تامر عبد الحميد (أبوظبي)
بهدف إحياء الموروث الشعبي، وإثراء المحتوى الإعلامي العربي بإحدى أشهر السير الشعبية في التاريخ العربي، أنتجت «أناسي للإعلام»، سلسلة حلقات بعنوان «السيرة الهلالية وتغريبة بني هلال»، هذه الحلقات تُسلّط الضوء على أشهر حكايات «السيرة الهلالية»، والتي من المقرر أن تعرض قريباً على إحدى المنصات الرقمية.


واقع وأساطير
«السيرة الهلالية وتغريبة بني هلال».. من تقديم الممثل خالد القيش، وإخراج مازن الخيرات، وتتكون من حلقات تستعرض إحدى أشهر السير الشعبية العربية، «السيرة الهلالية»، التي سردت حكاياتها في أكثر من ملیون بیت شعر، وجمعت بین الأحداث الواقعیة والأساطیر، وحملت في طياتها الخيال الشعبي والمبالغة في رسم شخصياتها التي خلدتها حتى يومنا هذا، واشتهرت بالصفات البطولية والشجاعة والفروسية والكرم والأخلاق والشيم العربية.
جاء إنتاج حلقات «السيرة الهلالية» استكمالاً لمجموعة برامج «من ذاكرة الحضارة»، وهي مبادرة ثقافية لإثراء المحتوى العربي، وقد تناولت سيراً وقصصاً من التراث العربي، وصولاً إلى هذه الومضات المشوقة من التغريبة الهلالية.

ثقافة شعبية
وحول توليه إخراج السلسلة، أكد المخرج مازن الخيرات أن السير الشعبية تُعتبر واحدة من أهم مصادر الثقافة الشعبية في الدول العربية، حيث إنها أضفت على الأدب الشعبي لوناً خاصاً يمثل الحياة الاجتماعية والفكرية التي كان يعيشها الإنسان العربي في تلك الحقبة الزمنية.
وقال: تتناول الحلقات التي تسرد في شكل حكايات يرويها خالد القيش، مقتطفات مشوقة من حكايات السيرة الهلالية، بطولاتهم، هجرتهم إلى المغرب العربي، حروبهم، ومواطنهم قبل وبعد التغريبة.
وأعرب الخيرات عن فخره، بأن يعيد إحياء الموروث الشعبي، والعمل على ذاكرة الحضارة العربية، من خلال سلسلة «السيرة الهلالية»، التي هي جزء من مشروع كبير، تتبناه «أناسي للإعلام»، بفكر ورؤى يعززان التفكير ويغذيان الخيال لدى المشاهد بطريقة إبداعية.
ملحمة تاريخية
وأوضح الخيرات أن «السيرة الهلالية» ملحمة طويلة تغطي مرحلة تاريخية كبيرة، نُقشت في الذاكرة العربية وسكنت الوجدان العربي وتناقلتها أجيال وراء أجيال، حيث جسدت هجرة بني هلال في القرن الحادي عشر الميلادي، وهي قبيلة عربية هاجر أغلبها بسبب المجاعة من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام وجنوب العراق ثم صعيد مصر، ومنه انتقلت إلى باقي شمال أفريقيا، وبقيت منهم فروع في الجزيرة العربية، وكان الراوي أو الحكواتي ينشد أشعارها على أنغام الربابة، ويروي تفاصيل أخبارها وبطولات فرسانها وشجاعة شخصياتها، منوهاً إلى أنه من «السيرة الهلالية» تتفرع قصص كثيرة مثل قصة الأمير أبو زيد الهلالي وقصص أخته شيحة المشهورة بالدهاء، وسيرة الأمير ذياب بن غانم الهلالي، وقصة مرعي والزناتي خليفة، وغيرها من السير المتراصة التي تشكل في مجموعها ما يعرف بسيرة «بني هلال».

