« هكذا عرفت الصين، مشاهدات أول طالب مغربي..رحلة أول طالب مغربي »، كتاب جديد لكاتبه محمد خليل فاز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة فرع الرحلة المعاصرة.

بشكل مشوق يروي الكتاب قصة 8 سنوات،  قضاها خليل في الصين منذ أن سافر إليها أواخر السبعينات للدراسة، بعدما حصل على منحة صينية، وكيف درس في معهد اللغات، وكلية الطب التقليدي.

ويروي المؤلف، كيف عاش التحولات الكبيرة التي عاشتها هذه البلاد، في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية منذ بداية الانفتاح في السبعينات.
محمد خليل هو أول طالب مغربي متخرج من الجامعة الصينية وأول طبيب مغربي جمع بين الطب الغربي والطب التقليدي الصيني، حيث درس في الصين ما بين 1978، و1986.

بدأت قصة سفره إلى الصين صدفة حين كان يدرس في كلية العلوم في الرباط ويقطن في الحي الجامعي حين اتصل به صديق له في سنة 1978، يطلب منه ان يرافقه إلى مديرية تكوين الأطر في الرباط لملأ طلب الحصول على منحة للدراسة في الخارج. حين وصلا وجدا أن المنح المتوفرة تخص الدراسة في السعودية والسودان والصين، وفي وقت قرر صديقه ملأ طلب الدراسة في السعودية، اقترح على خليل أيضا ملأ طلب فملأ طلب الحصول على منحة لدراسة الطب في الصين دون أن يعطي أهمية لامكانية قبول طلبه.

من هنا بدأت قصته وكيف رفض والداه سفره إلى الصين، ودور الدكتور الخطيب صديق والده في إقناع والده بدراسة ابنه الطب التقليدي الصيني.

روى محمد خليل قصة سفره الأول إلى الصين وزيارته ضريح ماو تسي تونغ، حيث يظهر الزعيم الصيني محنطا وكأنه نائم بلباسه المعروف، وتحدث عن رهبة مشاهدة إنسان محنط. كما تحدث عن لباس الصينيين في تلك السنوات، وهو لباس « ماو »، ذو اللون الأزرق أو الرمادي، وركوبهم الدراجات الهوائية. في تلك السنوات لم تكن للصينيين سيارات خاصة، إنما فقك سيارات أجرة أو سيارات المسؤولين الكبار في الحزب الشيوعي الصيني. وهي سيارات صينية الصنع،من نوع هونغ تشي، أو بيجين، أو شنغاي.

حين وصل محمد خليل إلى الصين كان رئيسها هو هواقو فنغ، وكان يشغل منصب نائب الرئيس ماوتسي تونغ الذي توفي سنة 1976.

روى قصصا مثيرة عن ثقافة الصين ومنها قرار سلطات الصين طرد طالب أفريقي قبيل حصوله على ديبلوم التخرج لأنه ربط علاقة مع فتاة صينية كان ينوي الزواج بها، وكيف غضب طلب أفارقة وعرب من موقف السلطات الصينية، وقصة تدخل السفارة المغربية التي كانت عميدة السلك الدبلوماسي في الصين للتوسط لحل المشكله التي انتهت بزواج الشابة الصينية بالطالب الإفريقي وحصوله على دبلوم التخرج ومغادرته الصين.

يتضمن الكتاب وصفا دقيقا للصين في الثمانينيات والتي عرفت تغيرات اليوم، ويرصد سياسة الإصلاح والانفتاح منذ وصوله إلى الصين سنة 1978 والتي أعلن عنها دنغ شياو بينغ، و الصين التي عاد إليها خليل ورآها بعد 20 عاما في رحلة رفقة الوزير الأول الراحل عبد الرحمان اليوسفي.

علم التشريح ومئات الجثث

من مشاهداته ما عاشه خلال دراسة علم التشريح في الصين حيث تضم الجامعة مستودعا مليئا بالجثث، نساء ورجالا وأطفالا، يقول « سألت عن هذا المستودع أستاذنا وهو رجل بشوش عاش فترة طويلة في أندونيسيا، فقال لي إن سبب وجود هذا الكم من الجثث راجع إما لكونها لأناس مجهولي الهوية، أو تبرع بها أهلها من أجل العلم عوض حرقها ». كما توجد في هذا المستودع أعضاء متنوعة من الجسم، وفي بعض القارورات الزجاجية يوجد بعض الأطفال مشوهي الخلقة داخل سائل يحافظ عليها، وفي ركن من المستودع توجد هياكل عظمية كاملة، وأطراف عظمية متنوعة، حيث يقوم الطلبة بتشريح تلك الجثث لمعرفة أماكن أعضاء الجسم وأسماء العضلات، ومنابع الأعصاب والشرايين ومسالكهما ومنتهاهما وتفريعاتهما.

