هل يمتد الصراع الأوكراني إلى أوروبا؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تحت هذا العنوان كتب ستيفين براين لموقع "أسلحة واستراتيجيات" مقالا تناول فيه خطر توسع الصراع الأوكراني ليشمل دولا من "الناتو" بعد التصعيدات الأخيرة.
وجاء في المقال:
قد تؤدي تحركات "الناتو" الأخيرة إلى توسيع الحرب لتشمل دول "الناتو"، فيما يتزايد خطر انتقال حرب أوكرانيا إلى أوروبا، حيث لم يكن خطر اندلاع حرب أوروبية مرتفعا إلى هذا الحد من قبل.
ويجمع العسكريون على أن أوكرانيا تخسر الحرب ضد روسيا ببطء، ولكن بلا هوادة. فما الذي يمكن أن يعنيه هذا؟
ظاهريا، لا تمتلك أوكرانيا العدد الكافي من الجنود لمواصلة قتال الروس لفترة أطول. ويصل معدل الخسارة في أوكرانيا إلى المئات يوميا، بينما توصف المعارك في الوقت الحاضر بأنها "مفرمة لحم" بسبب الأعداد الكبيرة من الضحايا. لدى روسيا احتياطي كبير، ربما نصف مليون، من الرجال المقاتلين المدربين، فيما لا تمتلك أوكرانيا أي احتياطيات لم يتم نشرها بالفعل.
ومع ذلك، فإن استراتيجية اللعبة النهائية التي تتبناها روسيا غامضة. ففي بعض الأحيان يقول الروس إنهم يريدون إنشاء "منطقة عازلة" لحماية الأراضي الروسية من الهجوم، إلا أن إدخال الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بعيدة المدى يستبعد إنشاء منطقة عازلة ما لم تصل تلك المنطقة إلى نهر الدنيبر تقريبا. وحتى في هذه الحالة فإن المنطقة العازلة لن تحمي زابوروجيه أو شبه جزيرة القرم.
في الوقت نفسه، يقوم "الناتو" الآن بإدخال طائرات "إف-16" إلى أوكرانيا، والتي يقال إنها ستعمل من المطارات الرومانية، ويتم تجهيزها بصواريخ كروز طويلة المدى من طراز JASSM وصواريخ جو-جو من طراز AIM-120. فهل ستحتاج روسيا إلى تدمير القواعد الجوية الرومانية التي ستنطلق منها هذه الطائرات، أم سيتراجع "الناتو" عن فكرة استخدامها للقيام بطلعات جوية بـ "إف-16"، والتي يتوقع البعض أنها ستستهدف ضرب شبه جزيرة القرم، بسبب موقعها.
وشبه جزيرة القرم حساسة للغاية بالنسبة لروسيا، حيث أطلقت أوكرانيا، في الآونة الأخيرة، وابلا ثقيلا من الصواريخ بعيدة المدى على أهداف في شبه جزيرة القرم بما في ذلك المطارات والموانئ، وخاصة سيفاستوبول، وستحاول قريبا، مرة أخرى، تدمير جسر كيرتش. وقد تم توفير معظم هذه الصواريخ من قبل "الناتو" (ومعظمها أمريكي)، ويتم منحها جميعا الأهداف بناء على الإحداثيات الي يوفرها "الناتو". ويستخدم "الناتو" طائرات تجسس ورادارات بعيدة المدى، إضافة إلى الأقمار الصناعية، لتحديد الإحداثيات الدقيقة لعملائه الأوكرانيين. من جانبهم التزم الروس الصمت إلى حد ما بشأن هذه الهجمات، معتمدين على الدفاعات الجوية لتجنب معظم الأضرار.
إقرأ المزيدوليس لهجمات القرم أي غرض عسكري فعلي لأن أوكرانيا تفتقر على أي حال القوة البرية اللازمة لخوض معركة هناك. لكن الفكرة هي استفزاز الروس، لكن النتيجة المحتملة قد تكون عكسية. ومع تصاعد الضغوط يمكن للمرء أن يتوقع أن ترد روسيا، وتستخدم القوة الوحشية، إما بمهاجمة خاركوف أو أوديسا أو كييف (أو كل ما سبق)، بينما تمتلك روسيا صواريخ طويلة المدى أكثر مما يستطيع "الناتو" توفيره، فيما لا تمتلك كييف ما يكفي للدفاعات الجوية لحماية مدنها من الدمار.