أخبار ذات صلة الأرشيف والمكتبة الوطنية يكرّم الفائزين بجائزة «المؤرخ الشاب» 15 مليون درهم تبرعاً من "دبي الإسلامي" لـ "جمعية الفجيرة الخيرية"

تاريخ مشرف
من جهته، أكد خالد القيش أن تجربته مع «السيرة الهلالية» كمقدم للمرة الأولى، مميزة وفريدة من نوعها، وقال: تاريخنا العربي مشرف، لذلك فلقد سعدت بأن أكون جزءاً من هذا المشروع الثقافي بامتياز، فقد كانت لي العديد من التجارب الدرامية التاريخية في التلفزيون، من خلال مسلسلات «صلاح الدين»، «ربيع قرطبة»، و«ملوك الطوائف»، لكنني أظهر على الشاشة هذه المرة كمقدم، أسرد قصصاً عن «السيرة الهلالية»، التي سيتم عرضها على إحدى المنصات الرقمية لنقل هذه السير إلى الأجيال.
محتوى إبداعي
تسهم أناسي للإعلام، التي تأسست عام 2007 في تطوير الحركة الفنية والثقافية في الدولة، وهي ملتزمة بصنع محتوى إبداعي، وتدعم الشباب الموهوبين في صناعة الأفلام، وقد عُرضت أفلامها في أكثر من 60 مهرجاناً سينمائياً حول العالم، من أبرزها فيلم «حجاب»، و«100عبوة»، و«ناني»، و«نجوم الصحراء» وهو أول فيلم ثلاثي الأبعاد في الشرق الأوسط، و«أثل».
لغة الجسد
عن تعاونه مع خالد القيش، لفت مازن الخيرات إلى أنه ممثل درامي في الأساس، لديه العديد من الأعمال التاريخية الدرامية الناجحة، فكان اختياره هو الأنسب لتقديم السلسلة، لاسيما أنه أعطى بأدائه للحلقات معنى درامياً في السرد من خلال لغة الجسد.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات التراث الموروث الشعبي المحتوى الإعلامي التاريخ السیرة الهلالیة بنی هلال

إقرأ أيضاً:

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإسلام أحدث نقلة في تعامل الآباء مع البنات

عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "مكانة البنات في السنة المطهرة"، بحضور كل من أ.د السيد بلاط، رئيس قسم الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر سابقًا، وأ.د حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر.

في مستهل الملتقى، أكد فضيلة الدكتور السيد بلاط، أن الإسلام قضى على أفكار الجاهلية تجاه البنات، حيث كان الناس يصيبهم الغم والحزن عند إنجاب أنثى، وهذا الفكر كان سائداً لدى ثلاث أو أربع قبائل عربية مثل: بنو تميم، أسد، مصر، خزاعة، وهذه القبائل كانت ترى في البنت عاراً،  وقد صور القرآن الكريم حال الأب عندما كان يبشر بالأنثى بوجه مسود وقلب مغموم، ليصبح بين خيارين: إما الإبقاء عليها مع المهانة والذل، قال تعالى: " أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ" أو ممارسة وأد البنات بدفنها حية، قال تعالى: "أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ"، والبنت التي تبقى كانت تعامل معاملة دنية، وتحرم من حقوقها الأساسية في الإرث والنفقة، وتظل دائماً محل انتقاص وقصور في الحقوق.
وبين فضيلة الدكتور السيد بلاط، أن وأد البنات (قتلهن) من أول الأمور التي حرمها الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرّم عليكم وأد البنات"، وقد جاء هذا التحريم تكريماً لمكانة الأنثى، ليعد أول مظهر من مظاهر عناية الإسلام بالبنت من خلال الحفاظ على حياتها، ثم انتقل الإسلام بعد ذلك بالبنات نقلة أخرى، بالنهي عن المعاملة الظالمة التي كانت سائدة في الجاهلية، حيث كان يتم سلب حقوقها والنظر للولد بنظرة أفضلية،  وقد أسس الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا المبدأ من خلال تعامله العملي مع بناته، روت عائشة رضي الله عنها: "كانت فاطمة إذا دخلت عليه قام إليها، فأخذ بيدها وقبّلها وأجلسها في مكانه"، كما اقتدى الصحابة الكرام بهذا النهج النبوي في تعاملهم مع بناتهم، حيث كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع ابنته عائشة، حيث دخل عليها وهي مريضة فقال لها: "ما بك يا بنيا"، ثم قبلها"،  في إشارة إلى العطف والرقة المطلوبة في تعامل الآباء مع البنات.