وهنا يشير الكاتب الى أن غالبية السكان في الصين بوذيون، والأغلبية تحرق موتاها، إلا أن منهم من يحب دفنها في التلال، خصوصا أتباع كونفشيوس.
وقد سافرت خلال إحدى العطل إلى التبت، وقصدت هضبة قرب جبال الهيمالايا لمشاهدة « دفن السماء »، وهي طريقة غريبة في الدفن، حيث يحمل الجثمان إلى هضبة فيها الطيور الكواسر من فصيلة النسور، فإذا كان الميت ميسور الحال، يمنح أهله أموالا طائلة للرهبان، فيقطعون الميت أطرافا، ثم يرمونها من فوق الهضبة لتلتقطها الطيور، وما تبقى من الجثة يتم سحقها وعجنها، ثم ترمى ثانية إلى الطيور الكواسر حتى لا يبقى من الميت شيء. أما إذا كان الميت فقيرا، فترمى الجثة كاملة لتفترسها النسور، فإما أن يؤكل كله أو بعضه. ويرى أهل التبت ومن يتبع هذه الطريقة أن الإنسان بعد مماته لا قيمة لجسده، ويجب أن يتبع روحه الى السماء، لهذا يتم إطعام جسده للطيور الجارحة، بوصفها القادرة على نقلها الى السماوات العليا، ليصبح الجسد قريبا من الروح هناك.

في الكتاب يروي محمد خليل أيضا قصة سفره الى مناطق وعواصم أخرى مثل هونغ كونغ، اليابان طوكيو بلغراد، مانيلا

حين عاد إلى المغرب اشتغل بالمستشفى العسكري في الرباط ثم عمل في المصحة الملكية وبعدها فتح عيادة الطب الصيني بالدار البيضاء وكان أول عيادة للطب الصيني في المغرب.

من ابن بطوطة إلى محمد خليل

كتب المستعرب الصيني أ.د. وانغ يويونغ (فيصل) عن كتاب محمد خليل مقارنا بين الرحالة المغربي القديم ابن بطوطة الذي زار الصين في القرن الرابع عشر، وأورد في «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، صورا وانطباعات عن الشعب المقيم وراء أطول سور في العالم، وبين حفيده الرحالة المعاصر محمد خليل.

واعتبر أن خليل  مشى على خطاه وحل في الصين الجديدة مهتديا بما أورده ابن بطوطة في رحلته من صور عن براعة الفنانين الصينيين في صنع اللوحات، ومدى احترافهم في صناعة الحرير والخزف، وبراعتهم في زراعة الفاكهة كالبطيخ والخوخ، واستخدامهم للعملات الورقية، وطريقتهم في صنع السفن الكبيرة في مدينة قوانغتشو، وذكره لأنواع المأكولات الصينية، ووصفه الأمن والأمان في الصين ونظام الفندقة فيها، وحرص الصينيين الشديد على الزائر والتاجر الأجنبي، ومظاهر رعايتهم الفقراء والمساكين، وكذلك ذكر اهتمام المسلمين وتضامنهم مع أشقائهم من المسلمين القادمين إلى الصين، واعتباره أنّ الصين أكثر البلاد أمنا وأحسنها حالا للمسافرين، وأن أهل الصين ».
يقول محمد خليل لطالما سئلت كيف فكرت في الذهاب إلى أقصى مكان في العالم قصد الدراسة؟ وكيف قضيت حياتك الدراسية هناك؟ وكيف كان تعامل الصينيين معك؟ وكيف كانت معيشتك في الصين؟ وغيرها من الأسئلة.. هذا الكتاب محاولة للإجابة عنها جميعا..

 

 

 

كلمات دلالية محمد خليل هكذا عرفت الصين

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: محمد خليل

إقرأ أيضاً:

نحن نعيش الموت: صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس

يقدم الصحفي رامي أبو جاموس في يومياته لـ"أوريان 21″ شهادة مؤثرة وعميقة عن المأساة المستمرة التي يعيشها سكان قطاع غزة.

فبعد أن اضطر إلى مغادرة منزله في مدينة غزة مع عائلته في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تحت تهديد الجيش الإسرائيلي، تنقل أبو جاموس وعائلته قسرا بين رفح ودير البلح والنصيرات، ليجسدوا بذلك معاناة مئات الآلاف من النازحين داخل هذه "المنطقة البائسة والمكتظة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوجون أفريك: شعب الفلان بغرب أفريقيا عالق بين المسلحين والعسكريينlist 2 of 2إندبندنت: لماذا تأخرت حكومة ستارمر باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل؟end of list

تبرز شهادة أبو جاموس الجانب المأساوي في خطة التهجير القسري والدمار الشامل. فبالنسبة له، فإن العملية الإسرائيلية المسماة "عربات جدعون" لا تخفي هدفا غير معلن، بل تسعى علنا إلى "دفع جميع سكان غزة للتحرك نحو البحر، نحو الجنوب، نحو رفح، المدينة التي دمرهاجيش الاحتلال بالكامل تقريبا".

