منذ ما يزيد على عام بدأت السعودية الاستعداد لطرح ثانوي لأسهم شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو، مستهدفة جذب الاستثمار الأجنبي، وهو الهدف الذي تأخر لسنوات لكنه ضروري لتحقيق تحول اقتصادي طموح.

وقد أتت الاستعدادات التي قادها الرئيس التنفيذي أمين الناصر بثمارها، فقد بيع أكثر من نصف أسهم أرامكو المطروحة، البالغة 11.

2 مليار دولار، لمستثمرين أجانب، وهو رقم بعيد كل البعد عما كان عليه الحال قبل خمس سنوات عندما تجنبوا إلى حد بعيد طرحها العام الأولي البالغ قيمته 29.4 مليار دولار، مشيرين إلى مخاوف من مخاطر متعلقة بالحوكمة والوضع الجيوسياسي في المنطقة والبيئة.

وتعد الأموال من الخارج ضرورية لمشروعات في إطار رؤية 2030 التي أطلقها الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتنويع الاقتصاد وإنهاء اعتماد المملكة على النفط.

ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات بشأن هوية ونوعية مشتري الأسهم في أرامكو التي لا يزال نحو 97.6 بالمئة منها مملوكة للدولة بشكل مباشر وغير مباشر بعد عملية البيع الأحدث.

وقال رئيس قسم بحوث الأسهم في تيليمر، حسنين مالك، "توجيه الكثير من الأموال من الخارج يجعل الصفقة تبدو وكأنها ناجحة، لكن لا يوجد مؤشر على ما إن كان من بين المشترين مؤسسات رئيسية جديدة وما إن كان المشترون سيحوزون الأسهم على مدى طويل أم سيتخلون عن مراكزهم في أول فرصة".

أرامكو.. لماذا أصبحت ملاذا للسعودية؟ يأتي الطرح الجديد لأسهم شركة أرامكو السعودية، شركة النفط العملاقة المملوكة إلى حد كبير لحكومة المملكة، في لحظة محورية للإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تكافح لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقال مصدر مطلع إن أكثر من 100 مستثمر جديد اشتروا أسهما في الشركة التي تبلغ قيمتها 1.8 تريليون دولار. ولم يتضح حتى الآن عدد هؤلاء القادمين من خارج المنطقة، على الرغم من أن المصدر قال إن منهم مستثمرون من الولايات المتحدة وبريطانيا وهونغ كونغ واليابان.

وقالت أرامكو، الأحد، إن المساهمين من المستثمرين المؤسسيين الدوليين بلغوا نحو 0.73 بالمئة من الأسهم المصدرة، ومن المستثمرين المؤسسيين المحليين نحو 0.89 بالمئة ومن المستثمرين الأفراد نحو 0.76 بالمئة من الأسهم المصدرة.

ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي، وأرامكو، حتى الآن على طلبات رويترز للتعليق.

وقال محللون ومصادر مطلعة إن المملكة بحاجة إلى الأموال بعد الإنفاق ببذخ على مدى سنوات على مشروعات منها محاولة دمج دوري (ليف) للغولف مع رابطة لاعبي الغولف للمحترفين، وهي الجهة المنظمة لمسابقات غولف في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية، تزامنا مع ضخ أرامكو للنفط بثلاثة أرباع طاقتها الإنتاجية الإجمالية بموجب اتفاقات أوبك+.

ويقود صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي للمملكة البالغ قيمته 925 مليار دولار، مشروعات ضخمة منها مدينة مستقبلية في الصحراء في قلب رؤية 2030، يتولى معظم الإنفاق عليها في الداخل والخارج.

وقال محللون مرارا إن صندوق الاستثمارات العامة، الذي مني بخسائر بلغت 15.6 مليار دولار في 2022، يستثمر في مشروعات لا يزال أمامها المزيد من الوقت حتى تدر عوائد كافية. 