فما هي إذن استراتيجية "الناتو" سوى معاقبة روسيا بينما تخسر أوكرانيا الحرب؟
يبدو أن حلف "الناتو" يحاول إقناع الروس بأنهم سيدفعون ثمنا باهظا للغاية بهزيمة أوكرانيا. وقد يعتقد البعض في الحلف أن الضغوط سوف تتزايد داخل روسيا لحملها على التراجع ووقف عملياتها الهجومية الأخيرة، وربما السعي إلى وقف إطلاق النار.
لسوء الحظ لا يوجد أي سبب للاعتقاد بإمكانية إقناع روسيا بوقف عملياتها ضد أوكرانيا، أو حتى النظر في وقف إطلاق النار. وبرغم كثرة الحديث عن وقف إطلاق النار، فإنه سيكون لصالح أوكرانيا، وليس لصالح روسيا.
وقد أرسل الروس رسالتهم الخاصة إلى واشنطن، حيث أرسلوا سفنا حربية روسية وغواصات نووية إلى كوبا. ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن "ستفهم" هذه الرسالة.
في واقع الأمر، كل ما يمكن فهمه يشير إلى الاتجاه الآخر: روسيا غاضبة بشكل متزايد من الهجمات على أراضيها وعلى شبه جزيرة القرم. والضغوط الفعلية داخل القيادة الروسية تتلخص في تكثيف الهجمات على الأهداف الأوكرانية بشكل كبير. وقد تم تداول هذه الرسائل في سلسلة من الاجتماعات الخاصة هذا الشهر في قمة بطرسبورغ الاقتصادية، ولم يقل بوتين ذلك، على الأقل بصوت عال، إلا أن المستوى التالي في القيادة الروسية عبر عن غضبه وإحباطه وسعيه لمهاجمة الأوكرانيين و"الناتو".
إقرأ المزيدوقد اختار بعض القادة الأوروبيين، الذين يفقدون الدعم السياسي بشكل خطير في الداخل الأوروبي، وخاصة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حربا أكبر لمحاولة تحويل الرأي العام لصالحهم. ويمكن تفسير إرسال القوات وتقديم الطائرات المقاتلة وغيرها من الأسلحة على أنه يهدف عمدا إلى حرب أوروبية واسعة النطاق. وحقيقة وقوف الولايات المتحدة على ما يبدو وراء استخدام قواعد مقاتلات "إف-16" في رومانيا قد تكون طريقة بايدن لإشعال حرب في أوروبا، وإنقاذ سفينته السياسية الغارقة (أو ربما لا يعرف بايدن شيئا عن ذلك، وطبخ مسؤولوه هذه الاستراتيجية "الجديدة" لإنقاذ رئيسهم).
إن مثل هذه الأفكار محفوفة بالمخاطر بطبيعتها لأن دفاعات حلف "الناتو" ضعيفة للغاية. والمخاطرة بالتحالف ومستقبل أوروبا من أجل البقاء في السلطة أمر مخز في حد ذاته، بل وربما إجرامي. ولا يوجد أي دليل على أن الرأي العام سيدعم حربا أكبر. في الواقع، من المرجح أن يكون هناك شعور مكبوت مناهض للحرب في أوروبا، والذي سوف ينفجر، سواء من اليمين أو اليسار، وربما من الوسط أيضا. فحلف "الناتو" يقترب بالفعل، وإلى حد خطير، من تحويل نفسه إلى حلف معتد، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفككه ورفضه.
المصدر: Weapons and Strategy
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البيت الأبيض الجيش الروسي الحرب العالمية الثالثة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين جو بايدن حلف الناتو فلاديمير بوتين وزارة الدفاع الروسية شبه جزیرة القرم
إقرأ أيضاً:
مركز روسي: أطراف أوروبية ترفض إنهاء الصراع بأوكرانيا
أوضح الكاتب الروسي أليكسي بيلوف، في تقرير نشره موقع المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات، أن رفض بعض الأطراف في أوروبا مسار التسوية السلمية للصراع بأوكرانيا، يرجع للرغبة في الحفاظ على مصالح اقتصادية بدرجة أولى.