رئيس جامعة الأزهر يوضح أثر اللغة العربية في فهم النصوص الشرعيةالأزهر يمد فترة التقديم لمسابقة القرآن الكريم لذوي الهمم حتى 20 أكتوبر الجاري


وأضاف فضيلة الدكتور السيد بلاط، أن الإسلام أحدث نقلة أخرى في تعامل الآباء مع البنات، تتجاوز الحماية والتكريم إلى مرحلة المشاركة الوجدانية والشعور بهن، حيث أسس النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المنهج التربوي بقوله: "إنما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني" وفي رواية أخرى "يريبني ما يريبها"، وبهذا الحديث قد أسس النبي صلى الله عليه وسلم لقاعدة تربوية تدعو الآباء إلى الاقتراب الوجداني من بناتهم، ورواية (يريبني ما يريبها)، تجعل إغضاب البنت أو إيذاء مشاعرها بمثابة إغضاب وإيذاء للوالد نفسه، مما يرسي مبدأ الاحتواء الكامل كجزء أصيل من التربية الإسلامية السليمة.

من جانبه أوضح فضيلة الدكتور حسن القصبي، أن النساء هن عماد الحياة ولهن عطاء كالذكور، وقد قدم الحق تعالى الإناث على الذكور في الآية القرآنية: "يهب لمن يشاء اناثًا ويهب لمن يشاء الذكور"؛ تكريمًا لهن، كما أن الأنثى هي أصل الذكر،  وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وهبه الله أربع بنات، فكان شديد الفرح بهن، ودالة هذا الفرح أنه السيدة فاطمة بالزهراء وكناها بـ "أم أبيها"، والنبي صلى الله عليه وسلم بقي له من الأولاد البنات ولم لم يبق له من الذكور أحد، فكان صلى الله عليه وسلم يفخر بهن قائلاً: "أنا أبو البنات"، دلالةً على مكانتهن الكبيرة في الإسلام.
وأكد فضيلة الدكتور حسن القصبي على أن البنات يتمتعن بخصوصية ومكانة عظيمة في المنهج الإسلامي،  وهناك أحاديث شريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ترسم منهج تربية الآباء للبنات، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عال جارتين (بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه، وقوله: "مَنْ كان له ثلاث بنات فصبَرَ علَيْهِنَّ، وأطعَمَهُنَّ وسقاهُنّ، وكساهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حجاباً مِن النارِ يومَ القيامة"، وكذلك قوله: "مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات، أو ابنتان أو أُختان، فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ". هذه الأحاديث جميعها تبرز الأجر العظيم لمن أحسن تربية البنات والعناية بهن.
وأشار فضيلة الدكتور حسن القصبي، إلى أهمية التزام الآباء بمسؤولياتهم تجاه البنات، من صيانة وحفظ ورعاية، كما أن البناء الروحي والأخلاقي للفتاة، ليس فقط بتوفير حاجاتها المادية، بل بتهيئة بيئة تربوية تغرس فيها القيم والثقة بالنفس والاحترام، مع ضرورة تفهم طبيعتهن ومتطلباتهن، مما يضمن نشأة سليمة وقوية تفخر بها الأسرة والمجتمع.

يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.

طباعة شارك ملتقى السيرة النبوية الجامع الأزهر الأزهر الإمام الأكبر

مقالات مشابهة

  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإسلام أحدث نقلة في تعامل الآباء مع البنات
  • البرلمان العربي يعقد اجتماعًا مع ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة
  • كيف انهالت الخيرات على زوج وزوجته بسبب ديك؟
  • 60 ورقة علمية تثري فعاليات "المؤتمر الدولي للمواد الخضراء والمستدامة" بجامعة الشرقية
  • جلسة حوارية بجامعة الدول العربية حول "الأمن القومي وتأثير الإعلام على صناعة الرأي العام العربي"
  • البرهان يختار امرأة لإدارة دفة بنك السودان.. السيرة الذاتية تتحدث
  • حكايات 4 محررين من ذوي الأحكام المؤبدة أُبعدوا إلى غزة
  • ترامب: ممتن للدول العربية والإسلامية التي ساهمت في اتفاق السلام لإنهاء الأزمة في غزة
  • مدير البرنامج العربي بالقاهرة السينمائي: نلتزم بدعم وحضور قوي للسينما العربية في المهرجان
  • ترامب: سنفعل شيئًا لا يُصدق.. وأشيد بالدول العربية التي تعهدت بإعادة إعمار غزة