وعلى سبيل المثال، استثمر الصندوق نحو 6.4 مليار دولار منذ عام 2018 في شركة صناعة السيارات الكهربائية لوسيد، التي لم تحقق أي أرباح حتى الآن.

وقال جيم كرين، الباحث الزميل في معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن، "كل شيء يشير إلى أن المملكة تسعى إلى جمع الأموال بأي طريقة ممكنة، بهدف نهائي هو إبقاء المشروعات الضخمة على المسار الصحيح".

مصدر رئيسي للأموال

وجمعت السعودية وكيانات مملوكة للدولة بالفعل عشرات المليارات من الدولارات من الديون هذا العام. 

ويقول المحللون إن المملكة يمكن أن تستمر في جمع الديون بشكل مريح في الوقت الحالي، رغم من ارتفاع نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي إلى 26.2 بالمئة في نهاية مارس من 5.7 بالمئة فقط في نهاية عام 2015.

غير أن جيمس سوانستون، من كابيتال إيكونوميكس، حذر من أن قدرتها على إصدار الديون قد تتراجع إذا انخفضت أسعار النفط بما يكفي لتضطر المملكة إلى تنفيذ إجراءات تقشف قاسية، بدلا من إدارة عجز في الميزانية يتجاوز قليلا ما حددته في ميزانيتها.

وسجلت المملكة فائضا في الميزانية مرة واحدة فقط منذ عام 2014، كان في عام 2022 عندما بلغ متوسط سعر خام برنت نحو 100 دولار لتحقق أرامكو أرباحا قياسية مرتفعة بلغت 161.1 مليار دولار.

وساعدت أرامكو في زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في السابق. وفي عامي 2021 و2022، زادت التدفقات الداخلة بشكل كبير بعد أن وقعت الشركة اتفاقات لتأجير وإعادة تأجير شبكات خطوط أنابيب النفط والغاز الخاصة بها مع شركات منها إي.آي.جي وبلاك روك.

وحتى مع تلك الصفقات، ظل الاستثمار الأجنبي المباشر بعيدا عن هدف 100 مليار دولار بحلول عام 2030، ليصل إلى ذروته عند 32.8 مليار في 2022. 

وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في العام الماضي 19.2 مليار دولار، أي أقل من خمس الهدف، ولم يزد عما كان عليه في عام 2018 سوى بأقل من ثلاثة بالمئة.

وقال كرين "بما أن المستثمرين الأجانب لم يكونوا مهتمين بالملكية المباشرة في تلك المشاريع، فقد تمكنت الحكومة السعودية من جلب أموال الأجانب عبر المسار البديل، وهو أسهم أرامكو". غير أنه تساءل عما إذا كان المشترون سيحتفظون بالأسهم على المدى الطويل.

الأرقام واختبار "الخارج".. أرامكو السعودية قبل وبعد الطرح الجديد أعلنت شركة أرامكو النفطية السعودية، الأحد، أن مستثمرين من خارج المملكة استحوذوا على غالبية الأسهم التي طرحتها للبيع، وأشارت الى أنها ستجمع من خلالها 11.2 مليار دولار.

ويقول محللون إن المملكة يمكن أن تبيع المزيد من أسهم أرامكو إذا سمحت ظروف السوق بذلك، بعد أن باعت الآن ما يقرب من 2.38 بالمئة من أسهم الشركة.

وقال ستيفن هولدن، مؤسس كوبلي فاند ريسيرتش، إن السعودية لا تزال من بين الدول التي يعاني فيها مديرو أصول الأسواق الناشئة من انخفاض أوزان الأسهم، مشيرا إلى انخفاض حصة الملكية الأجنبية في أرامكو في الأشهر الستة التي سبقت بيع الأسهم.

وأضاف هولدن "بشكل عام وبالنظر إلى أن السعودية لا تزال تعاني من انخفاض صافي أوزان الأسهم التي تحوزها صناديق الأسواق الناشئة النشطة.. مع وجود 6.3 بالمئة فقط من الصناديق ذات الوزن الكبير، فإن طرح أرامكو السعودية سيكون لحظة مناسبة للصناديق النشطة لزيادة الحيازات".