وأضاف أن مجلة "أنتي ديبلوماتيكو" الإيطالية المتخصصة في الشؤون الدولية أكدت مؤخرا أن بقاء السلطة الحاكمة في كييف حاليا، سيشعل صراعا جديدا يستفيد منه أشد مؤيدي المواجهة مع روسيا داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلسي (ناتو) وأذرعهم الإعلامية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأوروبيون بين رسائل أميركا المتضاربة والبحث عن دعم لطمأنة أوكرانياlist 2 of 2تعرف على رجل بوتين القوي الذي يهمس في أذن ترامبend of listويرى بيلوف أنه من اللافت أن يتزامن هذا التحليل في المجلة الإيطالية، مع صدور بيان رسمي عن المكتب الإعلامي لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، يشير فيه إلى أن الكثير من العقلاء في أوروبا يتساءلون عن سبب إصرار المملكة المتحدة مثلا على إقناع شركائها بقدرة أوكرانيا على إلحاق هزيمة إستراتيجية بروسيا رغم الوضع المتردي للقوات المسلحة الأوكرانية على الجبهة.
عائدات الحربوتابع الكاتب بأن البيان يوضح أن السبب هو أن عائدات الحرب تُنقذ الاقتصاد البريطاني من الانهيار، حيث أصبحت صناعة الدفاع قاطرة الاقتصاد البريطاني.
ويتابع بأنه من الصعب التشكيك فيما توصلت إليه الاستخبارات الروسية، لأنه لم يعد يخفى على أحد في أوروبا حجم الأرباح التي حققتها شركات صناعة الأسلحة في القارة منذ بداية الصراع في أوكرانيا.
ونقل عن رئيس مجلس إدارة شركة راينميتال الألمانية لتصنيع الأسلحة أرمين بابيرغر حديثه قبل أيام عن خطط لرفع حجم المبيعات السنوية من 9.8 مليارات يورو في 2024، إلى 50 مليار يورو بحلول 2030.
وذكر أن صحيفة بيلد الألمانية نفسها سبق ونشرت أن "الشركة تعزو زيادة الطلبات بشكل رئيسي إلى الحرب في أوكرانيا"، وتحدثت عن زيادة الطلب على المدفعية والمركبات المدرعة وأنظمة الدفاع الجوي والذخيرة في جميع دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ففي عام 2021، بلغت إيرادات راينميتال 5.7 مليارات يورو، ومنذ ذلك الحين تضاعفت الإيرادات تقريبا.
يؤكد جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية أن معارضي السلام في أوكرانيا لن ينجحوا في ثني الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عزمه المضي في مسار السلام حتى النهاية
ويتابع الكاتب بأن بيان الاستخبارات الروسية أوضح أن خطة أوروبا تهدف لتقويض رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التسوية السياسية عبر محاولة تشويه سمعته، وأنه قد جرى إعداد خطط لإحياء ملفات كريستوفر ستيل الكاذبة، التي ادعى فيها العميل السابق في الاستخبارات البريطانية وجود علاقات بين الرئيس الأميركي وأفراد من عائلته مع أجهزة الاستخبارات السوفياتية والروسية.
إعلانويؤكد الكاتب أن أحد مظاهر صراع النفوذ الدائر خلف الكواليس لتقويض جهود الرئيس ترامب تتمثل في الأزمة التي أثيرت في الغرب بسبب التسريبات المزعومة لمحادثات هاتفية بين المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، ومساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف.
ترامب والسلاموبسبب هذه التسريبات، بدأت بعض الأطراف في الولايات المتحدة تطالب بإقالة ستيف ويتكوف وتسليم جميع ملفات تسوية النزاع في أوكرانيا إلى وزارة الخارجية الأميركية، وفقا للكاتب.
وتعليقا على التسريبات، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مقابلة مع وكالة تاس: إن "من المؤكد أن عددا كبيرا من الأطراف في دول مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة، سيحاولون عرقلة أي توجه نحو تسوية سلمية".
وحسب الكاتب، يتفق جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية مع هذا التقييم، ويؤكد أن معارضي السلام لن ينجحوا في ثني الرئيس الأميركي عن عزمه المضي في هذا المسار حتى النهاية.