الغذائي لكل امرأة وحِملها السكري لفهم الآثار الأوسع لاختياراتها من الكربوهيدرات بشكل أفضل. فيما عرّف الباحثون الشيخوخة الصحية بأنها غياب 11 مرضا مزمنا رئيسيا، وغياب ضعف الوظائف الإدراكية والجسدية، والتمتع بصحة عقلية جيدة، كما ورد في استبيانات دراسة صحة الممرضات.
واستوفى 3706 مشاركا تعريف الشيخوخة الصحية، في الدراسة الجديدة، إذ أظهر التحليل أن تناول الكربوهيدرات الكلية، والكربوهيدرات عالية الجودة من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبقوليات، والألياف الغذائية الكلية في منتصف العمر ارتبط بزيادة احتمالية الشيخوخة الصحية بنسبة تتراوح بين 6 و37 في المئة والعديد من جوانب الصحة العقلية والجسدية الإيجابية.
في المقابل، ارتبط تناول الكربوهيدرات المكررة (الكربوهيدرات من السكريات المضافة والحبوب المكررة والبطاطس) والخضراوات النشوية بانخفاض احتمالية الشيخوخة الصحية بنسبة 13 في المئة.
وقال كبير الباحثين تشي صن، الأستاذ المشارك في أقسام التغذية وعلم الأوبئة في كلية هارفارد تشان: "تتوافق نتائجنا مع أدلة أخرى تربط استهلاك الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، والآن نرى الارتباط بنتائج الوظائف البدنية والإدراكية".
ويشير الباحثون إلى أنّ: "أحد القيود هو أن مجتمع الدراسة كان يتكون في الغالب من متخصصين صحيين بيض. ستكون هناك حاجة إلى أبحاث مستقبلية لتكرار هذه النتائج على مجموعات أكثر تنوعا".
كذلك، أشار أرديسون كورات إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم الآليات المحتملة التي تربط الألياف الغذائية والكربوهيدرات عالية الجودة بالشيخوخة الصحية.
وأضاف أرديسون كورات: "بدأت الدراسات تُشير إلى وجود علاقة بين خيارات الطعام في منتصف العمر وجودة الحياة في السنوات اللاحقة. كلما تعمقنا في فهم الشيخوخة الصحية، زادت قدرة العلم على مساعدة الناس على عيش حياة صحية لفترة أطول".