نحن نواجه أسدًا يمزقنا، ويقتلنا، ويذبحنا، ولكنه ليس وحيدا، فخلف هذا الأسد هناك نمور وفهود وتماسيح تدعمه

ويرى أبو جاموس أن الاسم الرمزي للعملية الإسرائيلية الجديدة مثير للاهتمام، قائلا "كما هو الحال دائمًا، هناك دلالة دينية، لكنها تشير أيضًا إلى التاريخ، فقد أطلق اليهود عام 1948 اسم "عملية جدعون" على الهجوم الذي شنته المليشيات اليهودية على قرية بيسان الفلسطينية الإستراتيجية، والتي تم تهجير سكانها باتجاه الأردن، وليس من قبيل المصادفة أن يختار الجيش الإسرائيلي هذا الاسم لعملية التهجير الجديدة"، وفقا للكاتب.

إعلان

ويلفت هنا إلى أن 90% من المساكن قد دمرت في رفح، مؤكدا أن الهدف هو ترحيل 2.3 مليون شخص إلى بلدان أجنبية. ويصف أبو جاموس ما يحدث بأنه "نكبة جديدة" تهدف إلى استكمال ما بدأ عام 1948، ليتم احتلال فلسطين كلها من قبل إسرائيل.

ويزداد المشهد قتامة مع إشارته إلى الاستخدام الإسرائيلي للمرجعيات الدينية لتبرير الدمار، فاستخدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمصطلح "عماليق" في بداية الحرب كان إشارة إلى نص في التوراة يدعو إلى دمار كامل لا يستثني "رجالا ولا نساء ولا أطفالا ولا رضّعا ولا أجنة، فضلا عن الماشية والخيول والمساكن".

ويصف أبو جاموس هذا بأنه "أسوأ إرهاب دولة ممكن"، متسائلا: لماذا لا يطلق عليه اسم "الإرهاب اليهودي". كما يكشف عن خطة إسرائيل لتقسيم غزة إلى 5 أجزاء، مع "ممرات للتعذيب" حيث تتم تصفية النازحين ودفعهم جنوبا، مع استمرار "المجازر".

ويشير إلى أن ما بين 400 ألف و600 ألف شخص بقوا في الشمال محاصرين يتضورون جوعًا، "يأكلون التبن والعشب في الشارع، ويغلون الماء الملوث ليشربوه".

وفي خضم هذا اليأس، يبرز أبو جاموس صلابة سكان غزة ووصولهم إلى نقطة اللامبالاة بين الحياة والموت.

فرغم معرفتهم بقوة الجيش وقدرته على ارتكاب المجازر بحق من لا يطيع أوامر الإخلاء، فإن كثيرين قرروا البقاء.

ويضيف أبو جاموس بحسرة: "حياتهم أو موتهم، الأمر سيان بالنسبة لهم. هم منهكون جدا ليتنقلوا مرة أخرى".

ويضيف أن المنطقة التي تدعى "إنسانية" في المواصي تتعرض "للقصف يوميا تقريبا… ويستهدفون خيام النازحين، وتُقتل عائلات بأكملها".

ويوضح أننا "نواجه أسدًا يمزقنا، ويقتلنا، ويذبحنا، ولكنه ليس وحيدا، فخلف هذا الأسد هناك نمور وفهود وتماسيح تدعمه"، مبرزا أن الوضع يتطلب من الفلسطينيين في الوقت الحالي الحكمة أكثر مما يتطلب الشجاعة، إذ إن النجاح الحالي هو في تفادي تهجير أهل غزة عن أرضهم.

إعلان

ويختتم أبو جاموس شهادته بعبارة تختصر المأساة الوجودية: "نحن أحياء، نتنفس، لكننا نعيش الموت، ولن نغادر". ويعتقد أن العالم رغم إحجامه عن نطق كلمة "إبادة جماعية"، قد "فهم أننا نعيش إبادة جماعية".

مقالات مشابهة

  • محمد موسى: الدولة عاشت شريكًا في صناعة دراما هادفة .. واليوم تعود للمشهد
  • نحن نعيش الموت: صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس
  • محمد عمر: زيادة عدد الفرق الموسم المقبل قرار غير صحيح.. وكان لا بد من الالتزام باللائحة
  • محمد عمر: زيادة عدد الفرق الموسم المقبل قرار غير صحيح
  • تكليف الدكتور محمد خليل مديرًا لفرع التأمين الصحي بكفر الشيخ
  • لا أشك أبدا في نزاهة القضاء المصري.. محمد رمضان يروي جانبه من القصة فيما يتعلق بقضية نجله
  • محمد شبانة يروي سر عدم زواج عبد الحليم حافظ
  • ماذا يجري في طرابلس الليبية وكيف تطورت الأحداث؟.. نخبرك ما نعرفه
  • خلال موسم الحج.. اعرف أهم أساليب الاحتيال وكيف تتجنبها
  • لماذا تنسين أحلامك، وكيف يمكنك تذكرها؟