وفي حين ساعدت استراتيجية التنويع في رفع مساهمة النشاط غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 51.3 بالمئة في نهاية مارس، من ما يزيد قليلا على 46 بالمئة في عام 2016، فإن بيع أسهم أرامكو يسلط الضوء على استمرار اعتماد المملكة على مصدر دخلها الرئيسي، أرامكو، والتي كانت سببا في رخاء السعودية لعقود من الزمن.

وقال كرين "في مرحلة ما، يأمل المرء أن تتمكن الحكومة السعودية من تحسين وضعها المؤسسي إلى الحد الذي يشعر فيه الأجانب بالارتياح في استثمار أموالهم في المملكة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاستثمار الأجنبی أسهم أرامکو ملیار دولار بالمئة من فی عام

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي يرسم ملامح استقرار نقدي صلب وثقة متجددة بالدينار

صراحة نيوز-استعرض محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور عادل الشركس  قراءة معمقة لمشهد الاستقرار النقدي في المملكة، مؤكدًا أن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى أكثر من 24.6 مليار دولار لم يكن نتاج ظروف طارئة أو تدفقات مؤقتة، بل حصيلة نهج متكامل في إدارة السياسة النقدية، قائم على الاستباقية والمرونة وحسن توظيف أدوات البنك بما يواكب المتغيرات العالمية ولا يكتفي بردّ الفعل.

وبيّن الشركس أن منظومة الاستقرار النقدي في الأردن أثبتت متانتها وقدرتها على الصمود أمام ضغوط مالية وإقليمية غير مسبوقة، بدءًا من الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية خلال السنوات الثلاث الماضية، مرورًا بتقلبات أسعار الفائدة، وصولًا إلى التوترات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على المنطقة.

وأشار إلى أن تعزيز الاحتياطيات الأجنبية من نحو 18 مليار دولار إلى أكثر من 24.6 مليار دولار خلال فترة زمنية وجيزة يعكس قوة القاعدة الاقتصادية الأردنية، ونجاح النظام المالي في توليد فوائض مستدامة من العملات الأجنبية عبر مسارات متعددة، شملت الصادرات الوطنية، وتحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى التدفقات الطبيعية للقطاع المصرفي.

وشدّد على أن حماية الاستقرار النقدي لم تكن أمرًا مفروضًا بحكم الواقع، بل نتيجة إدارة حصيفة تستند إلى استقلالية مؤسسية راسخة، مكنت البنك المركزي من اتخاذ قراراته بعيدًا عن الضغوط الآنية والاعتبارات قصيرة الأمد، موضحًا أن السياسة النقدية تدار وفق نهج علمي دقيق يراقب التطورات العالمية وتحركات البنوك المركزية الكبرى، واتجاهات أسعار الفائدة والتضخم والسيولة.

وأكد أن استقلالية البنك المركزي ليست مجرد نص قانوني، بل ممارسة يومية تعزز قدرته على حماية الدينار والحفاظ على مستويات قوية من الاحتياطيات والائتمان، معتبرًا أن هذه الاستقلالية شكلت أحد أبرز مصادر قوة الاقتصاد الوطني، وعنصرًا محوريًا في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.

وأوضح أن السياسة النقدية الأردنية اعتمدت منذ سنوات طويلة على مبدأ الاستباقية وتحصين السوق المحلية من الصدمات الخارجية، ما أسهم في ترسيخ الثقة بثبات الإطار النقدي، لافتًا إلى أن استقرار الدينار منذ عام 1995 لم يكن شعارًا، بل التزامًا استراتيجيًا بنيت عليه سياسات البنك في إدارة أسعار الفائدة والاحتياطيات وتنظيم العمل المصرفي.

