بوابة الوفد:
2025-05-16@07:00:20 GMT

العدالة والأخلاق فى غزة

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

لا تثير الحرب فى غزة القضايا الأمنية والاستراتيجية والجيوسياسية فقط، بقدر ما تثير أيضا العديد من القضايا والإشكاليات الفكرية والقيمية؛ تتعلق بالقيمة الأخلاقية فى الحروب، والمشروعية الأخلاقية للحروب، والحرب العادلة والحرب غير العادلة، والحديث عن تلك القضايا، وهذه الإشكاليات هو حديث قديم جديد. فالحديث عن القيم الأخلاقية فى الحروب، ومفاهيم كالحرب العادلة، قديم قدم الكون نفسه منذ أن عرفت البشرية الخير والشر، والانهزام والانسحاق فى مقابل النصر.

وهى قضايا كانت ولا تزال محل الجدل والنقاش والتفكيك منذ أفلاطون، أرسطو، مكيافيلى، هيجل، ونيتشه، إيمانويل كانط وغيرهم، والسؤال هل هناك اخلاق أو عدالة فى الحروب؟
حديثًا؛ يعد مايكل وولترز من أبرز منظرى نظرية «الحرب العادلة» والذى يقول كما عرفتها الموسوعة السياسية إن «الحرب العادلة» ما هى إلا مجموعة من المبادئ والمعايير الأخلاقية التى تحدد الوسائل والغايات بالنسبة لاستخدام العنف من جانب الدولة وهذه المبادئ والمعايير الأخلاقية مُلزمة لأنها تقوم على الإجماع العام وهى مشتقة من المعايير القانونية والأفكار الدينية والفلسفية والشرائع الأخلاقية المختلفة والاتفاقيات المتبادلة التى تؤُسس تقليد الحرب الذى يتخلل المجتمع الدولى بأكمله، وتُعد حقوق الإنسان هى الأساس بالنسبة لنظرية وولترز فى الحرب العادلة.
بينما ويليام فيليس فى أطروحته «المسئولية الأخلاقية فى زمن الحرب» يذهب إلى أن محاولة الحفاظ على سلامة الإنسانية مثلت مبررًا لتدمير مجتمعات بكاملها عوضًا عن اللجوء للطرق القانونية والدبلوماسية لفض النزاعات ومنع الصراعات، وهو ذات المبرر الذى تستند إليه إسرائيل فى عدوانها الوحشى غير الإنسانى على غزة.
أما ديفيد فيشر فى كتابه «الأخلاقيات والحرب» الصادر عن سلسلة عالم المعرفة، يُشير إلى التحولات المهيمنة على فضاء العلاقات الدولية، حيث يقول «إن العالم المعاصر يعيش أزمة أخلاقية لا يمكن إنكارها. فمنذ القرن التاسع عشر أصبحت تسود المجتمعات المعاصرة نزعة تشكيكية فى الأخلاق الموروثة. وازداد الأمر تأكدا بعد فشل عصبة الأمم وانهيارها، وعدم قدرتها على الحد من الحربين العالميتين، الأولى والثانية، إلى درجة أصبح الكل يؤمن معها بأن العلاقات الدولية لا يمكن، بأى حال من الأحوال، أن تنضبط للمعايير الأخلاقية، وأن كل شيء يجب أن يتسم بالواقعية، والسياسات المرادفة لها». ويضيف فيشر «إذا كانت الفلسفة البراغماتية قد فرضت نفسها كثيرا فى القرن العشرين، حيث أصبحت الدول تجعل المصلحة الخاصة والنتائج النفعية فوق كل اعتبار، وتوجه السياسات نحو هذه الوجهة بالذات، فإن هناك تصورا آخر مختلفا، يضيف للاعتبارات النفعية اعتبارات أخرى لا تقل أهمية، وهى الاعتبارات الأخلاقية. إذ لا بد من التوفيق بين البراغماتية والأخلاق».
لكن من أبرز ما قرأت فى سياق الإجابة على هذا التساؤل دراسة بعنوان «المشروعية الأخلاقية للحرب بين ريتشارد نورمان وكارل فون كلاوزفيتز» للدكتورة هدى جاب الله، التى ذهبت فيها إلى «أن الحرب تعد مشروعة أخلاقيا حينما تكون حربًا عادلة، وحينما تكون وسيلة من أجل غاية أخلاقية، وهى إقرار السلام والأمن، وحينما تخاض من أجل قضية عادلة، وحينما يكون لها غاية عادلة وهى الانتصار للخير». وتضيف جاب الله «أنه يجب علينا أخلاقيا أن نتمسك بنظرية الحرب العادلة التى ترى أنه لا يجب علينا أنه نصبح من دعاة الحرب على الدوام، أو من دعاة السلام على الدوام، ومن ثم لا يجب علينا أن نقبل كل الحروب (عادلة أو ظالمة) بلا استثناء، ولا أن نرفض كل الحروب (عادلة أو ظالمة). فليست كل الحروب مبررة أخلاقيا، فهناك حروب مبررة أخلاقيا لأنها عادلة أخلاقيا مثل الحروب التحررية، وحروب مقاومة العدوان، ومن ثم لا يجب أن نتمسك بالنظرية الواقعية، أو نظرية المسالمة. بل بنظرية الحرب العادلة التى تؤكد على السلام العادل أخلاقيا، ونرفض السلام الظالم، وأن الحرب العادلة أفضل من السلام الظالم».
هذه القضايا تشتد وطأتها والحاجة للحديث عنها مع استمرار العدوان الغاشم الذى فاق كل حد فى غزة، أصبحت غزة أبرز نماذج العصر الحديث تجسيدًا لعدم العدالة فى الحروب، والافتقار للمشروعية الأخلاقية للحرب.
ما حدث ويحدث على مدار الساعة فى مخيمات النصيرات، جباليا، ومدينة رفح، وعموم غزة منذ السابع من أكتوبر ينافى ويناقض كل تلك النظريات المتعلقة بالعدالة والأخلاق، حتى على مستوى المساعدات الإنسانية والإغاثية؛ تستخدمها إسرائيل بما ينافى العدالة والأخلاق، تدعى أن مصر هى من تعرقل دخول المساعدات حتى لا يتم إدانتها بتهمة الإبادة الجماعية، ومن جانب آخر تعرقل وتعطل دخول المساعدات لتشديد ضغط الحصار والتجويع على سكان القطاع، لكى يضغطوا على قادة المقاومة والفصائل، ومن لم يمت بالقصف والرصاص، مات جوعًا.
قد يكون اعتراف العديد من الدول الغربية بالدولة الفلسطينية صحوة ضمير، لكن الواقع يقول إننا أصبحنا فى حاجة لصياغة نظريات جديدة فى مواجهة هيمنة النظرية الواقعية على مقدرات العلاقات الدولية وساحات السياسة الخارجية عالمياً؛ فالواقعية، بل الواقعية المفرطة المتطرفة هى من تسود وتحكم العالم الآن شرقا وغربا. فهل يستيقظ ضمير العالم؟