ولفت إلى أن قوة الدينار تمثل ركيزة أساسية لبيئة الأعمال في الأردن، إذ تمنح المستثمرين القدرة على التخطيط طويل الأمد دون مخاطر تقلبات سعر الصرف، كما تعزز تنافسية المملكة في استقطاب رؤوس الأموال، مدعومة بالتصنيف الائتماني الإيجابي، والملاءة المرتفعة للقطاع المصرفي، والأطر الرقابية المتقدمة.

وتحدث الشركس عن التحول النوعي الذي يشهده القطاع المالي الأردني بدعم من بنية تكنولوجية متطورة، مؤكدًا أن منظومة المدفوعات الرقمية باتت جزءًا محوريًا من الدورة الاقتصادية، حيث تجاوزت قيمة تعاملات نظام “إي فواتيركم” 21 مليار دولار سنويًا، فيما تخطت تعاملات “كليك” 17 مليار دولار، إلى جانب التوسع في استخدام البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.

وبيّن أن هذه التحولات الرقمية لم تكن مجرد تحديث تقني، بل مشروع اقتصادي شامل أسهم في تسريع حركة الأموال، وتنشيط القطاعات الإنتاجية، وتسهيل العمليات التجارية والخدمية، ما عزز ثقة المؤسسات والمستثمرين بكفاءة البنية المالية الأردنية.

وأشار إلى أن البنك المركزي أولى ملف الأمن السيبراني أهمية قصوى، من خلال بناء منظومة رقابية صارمة لحماية البنية التحتية المالية، موضحًا أن الأردن يعد من الدول الرائدة إقليميًا في هذا المجال عبر توظيف تقنيات متقدمة، وتدريب الكوادر، وإخضاع الأنظمة لاختبارات دورية.

وتطرق إلى تطورات أسعار الفائدة، مؤكدًا أن السياسة النقدية تراعي الارتباط التاريخي بين الدينار والدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية المحلية من حيث النشاط والسيولة وتوجهات الائتمان، مشددًا على أن أي قرار يهدف أولًا إلى صون الاستقرار النقدي.

وكشف الشركس أن الاقتصاد الأردني ينتقل تدريجيًا من مرحلة التعافي إلى مرحلة النمو الحقيقي، مع توقعات ببلوغ النمو نحو 3 بالمئة عام 2026، وتجاوزه 4 بالمئة بحلول 2028، لافتًا إلى أن الاحتياطيات الأجنبية الحالية تغطي نحو 110 بالمئة من التزامات المملكة وفق معايير صندوق النقد الدولي.

وختم بالتأكيد على أن نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 36 بالمئة خلال النصف الأول من العام، وتراجع معدل الدولرة إلى 17.9 بالمئة بعد أن كان 24 بالمئة، يعكسان تنامي الثقة بالدينار والسياسة النقدية، مشددًا على أن قوة الاقتصاد الأردني باتت تقاس بقدرته على إدارة المخاطر واحتواء الصدمات وتوفير بيئة مستقرة ومحفزة للاستثمار.

مقالات مشابهة

  • عند مستوى 10588نقطة.. مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا
  • ارتفاع كميات الإنتاج الصناعي في المملكة 1.44% خلال عشرة أشهر
  • البنك المركزي يرسم ملامح استقرار نقدي صلب وثقة متجددة بالدينار
  • الأسهم العالمية تصل إلى مستويات قياسية بعد خفض الفائدة الأميركية
  • الذهب قرب أعلى مستوى في 7 أسابيع.. وقفزة بأسعار الفضة
  • الذهب قرب أعلى مستوى في 7 أسابيع مع توقع خفض أسعار الفائدة
  • ديزني تستثمر مليار دولار في أوبن إيه.آي
  • ارتفاع أسعار النفط
  • الذهب قرب أعلى مستوى في 7 أسابيع
  • المنتخب الفلسطيني يودع كأس العرب بعد الخسارة أمام السعودية في ربع النهائي