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د وليد عتلم غزة الدولة الفلسطينية الحرب العادلة فى الحروب

إقرأ أيضاً:

الفراج يسخر من قرارات الاستئناف والانضباط في قضية احتجاج الوحدة ضد النصر.. فيديو

ماجد محمد

سخر الاعلامي الرياضي وليد الفراج من قرارات لجنتي الاستئناف والانضباط والأخلاق في تطورات قضية الاحتجاج الذي تقدم به الوحدة ضد النصر .

وقال وليد الفراج‬⁩: كان يا مكان الوحدة تقدم باحتجاج قبل 75 يوم بسبب تأخر حافلة النصر ساعة عن موعد مباراته أمام الوحدة، وعليها تقدم الوحدة باحتجاج ضد الفريق”٠

وأضاف”لجنة الانضباط حينما تلقت احتجاج من نادي الوحدة رفضت القرار شكلاً ،وبعدها بحوالي ٤٠ يوم لجنة الاستئناف ردت على الانضباط لتقبل احتجاج الوحدة ضد النصر”٠

وتابع” وأمس صدر قرار بإعادة ملف الاحتجاج إلى لجنة الانضباط والأخلاق للنظر والبت فيه.رئيسا الانضباط والاستئناف هل القرار صعب الدوري على مشارف الانتهاء المنظر غير جيد”٠

‎وقررت لجنة الاستئناف في الاتحاد السعودي لكرة القدم قبول استئناف نادي الوحدة شكلًا ومضمونًا، وإعادة القضية إلى لجنة الانضباط والأخلاق للنظر فيها مجددًا.

‎تعود أحداث القضية إلى يوم 25 فبراير الماضي، حين واجه فريق الوحدة نظيره النصر في الجولة الـ22 من دوري روشن للمحترفين، وانطلقت المباراة متأخرة ساعة كاملة عن موعدها المحدد، بسبب تأخر وصول حافلة النصر إلى ملعب مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية في الشرائع.

‎وكشف لاحقًا أن تأخر الحافلة جاء نتيجة اتخاذ السائق طريقًا خاطئًا أدى لوصول الفريق متأخرًا بـ9 دقائق فقط، إلا أن انطلاق المباراة تأجل لمدة ساعة.

‎وأكدت لجنة الاستئناف، في بيان صدر مساء الأربعاء، أن الطعن استوفى كافة المتطلبات النظامية، وعليه تقرر إلغاء قرار لجنة الانضباط، وإعادة ملف الاحتجاج للنظر فيه مجددًا على ضوء الدفوع المقدمة من نادي الوحدة.

وأوضحت لجنة الاستئناف أن قرارها نهائي وواجب التنفيذ فورًا، وأمرت بإعادة رسوم الاستئناف المدفوعة إلى نادي الوحدة، استنادًا إلى الفقرة 3 من المادة 148 في لائحة الانضباط والأخلاق.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/05/fgyBXy_HJDsdw61u.mp4

مقالات مشابهة

  • صدمة للنصر السعودي.. وقرار مفاجئ يهدد بتقليص نقاطه
  • كريم وزيري يكتب: العدو الجديد يرتدي كودًا برمجيًا
  • ملتقى الجامع الأزهر يستعرض الجوانب الأخلاقية للرسول في غزوة بدر
  • الفراج يسخر من قرارات الاستئناف والانضباط في قضية احتجاج الوحدة ضد النصر.. فيديو
  • للمرة الثانية.. إعادة احتجاج الوحدة ضد النصر إلى الانضباط
  • وزير العدل من بيت المستقبل: الحرب ليست حلاًّ والمؤسسات العادلة ضمانة للسلام
  • لجنة استئناف تعيد شكوى الوحدة ضد النصر للانضباط
  • برلمانية: الموازنة الجديدة تعكس رؤية الدولة نحو تنمية عادلة وشاملة
  • برلماني: الإيجار القديم قضية متشابكة.. والعمل على حلول عادلة ومتوازنة ضرورة
  • تسريب يكشف مخاوف غوغل من التبعات الأخلاقية والقانونية لمشروعها مع إسرائيل